أسباب رفض البرلمان الأوربي تمديد اتفاق الصيد مع المغرب لسنة واحدة

يسمح نص اتفاقية الصيد البحري التي انتهى أجلها في27 يوليوز 2011 بتجديدها لمدة أربعة سنوات إضافية، غير أن المفوضية الأوربية للصيد لم تسعى لذلك، بل اقتصرت على تقديم طلب تمديدها لمدة سنة واحدة فقط. لذا اتفق الطرفان على تمديد مؤقت في انتظار مصادقة البرلمان الأوربي. و بعد حوالي 10 أشهر على نشاط بواخر الصيد الأوربية في المياه المغربية بشكل مؤقت رفض البرلمان الأوربي يوم 14 دجنبر 2011 المصادقة على هذا التمديد لسنة واحدة.

لا ترجع أسباب رفض المصادقة على هذا التمديد إلى موقف البرلمان الأوربي من قضية الصحراء الغربية لأن التقرير حول تقييم اتفاقية الصيد المقدم للنقاشات العامة في البرلمان الأوربي لم يتضمن إشارة “للتأثيرات السلبية الاقتصادية و الاجتماعية لتطبيق الاتفاقية على سكان الصحراء الغربية”. صحيح أنه سبق أن جرت بالفعل داخل هيئات الاتحاد الأوربي في سياق التطرق لملف الصيد جدالات حول هذه المسألة. فقد سبق أن عرض على البرلمان الأوربي نص توصية تقضي بطلب رأي محكمة العدل الأوربي حول مدى تطابق اتفاقية الصيد مع المغرب لمقتضيات المعاهدات التي يبرمها الإتحاد الأوربي، لكنها قوبلت بالرفض. إن المفوضية الأوربية للصيد نفسها كانت قد طالبت المغرب بتقديم معطيات عن التأثيرات الاجتماعية و الاقتصادية على سكان الصحراء حتى يمكنها تقييم مختلف جوانب تطبيق الاتفاقية. و توصلت بالفعل من الجانب المغربي بوثيقتين حول المسألة. و وجه الطرف المغربي اتهاما للمفوضية الأوربية “بتسييس ملف الصيد” و بالتباطئ في طلب إجراء المفاوضات من أجل تجديد الاتفاقية لمدة أربعة سنوات أخرى. لكن النقاش بين الطرفين انتهى لما جرى التوقيع في بروكسيل في يوليوز 2011 على تمديد الاتفاقية لسنة واحدة.

إن الأسباب الجوهرية لرفض تمديد اتفاقية الصيد متضمن في نص التقرير المقدم للنقاش و التصويت داخل البرلمان الأوروبي و تتعلق بدواعي اقتصادية و أخرى بيئية مرتبطة بمستوى مخزونات الثروة السمكية. يعتبر التقرير أن بروتوكول الاتفاق غير مرضي من الناحية الاقتصادية لأنه يتضمن “نسبة التكاليف إلى الأرباح غير كافية بشكل واضح”. فمقابل كل أورو مستثمر لا يحصل الإتحاد الأوربي إلا على 0,83 أورو. أما التقدم الذي حققه المغرب في قطاع الصيد فلا يرجع للمقابل المالي للإتحاد الأوربي، وإنما للاستثمارات المغربية. كما أن هذا الدعم المالي لم يتم استعماله بشكل جيد. عموما يعتبر التقرير أن اتفاقية الصيد مع المغرب هي التي تكلف الإتحاد الأوربي أكثر.

أما من الناحية البيئية المرتبطة بمدى احترام “صيد مستدام” فأشار التقرير إلى عدم امتثال بواخر الاتحاد الأوربي للمبدأ الموجه لاتفاقات الشراكة في قطاع الصيد، وهي “أن لا تستغل بواخر صيد الاتحاد الأوربي غير مخزونات الثروة السمكية الفائضة”. لقد استند التقرير على خلاصات إحدى الدراسات العلمية التي أكدت ممارسة البواخر الأوربية للصيد المفرط للمصايد المغربية. فمن أصل 11 نوعا من السمك المصطاد هناك خمسة تعاني من الاستغلال المفرط، أي وجود مجهود صيد يفوق طاقة المخزونات. في حين توجد أربعة أنواع أخرى في وضعية استغلال كامل. أما النوعين الباقيين فلا توجد معطيات كافية لتقييم حجم مخزوناتهما. أكد تقرير البرلمان الأوربي،إذن، وجود أكثر من 50% من الأسماك التي تصطادها البواخر الأوربي في وضعية استغلال مفرط.

يمكن الإدلاء بالملاحظات التالية حول رفض البرلمان الأوربي تمديد الاتفاقية:

– قد يكون رفض البرلمان الأوربي لتمديد الاتفاقية انعكاسا للنقاش الواسع داخل هيئات الاتحاد الأوربي حول إصلاح قوانين الصيد البحري الأوربية و اتفاقات الصيد مع بلدان الجنوب التي انطلقت منذ 2008. و لهذا قد يكون ذلك جرى بفعل ضغط بعد الفرق البرلمانية و الجمعيات البيئية في ظل الأزمة العميقة للصيد البحري ببلدان الاتحاد الأوربي.

– وجود تناقض صارخ في استنتاجات البرلمان الأوربي: عدم رضى حول الفوائد الاقتصادية للاتفاقية يقابلها و جود فرط استغلال الثروات البحرية للمغرب. إن تبني هيئات الاتحاد الأوربي شعار “الصيد المستدام” المدافع قولا عن البيئة لا يغير من طبيعتها بوصفها ممثلة لمصالح المستثمرين الخواص في قطاع الصيد الصناعي الأوربي.

– وجود تمايزات في المواقف داخل الاتحاد الأوربي فالدول المالكة لمعظم أسطول الصيد(فرنسا ، أسبانيا، البرتغال) المستفيدة من اتفاقية الصيد معارضة لموقف البرلمان الأوربي، بل دافعت عن تجديد الاتفاقية كما هي. إن البرلمان الأوربي نفسه طالب المفوضية الأوربية بالشروع في مفاضات جديدة من أجل مراجعة بنود الاتفاقية. سيسعى الإتحاد الأوربي لمواصلة ضمان فتح المخزونات السمكية للمغرب رهن إشارة كبار مستثمريه الخواص في قطاع الصيد الصناعي الكبير عبر اتفاقية جديدة.

– لكن ما موقف الحكومة المغربية: تسعى الحكومة حاليا لاستعمال تجديد اتفاقية الصيد البحري كورقة سياسية في علاقتها بقضية الصحراء الغربية. و هي مستعدة لتجديدها لأربعة سنوات أخرى بأي ثمن ضاربة عرض الحائط بمصير الثروة السمكية للمغرب التي تتعرض للدمار. إن أزمة الصيد البحري في المغرب جلية منذ بداية عقد من الزمان تقريبا بقطاع الصيد بأعالي البحار، وهي تزحف حاليا إلى قطاع الصيد الساحلي. و يعد الصيد المفرط الذي تمارسه بواخر الصيد الصناعي الأوربية و المحلية من بين أسبابها الأساسية.

بقلم : حمزة

شارك المقالة

اقرأ أيضا