العمال الزراعيون: استغلال بشع ونضال نقابي لانتزاع الحقوق المغتصبة

تخاض بسهل سوس خصوصا منطقة اشتوكة منذ أكتوبر 2018 نضالات عمالية ضد استغلال لا يطاق يفرضه الرأسماليون على شغيلة القطاع. تُظهر تلك النضالات أن الرأسمال سواء التصديرى أو الموّجه للأسواق الداخلية، يملكه أجانب أو رأسماليون مغاربة، يوحده قاسمٌ مشترك، الإستغلال الكثيف، والإنتهاك الفظيع لقانون الشغل بعلاّته، ومحاربة التنظيم النقابي كلما توحد العمال دفاعا عن حقوق أولية تخفف عنهم قهرا يوميا لا يطاق.

1) العمال الزراعيون بين ظلم قانون الشغل وغطرسة البرجوازية المنتهكة له دوما

يبلغ عدد أجراء القطاع الفلاحي حوالي مليون عامل-ة زراعي-ة وفق مصادر نقابية. هذا التزايد جعل بنية ونوعية الطبقة العاملة الفلاحية تشهد تحولات عميقة، مرتبطة بالتطورات المتعلقة بانتشار شركات الإنتاج الفلاحي الضخمة الموجهة للأسواق الدولية المستخدمة للطرق العلمية والتقنيات الجديدة ذات الصلة بأدوات الإنتاج والتسويق. وارتفعت بذلك أعداد الشغيلة المتخصصة والمؤهلين تقنيا، كما بدأت تظهر تركّزات عمالية بمثابة قرى عمالية فلاحية في سهل سوس خصوصا.

يعاني العمال الزراعيون من ميز قانوني ظالم تحرس الدولة على أن يبقى مستمرا وأن لا يتغير. فالحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي أقل من نظيره في القطاع الصناعي، كما أن مدة العمل القانونية أطول. فضلا عن الحيف في تحديد ساعات العمل الإضافية. تبرر الدولة ظلمها هذا باختلاف الخصائص حسب القطاعات الإنتاجية، لكن الحقيقة التي يحاول أعداء الشغيلة اخفائها بأكاذيبهم تلك تكمن في أن الدولة تريد أن تمكن البرجوازية الفلاحية من أرباح طائلة بخفض سعر كلفة الإنتاج من خلال تقليص أحد عناصره الأساسية عبر خفض كلفة أجور اليد العاملة التي لازال الإنتاج الفلاحي يعتمد عيلها رغم التطور التقني بسبب كلفتها المنخفضة تلك.

إن خفض كلفة اليد العاملة له أوجه عديدة وهو مصدر وكنه الإستغلال البشع المنتشر في الفلاحة، يتشدد الرأسماليون على منح أجور بئيسة (أفضل الحالات من يتقيد بالأجر القانوني البئيس أصلا وهم أقلية) لكن الأهم بالنسبة لهم أن تضل دونية الأجور دوما على ذاك الحال بالرغم من الزيادات البسيطة التي قد يضطروا لدفعها.  كما أن رفع وثيرة الإنتاجية دون زيادة الأجور أحد الأساليب التي تعمد إلى تطبيقها الشركات الكبرى باستعمال منهجية العمل بالأهداف. يرفض البرجوازيون وجود لجان حقيقية للصحة والسلامة ويمتنعون عن توفير معدات وظروف العمل التي تحفظ حدا ادني من شروط السلامة فهم يتقشفون في صرف أموال إضافية طالما اليد العاملة موجودة بوفرة ويمكن استبدالها بيسر وبتكاليف أقل.  تتهرب أغلب الشركات الرأسمالية من التصريح بكل العمال في صناديق التقاعد والتأمين عن حوادث الشغل والأمراض المهنية أو لا تصرح بكامل أيام العمل الفعلية، والسبب واضح تماما فالرأسماليون يريدون أن يضيفوا لثرواتهم أموال تقاعد وأقساط  تامين العمال، ويمكن تخيل الأرباح السنوية التي يسرقها رأسمالي واحد يشغل فقط 100 عامل لتقدير الثروة الهائلة التي تسرقها البرجوازية من طبقة العمال.

إن الظلم القانوني الأصلي من جانب والتحايل على تطبيقه من طرف الشركات الكبرى ليس إلا قمة جبل القهر الذي تعانيه شغيلة العمال الزراعية، قاع بحرها الاسن يتمثل في أن أغلب الشركات باختلافها تعتبر الحديث عن تطبيق القانون الظالم نفسه أحلاما لا صلة لها بواقعنا. في هذا الدرك الجهنمي يشتغل غالبية العمال بلا أي حماية قانونية ولا صحية، يكدون إلى أن تتهالك أجسادهم أو أن يصبحوا من معطوبي الحرب الطبقية بسبب حوادث قاتلة أو أمراض مهنية فتاكة، ويذهبوا لحال سبيلهم ويسلموا أمرهم للقدر المعلوم الذى سبقهم إليه إخوان لهم في البؤس.

لكن حياة العمال لا تنحصر بمأساتهم في الضيعة أو في محطة التلفيف بل البؤس يطاردهم إلى أحيائهم السكنية حيث ظروف العيش القاسية والتهميش المقصود جلية للأعين وحيث يظهر بالملوس أن من ينتجون الثروات يحصلون على حياة بؤس أما الأقلية المالكة فتنعم بأرباح خرافية.

يقطن العمال أحياء سكنية في الغالب بنيت في ظروف استثنائية (20 فبراير2011) أو بعد ارشاءهم لمسؤولين فاسدين، وأغلب هذه الأحياء أقيمت فوق أراضي فلاحية تعرض أصحابها من صغار الفلاحين للإفلاس. لا وجود لقنوات الصرف الصحي وبعضها بدون ربط كهربائي، فضلا عن معاناة مع كل دخول مدرسي بسبب الاكتظاظ ورفض قبول تسجيل بعض الأطفال… الطرق والأرصفة والتشوير الطرقي غير متوفر أما فضاءات الطفولة والشباب فهو ترف لا يجب الحلم به هنا.

أحياء تترك للجريمة الصغيرة ونقاط سوداء لتجارة المخدرات وأوكار الدعارة وكل مظاهر خمج المجتمع، الهدف منه تدجين وتدويخ أقسام من الوسط العمالي وابعاده عن قضايا طبقته بغرقه في الإدمان وأوهام البدائل السريعة لصعود طبقي واهم.

النقل من والى العمل يتم بوسائل تصلح لكل شيء إلا لنقل البشر في شروط سليمة وبالنظر لحالات الطرق المهترئة فلا يمر العام إلا بحوادث قاتلة تحصد العشرات من العمال ضحايا جشع الرأسماليين وتواطؤ دولتهم سندهم الأول والدائم.

إن الإستغلال البشع الذي ترزح تحث نيره الطبقة العاملة في القطاع الفلاحي يمثل الشرط الضروري لاستمرار الرأسماليين في مراكمة الأرباح ودور الدولة أن تحرص على استمرار وضع القهر هذا، تترك الرأسماليين ينتهكون القانون بعلته، وتتدخل لحمايتهم بقوة القمع باسم حرية العمل حينما يتوحد العمال للدفاع عن حقوقهم.

إن النقابيين الزائفين ينشرون أوهاما عن قدراتهم الخارقة في إيجاد الحلول لقهر العمال بادعاء خبرة في فن التفاوض مع الرأسماليين وتقديم أنفسهم لهم على أنهم أكثر تفهما وتعاونا، هؤلاء إنما يخدعون العمال ويزرعون أكاذيب يعريها يوميا واقع العمال أنفسهم. إن جوهر الأمر يتعلق بالجواب على السؤال التالي كيف يجبر العمال الزراعيون الرأسمالي على التخلي عن جزء من أرباحه الطائلة لأجل زيادة الأجور وتحسين ظروف عمل الشغيلة؟ إن الرأسمالي طبعا سيكون أكثر شراسة في الدفاع عن أرباحه لأنه يتقن عمليات الحساب ويدرك حجم الخسائر المالية التي سيحرم منها سنويا إن أدى ما عليه من حقوق للعمال. فهل التفهم والتوسل سيفك عقد هذا الصراع؟ طبعا لا. قوة النضال الطبقي العمالي وحدها ما يجبر الرأسماليين على التنازل مرغمين ولا شيء غيره. عكس ذلك يعني الاستسلام للقهر الذي يتعرض له عمال وعاملات المزارع، قهر يتجلى في أجر أقل وساعات عمل أكثر مما لدى عمال الصناعة، وظروف عمل قاسية، وفي حرمان نسبة كبيرة من التسجيل في الضمان الاجتماعي، وبالتالي حرمانهم من التأمين الاجباري عن المرض، والمسجلون أنفسهم محرومون من التعويضات العائلية، ناهيك عن الأوضاع الاجتماعية الكارثية (غياب السكن والمرافق الاجتماعية…).

