صدور العدد 75 من جريدة المُناضل-ة: الافْتتاحية والمُحتويات

افتتاحية: لا لـ”لجنة صياغة النموذج التنموي”؛ من أجل مجلس تأسيس يقطع مع التخلف والتبعية

بعد عقود من امتداح السياسات النيوليبرالية المؤدية إلى كارثة اجتماعية، بات الخطاب الرسمي يحمل عنوان فشل النموذج التنموي. إن الغاية الجلية من قَصْفِ العقول بهذا، وتحضير ما يسمى نموذجا جديدا، هي تسريع وتعميم وتعميق نفس السياسة  المملاة من المؤسسات الإمبريالية مانحة القروض، واكتساح الرأس المال الخاص، الأجنبي وربيبه المحلي، ما تبقى خارج سيطرتهما. 

من جملة المشاريع ترسانة تشريعات تحدث تغييرا شاملا في كل ما له صلة بالاستغلال الرأسمالي ببلدنا: تعزيز استقلالية البنك المركزي وتحرير الدرهم، توسيع التحرير الجمركي، المزيد من فتح قطاع الخدمات (تعليم، صحة، النقل…) أمام الرأسمال الأجنبي، خوصصة أراضي الجموع وقطاعات استراتيجية مباشرة أو مداورة بما يسمى شراكات القطاعين العام والخاص، فرض جهوية اقتصادية وفتح المجال للاستدانة الخارجية والاقتراض الداخلي…

طبعا، ستواصل الدولة مهمة إتاحة شروط تقوية الرأسمال في إطار نظام التبعية للإمبريالية، أملا في جذب استثمارات عبر بنية تحتية صناعية ولوجستيك ويد عاملة مؤهلة وزهيدة الكلفة، والأهم ضمان انضباطها، بما جعل المغرب منصة تصدير، خاصة إلى السوق الإفريقية المتنافس عليها.

هذا جوهر يجري تحضيره وسط الضجيج المتعالي بعد تعيين لجنة “لمشروع النموذج التنموي”، وما الإشراك الشكلي للأحزاب والنقابات والجمعيات سوى سعي لإضفاء طابع “إجماع وطني” على النفس الجديد من المخطط النيوليبرالي الجاهز للتطبيق.

قضيتان جوهريتان يجب التشديد عليهما:

الأولى: إن الفاجعة الاجتماعية التي تسحق كادحي المغرب، من بطالة جماهيرية واستشراء الفقر، وفرط الاستغلال المسمى مرونة شغل، وما ينتج عنها من آفات كاقتصاد الدعارة والمخدرات والهجرة الكثيفة نحو المدن ومصائب الهجرة إلى الخارج، ستستمر ومعها تركز الثروة بيد أقلية نهابة.

الثانية: يجري تصعيد الهجوم النيوليبرالي في حلة “نموذج تنمية جديد” في سياق دينامية ثورية بمنطقتنا منذ 2011. ولن يتأتى للدولة مواصلة هذا الهجوم إلا بتشديد قبضتها القمعية لإجبار ضحاياها، عمالا وكادحين على تحمل استغلال كثيف سيأتي على ما تبقى من مكاسبهم- هن التاريخية سواء في شروط العمل (الأجور، الحماية الاجتماعية، مكاسب تشريعات الشغل، الحريات النقابية البسيطة…) وظروف العيش (تدهور الخدمات الاجتماعية، خوصصة القطاعات العامة، سحق صغار المنتجين، قمع الحريات العامة…).

لا خلاص في “نموذج تنموي جديد” تضعه من فوق دولة الاستبداد بدعم من أحزاب برجوازية [مشاركة في حكومة الواجهة أو مدعية للمعارضة] وبيروقراطيات نقابية، في نفس الإطار النيوليبرالي. الخلاص في مجتمع بديل يصنعه الفعل الجماهيري من أسفل برقابة شعبية، والبداية: وقف سداد الديون التي تستنزف الثروة المنتَجة واستعادة الأموال المهربة والمنهوبة من القطاع العام وعقاب مقترفي الجرائم الاقتصادية والسياسية في حق الطبقة العاملة والكادحين.

ان هكذا بديلا اجتماعيا جذريا يعتق مضطهدي المغرب من الجحيم المراد تأبيده يتطلب قطيعة عميقة مع النموذج الرأسمالي التابع  القائم منذ سقط المغرب بين مخالب الاستعمار، والمستمر بفعل استقلال شكلي مكرس للتخلف. 

هذا البديل يتطلب قوة عمالية وشعبية يجري بناؤها قاعديا على أرضية الدفاع على المكاسب التاريخية وانتزاع حق الأغلبية الشعبية في حياة لائقة. قوة نضال طبقي مستقلة عن مشاريع برجوازية “معارضة” في حدود “إصلاح المؤسسات”  ليست سوى عجلة احتياط لتنفيذ نفس المخطط النيوليبرالي الكارثي. وقد أبان العقد الأخير من النضالات العمالية الشعبية أن وقف الدكاك النيوليبرالي مستحيل دون حركة جماهيرية، بمكونيها العمالي والشعبي الممتد وطنيا وموحد المطالب. والمؤكد ان هكذا حركة جماهيرية لن تبلغ المبتغى بعفوية بل بقيام عمود فقرى يمثله حزب عمالي اشتراكي ذو برنامج ثوري وما يتطلب من رؤية استراتيجية وتكتيك ملائم.  

هذا ما كان ينقص دينامية النضال الشعبي في حركة 20 فبراير، وحكم عليها بما وصلت إليه من تفويت فرصة تغيير جذري تاريخية. وبناء حركة النضال الجماهيري وضمنها حزب التغيير الجذري مهمة  المناضلين والمناضلات من أجل انعتاق مقهوري المغرب، وهي المهمة التي تصب فيها جهود تيار المناضل-ة.

المحتويات: 

  • تقييمُ دوْرة نضالات مُتواز مع التطور السياسي بالبلد
  • انتفاضة الشعب الجزائري درسٌ في المقاطعة النّشطة للإنتخابات
  • أزمة الأصالة والمُعاصرة دليلٌ تحطّم خُطط النّظام
  • التّقشف المُدستر لا يُسقطه إلا كفاحُ الأُجراء
  • «روتيني اليومي»: إعلان تحرر إماء المنزل، أم إعادة إنتاج نفس الأدوار الاجتماعية والثقافية المفروضة على النساء
  • ردود فعل رجعية تجاه نشيد “المُغْتَصِبُ هو أنتَ” من تطوان: كل أشكال الاحتجاج العجز واليأس باستثناء النضال المنظم والواعي
  • مُدرّجات كُرة القدم: فضاءٌ للتّعبير عن القهر الطبقي
  • مؤتمر البوليساريو الخامس عشر، تحديات الراهن ومأزق الافاق.
  • النّضال الجماعي ضدّ مُخطّط التّعاقد وقانُون الإضراب وقّانون الإطار ضَرورةٌ نضاليّةٌ مُلحّةٌ
  • الأستاذ الرئيس: أحدثُ صيغة في مشرُوع وضع المدرسة تحت رحمة السوق، وشكلٌ جديدٌ للاستغلال المُفرط لشغيلة التّعليم
  • سكورة/ ورزازات؛ صرخة عمال بوجه مقاولة رأسمالية: لسنا عبيدا
  • أوضاع الاستغلال والنضال في قطاع النقل الحضري: مقابلة مع الطيب كوزولي- مناضل عمالي بالقطاع
  • مأساة شغيلة قطاع الفنادق بورزازات: تحطيم التنظيم النقابي وتشريد الأسر العمالية. متى ننجح في بناء التنظيم النقابي القادر على تجسيد التضامن الطبقي؟ مقابلة مع المناضل الحسان اقرقاب
  • موجة ثورية ثانية تجتاح شمال إفريقيا والمشرق العربي؛ الشعوب تريد من جديد

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا