إضراب قطاع التعليم يوم22 أكتوبر 2018: لحظة تاريخية في سجل النضال النقابي بالمغرب

 

 

سينظم المدرسون المفروض عليهم التعاقد يوم 22 أكتوبر الجاري إضرابا عن العمل من أجل انتزاع حقهم الأساسي في عمل قار ولائق. فلا حياة لأجير يشتغل بعقدة قابلة لعدم التجديد وفق مشيئة المشغل. التعليم وظيفة، ولا مبرر للتعاقد سوى إضعاف الشغيلة بشق صفوفهم، والنيل من المكاسب التاريخية باستحداث أفواج من الأجراء بوضعية جديدة مغايرة غير وضعية الموظف وفق النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية.

يقف هؤلاء الإجراء الشباب اليوم في طليعة النضال النقابي، فيما تتفرج القيادات النقابية بدل العمل المجد للتعبئة وللاستنفار الشاملين لوقف الهجوم الكاسح. ليست القيادات بأي وجه في مستوى التحدي التاريخي الذي تواجهه الطبقة العاملة من خلال الهجوم على الوظيفة العمومية. لقد سبق التفريط في حق التقاعد وفي أجور أيام الإضراب رغم كل التصريحات المتبجحة للعديد من المسؤولين النقابيين. وها هو اليوم استقرار العمل مع الدولة مهدد، وفيما تقف القيادات متفرجة، لا بل متواطئة، مكتفية بكلام الدعم الخاوي.

 لا دعم حقيقي لإضراب 22 أكتوبر سوى بالمشاركة فيه. وهذا ما قامت به بعض فروع النقابات، كما في تاونات ومريرت وفكيك وبوعرفة وبني تجيت واقليم زاكورة والحسيمة والدريوش،… هذه الفروع هي التي تنقذ اليوم شرف الحركة النقابية المغربية الذي مرغته القيادات الوطنية في وحل التعاون الفعلي مع الدولة لتمرير عدوانها الغاشم على الطبقة العاملة. ماذا تنتظر تلك القيادات وهي نفسها لا تكف عن التباكي على هزالة العرض الحكومي  في المهزلة المسماة حوارا اجتماعيا.

دعت التنسيقية الوطنية للأساتذة المفروض عليهم التعاقد إلى إضراب 22 اكتوبر منذ مجلسها الوطني يوم 30 سبتمبر2018، أي قبل ما لا يقل على 3 أسابيع. وانتظرت بعض القيادات حتى بقي يومان لموعد الإضراب لتصدر بيانات خاوية تدعو إلى دعم معركة المدرسين المفروض عليهم التعاقد. هذا ليس دعما، بل مجرد تصريح فارغ لرفع الحرج الذي وضع فيه نضال المفروض عليهم التعاقد تلك القيادات. 

“الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه” دعت إلى تأييد إضراب يوم 22 بحمل الشارة، لكن لما لا المشاركة في الإضراب؟ وما نفع الشارة والمعركة جارية؟

المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم- كدش عبر عن دعمه ودعا إلى المساندة. وهل من مساندة أفضل من المشاركة في الإضراب؟ كفى من التعبير والقول، المطلوب ربط القول بالعمل. كما قال الشاعر: انفرجت مسافة الخلف بين القول والعمل. والشطر الأول من البيت يبين سبب المسافة: غاض الوفاء وفاض الغدر.

يوم 9 سبتمبر 2018 جاء في بيان المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بجهة سوس ماسة:

“عزمه خوض الأشكال النضالية اللازمة دفاعا عن المدرسة العمومية والملفات المطلبية للشغيلة”

 ولما جاءت فرصة النضال يوم 22 أكتوبر، بانت حقيقة الكلام، سقط القناع عن القناع.   

 ماذا تريد القيادات النقابية؟

القيادات لا تريد النضال. فرغم  إصرار الدولة عبر محكومتها على رفض أي تحسين حقيقي لأوضاع الأجراء، بل هي تزيدها نارا على نار، تكتفي القيادات بطلب “الحوار”، واشتراط “تحسين العرض الحكومي”. هذا بعيدا كليا عن كبريات الهجمات التي تشنها الدولة، وبمقدمتها إضفاء الهشاشة على التشغيل في الوظيفة العمومية، وإطلاق يد شركات السمسرة في اليد العاملة بالقطاع الخاص، و قمع الحريات النقابية بطرد النقابيين من العمل، ومشروع منع الإضراب، وتحضير ضربات جديدة للحق في التقاعد، وهلم جرا.

مر شهران على بداية ما يسمونه “دخولا اجتماعيا”، عادة ما تشرع فيها  القيادات النقابية في الضغط لجر المحكومة المسماة حكومة إلى “مائدة الحوار”. ولا تزال القيادات النقابية مكتفية بالتباكي على تدهور الوضع، على جميع المستويات، والتظاهر بالسعي إلى تحقيق مطالب الطبقة العاملة، مع الامتناع عن وضع اي خطة للنضال قائمة على بناء تنسيق بين جميع المركزيات النقابية، وتوحيد المطالب والخطوات النضالية. إنها تعيش على وهم  تخويف الدولة بالحديث عن “الاحتقان الاجتماعي”، لعلها تزيد من فتاتها. الدولة أدرى بما يسمى الاحتقان، ولها خططها لمواجهة الاحتقان وحتى الانفجار. والمناضلون لا ينصحون الدولة بفش الاحتقان. فهو ليس سوى تنامي إرادة النضال لدى الشعب المقهور. وهذه الإرادة هي ما يسعى المناضلون الحقيقيون إلى تقويته وتوحيده، فهو الضامن الوحيد  لمخرج من الوضع الكارثي يكون لصالح الجماهير الشعبية.

إن تنسيقية الأساتذة المفروض عليهم التعاقد تنهض اليوم بدور تاريخي يُسفه جميع المتطفلين على الحركة النقابية وواضعي العصا في عجلتها. والمناضلون النقابيون الذين انضموا إلى إضراب 22 أكتوبر 2018 هم الأمل في مستقبل للحركة النقابية يعيدها بما هي اداة نضال إلى شغلية المغرب.

الخزي للمتخاذلين

وعاشت تنسيقية الأساتذة المفروض عليهم التعاقد

وعاش مناضلو الطبقة العاملة الأوفياء لمصلحتها الطبقية.    

مصطفى البحري

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا