اللحظة السياسية، النضالات الأخيرة ودلالتها:

سياسة13 فبراير، 2016

بات واضحا انحسار الموجة النضالية الجماهيرية التي عمت معظم مناطق المغرب مند فبراير 2011 .انحسار حصل بطريقة متدرجة. إذ بدأ تقلص حجم الاحتجاجات، وتراجع انتشارها الجغرافي بعد خطاب الملك في 9 مارس 2011 ،ووعوده الدستورية، وتنازلاته الاقتصادية والاجتماعية . هذا رغم استمرار زخم كفاحي بمدن كبرى، طنجة والدار البيضاء تحديدا . لقد جرى تنفيس شدة الاحتقان بثقب تسرب منه البخار، لنصل إلي بداية تراجع جلي إبان الانتخابات البرلمانية ، وغياب موقف سياسي يلف حركة النضال في مواجهة إستراتيجية النظام الهادفة لتحويل تركيز انتباه الشعب من تعزيز نضالات الشارع إلي انتظار ما سيسفر عنه التنافس إلي المؤسسات الرسمية.
بعد تنصيب حكومة واجهة برئاسة حزب العدالة والتنمية، أصبح التراجع النضالي حقيقة راسخة، يدل عليها تواضع الإضرابات التي خيضت وطنيا وحجمها وطبيعتها وانتشارها وأعداد المضربين. ودخلت حركة النضال فترة هدوء وترقب نسبي ما عدا استثناءات في أغلبها نضالات الشباب الطلابي وخريجي الجامعات المعطلين.
لا تقتحم الجماهير الواسعة معترك النضال إلا استثناءا، ولا تظل فيه إلا لفترة زمنية ، ولا يسعها البقاء في ساحات النضال إلى الأبد . وعدم إدراك ذلك سيؤدى الى إرادوية استبدالية وعزلة. إن الإلمام الدقيق بالحالة النضالية، ومقدرة توقع احتمالات تطورها أمر رئيسي في تحديد التكتيك السياسي الواجب نهجه وفق إستراتيجية التغيير الثوري.
الحركة النقابية والنضالات الشعبية خلال سنة 2015.
الحركة النقابية مفككة الأوصال، نخرها النزوع الفئوي، ومنهكة القوى في القطاع العام. و هي محاصرة وضعيفة في القطاع الخاص بفعل ضغط انتشار البطالة وشراسة القمع بفضل ترسانة قانونية تتيح للرأسماليين إجبار العمال علي العبودية أو القدف بهم إلى البطالة والجوع .
ضعف يكرسه غياب قطب يسار نقابي يجسد بديلا لخط السلم والتعاون الطبقيين الذي تنهجه القيادة المحكمة قبضتها علي جميع النقابات. فأصبحت النضالات الصاعدة من العمق بفعل شدة القهر ضحية تكالب متكامل الأدوار بين أرباب عمل شرسين يخوضون حربا طبقية حازمة وفق الأصول وقيادة نقابية كل همها تهدئة الوضع و طرق أبواب أجهزة الدولة ونشر أوهام تسوية المعارك بالحوار. تتفادى القيادات النقابية سبيل التضامن الطبقي وتراهن على أعدائها فتنتهي منظم هزائم. (1)
لم يسبق أن تزامنت أزمة اقتصادية بهدا العمق مع أزمة عميقة للحركة العمالية . فعقود من الهجمات النيوليبرالية أدت إلي تراجع حاد للحركة النقابية ولم تؤد محاولات الرد على الأزمة إلي تعزيزها .

