المغرب: احتجاجات ضخمة ضد النيوليبرالية والخوصصة عقب مقتل بائع سمك

 

 

 

بقلم؛ميريام أوراغ (استجوبها آمي كودمان لفائدة موقع الديمقراطية الآن).

ترجمة مهدي الريفي (مراجعة وسيم وجدي).

 مريام أوراغ، باحثة في الأنثروبولوجيا وناشطة ديمقراطية مقيمة بالمملكة المتحدة، تشتغل أستاذة محاضرة بجامعة ويستمنستر بلندن، وهي الآن بصدد تأليف كتاب حول حركة 20 فبراير المغربية.

احتج آلاف من المغاربة في ربوع البلاد عقب مقتل بائع سمك سحقته شاحنة لجمع النفايات بينما كان يحاول استرجاع بضاعته من السمك التي صادرتها الشرطة.  وقد تم تداول شريط فيديو عبر الشبكة العنكبوتية يظهر فيه محسن فكري يقفز على ظهر الشاحنة في محاولة منه لإنقاذ بضاعته من سمك أبو سيف، قبل أن تسحقه آلة الطحن وترديه قتيلا. وحسب تقارير محلية، فقد حظرت السلطات المغربية بيع سمك أبو سيف في هذا الوقت من السنة، فيما اتهم ناشطون ضباط الشرطة بإصدار الأوامر لسائق الشاحنة لسحق فكري. وقد تسبب مقتله بمدينة الحسيمة، شمال البلاد، في اندلاع غضب عارم على الشبكات الاجتماعية، وتم تنظيم تجمعات خلال عطلة نهاية الأسبوع دعا إليها نشطاء من حركة 20 فبراير التي أشرفت على تنظيم مظاهرات عقب اضطرابات الربيع العربي سنة 2011.

وتتشابه حادثة مقتل فكري مع حادثة بائع الفواكه التونسي محمد البوعزيزي سنة 2010 الذي تسببت وفاته في إشعال فتيل انتفاضات الربيع العربي. ولتسليط الضوء أكثر على هذه الحادثة، يسعدنا أن نستضيف ميريام أوراغ، باحثة مغربية – هولندية في الأنثروبولوجيا وناشطة في الديمقراطية مقيمة ببريطانيا، تشتغل أستاذة محاضرة بجامعة ويستمنستر بلندن، وهي الآن بصدد تأليف كتاب.

أمي جودمان: أهلا بكم في برنامج “الديمقراطية الآن” وحلقة جديدة من “تقرير الحرب والسلام”. أنا أمي جودمان. نتوجه اليوم إلى المغرب، حيث خاض الآلاف من الناس احتجاجات في عموم البلاد بعد مقتل بائع سمك سحقته شاحنة لجمع النفايات بينما كان يحاول استرجاع بضاعته من السمك التي صادرتها الشرطة. وقد تم تداول شريط فيديو عبر الشبكة العنكبوتية يظهر فيه محسن فكري يقفز على ظهر الشاحنة في محاولة منه لإنقاذ بضاعته من سمك أبو سيف، قبل أن تسحقه آلة الطحن وترديه قتيلا، بناء على تعليمات أصدرتها السلطات على ما يبدو. وحسب تقارير محلية، فقد حظرت السلطات المغربية بيع سمك أبو سيف في هذا الوقت من السنة، فيما اتهم ناشطون ضباط الشرطة بإصدار الأوامر لسائق الشاحنة لسحق فكري.

وقد تسبب مقتله بمدينة الحسيمة، شمال البلاد، في اندلاع غضب عارم على الشبكات الاجتماعية، وتم تنظيم تجمعات خلال عطلة نهاية الأسبوع، دعا إليها نشطاء من حركة 20 فبراير التي أشرفت على تنظيم مظاهرات عقب اضطرابات الربيع العربي سنة 2011.  وتتشابه حادثة مقتل فكري مع حادثة بائع الخضر والفواكه التونسي محمد البوعزيزي سنة 2010. فبعد تعرضه للمضايقات من طرف السلطات التونسية، ومصادرتها لميزان يستعمله، أقدم على إشعال النار في جسده، وتسبب بالتالي في اندلاع انتفاضات الربيع العربي بتونس وبعدها مصر. وفي المغرب، اصدر الملك محمد السادس أوامره للمسؤولين لزيارة عائلة فكري، وتعهد وزيرا الداخلية والعدل بإجراء تحقيق في الحادثة. وقد تم اعتقال 11 شخصا ذوي علاقة بالنازلة.

ولتسليط الضوء أكثر على هذه الحادثة، يسعدنا أن نستضيف ميريام أوراغ، باحثة مغربة – هولندية في الأنثروبولوجيا وناشطة في الديمقراطية مقيمة ببريطانيا، تشتغل أستاذة محاضرة بجامعة ويستمنستر بلندن، وهي الآن بصدد تأليف كتاب حول حركة 20 فبراير المغربية.

مرحبا بك سيدة أوراغ في برنامج “الديمقراطية الآن”

ميريام أوراغ: شكرا لك

أمي جودمان: يسرنا أن نستضيفك معنا في البرنامج. هل لك أن تشرحي لنا ماذا حدث بالضبط؟

ميريام أوراغ: أعتقد أن ما يحدث الآن يشكل جزئيا استمرارا لموجة الغضب والاحتجاجات التي انطلقت شرارتها في 2011، لكن يظهر في نفس الوقت جانبا من القمع الذي تمارسه الشرطة. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، كشفت هذه الحادثة عن واقع يتسم بتعقيد للغاية ويتمثل في استمرار عملية الخوصصة وفرض سيطرة شديدة على قطاع الصيد البحري. هذا الأمر يشكل مشكلة في حد ذاته، خاصة بالنسبة للمدن الساحلية، من بينها مدينة الحسيمة، حيث يعتمد الآلاف من الناس على الصيد البحري كمصدر عيش لهم واعتادوا بيع السمك بصفة مستقلة مذ فترة طويلة. فهو جزء من النسيج الاجتماعي بالنسبة لهذه المدن والقرى أساسا، والذي يواجه اليوم سياسة قاسية تمنعهم من مزاولة نشاطهم. لهذا أعتقد أننا نرى محورين أو ثلاثة محاور ديناميكية متزامنة: الأول هو المطالبة بالديمقراطية، والثاني هو الوقوف في وجه عنف الشرطة، والثالث محور اقتصادي سياسي شديد الأهمية عادة ما يغيب عن التحليلات السائدة ويتعلق بالتصدي للتحولات النيوليبرالية المتطرفة التي تجري حاليا في المغرب.

أمي جودمان: تتميز مدينة الحسيمة، في شمال البلاد، بتاريخ من الاضطرابات والمقاومة. هل هذا صحيح؟ هل لك أن تشرحي لنا أكثر؟

ميريام أوراغ: أقصد أن العديد من الأشخاص، الذي يدرسون أو يعرفون القليل عن المغرب، يدركون أن الريف، في شمال البلاد، هو أيضا المكان الذي ولد فيه عبد الكريم الخطابي، واحد من المقاومين الذين وقفو ضد القوى الاستعمارية في بداية العشرينيات من القرن الماضي. قامت كل من فرنسا وإسبانيا باحتلال واستعمار المغرب، وأحكمت إسبانيا سيطرتها على منطقة الشمال بطريقة فظة بوجه خاص، لذلك فالتاريخ يشهد على عنف استعماري مورس في المنطقة.

لكن من المهم الإشارة إلى أن بعد الاستقلال، الذي لم يكن استقلالا فعليا كما في الجزائر أو دولا أخرى، وإنما نوع من التحول تم باتفاق مع المستعمرين، ارتأت المقاومة بالشمال مواصلة الكفاح من أجل استقلال حقيقي، وهو ما وقع في 1958 و1959، حيث تم سحق النضال من جانب المملكة الجديدة آنذاك. ولا زالت الذاكرة تحتفظ بهذه النازلة الحديثة.

لكن ما لا يتم ذكره عادة هو الانتفاضات، كما سميت حينها، التي وقعت في الثمانينات. ففي سنوات 1981 و1984 شهدت مدينة الحسيمة انتفاضات كبيرة بادر بها وقادها في البداية تلاميذ المدارس والثانويات، وانتشرت في جميع انحاء الشمال. لذلك لا تزال هذه الذكريات حديثة العهد بالنسبة لجيل بعينه من المواطنين الذي انخرطوا في السياسة.

وبالطبع، بلغت هذه الأحداث ذروتها سنة 2011، حيث فرضت رقابة صارمة جدا على التاريخ السياسي للمغرب حتى البدايات الأولى لسنة 2000، لذلك لم يكن الكثير من الناس يعرفون شيئا عن تاريخ المقاومة ضد القوى الاستعمارية، وكل ذاك عاد إلى الذاكرة الحالية في 2011. وبالتالي، أعتقد أننا يجب ان ننظر إلى الاحتجاجات الحالية التي وقعت منذ الأسبوع الماضي كلحظة تستحضر فيها التجارب السابقة والدروس المستخلصة من أحداث 2011.

أمي جودمان: وماذا عن حركة 20 فبراير؟

ميريام أوراغ: شكلت حركة 20 فبراير الإطار المغربي لانتفاضات 2011، ومن المهم التذكير أن الحسيمة، المدينة التي نتحدث عنها اليوم، مرت في هذا الوقت بتجربة مروعة حيت قتل خمسة متظاهرين وأحرقوا أحياء خلال احتجاجات 20 فبراير، ولم يتم البت او التحقيق في هذه الحالات أبدا. لذلك، ثمة عمل لم يتم إنجازه بالكامل في الحسيمة وباقي عموم البلاد فيما يخص الأحداث التي وقعت أثناء ظهور حركة 20 فبراير في سنتي 2011 و2012.

أمي جودمان: فلنتحدث عما سيقع الأسبوع المقبل. تعلمين أن برنامج “الديمقراطية الآن” سيتجه للمغرب لتغطية قمة مؤتمر اتفاقية الامم المتحدة الإطارية بشان تغير المناخ “كوب 22” بمراكش، وانا أنظر إلى لافتات رفعت خلال الاحتجاجات التي وقعت بمراكش نهاية الأسبوع وفيها “تعالوا إلى كوب 22. سنسحقكم” في إشارة إلى ما وقع لفكري.

ميريام أوراغ: نعم أعتقد أن هناك تطور دولي هام فيما يخص محاولات المغرب ليصبح جزءا من المجتمع الدولي. لقد استثمر المغرب بشكل كبير في الدعاية والعلاقات العامة. وقبل بضع سنوات، تم تسريب تقارير كشفت أن المخزن أو الدولة توظف أو تستشير مستشارين في العلاقات العامة ذوي ارتباط بالإيباك ومنظمات أخرى خبيرة في إظهار واقع سياسي غير مقبول ضمن الخطاب السياسي وتسويقه على أنه ديمقراطي. وبالتالي، فدعوة كبريات المنظمات الحكومية وغير الحكومية لتنظيم مؤتمراتها في المغرب تشكل وسيلة من الوسائل  التي تلتجأ إليها الدولة المغربية لتحسين صورتها على الصعيد الدولي.

لذا أعتقد أن مؤتمر مراكش هو استمرار لهذه السياسة. فقد شهدنا نفس الحالة خلال انعقاد مؤتمر حقوق الإنسان في العام  ما قبل الماضي، والذي أعرب الكثير من المحتجين عن غضبهم إزاءه أيضا. ففي الوقت التي انعقد فيها هذا المؤتمر حول حقوق الإنسان كانت هذه الحقوق تتعرض للانتهاك بالمغرب، ما يشكل، في نظري، تناقضا فضحته لافتات الهاشتاغ والملصقات التي تم رفعها والتي سخرت من هذا المؤتمر. فها هي دولة تنظم مؤتمرا دوليا حول التغير المناخي والديمقراطية، وفي نفس الوقت لا تعمل على توفير تلك الحقوق لمواطنيها. لذلك، ما نأمله وما يأمله الناس هو استغلال هذا الزخم. فإذا كان يعني هذا الزخم مزيدا من حرية الصحافة وتمكين مقدمي برنامج “الديمقراطية الآن” أيضا من تغطية أحداث المؤتمر، فسيمكننا من تسليط الضوء على الأجواء الديمقراطية بالبلاد.

أمي جودمان: بقيت لدينا 30 ثانية فقط. كيف اختلفت الأحداث التي وقعت بالمغرب عن نظيرتها بمصر وتونس؟

ميريام أوراغ: أعتقد أن الوضع مختلف بمعنى أن تجربتي تونس ومصر أصبحتا وراءنا. عليه فقد فهم النشطاء الطريقة التي تلتجأ إليها الدولة للتلاعب بالاحتجاجات وكيف تبعث الدولة بالمتسللين للاندساس في الاحتجاجات في كافة أنحاء البلاد. وقد استفدنا من هذه الأشياء، ونحاول منع حدوثها ثانية كما وقع في 2011.

أمي جودمان: أشكرك جزيل الشكر سيدة ميريام أوراغ، الباحثة في الأنثروبولوجيا والناشطة في الديمقراطية المقيمة ببريطانيا، والأستاذة المحاضرة بجامعة ويستمنستر بلندن، والتي تستعد لتأليف كتاب حول حركة 20 فبراير المغربية. سنتجه إلى هناك الأسبوع المقبل لتغطية قمة مؤتمر المناخ.

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا