مناجم جبل عوام: حصيلة معركة مايو 2016 وآفاق النضال  

 

 

 

بعد 19 يوما من الإضراب، واعتصام قسم من العمال بباطن المنجم (650 متر)، يعود العمال المناضلون بمناجم جبل عوام (إغرم اوسار، سيدي أحمد، سينيال) التابعة لشركة تويسيت المنجمية إلى العمل . أوقفوا حركتهم النضالية بعد توقيع محضر يوم 20 مايو 2016  من طرف كل من عامل الاقليم والمدير الاقليمي للطاقة والمعادن والمدير الاقليمي للتشغيل والشؤون الاجتماعية ومدير شركة تويسيت، وممثلي النقابة العمالية.

نص المحضر على:

1-  أن تقدم النقابة  تدقيقات بشان ما تعتبره اختلالات [اي خرق لتشريعات الشغل]

2- عامل الاقليم يحث على تطبيق قانون الشغل وقانون المنجمي

3- يشرف مدير الطاقة و المعادن على تطبيق نتائج الاجتماع و يرفع تقارير الى السلطة الاقليمية

حرص كاتبو المحضر على وصف الاختلالات بالمحتملة، أي انها غير مؤكدة. يقصد بالاختلالات عدم تطبيق التشريعات، سواء مدونة الشغل او قانون المنجمي. لكن ان يحث عامل الإقليم على تطيبق هاذين القانونين اعتراف أعلى سلطة اقليمية انهما غير مطبقين.

انتزاع هذا الاعتراف وتوقيع مسؤولي السلطة عليه، وكذا رب العمل، والتعهد بتطبيق القانونين ارضية يجب التمسك بها لفرض مكاسب لصالح العمال.

إن جزئية الإضراب، أي عدم مشاركة اغلبية ساحقة فيه، وامتداده قرابة ثلاثة أسابيع في ظروف قاسية، وجسامة الضغط الممارس على العمال و أسرهم، و بقاء الإضراب معزولا، محليا ووطنيا، بفعل نقص التضامن، كلها عناصر تجعل توقيع ذلك المحضر مكسبا نسبيا للعمال. أي أن العمال تجنبوا هزيمة نكراء كانت تلوح في الأفق لو استمر الإضراب  في نفس الظروف. فقيادة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب لم تتجند لمعركة عوام بالشكل والمضمون الذين تقتضيهما تقاليد الكفاح العمالي: أي إطلاق حملة تضامن محلية ووطنية ودولية: أين  هي بيانات التضامن من فروع الاتحاد العام، أين الزيارات التضامنية؟ أين الحملة الإعلامية المتابعة لأطوار الإضراب والاعتصام، والفاضحة لظروف الاستغلال الهمجية السائدة في المناجم؟ لا بيانات إخبارية ولا ندوة صحافية، ولا استعمال لمواقع التواصل الاجتماعية،… لا شيء.

اين الدعم المالي لعائلات العمال، نساء وأطفالا، الذين بقوا بلا مصدر عيش طيلة 3 اسابيع؟

وقد تعثر أمر التضامن العمالي بفعل تعقيدات الوضع النقابي في مناجم جبل عوام المطبوع بوجود فرع للاتحاد المغربي للشغل تابع لإدارة المنجم ومجند خلفها للقضاء على أي نضال نقابي حقيقي. فلم يسجل أي تضامن، لو بالكلام من قبل فروع الاتحاد المغربي للشغل وجامعاته بالمغرب، كأن ما يقوم به شغيلة جبل عوام ليس إضرابا واعتصاما عماليين من أجل مطالب مشروعة. فهل يسبق الولاء للقيادات النقابية واجب التضامن  الطبقي مع ضحايا همجية الرأسمالية؟

إن بطء تفاعل قوى اليسار مع معركة عمالية علامة على مشكل ما في هذا الكيان المسمى يسارا؟ كيف يرى اليسار مستقبله، وهو في حال من الأزمة لا يحسد عليها، خارج النضال الاجتماعي؟ ناهيك عن المنتسب منه الى تحرر العمال الذاتي؟

إن توقيع  نقابة العمال محضر 20 مايو 2016 تجنب لمصير سيء بدأت تلوح أماراته من جهة، انه وقف لمعركة تفاديا لخسائر كارثية،  وفرصة لإعادة تنظيم الصف العمالي عبر:

  • جرد مفصل لأوجه فرط استغلال العمال، وانتهاك مقتضيات تشريعات العمل بالقطاع: مدونة الشغل و قانوني المنجمي (ظهير 24 ديسمبر 1960). يجب ان يفضي هذا الجرد إلى صياغة مذكرة تفصيلية ترسل الى الجهات الموقعة على محضر 20 مايو، وتستعمل أداة للتعبئة العمالية.
  • الانكباب على تصليب عود التنظيم العمالي، بالنقاشات حول دروس المعركة، بالتمعن في اساليب الإدارة و حلفائها، من سلطة ومن خدام بصفة نقابية زائفة، واستخلاص العبر في افق نضالات قادمة. وبتنظيم جهود التكوين النقابي ورفع مستوى وعي القاعدة العمالية، ومحو الأمية في صفوفها.
  • تعزيز أواصر التضامن بين العمال وسكان المنطقة الكادحين، سواء بكيفية مباشرة تنهض بها النقابة العمالية، او بالتعاون مع الجمعيات المحلية المهتمة بتحسين اوضاع المواطنين المقهورين.
  • مواصلة التعاون النضالي مع انصار القضية العمالية، من أي نقابة كانوا، ممن ابدوا تضامنهم طيلة اسابيع النضال الثلاثة، والانفتاح على النسيج النقابي المحلي والوطني.
  • ربط العلاقات النضالية بالفروع النقابية المناضلة في المناجم، بالتضامن مع النضالات الجارية بها، وبتنظيم  لقاءات تنسيقية وانشطة مشتركة حول مشاكل القطاع:  استعمال شركات الوساطة في التشغيل، مخاطر الشغل،  التكوين النقابي …

لقد اوقفنا معركة لكن النضال مستمر  باشكال اخرى في افق معركة ظافرة مقبلة.

فإلى المهام يا رفاق

مصطفى البحري

 

 

 

 

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا