إحتجاج الكادحين : في الحاجة إلى التنظيم والتعبئة والوعي والكفاحية

 

 

 

 

مضت أربع سنوات على تراجع حركة 20 فبراير الجماهيرية واندفاعها النضالي في الشارع ، ومع ذلك لم تتراجع الحركة النضالية بالمغرب ولم تغب يوما عن مسرح الصراع الاجتماعي والسياسي، الاحتجاجات في تصاعد دائم ومستمر ، فتكاليف المعيشة أثقلت كاهل الأسر الفقيرة حيث سجل في الأسابيع الماضية حالة احتجاج وغضب على ارتفاع أسعار فواتير الماء والكهرباء إلا أن هذا الغضب سرعان ما تراجع تأثيره وقوته إما بفعل مناورات الدولة بالاحتواء تارة و القمع تارة أخرى أو بفعل سوء التنظيم والتعبئة .
المغرب في حالة احتجاج دائمة :
لم تختلف السياسات النيوليبرالية غير المزيد من تراكم البؤس للكادحين والفقراء ، فالقائمون بزمام الامور يعتبرون تلاميذة نجباء في تطبيق وصفات المؤسسات المالية الكبرى ، سياسة من المؤكد انها لن تخلف غير المزيد من رهن مقدرات البلد بيد الإستعمار الإقتصادي المعادي لمصالح المستغلين وزرع بذور التمرد حيث لم تتوقف حركة الاحتجاج في المغرب فتقريبا كل المدن في حالة غليان مستمر تتفاوت حرارته من منطقة إلى أخرى ومن قطاع لأخر سنركز في هذا المقال على التذكير ببعض المعارك النضالية التي تخوضها الفئات الشعبية منفردة ومعزولة عن أي دعم وتضامن يمكن أن يساهم في نصرتها :
عمال محطة باك سوس .
ففي أيت ملول حيث انتفضت عمال محطة “باك سوس” التابعة لمجموعة “دلا سوس” وهي مجموعة فلاحية مغربية عملاقة تعود ملكيتها لمجموعة بناني سميرس ، ويحتج العمال على ظروف الشغل حيث تم تحويل وحدة التلفيف إلى معسكر إعتقال لإستغلال المفرط ، هذا ويتهم العمال الإدارة بعدم الإلتزام بوعودها حول الملف المطلبي المقدم وتهديدها للمنقبين .
عمال التدبير المفوض
هذا ويخوض عمال التدبير المفوض بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بكلميم اعتصاما بالادارة الاقليمية بكلميم منذ يوم الاثنين 19 يناير 2014 مطالبين الجهات المسؤولة بحل مشكل ملف أجورهم المستحقة التي لم يتلقوها منذ شهور. ينخرط العمال في مسيرة نضالية تعني كل المتضررين من سياسة التدبير المفوض التي فشلت في تدبير أي قطاع بالمغرب ، يحتاج العمال إلى شبكة تضامن وتعبئة واسعة ضد تدبير القطاعات العمومية من الشركات الناهبة لخيرات البلد وضد ضحايا هذا التفويت .
الأطر العليا المعطلة
منذ ما يزيد عن أربع سنوات من الكفاح المنظم للاطر العليا المعطلة بالمغرب لم تقدم الدولة أي تنازل لقضية الشباب من حملة الشهادات العليا ، بالرغم من تواجد حكم قضائي إبتدائي يلزم الدولة بالتشغيل المباشر لهذه الشريحة ، لكن بعد تراجع زخم وحدة النضال الإجتماعي أقدمت الدولة على الإجهاز على الحكم الإبتدائي بحكم إستئنافي غير مبرر يقضي بشكل غير مباشر في منع توظيف المعطلين ، أمام هذا النضال الصامد للاطر العليا والذي دام مايناهز 5 سنوات لم تستطع هذه الشريحة إنتزاع حق الشغل وذلك راجع إلى :
– لضعف التضامن العمالي والشعبي مع أبناء الكادحين في معركتهم ضد الدولة
– عدم إنخراط المنظمات النقابة العمالية في النضال ضد البطالة
– ضعف المشاركة و التعبئة في الوسط الشعبي بالمغرب ككل ضد كارثة البطالة
– إنعزال الحركة المكافحة ضد البطالة.
وغيرها من الأسباب المتعددة التي ساهمت في مراكمة الهزائم احيان كثيرة وعدم إكثرات الدولة بالحركة التي تمكنت من قمعها بشكل نسبي والزج بمناضليها في السجون ، أمام هذا الوضع من الواجب على كل الديمقراطيين المطالبة ب :
– حق التشغيل للجميع ( حملة الشواهد وحملة السواعد )
– حق الحركات المناهضة للبطالة بالتنظيم
– دعم الأطر العليا المعطلة في نضالها اليومي وذلك بتوفير مقرات النقابات ودعم مالي وإعلامي لقضيتها العادلة .
– المطالبة بإطلاق سراح كل معتقلي حركات مناهضة البطالة .
تبدو هذه المطالب أنها تظهر في بعض برامج الاحزاب السياسية وبالاخص في حملاتها الإنتخابية التي تعد المعطلين بالتشغيل والتنمية ، لكن الأمر لايمكن أن يتحقق بمجرد وعود على ورق الإنتخابات ، فلابد من معركة نضالية على الأرض لإنتزاع أي مكسب حتى لو كان صغير ، فلا تنال الحقوق بالطلبات والوعود ، فعلى كل الديمقراطيين بالمغرب أن يشحدوا أسلحتهم للنضال المنظم ضد الإجهاز على حقوق الكادحين .
• معركة الفراشة .
وفي معركة نضالية أخرى يخوضوها ” الفراشة ” بكراج علال في مدينة الدار البيضاء حيث تدخلت القوة القمعية يوم 26 يناير و أسفر التدخل عن إصابة عدد منهم واعتقال 16 أخرين، قبل أن يتم إطلاق سراح 11 والإحتفاظ بخمسة ، ويذكر أن من بين المعتقلين ثلاث نساء إحداهن اعتقلت رفقة رضيعتها التي تبلغ من العمر أربعة أشهر أطلق سراحها فيما بعد ، يحتاج الفراشة أو تجار الأرصفة إلى تضامن فعلي يضمن حقهم في التوفر على محلات تجارية مجهزة وبأثمان تناسب دخلهم ولما لا بأثمان رمزية ، فهذه الشريحة هي من فقراء المغرب وجدت نفسها في صراع دائم ويومي مع تجار الإحتكار الذين يملكون رؤوس أموال ضخمة راكموها بفعل دور الوساطة بين المنتج والمستهلك ، مايجب القيام به هو تعبئة الفئات الشعبية المتضررة من هذه الإحتكارات ومن تواطئ وفساد السلطة معها في محاربة تجار الأرصفة .
• ضحايا الضحى .
في مدينة القنيطرة قام سكان إقامة الكولف الضحى ، بالمطالبة بالتسريع في التعويضات عن الشقق المنهارة التي تخصهم ، وفي بيان عن السكان طالبوا فيه كل الجمعيات الحقوقية بالتدخل للمساهمة في نصرة قضيتهم بمحاكمة صاحب الشركة و إتهام الشركة في إختلالات عدة أثناء تشييد شققهم . لتبقى معاناة الشعب المغربي الدائمة في البحث عن سكن في ظل إحتكار مافيا العقار لسوق منذ سنوات طويلة ، حيث بلغت الاثمنة مستوى قياسي في عدة مدن مع العلم أن الشركات المعنية بالبناء لا تهتم بشروط السلامة والأمان فغالبية الشقق تتم إعادة ترميمها بعد الشراء بتكلفة أخرى خارج ثمن الشراء الاول ، مايحتاج الكادحون هو تنظيم أنفسهم للوقوف ضد مافيا العقار بالمغرب ، مافيا تمتلك الفيلات والقصور وضيعات فلاحية تم نهبها إما بالتحايل و الفساد أو بالإجراءات النيوليبرالية (الخصخصة) .
• مسيرة دوار الزاوية
مطالب بسيطة تمثلت في :

– تعبيد الطريق الرابطة بين دوار الزاوية و مركز جماعة تسينت
– وضع حافلة الجماعة للنقل المدرسي رهن إشارة تلاميذة الدوار
– تعويض المتضررين من الفيضانات
– إطلاق سراح المعتقلين

تطلبت قطع الكيلومترات مشيا على الاقدام إحتجاجا على إهمال الدولة لقسم هام من السكان الذين باشروا خطوات نضالية تصعيدية لنيل حقوقهم كاملة و كان المحتجون من دوار الزاوية تسينت قد نظموا اعتصاما أمام المحكمة الابتدائية لمدينة طاطا، توج بمسيرة حفاة الأقدام انتهت باعتصام ثان أمام السجن المحلي بالمدينة، حيث اتخذ قرار تنظيم مسيرة صوب العمالة شارك فيها زهاء 200 محتجا ، تم تنفيذها رغم المضايقات و الحصار الذي فرضته قوى القمع ليتوج النضال بوعود من طرف السلطات لتلبية مطالبهم .
تتوزع النضالات الشعبية التي يعرفها المغرب والتي تشمل الحواضر كما القرى، بين نضالات نابعة من مبادرة المعنيين بها ، وبين نضالات رد الفعل عن استفزاز معين من السلطة. وكلها نضالات وثيقة الارتباط بمصالح حيوية للسكان: الشغل، والسكن، والأرض، والطرقات… أخذت نضالات القرويين شكل مسيرات على الأقدام( دوار الزاوية )، تجاه العمالات، وكان معظمها مرتبطا بجمعيات تنمية محلية،أو عفوية .
لكن هذه النضالات سرعان ما تخبو، ولا يكون لها مستقبل أغلبها سهل احتوائها، والقليل منها التي كانت كفاحية ، تم قمعها واعتقال ناشيطيها، ومتابعتهم قضائيا بتهم باتت معروفة .
فالمغرب لايزال في حالة غليان متفاوت الحدة كما سبق وذكرنا لكن تبقى سمته الاساسية هي التجزئة والتشتت فالقضايا متشابهة ومتراكمة منذ عقود والضحايا هم ذاتهم من الكادحين والفقراء لكن ما العمل إزاء وضع بهذه القتامة والظلم ؟
لنصرة نضال الكادحين نقترح بعض النقاط التي نراها مهمة لنهوض بنضال شعبنا:
– إعادة إحياء تنسيقيات مناهضة إرتفاع الاسعار لمركزة الحركات المناهضة لغلاء المعيشة في ظل حكومة الزيادات وضرب القدرة الشرائية للفقراء .
– تنظيم قوافل التضامن في إتجاه المناطق المنتفضة و المعزولة عن أي دعم إعلامي أو تضامن شعبي ولا ننسى هنا ما قدم هذا النوع من التضامن سنة 2008 لساكنة سيدي إفني من رفع الحصار عن المدينة .
– تبني مطالب المحتجين من طرف المنظمات السياسية و الحقوقية والنقابية والدفاع عنها بشكل دائم وفي كل المناسبات.
– المطالبة بمحاسبة مافيا العقار وتوسيع الوعاء العقاري بالمدن الكبيرة التي تشهد مضاربات تسحق الفئات الشعبية .
– التعبئة المتواصلة ضد سياسة التقشف والتفقير التي تنهجها الدولة المغربية بإملاءات خارجية .
– إستكشاف سبل تعاون يساري بين التيارات والمنظمات اليسارية الجذرية .
فودة إمام
هوامش : موقع بديل ، موقع المناضل .

شارك المقالة

اقرأ أيضا