معركةُ شغيلة الإدارة التربوية ومقومات الإنتصار

بقلم: أوعلى ج.

بداية شهر مارس الجاري، دخل شغيلة الإدارة التربوية في معارك تحت شعار اللاعودة حتى تحقيق المطالب. وخاضوا نضالات متنوعة الشكل منها اعتصاما يومين كل أسبوع بمراكز المديريات، ووضع شارة الغضب داخل المؤسسات مع مقاطعة المهام الإدارية والبريد والانسحاب من مجموعات التواصل الإداري. هذا فيما يخص  تنسيقية الجمعيات الثلاث.أما تنسيقية الأطر المتدربة بمراكز التكوين، فقررت مقاطعة استيفاء المجزوءات، وخوض أشكال نضال داخل المراكز من مسيرات ونقاشات جماعية. ومن جانبها تخوض تنسيقية ضحايا المرسوم 294 المرتبين في الدرجة الثانية معركة ممركزة بالرباط، على شكل اعتصامات أمام الوزارة ومصالحها. هذا فيما يتأرجح المتصرفون التربويون، خريجو المسلك المرتبين في الدرجة الأولى، بين منخرط في المعارك الجارية ومقاطع أو غير متحمس لها. يحدث هذا في غياب إطار مهني منظم و مناضل جامع لشتات المتصرفين التربويين كإطار جديد ناشئ في الوظيفة التعليمية.

عرت هذه النضالات الواقع المهني البائس الذي يغلب عليه طابع أشبه بالسخرة والأوامر السلطوية والانهاك المفرط بثقل المهام وتقليص أعداد العاملين… كما حفزت من جهة أخرى الطاقة النضالية التي يزخر بها شغيلة الادارة التربوية واصطفافها جنب ضحايا السياسات التعليمية بالمغرب.

وحرصا على أن تعزز معركتنا قواها، وتصوب نحو هدف الانتصار على دولة تتجاهل بصلافة مطالب شغيلة التعليم،  ندلى برأينا في سبيل تأمين شروط النجاح لمعركتنا، على اعتبار كل معركة خاسرة ستقوض الأمل في الانتصار أمام بقية شغيلة التعليم المكتوية بنفس السياسات، و ستعزز الشك في التنظيم والنضال، كما أن كل معركة كُللت بالانتصار ستغدي الأمل في التنظيم والوحدة والنضال، إن في صفوف المعنيين أو غيرهم.

بعض المقومات الضرورية لإنجاح معركة شغيلة التعليم المكلفة  بالإدارة التربوية في المعاركة الجارية.

   تشبيك النضالات والتنسيق التنظيمي: 

إذا كان التشظي التنظيمي واقع شغيلة  الادارة التربوية اليوم، فإن المعارك التي خاضتها كل فئة من فئات الادارة التربوية في الشطر الاول من البرنامج النضالي، أظهرت بما لا يدع مجالا للشك ضرورة التنسيق التنظيمي وخلق بنيات تنظيمية محلية وجهوية ووطنية موحدة  يمثل فيها جميع فئات شغيلة الادارة التربوية المشاركة في المعركة  (كلجان التعبئة بالمؤسسات والمديريات، ولجان الاعلام، ولجان المالية الخاصة بالمعركة الحالية، واللجان الخاصة بتسيير المعتصمات…) مع تجاوز وَهْم سهولة حل ملف فئة دون أخرى، أو اعتبار مطالب فئة تعرقل مطالب فئة أخرى، أو التشكيك في الاستعدادات النضالية لفئة دون أخرى ، والايمان بأن قوة المعارك الموحدة في الأشكال والزمان والمكان والمستمرة والمتطورة من البسيطة إلى اأكثر جذرية، أكثر فاعلية وتأثيرا من معارك مجزأة ولو كانت أشد شراسة واندفاعية.

إن نفس الانقسام الواقع في صفوف الأساتذة، بين رسميين ومفروض عليهم التعاقد، تمت إعادة انتاجه في صفوف الإدارة التربوية بين خريجي مسلك الادارة بإطار متصرف تربوي والإداريين المتولين الادارة بالإسناد. ما يفرض السعي لإيجاد مساحة مشتركة بين الفئتين تمكنهما من توحيد المطالب والنضالات، إنها مهمة آنية وأساسية لرفع تحدي إنجاح معركة الإدارة التربوية.

