الأرجنتين: الخروج من النقاش المغلوط حول المديونية

بلا حدود10 يناير، 2015

من خلال الفضاءات الدعائية في التلفاز الأرجنتيني، يحق لنا اجراء تركيب مختلف تدخلات قادة الدول الداعمين للأرجنتين بخصوص تسديد ديونها الخارجية: المكسيك وحكومته فائقة القمع، وباراغواي وهندوراس مع حكومتاهما المتحدرتان من انقلابين عسكريين، أو أيضا كولومبيا مع حكومته اليمينية. يحظى هذا الدعم، وهذا التضامن الأمريكي الجنوبي، برضى أرجنتين كريستينا كيرشنر، ولا يطرح في أي حال من الأحوال مسألة نظام اقتصادي فاشل…

في إطار هذا الوضع الصعب الذي حصلت فيه قوى اليسار مع ذلك على أصوات عديدة من السكان الذين خيبت الحكومة آمالهم (1.2 مليون صوت إجمالا بالنسبة لـجبهة اليسار والعمال) في الانتخابات الأخيرة، يدعو اليسار المعادي للرأسمالية إلى اجراء استفتاء حول الديون. لكن، لا تكمن المسألة المطروحة هنا في مشكلة الديمقراطية ولكن في خضوع الأرجنتين لامبريالية البنوك الأمريكية والأوروبية.

تسديد الديون: قليلا، أو كثيرا…

كانت الأرجنتين توصلت في عام 2005 وعام 2010 إلى اتفاق مع دائنين مختلفين ينص على عدم تسديد هذه الديون كاملة وإعفائها من تسديد نسبة 70% من ديونها. وفي أواخر عام 2013، رفضت المحكمة العليا بالولايات المتحدة الامريكية النظر في ديون الأرجنتين، بعد أن كان صندوقان مضاربان رفعا دعوى ضد الحكومة الأرجنتينية. استأنفت هذه الأخيرة الحكم الصادر، لكن قد يؤدي بها الوضع الحالي إلى التخلف عن الدفع، ما قد يذكر بأزمة عام 2001.

إن وجدت الأرجنتين نفسها في حالة عجز عن تسديد ديونها في أواخر شهر تموز/يوليو، سيتم مرة أخرى تخفيض قيمة البيزو. وفي حين كان سعر الصرف الرسمي يورو واحد مقابل ستة بيزوات قبل أربع سنوات، يمثل اليوم واحد يورو مقابل 10 بيزوات، ويتم تصريفه حتى في الشارع مقابل 16 بيزو… وإن كان البلد مدفوعا بتسديد مجمل ديونه لهذين الصندوقين المضاربين (رفضا التفاوض حول تسديد الديون وكانا يرغبان في الحصول على نسبة 100% من السداد)، فسيلزمه تسخير موارده، مرة أخرى، على حساب التعليم، والصحة والنقل العام.

في حين بلغ التضخم ما يناهز نسبة 30% في عام 2013، ولم ترافق الأجور هذه الزيادة، تزداد أثمان النقل العام ارتفاعا – كما في البرازيل، وتشكل الأجور وظروف الدراسة في جامعة بوينس آيرس مثار نضال حركة تضم مدرسين وطلبة، وعلى جدول الأعمال خطط تسريحات…

مقاومات وقمع

على بعد كيلومترات من العاصمة الفدرالية، قامت لير، مقاولة من الباطن في قطاع السيارات، اضافة إلى طردها حوالي مئة أجير، بتوقيف غير قانوني لآخرين يمارسون العمل النقابي. وخلال تظاهرة حدثت في يوم الثلاثاء 8 تموز/يوليو أمام هذه المقاولة، كان عدد المحتجين المئات منذ الساعة الخامسة صباحا، وأتى الدعم من جامعة بوينس آيرس، ومن مختلف منظمات أقصى اليسار، بينما كان تجمع نظم في مقاولة لتصنيع قاطرة السكك الحديدية Emfer، وهي مقاولة أخرى يخوض عمالها نضالا في اقليم بوينس آيرس.

تعرض هذان التجمعان لقمع عنيف خلف جرح عشرات الأشخاص، بعضهم نقل إلى مستشفى بوينس آيرس. بوسع هذه الحكومة، التي تصرح بأنها «تدافع عن الشعب وحقوق الانسان»، الاعتماد على وسائل الاعلام ناهيك عن مباريات كأس العالم لكرة القدم. قد تجنب هزيمة الأرجنتين في المباراة النهائية النشوة الرياضية التي تسعى لتنسي السكان هذه الأزمة بسرعة كبيرة…

نحو الافلاس؟

القوى السياسية التي تقدم «دعما نقديا» لحكومة كريستينا كيرشنر، كما على سبيل المثال جبهة اليسار في فرنسا، لا تزال في إطار هذا التناقض الدائم: دعم حكومة تحظى هي الذات بدعم شخصيات يمينية فيما يتعلق بتسديد ديونها دون اعادة النظر فيها. وعلى النحو ذاته، يلصق المناضلون البيرونيون في منظمة الجبهة من اجل الانتصار اعلانات ويكتبون على جدران كبرى المدن تنديدا بـ«كواسر» عالم المال، إشارة إلى نسبة 7% من الدائنين الرافضين لاتفاقات اعادة التفاوض.

مع ذلك، لا يمكن الدفاع عن السكان عن طريق تسديد الدين.لا يشكل تطبيق مخططات التقشف سوى دليلا اضافيا بأن هذا النظام لا يغذي سوى المقاولات الرأسمالية، في معظمها أوروبية وأمريكية. إن التفاوض حول تسديد الدين، يعني إفادة البنوك عن غير قصد ولن تكون العواقب النهائية سوى افلاسا بالنسبة للبلد وتفاقم ظروف الحياة بالنسبة للسكان في الأرجنتين.

المجلة الاسبوعية المعادية للرأسمالية- عدد 251 بتاريخ 17 تموز/يوليو عام 2014 موقع الحزب الجديد المناهض للرأسمالية – فرنسا

من بوينس آيرس، سولين فيبه

شارك المقالة

اقرأ أيضا