النظام الأساسي لموظفي الاكاديميات: غارة تستهدف التدمير الكامل لمكتسبات رجال ونساء التعليم

 

 

 

بقلم، فاتح رضوان

31/03/2019

أجبر الإضراب البطولي الذي تخوضه التنسيقية الوطنية للأساتذة/آت الذين فرض عليهم/هن التعاقد دولة خدمة رأسالمال على الخروج بصيغة أخرى من “نظامها الأساسي لموظفي الاكاديميات”، بهدف إلى الالتفاف على نضالات من فرض عليهم/هن التعاقد وباقي نساء ورجال التعليم المرسمين، الذين تظهر تنامي مساهمتهم في الإضرابات أنهم فطنوا أخيرا للمصير الذي تعده لهم دولة “النموذج التنموي الجديد”.

يصر وزير التعليم، ومعه رئيس الحكومة وباقي وزرائها، على أن النظام الاساسي الجديد هو نظام “مطابق” للنظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، مع استثناءه لمسألتين بسيطتين في نظره، وسيتم حلها بسرعة في القريب العاجل، يقصد مسألة إلحاق من فرض عليهم/هن التعاقد بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، ومسألة الحركة الانتقالية. وبغض النظر عن أن هاتين النقطتين تمثلان تراجعا خطيرا عن مكساب تاريخية لرجال ونساء التعليم، وتحملان بذور تراجعات أخطر في القادم من الأيام، إلا أنهما ليسا التراجعين الوحيدين، بل هناك تراجعات أخطر تضرب في الصميم مكاسب كبيرة للشغيلة التعليمية لم تحققها إلا بنضالات مريرة وتضحيات كبرى.

دولة تخرق قوانينها.

يستند النظام الأساسي لموظفي الأكاديميات على لائحة طويلة عريضة من الظهائر والمراسيم، لكن هو ذاته ليس قانونا، بل مجرد وثيقة تدبيرية صادقت عليها مجالس إدارية غير مكتملة التمثيل، تم جمعها على عجل، وأشر عليها وزير التعليم بصفته رئيسا لذلك المجلس، ولن نغالي إن قلنا إن ذلك “النظام الأساسي” هو من ناحية التراتبية القانونية في حكم العدم، وأن أي قرار وزاري مهما كان تافها هو أعلى منه شأنا.

إن أهم مرجع قانوني يستند إليه النظام الاساسي هو القانون 00/07 المنشئ للأكاديميات، والمحدد لاختصاصاتها المتمثلة في 17 عشر اختصاصا، واحد منها، وهو العاشر في الترتيب، مرتبط بما يسمونه ” تدبير الموارد البشرية”، ويقول منطوقه كالتالي: “ممارسة الاختصاصات المفوضة إليها من لدن السلطة الحكومية الوصية في مجال تدبير الموارد البشرية”، ولم يحدث لحد الآن أن فوضت وزارة التربية الوطنية اختصاصات للأكاديميات فيما يتعلق بأي شكل من أشكال التوظيف، بما فيه التوظيف بعقود الذي كان يتم بناء على مذكرة وزارية واستنادا على أحكام مقرر مشترك بين وزارتين. وكل الاختصاصات المفوضة تهم الموظفين الخاضعين لأحكام النظام الاساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية.

لكن، مهلا، ستجيب الأكاديميات ووراءها الوزارة، إن التوظيف في الأكاديميات بموجب أنظمتها الأساسية يتم وفق القانون المشار إليه أعلاه، 00/07، وبالضبط مادته الحادية عشرة التي تتحدث عن النظام الأساسي الخاص بهيئة المستخدمين الخاصة بالأكاديميات، ونحن بدورنا نجيبهم، بأن تلك المادة تتحدث عن صدورذلك النظام الأساسي بموجب مرسوم، وهو الأمر الذي لم يحصل، أي أنه يجعل مما يسمى نظاما أساسيا لموظفي الاكاديميات مخالفا للقانون وأصدرته هيئة ليس من اختصاصها إصداره. والعجيب في الأمر أن النظام الاساسي، الذي لا يحترم سلطة الدولة التي ينظمها القانون، يدعو العاملين إلى احترام سلطة الدولة والعمل على احترامها.

إذا كانت “الموارد البشرية” سهلة الاستغلال حتى بالتحايل على القانون، فإن تأدية أجورها يتم كذلك بالتحايل على القانون: فالمادة 9 من القانون 00/07 التي تتحدث عن ميزانية الأكاديمية، لا تتحدث عن ميزانية تخصص للأجور، بل عن نفقات التسيير والتجهيز وتسديد القروض والتسبيقات ونفقات أخرى، لهذا بالضبط يتم صرف أجور الأساتذة من خانة المعدات. كيف يتم إعداد نظام طويل عريض للتوظيف والترسيم وكل شيء، وهم لا يزالون يتحايلون عند تأدية الأجور لأن بناءهم القانوني هش، أو لأنهم يقدمون حسابات مزورة للبنك العالمي الذي لا يتحكم في قراراتهم دائما حسب المضلل الرسمي باسم الحكومة.

تندرج عملية الدوس على قوانين أصدرتها الدولة نفسها في سياق عام عنوانه: نزع التقنين، الذي يستهدف أساسا جعل القوانين مطواعة وسهلة التغيير، بهدف تكثيف الاستغلال والنزول بالأجراء إلى درجة العبيد. أهلا بكم في زمن الليبرالية الجديدة، لقد تم إسقاط العقود أيها الوزير، لكي يتم تعميم الهشاشة.

وداعا لخارج السلم

في الوقت الذي تناضل فيه عدد من الفئات التعليمية لأجل الحصول على إمكانية الترقي لخارج السلم، جاء النظام الأساسي الذي وصفه دجالون بأنه مطابق لماهو جار به العمل بالنسبة للموظفين، لكي يحرم فئة أساتذة الثانوي من إمكان الترقي لخارج السلم. حيث جاء في المادة التاسعة بأن إطار أستاذ التعليم الثانوي لا يشمل إلا درجتين: الثانية (سلم 10) والأولى (سلم 11). لقد قضم معدو هذه الأنظمة ( الذين لا يخضعون لأوامر البنك العالمي حسب المضلل الرسمي باسم الحكومة) سنين من النضال بجرة قلم، ومعها ملايين من الدراهم سيتم تفويتها لكبار النهابين.

فرط استغلال الأساتذة/آت

معاناة الأساتذة/آت من فرط الاستغلال ستتعمق، فأساتذ(ة) التعليم الثانوي سيصبحون في وضع يمكن معه التدريس في سلكي الثانوي: إعدادي وتأهيلي، وهذا الإجراء فرضه من أعد النظام الأساسي لكي تصبح إمكانية إعادة انتشار الأساتذة/آت بين السلكين سهلة وسلسة، وسيفرض على هؤلاء إعداد دروس ست مستويات دراسية، هذا إذا لم يتم تكليفهم بتدريس ما يعرف بالمواد المتآخية في إطار بدعة لا تربوية عنوانها التقشف.

الحكومة الحاذقة تتربح على تقليص عدد المترقين

لم يجهز النظام الأساسي فقط على خارج السلم بالنسبة لأطر التدريس، بل سيجهز على آلاف المناصب التي كانت ستخصص لترقية أطر التربية الوطنية. فمن المعلوم أن الترقية تتم وفق حصيص يقدر ب %33 من مجموع المستوفين لشروط الترقي ( بصيغتيه بالاختيار والامتحان)، وكان هذا الحصيص يتغذى سنويا بمستوفين جدد للشروط يرفع من إمكانية ترقية الموظفين. لكن بوقفها التوظيف في أسلاك موظفي وزارة التربية الوطنية لن يتغذى ذاك الحصيص مما سيتنج عنه تقلص عدد المترقين سنويا، بينما لن يصبح بإمكان “أطر الأكاديمية” الترقية في الدرجة في فئة أطر الأكاديمية إلا بعد مرور ستة سنوات من تاريخ الشروع بالتوظيف مع الأكاديمية. إنه الحذق التقشفي الذي يجب أن يفطن له الجميع. إنهم ينزعون منا حقنا، لكي يهدوه على طبق لأولياءهم.

لا ترقية بالشهادات

لا يتيح ما يسمى بالنظام الأساسي أي ترقية باعتماد الشهادات، في الوقت الذي لازالت تنسيقيات المطالبين بالترقية بها تناضل في الشارع جنبا الى جنب مع باقي الفئات المحتجة.

إلحاق باقي الموظفين بالأكاديميات: الغارة القادمة

الاستعدادات جارية على قدم وساق لإلحاق كل الموظفين التابعين لوزارة التربية الوطنية بالأكاديميات، وأنظمتها الأساسية. فبعدما تم تعميم صيغة التوظيف بالأكاديميات على أصناف أطر التربية والتعليم (مفتشون – متصرفون تربوين – ملحقون – أطر التوجيه والتخطيط)، أصبح المجال مفتوحا لتنزيل ما جاء به القانون 00/07 من كون هيئة المستخدمين بالأكاديميات تتكون كذلك من موظفين في وضعية إلحاق، وقد نصت على ذلك بوضوح المادة 2 من النظام الأساسي.

الصندوق المغربي للتقاعد في خبر كان

تم الاحتفاظ بالأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، في إجراء يستهدف وضع الصندوق المغربي للتقاعد في وضعية حرجة بحرمانه من مساهمات موظفين جدد، مما سيعجل بتصفيته وإلحاق الموظفين بصندوق تقاعدي جديد سيكون ثمرة مرة لتوحيد صندوقي CMR وrcar، وفي غياب نضال ضاري لن يكون التوحيد إلا على قاعدة أسوأ ما في النظامين.

أوجب الواجبات

إزاء الوضع الحالي، يمثل الاستمرار في النضال، وبناء أدواته واجتراح تكتيكاته التي تقلل الخسائر وتقربنا كل مرة من تحقيق أهدافنا، أوجب الواجبات. لا يعني الاستمرار في النضال اتباع تكتيك وحيد أو تبني شكل وحيد، لكنه يعني أساسا ضمان مشاركة أوسع ما يمكن من الشغيلة في تقريره وتسييره، إنجاز التقدم بحساب والتراجع بحساب، والبحث الدائم عن توسيع دائرة الحلفاء وحرمان العدو من قطف نتائج دجله وكذبه على الناس. وفي هذا السياق يجب الانتباه إلى أن فئات تعليمية أخرى كانت تعتبر نفسها في منأى عن غارات الدولة (خاصة المفتشون والمتصرفون التربوين) ستجد نفسها مضطرة للالتحاق بالنضال دفاعا عن إطاراتها التي ستلحقها إهانة نزع التقنين التي لحقت أطر التدريس. أي بعبارة أخرى سعي الدولة إلى أن تطابق وضع النظاميين مع الوضع الجديد الذي فرضته على “أطر الأكاديمية”.

مثل صمود الاساتذة/آت الذين فرض عليهم/هن التعاقد، والاستعدادات النضالية التي عبرت عنها “أسرة” التعليم، والتضامن الواسع من قبل الكادحات والكادحين آباء وأمهات التلاميذ نقط قوة ينبغي استثمارها وتوسيعها، فالمعركة لازالت طويلة.

يمثل الحفظ على التنسيقية كمكسب تنظيمي ونضالي، متأهبة وفي حالة تعبئة ضمانة لوقف كل الإجراءات الانتقامية، ووقف كل المتابعات، وسدا ضد عودة الممارسات التمييزية، فضلا عن نضالها من أجل المطلب الأساسي: الإدماج في الوظيفة العمومية.

شارك المقالة

اقرأ أيضا