كما أن مناهضة سياسة التوظيف الجهوي المفككة للتوظيف العمومي بالقطاع، والتي تتهدد كذلك أطر الإدارة التربوية غير مدرج في نقاشات معظم مواقع النضال، مع أن حبل التعاقد يقترب من عنق هذه الفئة، بما سيرمي في سلة القمامة كل المكتسبات المفترضة لإطار المتصرف التربوي.

وحدة المطالب ووضوحها:

  يلاحظ كل مطلع على مطالب جميع فئات شغيلة الادارة التربوية المتواجدة اليوم في ساحة النضال، أنها مطبوعة بخاصيتين سلبيتين متناقضتين: أحدهما الفئوية الضيقة وتقزيم المطلب باقتصاره على الترقية في الدرجة لفئة ضحايا المرسوم المرتبين في الدرجة الثانية. والثانية الطابع العمومي للمطالب وضبابيتها، حيث المطالب عبارة عن شعارات غير مدققة تبدأ بالمطالبة بإصدار للمرسومين دون تحديد مضامينهما، سواء منه المرسوم المتعلق بالإسناد أو الآخر الخاص  بالمسلك، لاسيما منهم المتدربون اليوم بالمراكز المطالبون بتحديد دقيق لملمح التخرج بالدرجة الاولى، وطبيعة السنة التكوينية الثانية، وآفاق وكيفيات إسناد المناصب الإدارية،بالإضافة إلى تتويج التكوين بدبلوم يعادل الماستر،وانتهاء بمطلب تغيير الإطار دون تحديد مضامين الإطار المنشود وطبيعته وموقعه الفعلي في النظام التربوي كما هو الآن، وهي مطالب تشمل كل شيء ولا تشمل أي شيء في نفس الوقت.

إن تدقيق المطالب وتفصيلها يسد الباب أمام تنازلات جزئية لا تحل أصل المشكل بل سيخلق ضحايا جدد بمسميات جديدة، وضوح المطالب سيظهر الضرورة للوحدة المتوارية خلف المطالب العامة المبهمة. المطالب دقيقة التفاصيل عليها ان تستجيب لعلاج المشاكل الحقيقية التي يعاني منها شغيلة الإدارة التربوية بكل مكوناتهم، سواء منها مشاكل قلة الاطر من كتاب ومساعدين تقنيين وملحقين.. والوضعية المالية، من ترقية، وتعويضات، وتقاعد، وخدماتية كالسكن والتعويض عنه، والتعويض عن التنقل، و تعويض المناطق النائية.. أوالصعوبات المهنية، من كثرة ساعات العمل الرسمية، وعدم التعويض عن الساعات الإضافية، وكثرة المهام وتعددها، التكليف بإدارة مؤسستين أو أكثر، مشاكل الحركة الانتقالية، الحركية بين الاسلاك… كما يجب النضال لأجل ممارسة الحريات الديمقراطية، كالحق في التنظيم والإضراب والتعبير عن الرأي، والاحتجاج ووقف كل أشكال العنف المادي والمعنوي، ورفض اقتطاع أجور أيام الإضراب، وكذا اعتمادها في الترقية المهنية… مع ضرورة تدقيق طبيعة إطار متصرف تربوي ( مهامه، أفاقه، تعويضاته، مسار ترقيته، حركيته…) . تدقيق هده المطالب بمجملها ستعبد الطريق نحو وحدة شغيلة الادارة التربوية وستفتح المجال لالتقائها واتحادها مع باقي شغيلة التعليم الذين يعانون من نفس المشاكل والتعديات من قبل نفس المعتدى أي الدولة بصفتها مشغلا.

الجموعات العامة مصدر القرارات:

أحد الأسباب الأساسية التي سهلت إلحاق الهزيمة بالنضالات هو غياب التقاليد الديمقراطية في تقرير المعارك واسييرها ومتابعتها بالتقييم… سواء عبر الوصاية المفروضة من قبل الأجهزة على القواعد، والتقرير في مصير المعارك بدلا عنهم، أو عبر السلبية والاتكالية التي جرت تربية القواعدعليها، ورفضها تحمل عبء المسؤوليات.لذلك فالحجر الأساس لنجاح المعارك هو مبادرة القواعد وتحفزها لتقرير البرامج والنضالات وتسييرها، بل والتفاوض والمشاركة في الحوارات حول مطالبها مع المحاور، والحسم في مصيرها. وهذا ما سيتأتى لشغيلة الادارة التربوية بتفعيله والدفاع عنه وممارسته في الجموعات العامة التي تنفذها الشغيلة بالمديريات أو المراكز أثناء الاعتصامات.

وحدة شغيلة التعليم في أفق وحدة شغيلة الوظيفة العمومية وكل الاجراء:

ليس شغيلة الادارة التربوية وحدهم من اكتوى بسياسات الدولة في قطاع التعليم، وخرج للاحتجاج ضدها؛ بل جل مكونات شغيلة التعليم في حالة تذمر، وجميعها في نضال أو تلويح بالنضال ضد الاوضاع المهنية المزرية السائدة بالقطاع. ولقد واجهتها الدولة بالأذان الصماء من جهة، والقمع الاهوج من جهة ثانية. فالأساتذة المطالبون بالترقية بالشهادات في برنامج نضالي ممركز بالرباط تحت شعار اللاعودة وقد نالوا تصيبهم من القمع، والاساتذة المفروض عليهم التعاقد في برنامج نضالي، وقد تعرضوا لقمع همجي من قبل السلطات والزعران بالرباط، خاصة يوم 17 ابريل، واساتذة الزنزانة 10، والاساتذة المطالبون بالدرجة الجديدة تنفيذا لاتفاق25 ابريل 2011، والمفتشون التربويون وشغيلة التخطيط والتوجيه والملحقون…  الكل متذمر وساخط على أوضاعه المزرية بالقطاع والتي فرضتها سياسات تهميش المدرسة العمومية وتحفيز التعليم الخصوصي من ، ومن جهة أخرى مراجعة أنظمة الوظيفة العمومية، وإضفاء طابع الهشاشة عليها. هذا سواء من ناحية أشكال التوظيف والترقية، او المسارت المهنية والخدمات الاجتماعية، تنفيذا لتوجيهات وسياسات المؤسسات المالية. الامر الذي يجعل تعدد نضالات شغيلة التعليم الموجهة ضد عدو واحد، وأمام مخططات لها نفس المسعى هو القضاء على المكتسبات السابقة، ما يستدعي ضرورة توحيدهم الميداني في النضال في أفق وحدة المطالب والتنظيم. وكل تردد في هذا الشأن سيغدي التفرقة والتشتت وتبديد القوى في صفوف الشغيلة، وسيقوي ويعزز من الهجمات على المكتسبات السابقة. كما ان ذلك ينال من مصداقية الشغيلة امام الرأي العام الشعبي الذي يتساءل بمرارة عن سبب تشتت معاركنا رغم أننا شغيلة ضحايا من نفس المهنة ونتعرض للتنكيل بنفس الطرق ومن ذات العدو؟ اننا نبدو في تشتتنا كمن يصبو للهزيمة ويوفر لعدوه كل سبل الانتصار.

مقومات انتصارنا متوافرة إن تسلحنا ببعد النظر والتفتنا إلى وحدتنا سلاحنا الفتاك وعنصر قوتنا الوحيد، وحدة تبدأ في صفوف الأطر الادارية باختلاف وضعياتها ومهامها، تنطلق بتشبيك وتنسيق الخطوات النضالية وتدقيق المطالب لتوحيدها وتعاون تنظيمي في أفق توحيد يتوج ذاك التعاون الضروري، كل من يصر على عزل الفئات بمعانقة أوهام انتهازية لا يساهم إلا منح الدولة فرصة هزم شغيلة التعليم بالتتابع فئة وراء أخرى واعادتها صاغرة الى شقائها الأبدي. الخيار واضح الانتصار بوحدتنا كشغيلة تعليم، أو الهزيمة المحققة كفئات مشتتة.  نحن ندافع عن الخيار الأول، وندعو باقي إخواننا وأخواتنا  للنضال والعمل على تحقيقه بتنزيله في مبادرات ملموسة وإقناع الجميع بانه الطريق نحو نصرنا الأكيد.

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا