المغرب والأزمة الإقتصادية: نصوص حول الوضع الإقتصادي والإجتماعي بالمغرب

وضع يلقي على عاتق اليسار المناضل مهام بالغة الأهمية

لقد خبر المضطهدون النتائج الكارثية لإنقاذ الرأسمالية التابعة من الإفلاس وعليهم الاستعداد لمواجهة التعديات الاجتماعية المرافقة لجولة إنقاذها الجديدة. للوقوف أمام هذا السيناريو على الحركة الاجتماعية والأحزاب السياسية والقوى السياسية والجمعوية والنقابية والشعبية المناضلة والمثقفون المناضلون الجدريون أن تناقش البدائل. يجب عقد ملتقيات لوضع أسس أرضية بدائل فعلية.

هناك دائماً بديل. والحقيقة أن هذا البديل يظهر في حيز الوجود بنضال الناس وكفاحهم. الأمر الذي نفتقده الآن هو حزب يناضل من أجل خلق هذا البديل. ولكن هناك حركات تنشأ وتتطور. لهذا فما يحدث الآن هو تباشير ما هو آت. وعند حدوثه، سيكون مفاجئاً للجماهير أيضاً. فقط على اليسار الجدري المناضل أن يكافح من أجله.

يقتضي البديل المنشود ليستحق ذلك أن يبلور إجراءات عاجلة وأخرى شاملة للخروج من الرأسمالية التابعة ومصائبها. ومن تلك المقترحات يمكن سرد الحفاظ على مناصب الشغل ومنع التسريحات وتوزيع ساعات العمل دون مساس بالأجر وتأميم المصانع والمقاولات التي تغلق أو تسرح. إجراءات هامة بالنظر لتواطؤ الدولة مع أرباب العمل الذين يسرحون العمال. فوساطة الدولة في المفاوضات وجه للهجمات الاجتماعية الجارية الهدف الأساسي منها خفض الأجور وليس حماية فرص الشغل.

ينبغي تمويل التنمية بمصادرة الأموال حيث هي فعلا، عبر تأميم المصارف وكل المؤسسات المالية دون تعويض لضمان الرقابة العمومية على القروض سيما في السياق التفجري الحالي، وفرض ضريبة تصاعدية على الثروة والدخل الكبير عبر إحصاء الثروات الكبرى لمنع هروب الرساميل وإرساء رقابة صارمة على الصرف وغلق المناطق الحرة وفتح دفاتر الحساب الضروري لمعرفة وضع كل حالة. يجب استباق تفاقم الأزمة بضمان اشتغال القطاع المحوري لكل النشاط الاقتصادي، ووقف سداد المديونية حتى تدقيقها، وخلق فرص شغل بوفرة وعقلنة الدعم العمومي الخ. فحتى الآن القسم الأوفر من الضرائب غير مباشرة، أي تلك التي يتحمل أعبائها الأجراء وصغار المنتجين… في حين ينتشر التهرب والغش الضريبيين مثل النار في الهشيم. والمستفيد الأول والأخير هو البرجوازية الكبيرة العقارية والصناعية والتجارية والمالية.

تأميم الصناعة المنجمية، لضمان صيانة الموارد التي تحتاجها البلاد للاحتماء من عنف تقلب الاقتصاد العالمي

يستلزم الأمر تبني نموذج تنموي مبني على تنمية متركزة على الذات بدل نموذج اقتصادي يقوم نموه ليس على السوق الداخلية بل تبعا للسوق العالمية بخاصة أوروبا المستعمرة التقليدية. تبعية تفرض تخصصا في العمل من الباطن مبني على استغلال مفرط ليد عاملة كثيفة وغير مؤهلة كفاية.

في حين تقلص الأزمة هامش سياسات ماكرو اقتصادية تهدف إلى كبح العاصفة، فإنها تقوم بتعديل تلقي الناس للإجراءات الجذرية. لن يصدم أحد من المناداة بالتأميم … انه الوقت المناسب استثمار السياق الحالي لحماية الجماهير الشعبية باعتماد قرارات قطعية. يبرز التجدر سواء عبر أهداف النضال أو بواسطة أشكاله. يبدأ عموما كنضالات دفاعية ويتخذ بسرعة أهدافا تتجدر شيئا فشيئا.

لقد لعب اليسار المناضل دورا ولو محدودا في مقاومة النيوليبراية وعلية رفع تحدي جديد في سياق الأزمة الجالية: لعب دور ريادي في النضال ضد الرأسمالية لأنها المسؤولة على المصائب الحالية ودوامها يستدعي تضحيات شعبية أكثر. فقط التوجه صوب القضاء على الاستغلال والتبذير واللامساواة سيسمح بمقاومة البؤس والبطالة التي تغذيهما الأزمة الجارية. يستلزم انتهاج هدا السبيل تبني إجراءات مناهضة للنيوليبرالية ومناهضة للرأسمالية. ستكون مقاومة الأزمة فعالة إذا سهلت انتقالا نحو الاشتراكية على نقيض كل برامج ضبط الرأسمالية.

فقط البديل الاشتراكي من شأنه تنظيم الاقتصاد في مصلحة حاجات الشعب مع أشكال تخطيط اقتصادي تلطف ألام اضطراب الدورة الاقتصادية، في أفق إلغائها النهائي. اشتراكية المستقبل لن يكون لها أي رابط مع التجارب الفاشلة للشمولية البيروقراطية للقرن العشرين. ستقيم التسيير الذاتي الجماعي الضروري من اجل بناء مجتمع مساواة كاملة.

على اليسار المناضل المساهمة في تطوير وعي اشتراكي بطرق مختلفة أولاها الالتزام إلى جانب النضالات من اجل المطالب الاجتماعية الذي يشكل الشرط الذي بدونه لا يمكن الحديث عن مشروع سياسي مناهض للرأسمالية. هذا الالتزام يتم عبر مقاومة خطط الامبريالية العسكرية والاستعمارية الجديدة ورفض اتفاقات التبادل الحر والنضال من اجل وقف تسديد الديون والقطيعة مع صندوق النقد الدولي. هذه الإجراءات ضرورية بشكل بالغ لاستعادة القدرة الشرائية للشعب وإرساء تنمية محلية وجهوية مستقلة.

يرتهن مستقبل المغرب بقدرة اليسار الجدري على تحديد مشروع اجتماعي بديل، علامات هذا البديل ترتسم على ما يجري من مقاومات عمالية وشعبية بالمنطقة المغاربية والعربية وبالشمال الأوروبي… ستكون نهاية أمجاد النيوليبراية بداية عودة جديدة للمشروع الاشتراكي.

سليم نعمان

مقتطف من مقال: أزمة الرأسمالية العالمية تخلخل استقرارا اجتماعيا هشا

منشورات جريدة المناضل ـ ة

————–

لتحميل الكتاب هنا

شارك المقالة

اقرأ أيضا