حراك الريف يجبر الحاكمين على انتهاج تكتيك جديد بوجه الاحتجاج الاجتماعي

سياسة5 يناير، 2018

 

 

  أكد زخم حراك الريف، بحجم المشاركة الشعبية ومدتها، واضرار الدولة الى تنظيم إنزال قمعي لم يشهد البلد مثيلا له، ان الدولة استنفذت اساليبها المعهودة في التحكم في الاحتجاجات الشعبية واجهاضها.

بعض الاصلاحات الطفيفة، واعتقال عينة من الواقفين في الصفوف الأممية للاحتجاجات، وجرجرتهم في المحاكم لشغل انصارهم عن مواصلة النضال: هكذا تم للنظام الفكاك من التعبئة الشعبية التي شهدتها مناطق مثل سيدي ايفني، بوعرفة، صفرو… هذا المزيج بين تنازلات هزيلة، وحتى خاوية [مثل مطلب جعل ايفي عمالة] وجرعة قمع لم يعد كافيا لوقف حراك الريف.

اضطرت الدولة إلى انتهاج سبيل التضحية بأكباش فداء، محليا ووطنيا، موظفين ووزراء. فيما المسؤول عن الكارثة الاجتماعية بالريف، وباقي مناطق المغرب، هو الاختيارات اللا شعبية المفروضة منذ عقود. سياسة التقشف في النفقات الاجتماعية، اي تدمير الخدمات العامة من صحة وتعلين، وتعميم البطالة والهشاشة لتأمين خزان من اليد العاملة الرخيصة العاجزة عن مقاومة فرط الاستغلال.

أخرج حراك كادحي الريف الحياة السياسية المغربية من روتينها، وألاعيبها المؤسسية. فلم تعد تدور حول تنابز قوى سياسية من نفس الطينة ومجمعة على السياسة النيوليبرالية، بل طرأ ما لم يخطر على بال قبل الحراك. الملك ينقلب على أعضاء من حكومته وعلى عدد من كبار المسؤولين هنا وهناك بتهمة التقصير في تطبيق برنامج “الحسيمة منارة المتوسط”. ليس هذا الانقلاب وحده جديدا، بل كل العملية التي توجها.

بموازاة هذه التضحية بأكباش الفداء، الرامية الى حماية الحاكمين من سخط الشعب المقهور، عمدت الدولة اضطرارا الى تسريع تنفيذ عدد من برامجها، لا سيما ما يسمى منارة المتوسط.  غايتها ان يكون ذلك التنفيذ نوعا من تلبية مطالب الحراك دون اعتراف، اي اظهار الامر انه مجرد تنفيذ لمشاريع مقررة قبل انطلاق الحراك. لماذا؟  لأن الظهور في صورة المتنازل لمطالب الحراك سيحفز ويشجع كادحي المناطق الأخرى، الذين لا يقل تضررهم من سياسة الحاكمين، على الانتفاض والمطالبة بالحقوق الاجتماعية المهضومة.

 وتلوح الدولة بانها ستعمد الى تطبيق هذا التكتيك الجديد على البلد برمته: سيصبح موظفو الدولة ورجال السلطة المحليين أكباش فداء تلصق بهم جريرة السياسات الرسمية السائرة في تطبيق كل ما يأتي من صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوربي.

المغرب بلد ضحية استعمار جديد، أغلاله الديون الخارجية، واستمرار الديون، يعني استمرار سداد خدمتها، اي استمرار التقشف الاجتماعي وإغداق الامتيازات والتحفيزات على الرأسمال الخاص، أي مفاقمة الأوضاع ذاتها التي فجرت الغضب الشعبي في حراك الريف.

 سيستنفذ هذا التكتيك سريعا، لأن الكباش ستأخذ العبرة، وستجتهد في التنفيذ الحرفي لما تأمر به، وفي تفادي أي تغافل قد يؤدي إلى استهدافها. هامش المناورة ضيق.  هذا فضلا عن ان النظام سيخسر ثقة خدامه الذين ألفوا التساهل معهم.

بقلم بوغافري

شارك المقالة

اقرأ أيضا