اليونان: مقابلة مع فاني Fani شيوعي أممي-سبارطاكوس؛ “من الآن فصاعدا لدى اليسار المناهض للرأسمالية دور حاسم ليلعبه”.

بلا حدود15 يوليو، 2015

 

 

 

 

يوم الجمعة الماضي، بعد خمسة أيام فقط من انتصار “لا” في الاستفتاء، حصلت حكومة تسيبراس على موافقة البرلمان اليوناني على مذكرة جديدة، مع تدابير تقشف جديدة. كيف يمكن تفسير هذا الموقف من الحكومة؟ وهل كان هذا متوقعا؟  

فاني: أنا أعتقد أن هذا كان متوقعا تماما، منذ أن أعلنت حكومة تسيبراس منذ البداية استعدادها لمواصلة المفاوضات مع الدائنين للتوصل إلى اتفاق مع الحكومات الأوروبية في بروكسل. على الرغم من أنها دعت الشعب اليوناني للتصويت ب “لا” في الاستفتاء، فإن سيريزا في الواقع كانت قليلة الحضور للغاية خلال هذه الحملة. يتسق سلوك الحكومة تسيبراس مع حقيقة أنها لم تكن يريد الخروج مع منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي. أجد صعوبة في تفسير استخدام الحكومة للاستفتاء، لكنني أعتقد أنها لم تكن تتوقع أن تفوز “لا” ب 61٪ من الأصوات. ربما كانت تنتظر نتيجة أقل كثيرا، كي تتمكن من التفاوض على خطة التقشف بسهولة أكثر.

بعد المفاوضات التي امتدت على مدى عطلة نهاية الأسبوع، وصلت الحكومات الأوروبية أخيرا لاتفاق حول “خطة معونة” مالية جديدة، والتي تفرض مزيد تقشف على الشعب اليوناني. وتحدث العديد من المعلقين عن خلافات كثيرة بين الحكومات الأوروبية لتحقيق هذا الاتفاق. ما رأيك؟

فاني: لقد سمعت أن وزير المالية الألماني طلب تدار أن الأصول الناتجة من خصخصة جديدة للخدمات العمومية اليونانية من قبل صندوق خاص في لوكسمبورج. هذا يبدو مبالغا فيه بحيث ربما كان مجرد وسيلة لضغط إضافي على تسيبراس. الآن، يمكن لهذا الأخير الدفاع عن هذا التقشف الجديد مدعيا أنه لم يخضع لكل مطالب الدائنين، بحفاظه على إدارة هذا الصندوق في اليونان… ولكن في الواقع، مقترحات تسيبراس لمجموعة اليورو في نهاية هذا الأسبوع كانت مشابهة جدا لتلك التي تم رفضها من قبل الشعب اليوناني خلال استفتاء يوم الأحد الماضي، وأنا لا أعتقد أن هناك أي خلاف حقيقي بين الحكومات الأوروبية على محتوى هذه الإجراءات التقشفية. لقد كانت مقترحات تسيبراس مضبوطة تماما من وجهة نظرهم، وأسفرت المفاوضات أيضا على اتفاق توافقي.

على ماذا اشتملت تحديدا تلك التدابير التقشفية الجديدة؟  

فاني: أساسا على موجة جديدة من عمليات الخصخصة، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة وإصلاح جديد لنظام التقاعد. هناك خصخصة جديدة متوقعة للخدمات العمومية في قطاعات مثل الكهرباء والمياه والسكك الحديدية والموانئ والمطارات، بمقدار 50 مليار يورو. سينتقل المعدل الأساسي لضريبة القيمة المضافة من 13٪ إلى 23٪، ما سيكون له عواقب وخيمة على تكلفة منتجات الحياة اليومية، في المتاجر الكبرى (السوبر ماركت) أو في المطاعم. وفيما يتعلق بالمعاشات التقاعدية، الهجوم أعظم: قبل أزمة عام 2008، كانت السن القانونية للتقاعد 57 عاما للنساء و 60 عاما للرجال. قامت حكومات حزب البازوك والديمقراطية الجديدة بالفعل برفع السن إلى 63 عاما للجميع، ولكن الآن حكومة تسيبراس سترفعه إلى 67 عاما. كل هذه الهجمات قريبة جدا بالضبط مما يأمله الدائنون بعد الاستفتاء. إذا تم تقديم هذه التدابير كحل وسط بين ما يريده تسيبراس وما يريده يونكر، ففي الواقع، هي أسوأ مما اقترحه تسيبراس على مجموعة اليورو قبل الاستفتاء. كان القصد من ذاك الاقتراح الأولي فرض 8 مليار يورو من التوفير على الدولة اليونانية، أما الآن فقد ارتفع إلى 13 مليار يورو بالإضافة إلى 50 مليار يورو عائدات الخصخصة.

كيف ردت القائمة اليسارية لسيريزا على هذه الخيانة؟  

فاني: النائبان البرلمانيان عن سيريزا وكلاهما أعضاء اليسار العمالي الأممي  DEA في الجمعية الوطنية لم يمنحا دعمهما لتدابير تقشف تسيبراس، من خلال التصويت ب “لا” على اقتراحه يوم الجمعة الماضي. لكن أعضاء آخرين من القائمة اليسارىة قرروا الامتناع عن التصويت، أو أن لا يكونوا حاضرين أثناء التصويت. لم يصدر عن القائمة اليسارية لسيريزا أي نص يشرح لماذا من المهم معارضة مثل هذه التدابير، والقطع مع هذا المنطق التفاوضي مع الدائنين، في حين يبدو أكثر أهمية من أي وقت مضى التوفر على موقف واضح داخل سيريزا وخارجها حول ما يجري. طبعا، لم لا تدعو سيريزا لمظاهرة يوم الجمعة الماضي في أثينا (ضد مذكرة تفاهم جديدة). حضر بعض مناضلي سيريزا، ولكن على أساس فردي.

[ملاحظة هيئة التحرير: بعد المقابلة، اتضح موقف القائمة اليسارية بخصوص التصويت على تدابير التقشف. لن يكون هناك تصويت جماعي، بل مجرد مواقف فردية. على سبيل المثال، أعلن وزير الطاقة  والنائب البرلماني في نفس الوقت Lafazanis انه لن يدعم النصوص التي اقترحها تسيبراس.]

لقيت الحملة من أجل التصويت “بلا” في الاستفتاء دعما كبيرا من الشعب اليوناني، مع العديد من المظاهرات والتجمعات الهامة. ماذا كانت ردود الفعل على خيانة تسيبراس حتى الآن؟

فاني: أولا، أود أن أوضح نقطة: أنا لا أعتقد أنه يمكن القول إن تسيبراس وحكومته قد خانا الشعب اليوناني والطبقة العاملة. لقد اختار منذ البداية إستراتيجية تعاون طبقي وإدارة النظام الرأسمالي من خلال المؤسسات. اختياراته الحالية ناتجة عن تناقضات الإصلاحية. ثم أعتقد أن الناس الذين صوتوا ب “لا” في الاستفتاء يجدون أنفسهم في وضع غير مريح. يحاول تسيبراس إظهار أن الوضع صعب، وأنه يعني الاستمرار في التفاوض مع الدائنين حتى مع أننا صوتنا ب “لا” في الاستفتاء. اعتقد انه يحاول تجنب رد فعل قوي جدا للعمال اليونانيين أمام هذه التدابير التقشفية الجديدة. في الوقت الراهن، لم تكن الاحتجاجات بعد الاستفتاء ضخمة، ولكن أمكن أيضا أن تلقى تجاوبا أقل. في في الواقع، كانت المظاهرات إبان خطط التقشف السابقة أصغر من تلك التي جرت الآن، ما عدا خلال أيام الإضرابات العامة حيث كانت ضخمة بشكل خاص.

معظم منظمات أقصى اليسار اليونانية، بما في ذلك انتارسيا Antarsya والحزب الشيوعي اليوناني KKE، وجدت نفسها جنبا إلى جنب في مظاهرة يوم الجمعة الماضي في أثينا ضد مقترحات حكومة تسيبراس التقشفية. هذا التقارب في الشارع أمر نادر الحدوث. هل من شأن هذا تشكيل أساس معارضة موحدة ضد سياسات التقشف؟  

فاني: علينا تدقيق أمر: الحزب الشيوعي اليوناني كالعادة دعا لمظاهرة خاصة، في موقع مختلف عن المنظمات اليسارية الأخرى. حقيقة أنه قرر البقاء معنا في ميدان سينتاجما لدى وصولنا أمر إيجابي، رغم أنه قد يكون فقط ردة فعل عفوية وليس عملا سياسيا مفكرا فيه على ذاك النحو. ولكن حتى الآن لا يزال مستحيلا بدء مناقشات مع الحزب الشيوعي اليوناني. يعتبر هذا الأخير دعوتنا إلى التصويت ب “لا” في الاستفتاء أنها كانت في الواقع بمثابة تصويت بالثقة لحكومة سيريزا. وهو يتهمنا بالتالي بالتعاون مع حكومة تسيبراس، ولا يعتبرنا حلفاء محتملين في الوقت الراهن.

هل كانت هناك محاولات لمد الكفاح ضد تدابير التقشف الجديدة داخل الشركات مع خوض إضرابات؟

فاني: قبل الاستفتاء، تدخل أعضاء انتارسيا Antarsya داخل ADEDY(كونفدرالية نقابات القطاع العام) من أجل حفز المشاركة في المظاهرات وكي تدعو الكونفدرالية إلى التصويت ب “لا”، رغم أن الوضع كان بالأحرى محبوسا في الواقع. لقد دعت بعض النقابات لمظاهرة أمس، ولكن دون معرفة سبب ذلك لم تحضر هذه الأخيرة  في النهاية إلى المظاهرة باعتبارها منظمة.

ما هي إستراتيجية تدخل الرفاق في  منظمة الشيوعيون الأمميون اليونان-سبارطاكوس OKDE Spartakos داخل النقابات من أجل بناء المعارضة لإجراءات التقشف الجديدة؟

فاني: أعتقد أنه يمكننا الجواب بشكل أكثر تحديدا على هذا السؤال في الأيام القادمة، بمجرد تقديم الحكومة التدابير التي ترغب في

تمريرها للموافقة. المعلومة الوحيدة التي لدينا حاليا هي أن الصيادلة سيخوضون إضرابا ليوم واحد الأربعاء (15 يوليوز) ردا على اقتراح برفع القيود(التقنين) عن المهنة، الذي من شأنه أن يؤدي بالخصوص إلى بيع الأدوية دون وصفة طبية في المحلات التجارية الكبرى. ولكن في الوقت الحالي لا نعرف ما إذا ستكون هناك تحركات مماثلة في قطاعات أخرى.

[ملاحظة هيئة التحرير: بعد المقابلة، قررت المركزية النقابية في القطاع العام ADEDYالدعوة إلى الإضراب ضد تدابير التقشف الجديدة يوم الأربعاء، وهو يوم تصويت البرلمان اليوناني على التدابير، وذلك خصوصا بفضل تدخل الرفاق الثوريين داخل المركزية النقابية.]

ماذا عن التعبئة وسط الشباب؟

فاني: الحقيقة أن فصل الصيف لا يساعد على التعبئة في الجامعات، بما أننا في خضم الامتحانات. على سبيل المثال، EAAK (منظمة طلابية مرتبطة بأنترسيا Antarsya) لم تسع إلى تنظيم اجتماعات أو مبادرات أخرى في الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، كان الكثير من الشباب موجودين في مختلف المظاهرات. ومن الواضح تماما أن الوضع السياسي حفز العديد من المناقشات وسط الشباب، خصوصا وسط المنظمين.

بشكل أعم، ما هو دور الثوار في بناء معارضة لمذكرة التفاهم الجديدة ولتدابير التقشف؟

فاني: أعتقد أن اليسار المناهض للرأسمالية لديه الآن فصاعدا دور حاسم ليلعبه لأن الحكومة حاليا تقترح هذه التدابير، بدعم من الأحزاب البرجوازية: الديمقراطية الجديدة، وحزب بازوك، وبوتامي Potami. وأنه فقط الحزب الشيوعي، وللأسف الفجر الذهبي هم من يعارضون هذه التدابير في البرلمان. نحن، اليسار المناهض للرأسمالية، هم الوحيدون الذين يتدخلون جذريا في النقابات، ونحن الوحيدون من يقول أن  الفجر الذهبي ليس البديل عن SYRIZA – وهذا هو ما يريدون أن يصدقه الناس، أنهم الوحيدون الذين يعارضون التقشف. موقف الحزب الشيوعي اليوناني كارثي لأنه يبقى في منطق عزلة، ويريد أن يظهر أن موقفه هو الأوضح لكنه لا يفعل شيئا ملموسا لوضع الجماهير في حركة النضال. لذلك أعتقد أن ما على مناهضي للرأسمالية القيام به هو التدخل قدر الإمكان داخل النقابات للدعوة إلى التظاهر وإبراز وجود معارضة صريحة لخطة التقشف الجديدة. ووسط الشباب، بدء من سبتمبر، سيكون  نفس الشيء ضروريا في الجامعات.

هل تعتقد أن الفجر الذهبي يمكن أن يستفيد من خيبة أمل الشعب في موقف تسيبراس؟  

فاني: هذه هي الإستراتيجية التي ينهجها الفجر الذهبي في الوقت الحالي. يقدم نفسه على أنه الوحيد  في المعارض لحكومة سيريزا. ويقول أن اليسار فشل ويقدم نفسه على أنه الخيار الوحيد لإنقاذ “الكرامة الوطنية”. ولكن ما زلت متفائلا، فمؤخرا، دافعت الحركة المناهضة للفاشية على عقد محاكمة الفجر الذهبي واستطاعت أن تبين أن أعضاء هذه المنظمة مجرمون، ونازيون. لذلك أنا متفائل، وهذا هو رأيي الشخصي، ولكن أعتقد أن الناس لم يخب أملهم من سيريزا لدرجة الميل للجانب الآخر. الشعور العام هو بالتأكيد خيبة أمل وهذا ما سيكون عليه، ولكن خصوصا مع فكرة أن تسيبراس اضطر للتفاوض في ظل ظروف صعبة للغاية، وأنه على الرغم من كل شيء تم إنقاذ البنوك، وأنه ربما سيبدأ الاقتصاد بالتعافي. هذا ما أعلنه تسيبراس صباح اليوم (13 يوليوز): يطلبزن منا تنفيذ تدابير قاسية، والتي يمكن أن تجعل الأمور صعبة في الأشهر المقبلة، ولكن في نهاية المطاف سوف نجد أنفسنا في وضع على نحو أفضل. على عكس الحكومات السابقة، فإن حكومة تسيبراس سوف تستفيد ربما من بعض التساهل لأنه يبدو أنها قد بذلت جهودا كبيرة وسعت لعرض نفسها على أنها إلى جانب العمال.

خلال حملة “لا” كانت هناك عدة مظاهرات للتضامن في أوروبا. هل كان هذا مفيدا للحملة هنا؟ وما الشكل الذي ينبغي أن يأخذ التضامن العالمي في الأسابيع أو الأشهر القادمة؟

فاني: كان مشجعا جدا أن يرى الناس أن هناك العديد من مظاهرات التضامن. في الأشهر المقبلة، من المرجح نزول النقابات إلى الشارع ضد إجراءات التقشف التي تريد الحكومة تمريرها. الشيء الأكثر أهمية هو أن تظهر النقابات في بلدان أخرى تضامنها، وأن لا يكون الأمر مجرد الأحزاب السياسية التي تشغل الرصيف في دول أوروبية مختلفة. ومن شأن ذلك أن يعطي الثقة للعمال اليونانيين، وربما يسمح حتى بقلب موازين القوى على المستوى الأوروبي.

مقابلة مع فاني  Fani، مناضل منظمة الشيوعيون الأمميون اليونان-سبارطاكوس OKDE Spartakos – أثينا، 13 يوليو 2015.

مقابلة أجراها وترجمها من الإنجليزية مراسلات ومراسلون في أثينا.

المصدر: https://npa2009.org/actualite/grece-la-gauche-anticapitaliste-dorenavant-un-role-crucial-jouer

تعريب المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا