القمع البوليسي هو جواب الدولة على مطالب الطلبة الأطباء

الشباب و الطلبة24 أكتوبر، 2015

طوقت أجهزة البوليس القمعية كليات الطب والصيدلة بكل ربوع المغرب، وأقدمت على اقتحام كلية الرباط بالضرب والإعتقال، والترهيب النفسي ضد الطلاب المضربين ضد خطة حكومية ترمي إجبارهم علي خدمة قسرية لسنوات بالمناطق النائية بعد تخرجهم دون دمجهم في الوظيفة العمومية.
بدء قمع الدولة بتصريحات مغرضة، ونشر معلومات زائفة صادرة عن مسؤولين حكوميين، وروجتها وسائل إعلام الدولة وأقلام مرتزقة كسولة دأبت على ترديد رواية أجهزة الدولة، ولية نعمتها. وتطورت حرب الدولة إلى محاولة استعمال العائلات للضغط على الطلاب، ما يكشف عقلية غبية لا ترى في الطلاب الرافضين إلا قاصرين تحت وصاية الآباء. وحاولت الحكومة استعمال المفاوضات الكاذبة لإجبار ممثلي الطلاب على قبول وهم تنازلات بالضغط عليهم، واتهامهم بانتماءات سياسية تستغل مطالب الطلاب، ثم سعت إلى زعزعة ثقة جموع الطلاب في ممثليهم.
فشلت كل أساليب الضغط والمناورة والرهان علي تقسيم الحركة و إنهاكها. ولم يبق سوى تحريك جهاز القمع، وهو ما بدأه بلاغ للحكومة المؤكد التزامها بـ”ضمان حق الراغبين في الدراسة وحمايتهم”.وهو ما تمت ترجمته هجوما على الطلاب المحتجين.
مطالب الطلاب المشروعة، وجواب الدولة القمعية
انتصر طلاب الطب بمعركة كسب تعاطف الشعب، وكشفوا كل مناورات الدولة، وهوت كل مساعي اتهامهم برفض خدمة مواطني المناطق البعيدة، بل وضعوا سياسة الدولة المدمرة لخدمة الصحة العمومية موضع اتهام، واتضحت للجميع حقيقة النواح الزائف بصدد تقريب الأطباء من المحتاجين بما هو تهرب الدولة من توظيف الأطباء، وسعي لإجبارهم على تشغيل بلا ضمانات، وفي ظروف عمل بالغة التردي، و تحميلهم كلفة تخريب متواصل لخدمة الصحة العمومية.
إن مطالب الطلاب تحظي بدعم الشعب، وعلى الحكومة الاستجابة الكاملة لمطالبهم. أما تجنيد أرتال قوات القمع ضد الطلاب، فليس إظهار شجاعة بل جريمة تستوجب الإدانة.
طيلة مدة المعركة البطولية، لم يسجل كسر ولا كرسي واحد، ولا أيا من مظاهر العنف. لا بل أبهر طلاب الطب الجميع بطريقة تسيير نضالهم ،عبر جموعات عامة للتقرير، وتقديم كشوف حساب عن المهام المكلف بها. بأغلبية كبيرة نابعة من اقتناع، يتم التقرير في خيارت معركتهم، ولم يمنع أي كان من التعبير عن رأيه، ولم يمنع أحد من دراسة قاطعها الجميع، ولم يزعج أحد طلبة الطب العسكريين بكلية الرباط الخاضعين لمنعهم من الإضراب، و تلقى الطلاب دعم أساتذتهم، وأعلنت منظمات نقابية دعمهم.
فما مبرر القمع؟
خيار الدولة :تمرير الهجوم سلما أو قتالا
أنهت الدولة توا شوط الانتخابات الأول، وستستكمل الباقي السنة القادمة. وإن ما ستنفذه الحكومة القادمة جاهز، وقد بدئنا نشهد معالمه بوضوح. سيجري تشديد الهجوم على ما حققته عقود نضال، وسيشمل كل مسار حياة الأجراء بدءا من التكوين والتأهيل، و مرورا بإعادة النظر في قانون الوظيفة العمومية وقانون الشغل، وانتهاء بأنظمة التقاعد. سيكون الهجوم عميقا ونوعيا، والدولة متحمسة بتنويهات المؤسسات المالية الدولية، ومزهوة بنتائج الانتخابات الأخيرة واعتبرتها بتسرع دعما من الناخبين.
ستواجه الدولة كل الحركات الرافضة لسياستها اللاشعبية بأشد قمع، وقد بدأت مقدمات ذلك بالبطش بحركة الشباب المعطل، و قمع احتجاجات الطلاب الأطباء، وسيطال ولاشك كفاحات الطلاب ضد ما يجري من تخريب ما تبقي من الجامعة العمومية، وستلقى معارك العمال والموظفين نفس الرد تماما مثل احتجاجات الساكنة ضد الغلاء والتهميش وباقي أقسام كادحي شعبنا.
ليس في جعبة النظام الحاكم غير تسمين كبار المالكين، وإطلاق الوعود الكاذبة و إرسال قوات البوليس لقمع للكادحين.
علامات موجة نضال تلوح..
خمد الفوران الشعبي المنطلق مع حراك 20 فبراير،وتراجع النضال العمالي والشعبي كما ونوعا ،لكن ظلت بؤر احتجاج تنفجر هنا وهناك لصد تعديات جائرة أو لافتكاك مطالب جزئية، تراجع النفس الهجومي للنضال وتقلصت أحجامه و اكمش انتشاره،كان للقيادة النقابية دور رئيسي في الحفاظ علي هدوء المعسكر العمالي فأوضاع الأجراء ظلت متدهورة، وجهت الدولة والرأسماليين ضربات متتالية لمكاسبهم ويروجون لمخططات لا سبق للطبقة العاملة المغربية أن شهدت لها مثيلا . لكن قيادة النقابة همها تعزيز مكانتها ومراكمة امتيازاتها والمناورة لامتصاص غضب قاعدتها بأشكال نضال جزئية لا تعادل حجم ما يتربص بالعمال من مخاطر، مما يرمي بمسؤولية عظيمة علي المناضلين العماليين للاضطلاع بواجب استنهاض الحركة النقابية من حالة التجميد التي وضعتها فيها البيروقراطيات.
بدأت ساكنة طنجة شعبية ضد أسعار الكهرباء المرتفعة، تجاوب شعبي عظيم مع المعركة النضالية المقررة: الإضراب عن استعمال الكهرباء لمدة ساعتين – مقاطعة أداء الفاتورة- وقفات أمام إدارة الشركة الاستعمارية أمانديس… ما يجري بطنجة سليل ما تراكم من علاقات و تقاليد نضال خلال حركة 20 فبراير المجيدة وتلك علامة علي أن موجة النضال القادم ستبني علي ما كسبته من تجارب غنية ولن تبدأ من الصفر.
إصرار النظام علي تنفيذ هجماته الشرسة بعد استكمال تجديد مؤسسات النظام عامل دفع لتستأنف حركة النضال العمالي والشعبي تألقها بعد توقف مؤقت لازال قائما الآن ، متى وكيف سيحصل دلك؟ كلها أسئلة للمستقبل، لكن الأكيد أن موجة نضال قادمة ومهمة أنصار تحرر شعبنا التحضير الذاتي ليكونوا في الموعد والاضطلاع بأدوارهم النضالية استنادا علي استيعاب دروس ماضي النضال.
وحدة النضال في وجه دولة الرأسماليين
ليس لدينا، نحن ضحايا سياسة الدولة الخادمة لمصلحة الرأسماليين، إلا وحدتنا في نضالنا. كل الأهوال التي تسحقنا نابعة من مصدر واحد، وينفذها بيد من حديد جهاز دولة ليست الحكومة إلا جزءا من آلته الضخمة. انتصار نضالنا يستوجب مد الجسور اتجاه باقي الكادحين، وتعزز حركتنا رهين بمخاطبة كل ضحايا الدولة القمعية، ليست الانعزالية سوى طريق الهزيمة المعبد.
النضال ضد سياسة الدولة الشرسة يفرض مواجهتها بسياسة بديلة قائمة علي الدفاع عن الخدمة العمومية المجانية والجيدة في الصحة والتعليم، وضمان حق السكن، والشغل للجميع، وحماية المستهلكين من جشع الاحتكارات، وتطبيق للسلم المتحرك للأجور. ولأجل كله لابد من حرية التنظيم والتعبير والاحتجاج والرأي الحر للجميع .
برنامج كهذا، لن يجري تطبيقه إلا بعد صراع عظيم لمجموع الكادحين ضد الدولة القمعية القائمة، أما واقعية تحقيقه فيستمد مبرراته من توفر الإمكانات المادية الكافية شريطة عدم تخصيصها لتنمية مصالح كبار حيتان الرأسماليين وإنما لتلبية حاجيات الشعب. أما أهم شرط لتحقيق ذلك فيعود إلى إرادة وقوة الكادحين المنظمة.

الرفيق زيد 

شارك المقالة

اقرأ أيضا