معركة طلبة كليات الطب والصيدلة تحقق نصرا أوليا

الشباب و الطلبة5 أكتوبر، 2019

شكل الموسم الدراسي السابق علامة بارزة في وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني والبحث العلمي بتفجر العديد من النضالات، سواء وسط الموظفين، أساتذة وإداريين أو في وسط التلاميذ والطلاب، فكانت المعركة البطولية التي خاضها طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة من أبرزها.

خاض طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة المعركة في ظل ميزان قوى مختل في غير صالح الكادحين، وفي صمت مريب للنقابات سواء منها القطاعية أو المركزيات النقابية، وكأن معركة الطلاب لا شأن للنقابيين بها. وبالرغم من ذلك أرغمت المعركة الدولة على الاستجابة كرها لجزء من مطالبها. فأنهى الطلاب معركتهم بعد توقيع محضر حوار مع إعلانهم الاستعداد للعودة في حالة أي إخلال بمضمونه.

نضالات طلبة الطب أرغمت الدولة على التفاوض

بالرغم من ادعائها أن التنسيقيات لا شرعية لها، وأنها لن تحاور سوى النقابات الأكثر تمثيلية، أرغمت نضالات تنسيقية طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة وزارة التربية الوطنية (كما هو شأن التنسيقية الوطنية للمفروض عليهم التعاقد) رفقة وزارة الصحة على الجلوس في جولات حوار، للتفاوض حول ملفهم المطلبي. فأثمر ذلك توقيع محضر اتفاق مع الوزارتين، وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ممثلة في عمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان العمومية، ووزارة الصحة ممثلة في مدراء المراكز الاستشفائية الجامعية.

أسفرت جولة التفاوض ليوم 29 غشت 2019 بين ممثلي الدولة وممثلي التنسيقية الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة على توقيع محضر تضمن مكاسب هامة، من ضمنها:

-الاتفاق على تدابير عدة لاستدراك التداريب الاستشفائية والسنة الدراسية 2018/2019.

– تأجيل مبارتي الإقامة والداخلية مع الرفع من عدد مناصبهما في ظرف خمس سنوات للشعب الثلاثة بزيادة 100 منصب في كل سنة على الصعيد الوطني في ما يخص مباراة الإقامة التعاقدية، وزيادة 55 منصبا في كل سنة على الصعيد الوطني في ما يخص مباراة الإقامة غير التعاقدية، والالتزام بالحفاظ على نفس عدد المقاعد على الأقل أو الزيادة فيها على الصعيد الوطني ابتداء من مباراة الإقامة لسنة 2025.

– حذف معدل النقط المحصل عليها خلال سنوات التكوين من مكونات المباراة، مع الالتزام بتعديل المرسوم رقم 2.91.527 في أجل أقصاه سنة من تاريخ توقيع الاتفاق، بإضافة مادة جديدة، تحصر اجتياز مباراة الداخلية بكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان العمومية في طلبة الكليات العمومية فقط.

– إحداث لجنة جهوية تضم ممثلي الوزارتين وممثلي الطلاب، تعنى باعتماد المراكز الاستشفائية المؤهلة لاستقبال طلبة السنة السابعة، بما يضمن سلامتهم وتأطيرهم في أحسن الظروف.

– الرفع من قيمة التعويض عن المهام الذي يتلقاه الطلبة القائمون بمهام الداخليين إلى 2000 درهم عوض 1500 درهم ابتداء من فاتح يناير 2020، وتحسين جودة التكوين بتوسيع أرضية التداريب الاستشفائية الخاصة بطلبة الكليات العمومية، وتجاوز الاكتظاظ الذي تعرفه المراكز الاستشفائية الجامعية.

– تعديل المرسوم رقم 2.12.618 في أجل أقصاه يونيو 2020، بما يخول إدراج طلبة السنة الرابعة والخامسة في السلم الثاني للمنحة، وإدراج طلبة السنة السادسة والسابعة في السلم الثالث للمنحة، والالتزام باستفادة طلبة الصيدلة من منحة التعويض عن المهام في السنة الخامسة من التكوين، وفق المرسوم رقم 2.91.527 المنظم لوضعية الطلبة الخارجيين، كباقي طلبة كليات الطب وطب الأسنان، ابتداء من السنة الجامعية 2019/2020، والالتزام باستفادة طلبة السنة السادسة في الصيدلة من التعويض عن المهام، وفقاً للمرسوم المنظم للطلبة القائمين بمهام الداخليين على غرار طلبة السنة السابعة في الطب ابتداء من السنة الجامعية 2019/2020.

– اعتماد المراكز الاستشفائية الجامعية العمومية كميادين خاصة بالطلبة المسجلين بكليات الطب والصيدلة وكليات طب الأسنان العمومية فقط.

– التسريع في أشغال بناء وتجهيز المستشفى الجامعي بطنجة قبل متم 2020 والمستشفى الجامعي بأكادير قبل متم 2021، وفي انتظار إتمام وتجهيز المستشفيين، العمل على تكييف مراكز التداريب الاستشفائية الحالية لطبة كليتي الطب والصيدلة بالمدينتين مع متطلبات التكوين، من خلال وضع برنامج مفصل خلال الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ التوقيع على الاتفاق وفق المواصفات الأكاديمية والطبية.

– إعفاء طلبة طب الأسنان من أعباء المواد والمعدات الضرورية لإنجاز الأشغال التطبيقية والتداريب الاستشفائية للتكوينات، مع تحسين جودة تكوين طلبة طب الأسنان خلال سنوات التداريب الاستشفائية.

– اتخاذ التدابير اللازمة لأجرأة التداريب الاستشفائية للسنة الخامسة والسادسة لطلبة الصيدلة، بدء من السنة الجامعية 2019/2020.

– تجميد تداريب هذه السنة لطلبة السنة السادسة طب الأسنان(الفصلين الدراسيين 11 و12 والامتحان الوطني للتأهيل)، إلى حين توفر الظروف الملائمة بما يمكن جميع الطلبة من إجراء تدريبات داخلية في المراكز الاستشفائية الجامعية أوالعيادات الخاصة، وتوفيرالمواد الاستهلاكية الطبية والمعدات والأجهزة اللازمة لتقديم العلاجات الطبية للمرضى، والعمل على توقيع اتفاق رسمي مع هيئة أطباء الأسنان الوطنية من أجل السماح لطلبة السنة السادسة بمزاولة التداريب في العيادات الخاصة، مع تحديد المهام المطلوبة منهم بما يضمن الأهداف البيداغوجية المسطرة والقيمة المضافة للتكوين.

– استفادة طلبة السنة السادسة في طب الأسنان من التعويض عن المهام وفقاً للمرسوم رقم 2.91.527 المنظم لوضعية الطلبة الخارجيين على غرار ما هو معمول به بالنسبة لطلبة السنة السابعة في الطب.

-إنشاء لجنة تتبع مشتركة مكونة من ممثلي الوزارتين وممثلي الأساتذة وممثلي الطلبة، بغية تقييم تحقق الشروط الدنيا المتفق عليها بشكل مستمر.

– تغييرالاسم الحالي للامتحان الوطني للتأهيل إلى الامتحان السريري لطب الأسنان، بهدف امتحان طلبة السنة السادسة.

– إلغاء الميزة الخاصة بشهادات دكتور في الطب ودكتور في الصيدلة ودكتور في طب الأسنان.

– الإبقاء على نظام دراسات السلك الثالث لدبلومات دكتور في الطب ودكتور في الصيدلة ودكتور في طب الأسنان المعمول به حاليا ساريا إلى غاية السنة الجامعية 2023/2024، مع ضرورة تسريع إخراج دفاتر الضوابط البيداغوجية الخاصة بالدراسات في السلك الثالث، بإشراك جميع المتدخلين، خصوصاً ممثلي الأساتذة الباحثين والطلبة، وسيتم تطبيقه بأثر رجعي.

معركة بطولية بتقاليد ديمقراطية وجب ترسيخها

أسس طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة تنسيقية وطنية لتمثيلهم، فقادت نضالات بطولية، تميزت بخطوات نضالية تصعيدية، شلت مختلف كليات الطب والصيدلة، إذ عرف جلها مقاطعة الدروس النظرية والتداريب الميدانية، وشهد بعضها اعتصامات الطلاب. كما تميزت المعركة بعقد الطلاب لجموعات عامة في الكليات، مما سمح بالمشاركة في اتخاذ القرار وتنفيذه بشكل جماعي، كما وحرص ممثلو التنسيقية على عرض خلاصات الحوارات الجارية مع مثلي الدولة على الجموعات العامة قصد مناقشتها والتصويت عليها، مما ساهم في إنجاح المعركة بشكل كبير.

اشتغل مناضلو التنسيقية على الجانب الإعلامي بشكل مستمر، من خلال شرح أسباب معركتهم ومطالبهم وأجواء الدراسة والتداريب الاستشفائية الميدانية، لدحض ادعاءات ممثلي الدولة، فأتمر ذلك التحام آباء وأولياء الطلاب، وتنفيذهم لوقفات تضامنية، خاصة أتناء معركة مقاطعة الامتحانات. وضعت المعركة الموسم على حافة سنة بيضاء، فأرغمت الدولة على الاستجابة كرها لمطالب الطلاب.

تزامنت معركة طلاب الطب والصيدلة مع معارك أخرى عرفها قطاعي التعليم والصحة، قادتها نقابات وتنسيقيات، ورغم إبداء التنسيقية الوطنية لطلبة الطب والصيدلة لإرادة توحيد النضال، وإصدارها لبيانات تضامنية، خاصة مع الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، فهذه التنسيقيات لم تنجح في ربط أواصر الوحدة النضالية المطلوبة.

شنت الدولة من خلال ممثليها وأبواقها الدعائية حملة إعلامية هوجاء على نضالات الطلاب، وترهيبهم من خلال الضغط على عائلاتهم (إغلاق صيدلية للضغط على طالبين في التنسيقية) لإرغامهم على الانسحاب من النضال، بل وعملت على توقيف أساتذة بكليات الطب  والصيدلة بالبيضاء ومراكش وأكادير، وعرضهم على المجالس التأديبية، لثني باقي الأساتذة عن إبداء أي تضامن مع طلابهم، ولوشم المعركة على أنها من تحريك تنظيم سياسي ما كفزاعة لإنهاء النضال.

بصدد مناورات الدولة وممثليها الحذر واجب

مثل الدولة في هذا الحوار عمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان العمومية، ومدراء المراكز الاستشفائية الجامعية والجهوية. تلجأ الدولة للوسطاء لتسهيل مأمورية تنصلها من أي التزام، فقد سبق أن تنصلت من التزاماتها في محضر 20 يوليوز اتجاه مجموعات حاملي شهادات الماستر المرابطة بالرباط سنة 2011، وأخلفت وعدها مع الأساتذة المتدربين فوج 2016 بإقصائها 159 أستاذ/ة ظلما، وأخلت بالتزامها حتى مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية التي تعتبرها محاورا شرعيا لها في اتفاق 26 أبريل 2011، وأخلفت الوعد الموسم الفارط مع تنسيقية الأساتذة/ات المفروض عليهم/ن التعاقد.

سيأخذ تنفيذ الإجراءات المتفق بشأنها وقتا أطول لأجرأتها (فمنها ما يصل إلى الموسم الدراسي 2025 )، مما سيسمح للدولة بالتملص من هذا الالتزام، خاصة بعد فتور نضال الطلاب، وإطفاء شرارة النضالات الفئوية التي شهدها قطاع التعليم، مما سيسهل عليها التنكيل بطلاب الطب.

تقوية التنظيم وتوحيد النضال ضروري لتحقيق نصر نهائي

لقد حققت المعركة نصرا مهما بالقياس إلى وضع ميزان القوى في بلدنا، ومن أوجب واجبات المناضلين هي التعريف بهذا النصر ومكاسبه وبالأساليب الديمقراطية التي قادت إليه. كلما سحقت الدولة نضالا شبابيا أو شعبيا منفلتا من عقاله، إلا وأطلقت العنان لخدامها لترويج ادعاءات كاذبة مضمونها أن النضال لا يأتي إلا بالهزائم. علينا تعلم درس أساسي من معركة طلبة الطب، وهو أن الاساليب الديمقراطية في تسيير المعاركة الجماهيرية هي أول الخطوات نحو النصر.

يعد الحفاظ على التنسيقية وهياكلها نشطة من أولى الأولويات، للتصدي لأي تنصل منتظر من دولة الرأسمال، والتشهير بأي تماطل في تنفيذ ما هو مبرمج حسب مضمون الاتفاق، مع إبداء التضامن الواجب مع المعارك التي يعرفها قطاعي التعليم والصحة وباقي القطاعات، والانخراط الفعال في التصدي لباقي التعديات كقانون لجم ممارسة حق الإضراب.

تغيبت النقابات عن معركة طلبة الطب، ووقفت متفرجة على طلائع نضال شابة تقود النضال ضد الدولة دفاعا عن الخدمات العمومية (صحة وتعليم وشغل…)، دون التحرك تضامنا ونصرة لهم، يترك هذا أثرا بالغ السوء عند الشباب المناضل، لكن تقع مسؤولية أخرى على المناضلين وهي توضيح عدم الخلط بين النقابات وبين البيروقراطية النقابية التي تقف في صف الدولة جملة وتفصيلا. وأنه لا نصر كامل للمعارك العمالية إلا من خلال النقابات الكفاحية فعلا لا قولا.

نحن في بداية الموسم الاجتماعي، والأكيد أننا سنشهد جولات نزال طاحنة بين الدولة وشبيبة التعليم وشبيبة الجامعة والمعطلين والعمال والتلاميذ وعموم الأجراء…لكن مادامت هذه الروافد لا تصب في مجرى طبقي واحد ضد عدوها الواحد، سيكون مصيرها ما بين الوعود الكاذبة والهزائم المحققة.

لنعمل إذا على توحيد نضالات الكادحين ولتكن معركة طلبة الطب نبراسا لنا في طرق تسييرها الديمقراطية وفي نتائجها المحققة

                                                                                                                 بقلم، سامي علام

شارك المقالة

اقرأ أيضا