تنسيقية المفروض عليهم التعاقد: صفحة نضال عمالي مشرقة

 

 

 

توهمت الدولة أن آلة إعلامها الجبارة وجحيم البطالة سيمنعان الأساتذة المفروض عليهم التعاقد من النضال ضد ظلم التعاقد.

لم يتأخر الأمر كثيرا، إذ انطلقت شرارة النضال من أعماق المغرب الفقير، حين أقدمت الدولة على إعفاء أستاذ بمدينة زاكورة. وبفعل حفز النقابة الوطنية للتعليم/ كدش بزاكورة بدأ النضال ضد إعفاء الأستاذ ثم ضد مجمل مخطط التعاقد.

انطلق النضال ليعم كافة مدن وقرى المغرب، وتناسلت التنسيقيات المحلية والجهوية انتهاء بتأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في مارس 2018.

منذ هذا التاريخ انطلقت دينامية تنظيمية لهيكلة المديريات الإقليمية وتأسيس المجالس الجهوية، وعقدت المجالس الوطنية بدورية شهرية.

شهدت هذه المجالس الوطنية نقاشات حامية بنفس ديمقراطي، عكست نقاش الجموعات العامة المحلية لبلورة تصورات النضال وبرامجه.

هذا علامة على صحة جسم التنسيقية، و على اهتمام قاعدة الأساتذة بمستقبل نضالهم وقضيتهم. إن الفرق كبير بين مجالس التنسيقية الوطنية المشتعلة بالنقاش والصراع المحموم، وبين الأجواء الباردة جدا التي كرستها البيروقراطيات عادةً داخل النقابات.

قتلت البيروقراطيات النقاش الداخلي، وأعدمت الديمقراطية الداخلية، متمكنة هكذا من تحويل القاعدة العمالية إلى جموع تجيش في المؤتمرات لتوافق على ما يقوله البيروقراطيون وما يصوغونه.

تتخوف البيروقراطيات النقابية من انتقال هذه التقاليد الديمقراطية إلى الجسم النقابي، لأنه سيدمر أساس سيطرتها على النقابات وإبعاد القاعدة العمالية. ولهذا تأخذ هذه البيروقراطيات كل الحيطة والحذر من هذا النضال، لكن إلى متى؟ فاستمرار تنسيقيات شغيلة التعليم (وضمنها تنسيقية المفروض عليهم التعاقد) في نهج الديمقراطية الداخلية ستؤثر في القاعدة العمالية داخل النقابات انتهاء باستعادتها لتخدم هدفها الأصلي: الدفاع عن حقوق الشغيلة بدل أن تكون ملحقا بجهاز الدولة البورجوازية؟

حافظ المجلس الوطني الأخير (21 يناير 2019) على هذه التقاليد الديمقراطية، حيث شهد نقاشا حاميا امتد أكثر من 20 ساعة. وقد عكست صفحة التنسيقية الوطنية على الفايسبوك جزء من هذا النقاش.

لا زالت الثقافة التنظيمية، وبخاصة ديمقراطية التسيير واتخاذ القرار تعاني بعض القصور، ولكن هذا حتمي في كل حركة تتلمس طريق البناء، خاصة في سياق دمر فيه القمع البورجوازي والعسف البيروقراطي كل التقاليد التنظيمية الديمقراطية وانتفت فيه كل ثقافة تنظيمية.

علينا الحافاظ على تقاليد الديمقراطية العمالية السائدة حاليا داخل التنسيقية وتطويرها، وأي تراجع عليها سيحول التنسيقية الوطنية (وغيرها من تنسيقيات شغيلة التعليم) إلى هياكل فارغة شبيهة بما آلت إليه النقابات العمالية.

انتهى المجلس الوطني للتنسيقية بتسطير برنامج نضالي ابتداء من 11 فبراير حتى 21 من نفس الشهر. تضمن البرنامج حملة تشهي بواقع التعليم، وإضراب لأربعة أيام (من 19 حتى 22 فبراير) ومسيرة وطنية يوم 20 فبراير 2019.

لقد قامت تنسيقية المفروض عليهم التعقاد، إلى جانب باقي تنسيقيات شغيلة التعليم، حتى الآن بما يفرضه واجب التصدي لهجوم الدولة على الوظيفة العمومية. يبقى على عاتق النقابيين الكفاحيين والفروع النقابية الكفاحية أن تعمل جاهدة لخرط النقابات في هذا النضال.

إنها فرصة تاريخية فتحها نضال الأجيال الجديدة لشغيلة التعليم أمام شعبنا للسير خطوة نوعية صوب الانعتاق من الاستغلال الاقتصادي الذي يرعاه نظام استبداد سياسي يخدم مصالح القلة ويلقي بأغلية المجتمع في أهوال البؤس ومهاوي الإقصاء الاجتماعي.

إلى الأمام فالنصر في متناولنا.

شادية الشريف

شارك المقالة

اقرأ أيضا