حقيقة الانتخابات والطريق الى تحقيق  التطلعات العمالية والشعبية

سياسة29 سبتمبر، 2016

للتحميل: tract حقيقة-الانتخابات-والطريق-الى-تحقيق-التطلعات-العمالية-والشعبية.pdf

بينما السلطات الفعلية، على جميع المستويات، مركزة في يد الملكية، في توافق تام مع الجهات التي تملي السياسات النيوليبرالية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي و الاتحاد الاوربي،…) ستجري مرة اخرى انتخابات يوم 7 أكتوبر 2016  لتكوين “مجلس نواب” هو في الآن ذاته إشراك من موقع هامشي جدا لأحزاب برجوازية فاسدة، وقناع لتمويه الاستبداد القائم بالمغرب منذ الاستقلال الشكلي.

إن جوهر دستور الحسن الثاني للعام 1962 هو الذي لا يزال ينفذ، واضعا السلطة الفعلية بيد شخص واحد، بعيدا عن اي ارادة شعبية، وذلك لخدمة مصالح الأقلية الرأسمالية المحلية وحلفائها الاستعماريين الجدد، من شركات اجنبية تنهب المغرب، وبنوك اجنبية تستنزف موارده  بآلية الديون الجهنمية.

النظام يرفض أي تنازل يمس سلطاته، معرضا عن جميع مطالب المعارضة “الاصلاحية” التاريخية، فارضا عليها الاستسلام التام بعد استعمالها في حكومة الواجهة (ما سمي تناوبا منذ استعمال عبد الرحمان اليوسفي “وزيرا أولا”).

لقد فرض الضغط الشعبي، الممارس بتظاهرات حركة 20 فبراير في العام 2011، في خضم الموجة الثورية التي هزت المنطقة، تنازلات طفيفة ووعودا قد يستغرق تطبيقها الناقص حتما عقودا من الزمن. حجم التنازلات متناسب مع حجم الضغط، حيث لم تتمكن حركة 20 فبراير من النمو وبلوغ القوة الكمية والنوعية لاحداث تغيير حقيقي.

الفقر المتزايد، والبطالة المستشرية، والتدمير المستمر لما تبقى من خدمات الصحة والتعليم العموميين، وتعاظم مشكل السكن، والمستقبل المظلم امام ملايين الشباب، والقهر الساحق لغالبية النساء، والاستغلال المفرط للطبقة العاملة، كل هذا لن يزداد إلا سوءا في ظل اي حكومة واجهة جديدة ستنتج عن مهزلة الانتخابات الجارية. هذا لان تحقيق التطلعات الشعبية يستلزم كنس المسرحية السياسية الجارية لستر الاستبداد والظلم، وتغيير النظام السياسي بآخر معبر عن إرادة الاغلبية العاملة والكادحة. وهذا لن يتحقق إلا بنضال جماهيري يخوض غماره ملايين ضحايا النظام السياسي والاقتصادي-الاجتماعي القائم. ولن تأخذ طاقة الكفاح لدى الجماهير الكادحة هذه الوجهة إلا عند وجود طليعة واعية تباشر التربية  السياسية للكادحين ضحايا التجهيل والتخبيل السياسي الذي تعاون فيه النظام ومعارضته المتحدرة من الحركة الوطنية البرجوازية.

إن المصيبة الكبرى التي حلت بعمال المغرب وعامة فقرائه هي فشل كل جهود بناء حزب العمال الاشتراكي الثوري، تحت ضربات القمع من جهة والتعثرات الذاتية من جهة أخرى. مصيبة هي في الآن ذاته سبب ونتيجة لتخلف الجماهير الشعبية السياسي الذي ظل يحصر رد فعلها على القهر الطبقي في تفجرات عفوية للغضب لا افق سياسي لها (1965-1981-1990،…)، ويجعلها اداة ضغط غير واعية بيد قوى برجوازية، لاسيما نقابيا، في مناوشات لا صلة لها بمصالحها الحقيقية،  ويجعلها سياسيا تتراوح بين الركض وراء اوهام و اضاليل  التغيير بالانتخابات والامتناع السلبي الانطوائي عن التصويت.

لا سبيل نحو تحقيق التطلعات الشعبية غير بناء ادوات النضال، بناء ديمقراطيا كفاحيا، وجمع نخبتها الارفع وعيا والاشد قتالية في حزب مستقل. هذا الحزب يعتمد النضال خارج المؤسسات سبيلا رئيسيا للارتقاء بالوعي العمالي والشعبي، سيسلك كل تكتيكات النضال التي يفرضها ميزان القوى بين الطبقات، ومنها الاستعمال المنبري للمؤسسات المنتخبة، وكل القنوات التي من شانها ان توقظ فئات تلو أخرى من جماهير الشعب ضحية التجهيل والتخبيل السياسي.

هذا منظور التيار العمالي الثوري، تيار المناضل-ة، الذي يلم اليوم قلة قليلة من المناضلين والمناضلات، نقابيين وشباب وشابات، الواثقين ان المستقبل لكفاح الطبقة العاملة مهما عظمت الصعاب المتراكمة منذ عقود، ومهما كان ضغط التطورات الإقليمية السلبية التي شهدتها منطقتنا في السنوات الخمس الأخيرة.

موقفنا من الانتخابات الجارية لا  يتفق و ما يسمى “مقاطعة” كما تمارس  تاريخيا في صفوف اليسار المغربي ولا مع مبرراته لذلك، لأن شروط مقاطعة  ثورية فعلية غير قائمة، ما  يجعل رفض الانتخابات تضييع فرصة استعمال  منبري ثوري لها، كما يرفض المشاركة المسوقة للأوهام التي تقوم بها قوى ناقصة النزعة الديمقراطية ولها مسؤولية جسيمة في ما يصيب الحركة النقابية المغربية من أعطاب بيروقراطية وهزائم كارثية. ليس لتيار المناضل ة قوة تنظيمية تمكنه من استعمال انتخابات النظام براية عمالية واشتراكية مستقلة،  ولا توجد تيارات ماركسية ولا حزب عمالي ولو اصلاحي نمنحه دعمنا النقدي ، لكن هذا الواقع الملموس لن يكون مبررا لمسايرة مواقف خاطئة من  الناحية العملية وضالة سياسيا.

سيصنع النظام حكومة واجهة جديدة لن تختلف عن سابقتها في شيء، فالأحزاب المرشحة لتوليها مجمعة، رغم التظاهر بالاختلاف، على مواصلة تطبيق سياسة صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوربي.

سيتصاعد الهجوم على ما تبقى من حقوق ومكاسب ونزر يسير من الحريات، واجبنا الانخراط التام في نضالات التصدي للهجوم بروح وحدوية وديمقراطية، وتنظيم قوى النضال، نقابيا وشعبيا، وسياسيا.  

التغير الشامل والعميق سيكون وليد نضالات طبقية جبارة لم تكن دينامية 20 فبراير الا تمرينا بسيطا قياسا بها. ان تامين الانتصار الناجز لتلك المعركة الفاصلة مشروط بتحقيق الاستقلال السياسي والتنظيمي للطبقة العاملة وهي مهمة انية على عاتق كل المناضلين الاشتراكيين العماليين ببلدنا.

تيار المناضل-ة 29 سبتمبر 2016

شارك المقالة

اقرأ أيضا