الجامعة الوطنية للتعليم: من أجل نقابة ديمقراطية وأداة كفاح دفاعا عن مصالح الأجراء والمدرسة العمومية

 

 

 

 

تستعد الجامعة الوطنية للتعليم لعقد مؤتمرها الوطني يومي 14-15ماي 2016 وهي محطة هامة يجب أن تحظي باهتمام كل أنصار بناء منظمات نقابية ديمقراطية بما هي أداة للدفاع عن مصالح الشغيلة المهنية وعن أوضاعهم المعيشية بالمجمل و بما هي مدرسة بيناء الوعي الطبقي و تنظيم قوى طبقة الشغيلة . كل المناضلين العماليين باختلاف مجالات نضالهم ومشاربهم السياسية يتابعون مؤتمر الجامعة الوطنية بكل حيثياته وتفاصيله. وذلك لمكانة هذه النقابة في تجربة “التوجه الديمقراطي” الذي طبع الوضع النقابي بالمغرب مند مارس 2012 الي مارس 2015 من جهة  و من جهة ثانية لكون الجامعة الوطنية لفت يسارا نقابيا متعددا دفعته قناعة النضال ضد البطش البيروقراطي المتغلغل بالنقابات إلي المساهمة بفعالية في ترسيخ الدعائم الجماهيرية للنقابة وطنيا. لهذا يجب الحرص على أن تطابق الشعارات المرفوعة الممارسة النضالية و التنظيمية على أرض الواقع.

إن مشاركتنا في النقاش التحضيري للمؤتمر غايته المساهمة في لفت أنظار مناضلي/ات الجامعة الوطنية للتعليم إلى قضايا نعتبرها أساسية ، من شأن تدقيق النظر فيها أن يجنبها ممارسة نقابية فتكت بالجسم النقابي ببلدنا. لأن إعادة بناء الجامعة الوطنية للتعليم ما هو إلا خطوة على طريق طويلة  من أجل إرساء ممارسة نقابية ديمقراطية و كيفاحية للدفاع عن مصالح شغيلة التعليم وكذا بتاء قوة القوة الضاربة للطبقة العاملة بمجملها.

  • سياق مؤتمر النقابة :

حققت الجامعة الوطنية للتعليم مند  مؤتمرها الأخير المنعقد يومي 5 و6 ماي 2012 مكاسب تنظيمية تجلت في توسع خريطة انتشارها الوطني وخوضها لمعارك نضالية  وطنية و محلية و أصبحت ضمن النقابات الأكثر تمثيلية في القطاع. واجهت صعوبات عديدة فقد  حاصرتها  الدولة ورفضت الاعتراف بها كممثل للشغيلة بتفسير مغرض لمسطرة الاستفادة من وضعية النقابة الأكثر تمثيلا، ناهيك عن شبه انعدام لمقرات العمل والمتفرغين للمهام والضعف المالي. لكن أخطر الصعوبات هي التراجع النضالي الحاد مع  جزر دينامية حركة 20 فبراير والتأثير الفعلي لسلاح الاقتطاع من أجرة المضربين. إن عقود من المناورة التي سلكتها الدولة  قد أثمرت إضعافا شديدا لحس الانتماء النقابي بما هو انتماء نضالي، فتمرير مخططات كبيرة تمس أوضاع الشغيلة والمدرسة العمومية من المفترض أن يثير ردة فعل قوية و غاضبة، لكن عقود من سياسة الشراكة الاجتماعية جعلت جزء مهم من الشغيلة ينظر للنقابة كمحامي يترافع  لتسوية مشاكل إدارية فردية عبر شبكة علاقات وليس النظر للنقابة كأداة للنضال الجماعي. تلك احدي أهم العقبات التي صاحبت بروز الجامعة الوطنية في طبعتها الحالية وهذا ما يحد من قوة الاندفاع التنظيمي والنضالي المحكوم بطبيعة سياق ظهورها لكنه سياق متغير.

ليس ما انجزته الجامعة الوطنية لحد الآن إلا خطوة أولي في مسار بناء  النقابة الديمقراطية ذات الانغراس الجماهيري . ولبلوغ الهدف  يتطلب  ذلك نفض ما ورث عن تجارب الماضي النقابي السلبية بكل شجاعة من خلال  تجسيد ممارسة ديمقراطية داخلية و كذا في العلاقة مع  الشغيلة بمخاطبتها بصراحة و تمكينها من ممارسة كامل حقوقها في التسيير و التقرير لإعطاء النموذج العملي.

  • بناء النقابة الوفية لمبرر وجودها يمر عبر مواجهة سياسة الدولة التخريبية:

وضعت الدولة خططها لتدمير مكاسب انتزعت في سياق نضالات العقود الماضية ولا تريد من النقابة أن تكون سوى شريكا داعما لتعدياتها ومرافقا يضبط ردود فعل ضحايا تلك الهجمات وهذا أساس نقابة “التعاون والشراكة الاجتماعية”. دور الجامعة الوطنية يجب أن يكون علي النقيض من ذلك، نقابة النضال دفاعا عن المكاسب وأداة جبارة لانتزاع تحسينات جوهرية ومدافعا عن الخدمات العمومية الجيدة والمجانية كمرافق في خدمة شعبنا. هيأت الدولة محاور هجومها على مكاسب تاريخية للشغيلة :

  • السعي لتكبيل حق الاضراب بقانون تنظيمي يستهدف شغيلة الوظيفة العمومية بالأساس، علما أن شغيلة القطاع الخاص تعاني

مند زمان من ترسانة قانونية ظالمة تفي بالغرض وعلي رأسها الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يستعمل للزج بالمضربين في السجون.

  • الخطة الشاملة لإصلاح الوظيفة العمومية وما يمثله ذلك من القضاء الناجز على كل مكاسب شغيلتها عبر ترسيم التشغيل بالعقدة والقضاء علي الاستقرار المهني بفرض إعادة الانتشار الإلزامي و إدخال طرق جديدة للتقييم (المردودية والنجاعة) وإخضاع الشغيلة لرقابة لصيقة وتكريس تراتبية إدارية سلطوية…
  • ملف أنظمة التقاعد من خلال تحميل الأجراء فاتورة أزمتها الناجمة عن سياسة الدولة في التشغيل وكذا عن تدبير مدخرات صناديق التقاعد. واستعمال ذلك مبررا لرفع سن التقاعد و نسبة الاقتطاعات وتغيير قاعدة احتساب المعاشات وتخفيض نسب احتساب المعاش.
  • عزم الدولة علي تنفيذ ما أسمته بالرؤيا الإستراتيجية 2015-2030 لإصلاح التعليم والتي تمثل امتدادا للميثاق الوطني للتربية والتكوين منذ 1999 و التي أضعفت المدرسة العمومية وأفقدتها المصداقية ونتج عنها واقعا تعليميا كارثيا باعتراف جهات الدولة المشرفة على تقييم عشرية الميثاق التي شكلت قاعدة بلورة هذه الرؤيا. لكن العلاج المقترح لم يخرج عن وصفات تواصل تعميق تطبيق نفس السياسات التي أوصلت المنظومة التعليمية إلى هذا المستوى المتدني.

إن مكاسب شغيلة القطاع العام تعتبر امتيازا غير مبرر من منظور الطبقات السائدة وهي علي مرمي مدفعية النظام. إن إجراءات قاسية قادمة قد تعتبرها الشغيلة اليوم مستبعدة أو بعيدة وهي ليست كذلك. هذه الإجراءات نظرا لأثرها السلبي على الشغيلة التعليمية ستخلق رجة غير مسبوقة وتململ نوعي  في صفوفها. على الجامعة الوطنية  للتعليم ، أن تكون علي أهبة الاستعداد لتلك اللحظة بامتلاك الشعارات الملائمة والإجابات النضالية المناسبة والوعاء التنظيمي الكفيل باستقبال الدينامية النضالية القادمة، وهذا هو السبيل الوحيدة لغرس النقابة جماهيريا. ومن خلال ممارستها العملية إبان معركة النضال ستمتحنها الشغيلة  اعترافها ووفائها للدفاع عن مصالحها .

  • من اجل مؤتمر ديمقراطي قولا وفعلا.

يكتسي المؤتمر المقبل للجامعة الوطنية للتعليم أهمية بالغة جدا لكونه أول مؤتمر ينظم بعد إعادة بناء تنظيمي شامل والأهم كونه سينظم بعيدا عن ضغوط البيرقراطية تنظيميا أو قانونيا، مما يضع مسؤولية أكبر على القيادة النقابية لإعطاء الدليل على مصداقيتها في عقد مؤتمر ديمقراطي يشكل مثالا للاقتداء.  للوصول لهذه الغاية نقدم بعضا من مقترحات نعتبرها أساسية:

  • التحضير الجيد: بإتاحة الوقت الكافي لنقاش الوثائق الأدبية في الفروع حتى يشكل إضافة نوعية للدفع بالنقابة إلي الأمام كما لا يجب إدراج وثائق أساسية  صادرة عن اللجنة التحضيرية في أخر اللحظات دون استيفائها حقها في النقاش خصوصا بعد انتداب المؤتمرين، مع حق الأفراد ووجهات النظر في التعبير عن منظوراتها والدفاع عنها و التعريف بها والتعبئة لها .
  • لا يجب مصادرة الرأي اللآخر و الاحتكام إلى الحجة والإقناع و الابتعاد عن افتعال الحيل لتمرير  قرارات إذا خضعت للتمحيص الدقيق سيتبين ضررها.
  • عدم تهريب الحسم في القرارات الجوهرية، من قبيل علاقة الجامعة بالتوجه الديمقراطي و بالاتحاد المغربي للشغل، بتفويض صلاحيات الحسم لهيئات أخرى خارج المؤتمر.
  • جعل المحطات التنظيمية و خاصة المؤتمر مناسبة لنقاش جدي للقضايا التي تهم الشغيلة و المدرسة العمومية و قضايا النضال النقابي العمالي. و ليس كما تفعل القيادات البيروقراطية بتحويلها للمؤتمرات إلي مهرجانات خطابية وإغراقها بأعداد هائلة لقتل النقاش الجدي.
  • الجامعة الوطنية للتعليم والاتحاد المغربي للشغل.

منذ بروز “التوجه الديمقراطي” عقب قرارات الطرد في حق نقابيين قياديين بالاتحاد المغربي للشغل، لم يتوقف نقاش العلاقة مع المركزية و بين مكوناته حول إستراتجيته النضالية وصيغه التنظيمية وأفاقه. هذا النقاش أسفر عن تباين في وجهات النظر، أدت حتى الآن إلى إعادة توحيد نقابة الجماعات المحلية وتسوية وضعية الجامعة الوطنية للفلاحة لعلاقاتها مع قيادة ا م ش. لكن ضلت الجامعة الوطنية للتعليم كمكون للتوجه الديمقراطي تواصل عملها باستقلال عن ام ش. لقد أفضت هذه الدينامية إلى شلل النشاط النضالي و التنظيمي للتوجه. مما وضع جامعة التعليم في موقع حرج و هي على أبواب مؤتمرها الوطني.

و مما زاد في بلبلة المناضلين تصريح الأمين العام  للاتحاد المغربي للشغل يرجح حصول تفاهمات ما بين قيادة الاتحاد وقيادة التوجه الديمقراطي. وما كان لهذه الوقائع إلا أن تثير أسئلة ونقاشات في صفوف الجامعة الوطنية للتعليم في غياب للمعطيات التي يعد توفيرها من أبسط الواجبات التي تحتمها المسؤولية النضالية،  فتعميم المعطيات الدقيقة باعتبارها حقا ديمقراطيا لكامل الأعضاء، يمكن من سيادة نقاش جدي ورفاقي و يقوي ثقة النقابيين وعموم الشغيلة في قيادتهم. بينما العكس يتركهم فريسة للاشاعات ومناورات الأعداء.

يجب الدفاع بحزم عن حق قيادة الجامعة الوطنية للتعليم و قواعدها في نقاش مختلف منظوراتها حول علاقة الجامعة بالاتحاد المغربي للشغل و بمكونات التوجه. وعلى القيادة وأن تستعرض جميع المعطيات وكل الحيثيات بنزاهة ودقة وان تستخلص ما هي مقتنعة به من خيارات وتعرضها بشكل علني علي قاعدة النقابة و ان تتيح لمن له خيارات معارضة أن يسلك نفس الطريق وتعرض كل الآراء على مؤتمر كامل السيادة. حينها سيكون أي خيار قرر بكل ديمقراطية عامل قوة ووحدة للجامعة الوطنية للتعليم كيفما كان مستقبل علاقتها بالاتحاد المغربي للشغل. غير ذلك سيكون أي خيار مشتلا للإحباط وتكريسا لأساليب معتادة بالحركة النقابية المغربية.

أينما كانت الجامعة، خارج الاتحاد أو داخله، يجب اتخاذ موقف صارم معارض لخوصصة التعليم و تفكيك القطاع العام، بمعنى يجب المحافظة على استقلالية الجامعة في تحديد برامجها و مواقفها بعيدا عن سطوة قيادة الاتحاد بالبيضاء. ستكون العودة للاتحاد بشكل متماسك ووفق منظور واضح للعمل كجامعة مع هذا الكم من االنقابيين المنفلتين من سطوة القيادة المركزية للاتحاد أقل سوء من تلاشي بدون منظور أو عودة جزئية و انسحابات.

مؤتمر، منشور ضمن مواد العدد 64 من جريدة المناضل-ة  

شارك المقالة

اقرأ أيضا