التضامن النقابي خطوة على طريق تقوية، العمل النقابي بقطاع الجماعات الترابية

بقلم، مناضل في الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية

10 ماي 2016

الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية تنظم قافلة جهوية ناجحةتضامنا مع موظفة تعرضت للعزل بجماعة غياثة الغربية بإقليم تازة

حيثيات تنظيم القافلة

في أول خطوة نضالية بعد مؤتمرهم الخامس، وردا على قرار عزل الموظفة “نعيمة بنشيحة” الذي اصدره رئيس جماعة غياثة الغربية التابعة ترابيا لدائرة واد امليل بإقليم تازة، وبعد سلسلة من الوقفات والاعتصامات المحلية بهذه الجماعة، شارك المئات من الموظفين الجماعيين المنضوين تحت لواء الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية – الاتحاد المغربي للشغل- في قافلة تضامنية نظمت يوم السبت 07 ماي 2016 بدعوة من المكتب الجهوي بجهة فاس مكناس لذات النقابة وبدعم من مكتبها الوطني، حيث احتشد المشاركون بمدخل مدينة تازة قبل أن ينطلقوا بأزيد من 100 سيارة نحو واد امليل في جو نضالي يؤشر على الاستعداد التام لمناضلي ومناضلات وقواعد الجامعة الوطنية للانخراط في كل الخطوات النضالية التضامنية والكفيلة بالدفاع عن كرامة الموظفين والموظفات ووقف مسلسل التضييق على حرياتهم النقابية.

ومباشرة بعد وصول القافلة الى مدخل مدينة واد امليل بدأ شوط آخر آخر من أشواط هذه المعركة التضامنية من خلال الانطلاق في مسيرة حاشدة نحو مقر جماعة غياثة الغربية المتواجد بذات المدينة، حيث حظيت المسيرة بمتابعة مهمة من طرف الجماهير الشعبية بالمدينة، وانخرط فيها شباب المنطقة بشكل تلقائي وظلو يرددون الشعارات التي كانت تتقاطع مع احتياجات واقعهم اليومي بشكل يؤكد على أن هناك غضب راكد في اوساط جماهير المنطقة جراء عقود من التهميش والاقصاء وغياب ابسط متطلبات العيش اللائق، وهذا ما عكسه الحماس الكبير الذي رافق رفع بعض الشعارات من قبيل ” غياثة المنسية لا صحة لا تنمية” و ” بالوحدة والتضامن لي بغيناه يكون يكون” و” لا قمع لا ارهاب يوقف مسيرة شعب” بالنضال والصمود الحقوق ستعود”.

المسيرة توجت بوقفة أمام مقر جماعة غياثة دامت أزيد من ساعتين تخللتها كلمات كل من الكاتب الوطني للجامعة والكاتب الجهوي لجهة فاس مكناس والكاتب الجهوي لجهة الشرق والكاتب العام للاتحاد المحلي بتازة والكاتب الاقليمي للجامعة بتازة والكاتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الانسان، وقد وقفت الكلمات كلها عند حيثيات عزل الموظفة والخطوات التي قامت بها الاجهزة الاقليمية والجهوية والوطنية للجامعة قبل أن تتخذ قرار تنظيم هذه القافلة، مؤكدة على أن معركة ارجاع المطرودة لم تعد معركة الموظفة وحدها بل هي معركة كل فروع الجامعة الوطنية، وبذلك فإنها ستستمر في خوض خطوات احتجاجية بوتيرة تصاعدية إلى غاية تحقيق المطلب، محملة المسؤولية لرئيس الجماعة وعامل الاقليم ووزير الداخلية في التطورات التي قد تنجم عن كل تأخر في ارجاع المطرودة إلى عملها دون قيد أو شرط.

f

مبررات عزل الموظفة

“نعيمة بنشيحة” مساعدة إدارية من الدرجة السادسة بمصلحة الحالة المدنية بجماعة غياثة الغربية، وبجرة قلم من طرف رئيس متسلط لم يحترم حتى المساطر الادارية الجاري بها العمل في اصدار قرارات العزل، وجدت نفسها هي وأسرتها عرضة لمصاعب مالية وعائلية لا تنتهي، والسبب الأساسي الذي يقف وراء القرار هو تصفية حسابات سياسية بين رئيس الجماعة وزوج الموظفة، والمبرر الذي بنى عليه الرئيس قراره هو “افشاء سر المهنة” فأي سر هذا الذي يخاف رئيس الجماعة من افشائه رغم كون الموظفة تعمل بمصلحة لا تربطها أية علاقة بشؤون المجلس؟ وأي مقاربة يعتمدها هذا الرئيس في تسييره للشأن العام حين يعتبر أن كل ما يتعلق بالجماعة سرا مهنيا لا يجب أن يعرفه غيره؟ الجواب بكل بساطة يشير إلى نموذج من بين مئات النماذج التي تسير مرافق ومؤسسات عمومية بنفس المنطق الذي تسير به ضيعات خاصة.

وإضافة إلى ما سبق ذكره، فقد كشف قرار عزل الموظفة عن واقع صادم تعيشه هذه الجماعة على غرار مئات الجماعات بالمغرب، فالموظفون يشتغلون في مقر إداري جدرانه آيلة للسقوط في أي لحظة، والبعض منهم جمدت حقوقهم في الترقية منذ سنوات لأنهم غير موالون للرئيس الذي تربع على عرش هذا المنصب منذ عقدين من الزمن، ومساعدين تقنيين يشتكون من ظروف عمل قاسية وغير انسانية ولا يستفيدون حتى من التعويض عن الأعمال الشاقة والملوثة…الخ، إنها نفس الاوضاع التي يعيشها آلاف الموظفين في جماعات حضرية وأخرى نائية سلط عليها رؤساء لا هم لهم غير مراكمة الثروة ونهب المال العام، ووزارة وصيةآخر ما يمكن أن تضعه على جدول أعمالها هو تحسين ظروف عمل الموظفين وتحقيق مطالبهم المادية والمعنوية.

قوافل التضامن: تجربة مهمة على طريق كسر الطوق عن المعارك المحلية

تعتبر قوافل التضامن أحد الأشكال النضالية التي تحفز العمال على الوحدة والتآزر، وتعيد الثقة في قوتهم، وتكسر روتين المعارك المحلية وتفك العزلة عنها، وتفتح آفاق أرحب للمزيد من التكتل وخلق شروط الانتصار في المعركة، والقافلة الجهوية التي نظمتها الجامعة الوطنية لموظفي الجماعات بجهة فاس-مكناس وحظيت بدعم قوي من طرف مناضلات ومناضلي هذه النقابة بجهة الشرق وبعض الفروع القريبة تعتبر خطوة مهمة على طريق إرجاع رفيقتنا المطرودة ووقف مسلسل التعديات التي يتعرض لها الموظفون الجماعيون، خاصة وأن قطاع الجماعات الترابية يعد من بين أكثر القطاعات العمومية التي تشهد انتهاكات ومضايقات متزايدة ضد الموظفين، جراء كثرة المتدخلين من رؤساء ومنتخبين ومدراء مصالح وسلطات محلية واقليمية وسيادة منطق المحسوبية والزبونية لدرجة أن العديد من الرؤساء وبمجرد فوزهم برئاسة الجماعة يبدؤون في تصفية الحسابات مع كل موظف لا يساير اختياراتهم السياسية او لا يقوم بالدعاية والدعم اللازمين لحزبهم، فكم من موظف تم حرمانه من الترقية لسنوات فقط لأنهعبر عن رأيهودافع عن موقف مغاير لموقف الرئيس وحزبه بخصوص الانتخابات، وكم من موظف حرم من تولي منصب من مناصب المسؤولية الاداريةبمصلحة او قسم فقط لأن أحد أفراد عائلته ينتمي لحزب غير حزب الرئيس، وكم من موظف تعرض للطرد ووجد نفسه غارقا في دوامة الديون وردهات المحاكم فقط لأن مزاج الرئيس أراد ذلك.

لذلك كله فإن معركة ارجاع الموظفة المطرودة بجماعة غياثة الغربية باقليم تازة هي في الأصل معركة استرجاع كرامة الموظفين الجماعيين ومناهضة كل أشكال الانتقام والعبث بمصيرهم الاداري والمهني، والقافلة الجهوية التي تم تنظيمها يجب أن تشكل نقطة انطلاق لمعارك أقوى تستنهض الفعل النضالي وتطرح القضايا الكبرى التي تهم شغيلة القطاع على جدول أعمال الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية.

الجامعة الوطنية بعد المؤتمر الخامس: خياران لا ثالث لهما

كشفت القافلة الجهوية عن امكانيات نضالية مهمة تزخر بها الجامعة الوطنية إن استثمرتها أجهزتها التقريرية والتنفيذيةفي اتجاه تعزيز قوتها التنظيمية والنضالية للتصدي للمخططات الطبقية التي تعدها الدولة في القطاع، فما يزيد عن الألف مناضل ومناضلة الذين قطعوا مئات الكيلومترات للمشاركة في القافلة التضامنية مع الموظفة المعزولة، قادرين على حشد عشرات الآلاف من زملائهم الموظفين بجماعاتهم حول مطالب تعنيهم بشكل مباشر إن وجدوا نقابتهم تسلك قولا وفعلا مسار الدفاع الجدي عن حقوقهم ومكاسبهم، وتكرس ممارسة نقابية ديموقراطية تبني قراراتها بشكل قاعدي، خاصة وأن بيرقراطية الاتحاد المغربي للشغل وغيرها من بيروقراطيات المركزيات النقابية ما فتئت تجهض كل الآمال المتعلقة بإمكانية بناء ميزان قوى حقيقي قادر على مواجهة مخططات النظام نتيجة اصرارها على إفراغ النقابة من أي محتوى ديموقراطي وكفاحيكفيل باعادة الثقة في العمل النقابي.

لذلك فإن الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية أمام خياران: إما أن تشق الطريق نحو فرض قوتها التنظيمية والنضالية سواء في علاقتها بقيادة المركزية النقابية او في علاقتها بوزارة الداخلية والدولة بشكل عام عبر احترام وتفعيل قرارات اجهزتها التقريرية واطلاق مبادرات اشعاعية وتكوينية، وتحفيز النقاش الداخلي وتنظيمه، واتخاذ خطوات نضالية تحصن المكتسبات الخاصة بالقطاع على الأقل وتحافظ على بريق الأمل في أوساط قواعدها، وإما أن تساير إيقاع قيادة المركزية النقابية وتكرس أساليب عملها التيتقتل الارادة وتفتت الجهود وتحبط العزائم.

شارك المقالة

اقرأ أيضا