2)  البرجوازية الفلاحية تنهب البلد ولا تتزحزح عن فرض استغلال قاسي للعمال

استفادت البرجوازية الفلاحية باستمرار من دعم وتسهيلات متنوع من الدولة. بالإضافة إلى فرض قانون شغل ظالم يمكنها من استغلال يد عاملة رخيصة وبوفرة، وضعت الدولة لصالحها سلسلة من السياسات هدفها تعزيز قوة هذا القسم من البرجوازية.

فقد تعرض الوعاء العقاري الوطني لنهب مستمر منذ استرجاعه من الاستعمار سنة 1956، ومعلوم أن الاستحواذ عليه جرى بطرق احتيالية يبيحها نظام حكم استبدادي عبر هيبات وحيازات تمنح لكبار الملاكين العقاريين. كما فوتت لها أراضي شركتي «صوديا» و»صوجيطا» في مرحلتين 2005 و2008 بصيغة كراء طويل الأمد لمدة 40 سنة التي ستتحول حتما الى تمليك نهائي. هاتين الشركتين تأسستا بداية السبعينات في جزء من الأراضي المسترجعة وقد تقلص رصيدها ب 60 بالمئة من 305 ألف هكتار إلى 124 ألف هكتار في التسعينات وكانت تشغل 15 ألف عامل (منهم 11 ألف مؤقت رغم قضائهم سنين عديدة في هذا الوضع).  وتعتبر هذه الأراضي من الأراضي الفلاحية الجيدة المجهزة والموجودة في المناطق المسقية وتم تفويتها ببخس الثمن لفائدة كبار البرجوازيين. (1)

وأعلن لاحقا عن مشروع «مخطط المغرب الأخضر»  سنة 2008 الذي حدد من بين غاياته توفير 700 ألف هكتار إضافية وتجهيزها لصالح الرأسماليين بابتلاع الأراضي السلالية/ الجموع وهي أراضي عمومية بشكل عام يستفيد منها دوى الحقوق بشكل متساوي، ستتم نهب تلك الثروة العقارية بخوصصتها بطرق احتيالية عديدة. إننا إزاء أعظم مخطط نقل الملكية العقارية الجماعية إلى الرأسماليين الخواص منذ الاستعمار الفلاحي.

لقد استفادت البرجوازية الفلاحية من دعم متعدد الأوجه وفرته الدولة باستمرار، فالإعفاءات من الضريبية لعقود وتسخير المعاهد في خدمة كبار الرأسماليين بتأطير تقني وعلمي وتشييد بنية هيدرولوجية ولوجيستيكية (السدود- قنوات نقل المياه- محطات تحلية مياه البحر- منح للتسويق الخارجي- مناطق صناعية….).

إن قدرة الرأسماليين على التصدير إلى الأسواق العالمية ومنافسة نظرائهم الأجانب مرده ليس تطبيقا كثيفا للتقنيات الحديثة، ولا بفضل إنتاجية عالية بل إن العنصر الأساس هو كلفة الإنتاج المنخفضة وبالتحديد الأجور المتدنية وشروط العمل القاتلة ونهب المال العام.

الرأسماليون ينهبون كل شيء، ولن يكفوا عن الطالبة بالمزيد وما من ردع لجشعهم اللامحدود للأرباح إلا النضال العمالي عبر منظمات نقابية ديمقراطية وقوية الإنغراس.

3) نماذج لنضالات عمالية تتصدى لقانون الغاب الرأسمالي:

• عمال ديروك (DEROC) : طرد الكاتبة العامة للفرع المحلى ونقابيين، واعتصام منذ 32 أكتوبر 2018 مازال مستمرا دفاعا عن الحريات النقابية وحق الرجوع للعمل

DEROC فرع لمجموعة Delassous المتخصصة في إنتاج وتلفيف وتصدير العديد من أنواع الحوامض والبواكر والورود، لها وحدات إنتاجية بكل من مراكش وبني ملال وأكادير وسيدي سليمان وأزمور الدار البيضاء والرباط. املاكها تفوق 2000 هكتار .تعود ملكيتها لورثة بناني سميرس أحد أقطاب كبار البرجوازية الفلاحية (2).

للشركة تاريخ أسود في خرق قانون الشغل والاستعانة بالدولة سواء بقمع مباشر للعمال أو بإحالتهم على المحاكم بتهم باطلة كلما توحدوا دفاعا عن حقوقهم، واجبنا التذكير بقمع عمال ضييعة لاكليمانتين 10 دجنبر 2004  المتواجدة بأزمور الطريق الساحلي إلى الجديدة، كما يجب التذكير بسلسلة حملات طرد المناضلين النقابيين بشركة ديروك  نفسها في غشت 2005 ومرة أخرى في يناير 2006 وأخيرا في سنة 2012 حيث أقدمت على طرد الكاتب العام الذي قضي 16 سنة من العمل بالشركة بمجرد تشكيل المكتب النقابي مصحوبا بعضوة المكتب الحديث. تعتبر الشركة التنظيم النقابي مسموحا به مادام مجرد ديكور لتزيين وجه الشركة، ويكتفي بفتات لا يمس أرباحها السمينة. لكن، النقابة بمحطة التلفيف مجرمة بشكل مطلق. تعلن الشركة حربا مسعورة على كل تأسيس النقابة بالمحطة ولا تتردد في اللجوء لكل السبل حتى تتخلص منها. فماذا يثير خوف الشركة بضخامة ما تحققه من أرباح؟ انها لا تريد المس بما تفرضه من انتهاك سافر لقانون الشغل الذي سيكون هدف أي نقابة حقيقة، تريد إخفاء أوضاع خرق الحقوق البسيطة لمئات العمال الذين تشغلهم عبر شركات الوساطة، لا تريد من يفضح سرقات ساعات العمل الإضافية وسرقة ساعات العمل بطرق احتيالية، ولا تريد من يعرى انعدام ظروف الصحة والسلامة التي تخلف حوادث كارثية تتنكر لضحاياها. هذا هو السر وراء الحرب الأخيرة بطرد العمال النقابين، إنها ضربة استباقية لمنع عمال الشركة من نقابة قوية تدافع عن حقوقهم تضم عمال الضيعات ومراكز التلفيف.

• عمال سوبرفيل: (SOUPROFIL): ضد خطة الباطرون للتخلص من العمال الاقدم باختلاق خدعة قلة الإنتاج بمحطة التلفيف واجبار العمال على الانتقال للعمل بالضيعات الفلاحية 

• عمال روزا فلو (ROSA FLEUR): النضال لأجل أداء الأجور في موعدها وتأدية مستحقات الضمان الاجتماعي

شركة سوبروفيل (SOUOPROFIL) وروزافلور(ROSA FLEUR) وفيرماسا(VERMASSA) هي فروع لشركة ايديل (IDYL) ذات الرأسمال الفرنسي المغربي تأسست في 1996 كان يديرها المتوفي بيوش بيرك(PUCH PIERRICK) وشريكه الرأسمالي (الحسن الدرهم) انتهت علاقتهم إلى فسخ الشراكة بتولي الأول شركة سوبروفيل والثاني روزا فلور.

(idyl) تتوفر على أزيد من 60 وحدة إنتاجية مساحتها الإجمالية تقدر ب2500 هكتار منها 1500 هكتار مخصصة لأشجار الفاكهة (الخوخ، البرقوق، المشمش، العنب) و1000 هكتار مغطاة بالبيوت البلاستيكية (الطماطم، الفلفل، الفاصوليا،…) تنتشر بكل من أكادير، الداخلة، مراكش، شيشاوة، بودنيب..) تعد اغراسها من الفواكه والخضر وفق أحدث التقنيات في مشتل ينتج 8 مليون غرسة في السنة. يعالج الإنتاج بمحطتي التلفيف بخميس ايت عميرة وبيوكرى كما تتوفر على 1100 متر مربع من مخازن التبريد بجنوب فرنسا، واسطول شاحنات مجهزة بمعدات التبريد للتوزيع في الأسواق الأوروبية، تشغل بين 8500 و9000 عامل في فترة دروة الإنتاج (حسب معطيات 2006)(3).

عرفت سوبروفيل سلسلة نضالات عديدة عبر السنين مند 2008، فقد أعلنت الشركة الحرب على العمل النقابي بطرد عدد من أعضاء مكاتب الضيعات فرد العمال بأشكال نضال بوقفات أمام إدارة الشركة ووقفات لساعة في أماكن العمل في فبراير 2008، كما اعتصم 17 عامل-ة في مارس 2008 أمام الإدارة، ونظمت وقفة يوم 15 ماي 2008 تعرض خلالها المعتصمون لهجوم من طرف 40 شخص سخرتهم الإدارة للاعتداء على العمال  كما دهس مالكها بيريك بوش 06 عاملات بسيارته مما خلف كسر عامل وعاملة. اعتقلت الدولة 10 عمال حكمت على 05 بشهرين مع وقف التنفيذ وغرامة 500 درهم والسجن النافد لمدة شهر وغرامة 17000 درهم في حق ثلاث عمال وحكم بالسراح على الباقون. كانت مطالب العمال تتضمن التصريح بالعمال في الضمان الاجتماعي وأداء ثمن الساعات الإضافية وتسلم بطاقة الشغل وارجاع النقابين المطرودين.

بعد أزيد من عقد يعتصم عاملات وعمال سوبروفيل لأجل الدفاع عن حقهم في العمل بأماكن عملهم ضدا على حيل الشركة التي تريد التخلص منهم بإجبارهم على الانتقال للعمل بالضّيعات بذريعة نقص حصص العمل بمحطة التلفيف والحقيقة ان الهدف دفع العمال ات دوى الاقدمية الى مغادرة الشركة تحث ضغط التضاؤل المستمر للدخل.

لجأت الشركة مرة أخرى الى الهجوم على المعتصم بتسخير عناصر مرتزقة شنت هجوما ليليا على المعتصمين بغاية تفكيكه وكسر عزيمة العمال الدي يواصلون معركتهم في ضل ظروف قاسية.

المطالب العمالية في كل المعارك السالفة الذكر هي من أبسط الحقوق، فأي جحيم هذا يضطر فيه العامل بعد عمل شاق إلى خوض النضال لينتزع أجورا بئيسة مستحقة؟ وأي عالم كريه يجبر فيه العمال على الاعتصام ليسدد الرسمالي مستحقات صناديق التقاعد؟ وكيف نفسر أن شركات تحقق أرباح طائلة لا تتردد في سرقة صريحة لساعات العمل غير المؤدة عنها وللساعات الإضافية بل واستهتار إجرامي بحياة البشر بعدم توفير أبسط شروط الصحة والسلامة؟

إن رأسماليي الزراعة مصرون على الدفاع عن استمرار شروط استغلال لا إنسانية، ولا يترددون في المطالبة بالمزيد دون ان يعتريهم أدنى خجل، فبين الحين والأخر تطالب بإعفائها من مستحقات الضمان الاجتماعي الذي لا تطبقه إلا قلة وتدافع عن تهربها المخزي في أداء الضرائب ولا تكف عن النواح عن أزمة القطاع وتلح على ضرورة أن يبقى صنبور الدعم العمومي يصب في أرصدتها. يتدرع صغار الرأسماليين بتخمة الأسواق وبوار المنتوج وغلاء أسعار الأسمدة وارتفاع ثمن المياه وأكلاف كراء العقارات فترى في استغلالها للعمال المياومين، بلا أية حماية قانونية ولا حقوق اجتماعية الذين يسقطون ضحايا حوادث النقل القاتلة أو بسبب حوادث الشغل المميتة ويتركون وأسرهم يواجهون مصيرا معلوما، ترى أنها مجبرة وليست مخيرة. أما كبار الرأسماليين والشركات العالمية فهي تحترم ميثاقا ضمنيا يضم الرأسماليين بالبلد فهم حريصون على أن تبقي أجور وظروف عمل أجراءهم عند حدود القانون الظالم وتستعين بشركات الوساطة لتخرق القانون بدعوى أنهم ليسوا عمالها مما يسمح لها بالتباهي باحترام القانون إزاء قلة مما تشغلهم مباشرة وبث الانقسام في صفوف الشغيلة.

تمثل الشركات الزراعية الكبرى التي تشغل يد عاملة كبيرة وتدمج طرق وتقنيات إنتاج متطورة والتي تحوز على حصص عالية من التسويق الدولي والمحلي مركز ثقل النضال النقابي، فهي تدمج عمال شباب مستواهم الثقافي أعلى، كما تجبرها منافسة  الشركات على تحسين سجلها عبر اجراءات جزئية لنيل بعض شواهد الجودة المؤدى عنها ولتلميع صورتها واخفاء حقيقة الواقع، لكنها في بحر الإستغلال الخطير السائدة في القطاع الفلاحي يمثل ذلك تحسينات هامة (الحصول على بطاقة الشغل-التصريح لدا الضمان الاجتماعي-العطل المؤدي عنها- التعويض عن الأقدمية ..)، كما أن وزن تلك الشركات الاقتصادي ودقة طرقها التدبيرية يمنح للنقابة العمالية قوة ضغط هائلة تسمح بانتزاع مكاسب  من شأنها تحسين دخل العمال وظروف عملهم وكلما حققوا مكاسب على هدا الصعيد كلما كانوا مثالا للاقتداء بالنسبة لعمال الشركات والضيعات الصغيرة مما يخلق شروط نضال يشمل كل العمال الزراعيين لأجل فرض حقوقهم المهدورة ووقف شروط استغلال تعود للقرون الغابرة.

4) التضامن العمالي، الوحدة النقابية والدعم الشعبي والإعلامي اختلال وجب تقويمه.

نظم الفرع المحلي لنقابة العمال الزراعيين التابع للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي عددا من الصيغ النضالية التضامنية مع اعتصامي شركة ديروك وصوبروفيل عبارة عن وقفات بمركز خميس أيت عميرة، ونظم قافلتين عماليتين الأولى الى شركة ديروك والثانية الى شركة صوبروفيل، بالإضافة إلى حملات دعم مادي وزيارات تضامنية من باقي فروع العمال الزراعيين العديدة. كما نظمت الهيئات النقابية والجمعوية والسياسية قافلة تضامنية من أكادير بمشاركة هيئات ومناضلين من المناطق القريبة وكذا مبادرات الدعم من لجنة التضامن من بيوكرى التي تقوم بزيارات دعم لمعركة عمال صوبروفيل. يسجل ضعف تضامن باقي نقابات العمال الزراعيين باستثناء المعركة الموحدة بمحطة التلفيف لشركة kili prim بل إن تململا تلقائيا لعمال ينتمون لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بشركة Deroc  دفعت الكاتب المحلى  لتلك النقابة إلى التدخل ليضغط ويمنع  المنخرطين من المشاركة في خطوة تضامنية دعما لإخوانهم. كما أن التضامن الوطني غائب سواء من نقابة العمال الزراعيين في المناطق الأخرى وسواء من فروع النقابة الأم فلا وقفات ولا بيانات تضامنية ولا جمع الدعم المالي ولا زيارات المساندة ما عدا حضور أعضاء من الفرع الجهوي او الزيارات التنظيمية لبعض أعضاء المكتب الوطني.

النقابة العمالية لم تستهذف بعد حاضنتها الشعبية في الأحياء السكنية لتحسيسها بأوضاع العمال، وتعبأتها للتضامن مع النضالات كما هو الحال في تاريخ الحركة العمالية التي تكون القرى العمالية سندا غنيا للمعارك العمالية.

أما الإعلام فيمثل نقطة ضعف، فالإعلام النقابي منعدم والإعلام الرائج غارق في الاثارة وأحداث المجتمع السطحية. باستثناء صفحة الفرع المحلي للعمال الزراعيين التي تنقل أخبار المعارك المحلية والمحطات التنظيمية فالعمال الزراعيون بلا لسان يعبر عن حالهم ومطالبهم ويرفع وعيهم النقابي والسياسي العام.

يحتاج عمال الزراعة الذين يمثلون أعظم توسع للنقابة في القطاع الخاص بعد الضربات التي أصابت القلاع الكبرى للنقابة بعد تفكيك قطاع النسيج وما نزل على قطاع تصبير السمك، يحتاج، الى مساندة كل أنصار النضال العمالي مساندة تعزز قوة وصلابة المنظمات النقابية للعمال الزراعيين.

بقلم، أحمد أنور

——–

(1) – رشيد الحنصالي المناضل ة عدد 01 وعدد02 وعدد 21.

(2)– للمزيد انظر المناضل ة عدد 3

(3)– للمزيد انظر المناضل ة عدد11

شارك المقالة

اقرأ أيضا