في سنة 2011 نال عمال القطاع العام والخاص زيادة معتبرة في الأجور، وجملة وعود بتحسين أوضاعهم المهنية، ليس نتيجة نضال طبقي بل كإجراء استباقي من الملكية بقصد تحييد الحركة النقابية عن الحراك الشعبي. قبلت القيادة النقابية الخانعة تلك المساومة المشئومة. ربحت الدولة وبرجوازيتها سياسيا بعزل الطبقة العاملة عن دينامية النضال في سياق متفجر، لكن الربح الاقتصادي حاضر كذلك فقد ربحت ملايين أيام عمل وما سيضيع من أرباح ولاحقا جمدت الأجور لخمس سنوات، ولن تقبل أي زيادة جديدة إلا بعد استردادها ما أعطته دفعة واحدة . ناهيك عن تمريرها لإجراءات خطيرة في أجواء هدوء نقابي مريب. (2)
عادت القيادة النقابية لاستئناف ما سمته «حوارا اجتماعيا» لتجنب البلد مخاطر أللاستقرار بسبب تدهور ظروف العيش والعمل، فردت حكومة الواجهة بحصر الحوار في تنفيذ مخطط «إصلاح صناديق التقاعد». ما لقي رفض القيادة النقابية ومطالبتها بتنازلات تتيح لها تخفيف وقع المشاريع المدمرة على قاعدة النقابات. وبقصد حمل الحكومة على دلك وضعت القيادات برنامج تحرك نقابي سقفه السياسي الضغط على حكومة الواجهة دون إخلال بالسلم الاجتماعي. في آخر المطاف تسعى البيروقراطيات النقابية إلى تصحيح الدولة سياستها على نحو يمرر التدابير اللاشعبية دون تهديد بانفلات رد عمالي وشعبي يسقط تلك السياسة.
نظمت مسيرة نقابية سنة 2012 بالدار البيضاء ومسيرة أخري سنة 2013 بالرباط ونفد إضراب عام 29 أكتوبر2014 ومسيرة موحدة 29 نونبر2015 وانتهاء بإضراب بالوظيفة العمومية والجماعات في دجنبر2015 و سيقرر لاحقا إضراب عام سيحدد توقيته .
أن متتبع مسار المسلسل أعلاه يستنتج بلا صعوبة أن القيادة النقابية تلوح بالقوة العمالية مع الاستنكاف عن أي تجميع لها، فما تصبو إليه تنازلات تحفظ مصداقيتها إزاء القاعدة، وتسوق كنتيجة نضال لم يخض حقيقة، مقابل غض الطرف عن أهوال عظيمة وإجهاز على مكاسب آنية ومستقبلية . فلنقارن بما بذلت كل القيادات من جهود استثنائية وتعبئة ضخمة وما أنفقت من أموال و حركت من لوجستيك في الانتخابات المهنية، تلك القنطرة إلى المؤسسات المجزية وأموال الدعم العزيزة جدا علي قبول القادة .
في ظل هده الأوضاع، خاض عمال القطاع الخاص بعض المعارك النوعية لكنها معارك دفاع أخير أمام هجوم كاسح للرأسماليين إما بطرد النقابيين أو مخاطر التسريح الجماعي أو خطط لمفاقمة الاستغلال وتشديد وتيرته .لم نشهد معارك عمالية حقيقية لتعزيز المكاسب، فالطبقة العاملة بغريزتها مدركة لدرجة اختلال ميزان القوى والظروف التي تجعل وقت المعارك الهجومية لم يحن بعد. وفي الان تبدى مقاومة استثنائية لصد تعديات الرأسماليين الجشعين الواعين بدورهم بالظروف المواتية لتوجيه الضربات وهده بعض الامثلة:
– خاض عمال «المغرب للصلب» للصناعة الحديد بالمغرب بفرعيه «عين حرودة» و «تيط مليل» بسبب منع إدارة الشركة 1200 عامل من الدخول إلى المصنع بعد لجوئهم إلى حمل الشارة الحمراء لمدة أسبوع وخوضهم إضرابا لمدة 24 ساعة بعد توقيف 24 عامل عن العمل ردا على مطالب العمال بزيادة الأجر والتعويض عن ساعات العمل الليلي والعطل والأعياد ومنح الأخطار.
– معركة عمال شركة لاسمير بالمحمدية، فبسبب الأزمة المالية التي تعصف بالشركة وعجزها عن تأدية ضرائب متراكمة لصالح إدارة الجمارك والبنوك، جري الحجز على وارداتها النفطية الخام وتدحرجت الأزمة لتنتهي بتوقيف الإنتاج وإغلاق المحطة. شكل العمال جبهة دفاع عن حقوقهم والمطالبة بتشغيل المحطة وتأميمها. وخاض أزيد من 900 عامل مسيرات ووقفات أمام أبواب الشركة، كاشفين النتائج المدمرة لخوصصة الشركة على العمال وكلفته الباهظة على الشعب .
– شركة مصبرات «ضحى» تقذف بأزيد من 600 عامل/ ة إلى الشارع في حرب ضروس على التنظيم النقابي. قرر العمال خوض اعتصام أمام الشركة مصحوب بصيغ احتجاج أخرى، مازال الطرد مستمر مند أزيد من 10 أشهر، مع بصمات دامغة عن ألأدوار المخزية للجهاز النقابي محليا باستنكافه عن الاضطلاع بدوره وكشفت درجة ضعف القيادة الوطنية التي لم تجد بدا من تحمل مشاق السفر، في سياق الانتخابات، إلى أمام الشركة لاستجداء حوار والتعبير عن جاهزيتها للتفاهم الذي يراعي مصلحة الشركة.(3)
– شركة رونو لصناعة السيارات: انتزعت معركة عمال الشركة الفرنسية بالمنطقة الحرة طنجة مكاسب تمثل حالة من الأمثلة النادرة، والتي يفسرها المكانة التي تحتلها صناعة السيارات المصدرة في النتاج الصناعي المحلي. فقد انتزع العمال جملة مكاسب أهمها الزيادة في الأجور، ومنح المردودية ، وتسهيل قروض السكن، وتعويض عن فترة الأكل، وتسهيل تكوين العمال وأبناءهم في مؤسسات التكوين .(4)
– فرض مستخدمو الضمان الاجتماعي تحيين الاتفاقية الجماعية التي يعود تاريخها الى أكثر من 25 سنة وبعد 8 سنوات من المطالبة بتعديلها ونظم من أجل دلك 40 جلسة مفاوضات وتم خوض 7 اضرابات عامة. وحاولت وزارة المالية الاعتراض على الاتفاقية التي وافق عليها المجلس الإداري للمؤسسة فتصدى له المستخدمون الدين يبلغ عددهم ما يقارب 4080 مستخدم .
مازال معظم طبقة الأجراء خارج التنظيمات النقابية، ويشتغلون في مقاولات صغيرة ومتوسطة فاقدين سلاح الدفاع الجماعي عن حقوقهم، وهم عرضة لاستغلال بشع بعيد عن ما يتيحه قانون الرأسماليين نفسه بعد السماء عن الأرض. ورغم شروط التنظيم النقابي بالغة الصعوبة، يلاحظ انتشار التنظيم النقابي قطاع الفلاحة وخاض معارك استطاع تغيير ظروف الاستعباد التي يفرضها الملاكون الزراعيون محلين وأجانب.
النضالات ضد تفكيك مكاسب تاريخية في الوظيفة العمومية: نهضت أقسام من الأجراء في طور التكوين للاحتجاج ضد قرارات حكومية قضت على أحد مكاسب نضال العقود الماضية، ربط التكوين في المعاهد العمومية بالتشغيل بعد التخرج وهو جزء ضئيل من مخطط لاعادة نظر شاملة للوظيفة العمومية .
خاض الممرضون الدين أنهوا تكوينهم في معاهد التمريض العمومية احتجاجات ضد بطالتهم وتزايد أعدادهم مقابل ضعف الوظائف المخصصة في الميزانية السنوية، وفسح مجال التباري لخريجي المعاهد الخاصة، ما يغرق ميدان التمريض بخريجين دون عمل، ويؤجج التنافس على مناصب متقلصة باستمرار في القطاع العمومي وترك خيار العمل بالقطاع الخاص في شروط متدهورة .
طال الاحتجاج معاهد وكليات كانت خارج موجة الغضب الشبابي، لكونها جامعات انتقائية التسجيل وتصنف في مجال معاهد النخبة المنفلتة من مصير البطالة الواسعة. لكن الاصلاحات الخطيرة التي مست كل مسارات التكوين وفتحه أمام الجامعات الخاصة ورغبة الدولة توفير يد عاملة للمقاولات الاستشفائية وبشروط مناسبة، ومحاولة الحكومة تجنيد الخريجين سنتين دون دمجهم، عوامل فجرت ردة فعل قوية تعكس عمق وخطورة ما سيطبق بالكليات سالفة الذكر. هذا فضلا عن فضيحة الشروط المذلة التي يعمل فيها الأطباء الداخليون رغم كونهم ركيزة للعمل الطبي بالمستشفيات العمومية بأجور وتعويضات هزيلة وتأمين منعدم .(5)
اضراب الأساتدة المتدربون شمل كل مراكز التكوين وطنيا بمقاطعة ناجحة للدراسة، وبأشكال نضال موحدة زمنيا، وحتى مكانيا أحيانا، وبحملات تعريف بقضيتهم في الشارع والجامعات، وتنظيم مسيرات ووقفات محلية ووطنية. مفجر الاحتجاج اجراءات جديدة تلزم الأساتدة المتدربين إجراء مبارة أخري تحدد مصيرهم بالقبول كمستخدمين عموميين أو الطرد، و تقليص منحة التكوين إلي النصف. وهذا بدوره مرة جزء من مخطط شامل لإصلاح مضاد للوظيفة العمومية.(6)
نضال الشباب الجامعي والعاطلين:
برزت نضالات طلابية جماهيرية ضد التدهور المريع للجامعة العمومية وانعدام الشروط الطبيعية للتكوين: صعوبات القبول في الجامعة- الازدحام الخطير في المدرجات، وقلة الأطر التربوية، وتدهور نوعيتها، ونظام تقويم بيداغوجي فاشل، وتلاعب بالنقط والميزات، فساد شديد ومتعدد وانسداد الأفق المهني للخريجين. نضالات طلابية في جامعات كثيرة دون حفز من أي تيار سياسي، لكنها بعيدا جدا عن بناء ميزان قوى حقيقي داخل الجامعة يحشد الجماهير الطلابية أولا والمستخدمين ثانيا، فالنضال الحالي قابع في مناوشات جزئية وبنفس قصير وعلي مطالب جزئية وليست اعتراضا علي المخطط المدمر للجامعة العمومية. ولاشك أن عقد من تطبيق «الاصلاح الجامعي» الحالي أتبث تأخر المجموعات الطلابية اليسارية وعجزها الناجز عن قيادة مقاومة جماهيرية لسياسة الخراب تلك، دون إغفال القمع الانتقائي لتخريب تعبئات واعدة.
مجموعات العاطلين تواصل احتجاجها، لكنها منهكة بالعزلة وبغياب سند من حلفاء موضوعيين، بالأخص الحركة النقابية والحركة الطلابية. تواصل معركة إثبات الوجود والتذكير بمطالبها في ظل تدهور ميزان القوى الكفيل بإجبار الدولة علي التراجع.
النضال الشعبي ضد غلاء الكهرباء.
إنه أعظم نضال شعبي مند أربع سنوات، حيث واجه سكان طنجة العمالية ارتفاع أسعار الكهرباء بالخروج الكثيف الى المسيرات الاحتجاجية، وتنظيم وقفات أمام الشركة الاستعمارية «امانديس»، ومقاطعة واسعة لاستعمال الكهرباء لفترة محددة. أمر الملك وزيره الأول، ووزير الداخلية، بالتنقل لنزع فتيل الغضب. وجندت الدولة كل إمكاناتها، محركة الجمعيات المدنية والاتصال بالحالات الأكثر تضررا. وتم إحداث لجنة مركزية قدمت مقترحات دون المس بجوهر المشكل. كل دلك أثمر توقفا مؤقتا للاحتجاج، لكن مسبباته تظل قائمة. فأسعار الكهرباء مرتفعة نتيجة قرار حكومي، وما تقوم به شركة «امانديس» هو تأمين أرباحها وتطبيق قرارات الدولة. أهمية احتجاجات مدينة طنجة تكمن في دلالتها السياسية فهي جرس إنذار التقطه الحاكمون بحدسهم الطبقي الحاد، مفاده أن ثمة تحث رماد الهدوء جمرة احتجاج وغضب متوقدة.(7)
استنتاجات أولية :
– النضالات الحالية ليست بعد قطيعة مع الجزر النضالي الذي أعقب تشكيل «حكومة» العدالة والتنمية.
– مجمل النضالات الجارية ردة فعل على الإجهاز على مكاسب فترة النضال السابقة، ومواجهة مشتتة لمخطط الدولة لإعادة إصلاح مضاد للوظيفة العمومية وفك ربط التكوين بالتشغيل العمومي. أما النضال الطلابي فيناوش ضد تركيب من المشاكل، منها ما هو موروث عن فترة سابقة وأخري ناتج عن التدابير الجديدة للرؤية الاستراتيجية 2015- 2030 .
– دلالة النضال الشعبي يعطي الدليل الملموس أن تجربة 20 فبراير النضالية ليست أمرا قضى وانتهي. فرصيد التجربة النضالية التي تراكمت هو منطلق النضال الحالي بمظاهر قوته(التعبئة الشعبية الواسعة) ومظاهر ضعفه (نقص التنظيم ومحلية الطابع ).
– إن الجماهير العريضة من الطبقة العاملة المصابة بخيبة الأمل في تغيرات جذرية آنية، تقاوم على نحو مفكك حسب القطاعات، ومن أجل مطالب جزئية لا تمثل باي وجه ردا على شمولية الهجوم. وهي مقطوعة الصلة ببؤر النضال الشعبي و الشبيبي. وهي قاصرة سياسيا ضمن ازمة بناء هوية سياسية دامت عقودا ولا تزال. حدة الهجوم، وما ينتج عنه من تصاعد السخط، لا ينعكس حتما في قتالية متزايدة، بل قد يعمق سقوط المعنويات طالما تنعدم بالساحة النقابية قوة حاملة لبديل من سياسة القيادات المتعاونة مع العدو.
أي أفاق نضالية:
الرأسمالية عالميا تغرق في أزمة بنيوية متزامنة مع أزمة ظرفية بالغة الحدة، وكل مجموعة رأسمالية قومية وكل رأسمالي فرد يقاتل من اجل الإفلات بجلده من دوامة تبتلع بلا رحمة ،تناقضات الرأسمالية بالغة التفجرية والتعقيد وهدا ما يفسر الخيارات القاسية الجاري تطبيقها بالمراكز الامبريالية ضد الطبقة العاملة وإرغام البلدان التي عصفت بها الأزمة علي تطبيق سياسة تقويم هيكلي إجرامية كانت تبدو لوقت قريب خاصة ببلدان الرأسمالية التابعة .
إن حروب الغزو والتنافس علي مصادر المواد الأولية والسباق لاحتكار أسواق تصريف الإنتاج وإعادة هيكلة الاقتصاديات الامبريالية للقدرة علي الصمود في المنافسة العالمية، فضلا عن عن الصراعات الجيوسياسية التي تمزق شعوب الكرة الأرضية .في هدا الكوكب الهائج التي تحكمها البربرية الرأسمالية توجد حبة رمل اسمها الاقتصاد المغربي فمن أين سيأتي الاستقرار في عالم غير مستقر.
ما سيطبق من سياسات في كل الميادين على الشعب المغربي جاهزة وهي ثمرة تقسيم دولي للعالم ليس فيه للمغرب الا دور تابع منفد ،هده السياسات غايتها جعل الاقتصاديات التابعة حديقة خلفية للخروج من الازمة العميقة بتأمين شكل من أشكال الارباح الاستعمارية الجديدة بنقل فائض القيمة المنتجة محليا نحو المراكز الامبريالية عبر اليات الديون الجهنمية والتبادل اللامتكافئ و أرباح الشركات الاستعمارية العاملة بالبلدان التابعة.
مثلا قررت الدورة 13 لمجلس الشراكة المغربي والاتحاد الأوربي التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة الشاملة والعميقة التي ستشمل تجارة الخدمات والصفقات العمومية والمنافسة وحقوق الملكية الفكرية والصفقات العمومية وحماية الاستثمار ومعايير الصناعية والتقنية والتدابير الصحية والصحة النباتية مما سيجعل المغرب جزء من الاقتصاد الاوربي رغم الفروق القائمة بين اقتصاد جماعي امبريالي وأخر تابع ومتخلف، انه الابتلاع.
سيل هائل من الدراسات والتقارير المحلية والأجنبية في كل مجالات حياة الشعب المغربي تنتهي بالتوصية بتوسيع وتسريع كل المخططات المدمرة الجاري تطبيقها، والتي تنتج كل الأهوال الاجتماعية الماثلة أمامنا اليوم. لكن الخطير أن القادم سيكون أشرس وأفظع، وستترتب عنه نتائج خطيرة جدا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. فبعد التهام امكانات البلد واستنزاف قدراته وانهاك شعبه وحين تفلت البلدان الامبريالية من ورطة الازمة (ان حصل) ستترك خلفها بلدا خربا وشعبا بئيسا.
ليس أمام الشغلية والشعب الكادح من خيار غير المقاومة دفاعا عن حياتهم وشروط عيشهم ومواردهم التي يتربص بها الرأسمال.

سيواصل الرأسماليون المحليون والاجانب معززين بجهاز الدولة هجومهم للقضاء على مكاسب العقود الماضية وسيجبرون العمال على شروط عمل وعيش رهيبة وسجعلون حياة الشعب الكادح لا تطاق.(11)
ستنفجر النضالات العمالية والشعبية ردا على تعديات الطبقات المالكة، هدا لاجدال فيه، وهو ما يطرح علي اليسار الثوري النهوض بدوره تنظيم النضالات بالارتكاز على المطالب الآنية التي تجعل النقابة العمالية ومختلف تنظيمات العمال في أماكن السكن والشباب الجامعي والمعطل وأقسام أخرى كادحة ضرورية، وبمنهجية المطالب الانتقالية التي تُفضي بالعمال، إنطلاقا من تجربتهم الملموسة وانشغالاتهم، إلى رفض منطق النظام الرأسمالي نفسه. هذا هو دور الحزب الثوري وجدواه كما وصفهما تروتسكي في «البرنامج الانتقالي»: «ينبغي مساعدة الجماهير، في سيرورة نضالاتها اليومية، لاكتشاف الجسر الواصل بين مطالبها الحالية وبرنامج الثورة الاشتراكية. ينبغي أن يتمثل هذا الجسر في مجموعة مطالب انتقالية، تنطلق من الظروف الحالية، ومن الوعي الحالي لدى أوسع شرائح الطبقة العاملة لتفضي إلى خلاصة واحدة وحيدة هي استيلاء البروليتاريا على السلطة».(8)

بقلم: أحمد أنور
——————

الإحالات:
نصوص مكملة علي موقع جريدة المناضل-ة
1- الساحة العمالية راهنا،ومهامنا
2- اللحظة السياسية الراهنة:مميزات وتحديات بوجه اليسار الجدري
3- فصول الحرب الضارية علي التنظيم العمالي تتوالي بايت ملول اكادير :الي أين يسير نضال مصبرات ضحي؟
4- طنجة:مناطق التصدير الحرة ،بشاعة الاستغلال والمقاومة العمالية نمودج مصنع رونو-نيسان
5- السخرة في قطاع الصحة،نضال التنسيقية الوطنية لطلبة الطب بالمغرب ضد قانون الخدمة الاجبارية وتملص الدولة من التشغيل
6- مشروع النظام الأساسي للموظفين قانون لتكريس الاستعباد والسخرة
7- طنجة :احتجاجات شعبية واسعة رغم الهجوم القمعي الشرس
8- احتضار الراسمالية ومهام الأممية الرابعة البرنامج الانتقالي

شارك المقالة

اقرأ أيضا