وحدة شغيلة التعليم: من التنسيقيات وتعاونها  إلى اتحاد شغيلة التعليم بالمغرب

أخبار عمالية15 ديسمبر، 2023

انتفضت شغيلة التعليم بالمغرب منذ ما يقارب ثلاثة أشهر لرد عدوان غاشم شنته عليها الدولة بالنظام الأساسي الجديد الذي يروم الإفراط في الاستغلال بزيادة المهام وتشديد العقوبات و الإخراج من الوظيفة العمومية، وفوق هذا كله برفض تحسين القدرة الشرائية المتضررة بغلاء فاحش.

هذه الانتفاضة المجيدة لم يشهد تاريخ المغرب النقابي مثيلا لها، لا سيما أنها كانت في الآن ذاته انتفاضة ضد قيادات لم يبق فيها من الصفة النقابية غير الاسم، إذ باعت روحها فغدت أداة بيد الدولة تمرر بها تعدياتها على طبقة الأجراء و الأجيرات.

حراك شغيلة التعليم كفاح خلق أدواته من القاعدة بتجاوب جماهير الشغيلة، رجالا ونساء، مُجسَّدَةً في التنسيق الوطني والتنسيقية الموحدة وتنسيقية التأهيلي، وكانت هذه  القيادة ثلاثية الرؤوس نقيصةً في وحدتنا حيث أدت إلى قيام بعض التمايز في الخطوات النضالية ، نالت شيئا ما من شعور الوحدة الذي هو أساس الإقدام على النضال بمعنويات عالية . وقد عالجنا هذه المشكلة بما مارسناه كقواعد من جهود ضاغطة في اتجاه الوحدة الميدانية . ولا شك أن أمثل شكل لتجسيد الوحدة هو توحيد القيادة في شكل تنسيق وطني يضم ممثلي المكونات الثلاث، لتصير وحدة برنامج النضال و وحدة الرؤية الخاصة بآفاق الحراك مضمونتين.وهذه حاجة ماسة لا تزال قائمة. لا سيما أننا  مقدمون في الأيام القليلة المقبلة  على الحسم في ما ستعطيه الدولة من باب تلبية مطالبنا.

كما أن الدولة لابد أن تناور بعد فترة عندما ينتهي الحراك، كي تلتفَّ على ما أُنتُزِع منها لإفراغه من محتواه، لا سيما إذا كانت صيغ الاستجابة ناقصة الدقة والوضوح، أي أننا قد نكون مجبرين للعراك من جديد بشأن أمور اعتبرناها مكتسبة.

وفوق هذا وذاك، ينتظرنا هجوم آخر نوعي على جبهات متعددة، ثلاثٌ منها رئيسية:

– أولها قانون الإضراب، الذي قبلت قيادات نقابية “الحوار بشأنه” في اتفاقها مع الدولة وأرباب العمل يوم 30 ابريل 2022. وإن كانت قيادات تدعي أنها مناضلة وتقبل جعل أداة النضال التي هي الإضراب موضوع تفاوض، فإنما يدل ذلك على هول ما ابتليت به الحركة النقابية المغربية من “قيادات”. التفاوض يكون حول مطالب نتقدم بها لمن يُشغلنا، وليس لنزع سلاحنا الأساسي في الدفاع عن حرياتنا وعن حقوقنا ضد الاستغلال والقهر في العمل والافقار بالغلاء.

– ثاني الجبهات هي استئناف الهجوم على حقوقنا في التقاعد بعدما جرى من ضرب لها برفع سن التقاعد وإنقاص المعاش بتعديل طريقة حسابه والزيادة في الاقتطاعات.

– ثالث الجبهات: إلغاء ما تبقى من دعم لأسعار المواد الأساسية بمضاعفة ثمن غاز البيوت ثلاثة أضعاف سعره الحالي.

انتصارنا في المعركة الجارية ينمي إرادة النضال لدى شغيلة التعليم التي خاضت تجربة فريدة مديدة وموحدة، هذه الإرادة يجب أن تتصلب باستكمال التوحيد. هذا الاستكمال صيغته الأمثل هي بناء منظمة واحدة لشغيلة التعليم بالمغرب باندماج وانصهار المكونات الثلاثة التي خاضت معا معترك الحراك منذ زهاء ثلاثة أشهر. وحدة يجب تحقيقها بالتخلص من كل أنانية فئوية، فما يجمعنا أعظم من خصوصيات هنا أو هناك، وكلنا مستهدفون ومستهدفات بضرب مكاسبنا وإنكار حقوقنا.

وطبعا يجب أن توضع لهذا الاندماج أسس وقواعد من شأنها أن تشكل اللحمة الضامنة لعدم تكرار تجارب الماضي التي سيطرت فيها البيروقراطيات.

أهم الأسس اعتماد الديمقراطية، فتغييبها هو الذي وسع الهوة بين الشغيلة و القيادات في التجارب السابقة، ودفع القيادات الى حضن الدولة. هذه الديمقراطية ستضمن تعدد الآراء وحرية التعبير وقابلية عزل المنتخَبين إلى مسؤوليات الأجهزة، والتناوب على هذه المسؤولية بدورية معقولة ومضبوطة، وحفز مشاركة النساء بتدابير إرادية تقاوم الميل العادي الى إقصائهن.

و إن ضمان حياة داخلية نشيطة دائمة، حتى في فترات السلم، ضرورية لإبقاء اتحادنا النقابي المنشود حيا و منفتحا على آفاق أرحب. وهذا بالتوفر على مقرات تشتغل كخلية نحل حول مختلف جوانب تطوير العمل النقابي المباشر، والعمل النقابي غير المباشر بالاهتمام بالقضايا العامة خارج الهم النقابي الخالص: حياة الشغيلة الاجتماعية، وبناها التحتية وخدماتها الاجتماعية، والبيئة والمساواة النسوية… النشاط الداخلي يعني الحيوية وهي ضرورية جدا للحفاظ على فعالية العمل النقابي الكفاحي اللازم.

وحدتنا أكبر مكاسب حراكنا، فلنَحْمِ هذا المكسب العظيم بتجسيده في منظمة واحدة جامعة للشغيلة الذين صنعوا الوحدة ميدانيا.

 

بقلم: جنين داود

شارك المقالة

اقرأ أيضا