سكرتارية المكتب التنفيذي للأممية الرابعة: لا لأوامر الثالوث، وكل التضامن مع شعب اليونان

بيانات30 يونيو، 2015

يمثل إعلان اليكسي تسيبراس تنظيم استفتاء 5 يوليو/ تموز المقبل، حيث سيُطلب من الناخبين رفض اتفاق الثالوث (البنك المركزي الأوربي، اللجنة الأوربية، صندوق النقد الدولي) خبرا سارا لشعب اليونان، ولكل من يحارب في أوربا سياسات التقشف. نتمنى أن يصعد بكثافة من صناديق الاقتراع التصويت بــ”لا” .

إذن، لقد أتبث قادة الاتحاد الأوربي، مرة أخرى، عزمهم على تحقير الحقوق الأساسية لشعب اليونان بالسعي إلى فرض اتفاق مخز.  ويجرؤون، فضلا عن ذلك، على قول إن حكومة اليونان تجاوزت الخط الأحمر بإعلانها استشارة  السكان ديمقراطيا بواسطة استفتاء. إن رهان الأيام القادمة في اليونان، وفي أوربا برمتها، رهان حاسم.  يجب على كل قوى الحركة العمالية أن تهب تضامنا بوجه الهجمة المباشرة على شعب اليونان. سيقوم قادة أوربا من اليمين ومن الاشتراكية-الديمقراطية، بقصد إنقاذ مؤسساتهم الرجعية والبنوك، بكل ما في وسعهم لمحاربة خيار الناخبين اليونانيين الرافض والسعي لإرغام حكومة تسيبراس على الاستسلام أو الاستقالة.

منذ عشرة أشهر، كانت أهداف الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي بسيطة، إذ لم يكن بوسعهما قبول عدم انصياع حكومة اليونان لشروطهما، وعدم استسلامها بتطبيق اقتطاعات اجتماعية أخرى على سكان البلد وبإصلاح أنظمة التقاعد وبزيادة في ضريبة القيمة المضافة في مواد الاستهلاك اليومية والطاقة.  ليس من الوارد لدى قادة أوربا إفلات بلد من السياسة التي ينهجها الرأسماليون، والبنوك، والحكومات التي تفرض على السكان تقشفا بلا حدود. كان ينبغي إذن لميركل، و أولاند، و لاغارد، ويونكر أن يبينوا لشعوب أوربا الأخرى أن ليس ثمة سياسة بديلة، وأن الحقوق الديمقراطية، أيا كانت خيارات الشعوب  في الانتخابات، تقف حيث تبدأ قوة النظام الرأسمالي الكلية.  كما وجب إفهام شعب اليونان أن خيار الأكثرية لحزب يرفض التقشف لن يعرف غير الفشل أو الاستسلام، وأن على تسيبراس  أن يستقيل أو يقبل اتفاقا مخزيا، حتى وإن أدى الأمر إلى هدم حزبه والتحالف مع الاشتراكية الديمقراطية و اليمين.

لقد أبدى الناخبون اليونانيون، بتصويتهم في 25 يناير 2015 لحزب سيريزا، رفضهم الجلي لتنامي البؤس والبطالة الذين يعصفان بهم منذ العام 2010.

يعيش ثلث السكان، وثلثا المتقاعدين، تحت خط الفقر، ويوجد 28% من الشغيلة، و 60% من الشباب، في وضع بطالة.  تلك نتيجة السياسات المفروضة من ثالوث البنك المركزي الأوربي واللجنة الأوربية وصندوق النقد الدولي، وهذه الحياة التي لا تطاق هو ما سعى سكان اليونان إلى إنهائه برفض الأحزاب التي سببت هذه الكارثة.

منذ ستة أشهر، ابتغى تسيبراس هدفا مستحيلا، هدف التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوربي والبنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي لا يكون مرادفا لمعاناة جديدة لشعب اليونان؛  وسداد كل استحقاقات الديون دون زيادة سياسات التقشف؛ واحترام  التزامات سيريزا أمام ناخبيها مع  الوفاء بالتزامات الحكومات اليونانية السابقة إزاء الثالوث.  وقد ظن قادة أوربا يوم 20 فبراير/ شباط أنهم ربحوا الجولة لما وافق تسيبراس على اتفاق  يلزمه  بتدابير تقشف جديدة، بعد أن صرح  أنه سيفي بكل استحقاقات سداد الديون للبنك المركزي الأوربي ولصندوق النقد الدولي.

ومُنذئذ، ناورت حكومة اليونان بقرارات متناقضة، حيث جرى تأجيل التزامات بالعودة إلى الأجر الأدني بمبلغ 750 يورو، وإقرار اتفاقات عمل جماعية، وتواصلت خصخصة ميناء  بريه Pirée ، لكن الحكومة أعادت فتح التلفزيون اليوناني ERT  الذي مثل إغلاقه في عهد حكومة ساماراس الاهانة المفروضة من البنوك الأوربية والاتحاد الأوربي.  وصادق البرلمان في مارس/آذار على قانون ضد الأزمة الإنسانية، وعلى آخر حول متأخرات تحصيل الضرائب.

لكن، بوجه غطرسة قادة أوربا المتعاظمة، واعتبارا للضغط الشعبي ولمقاومة نواب حزب سيريزا و أعضائه، رفض تسيبراس شروط الثالوث، لاسيما خفض المعاشات وزيادة ضريبة القيمة المضافة.

وفي الأخير، لم يوقع أي اتفاق بين حكومة اليونان و “الدائنين”.  وبعد جولات تفاوض مجهضة، يوم 5 يونيو/ حزيران، رفضت الحكومة لأول مرة  سداد مستحقات دين بمبلغ 300 مليون يورو لصندوق النقد الدولي، كما هددت بالامتناع عن سداد مجمل استحقاقات شهر يونيو / حزيران (1,5 مليار).  وقد حُددت نهاية شهر يونيو/ حزيران أجلا للتسديد لصندوق النقد الدولي و في الآن ذاته لاستكمال الشطر الأخير من خطة ” الإنقاذ” بتسليم 7,2 مليار يورو  جمدها البنك المركزي الأوربي منذ تسعة أشهر.

أقتيد تسيبراس في الأخير إلى القطيعة كي لا يقبل الاستسلام التام الذي سعت إلى فرضه عليه لاغارد و أولاند  وميركل و يونكر.

يمثل إعلان تنظيم الاستفتاء اهانة لحكومات الاتحاد الأوربي ومؤسساته. في نوفمبر/ تشرين ثاني 2011 اعترض ساركوزي وميركل و باروزو  على محاولة باباندريو، وزير اليونان الأول حينئذ، تنظيم استفتاء سعيا للحصول على سند سياسي لاستسلامه  لشروط الاتحاد الأوربي.

ليس لدى قادة أوربا اليوم أي وسيلة لمنع  استشارة ديمقراطية ستنتهي  برفض أوامر الثالوث.

فصل جديد بات مفتوحا

 

في اليونان، وفي أوربا، ستتضافر قوى الأحزاب السياسية الليبرالية، يمينية ويسارية، كي لا يفتح الاستفتاء مسارا سياسيا جديدا في اليونان.  كانت حكومة اليونان مستعدة لمساومات عديدة لتفادي وقف السداد والقطيعة. وكان الثالوث يسعى بوجه خاص إلى اكتساء الاتفاق الدلالة السياسية لاستسلام اليونان لدائنيها. قد تفتح دينامية الأيام المقبلة طريقا آخر، طريق القطع مع شروط الثالوث، ووقف سداد الدين، طريق الالتزام الجذري بسياسة بديلة، وتطبيق البرنامج  الذي منح حزب سيريزا الأغلبية. بيد أن هذا يستلزم تعبئة وحدوية عريضة لقوى الحركة العمالية اليونانية للتمكن بسرعة كبيرة من إبطال محاولة  النسف التي بدأت.

سيتعاظم الضغط على حكومة اليونان وعلى نظامها البنكي عشية الاستفتاء. وقد أخرج في الأيام الأخيرة مدير بنك اليونان المركزي، وهو وزير سابق لساماراس، تقريرا مفعما بالتهويل هدفه الوحيد تسريع هروب الرساميل من بنوك اليونان، فيما جرى بين نوفمبر/ تشرين ثاني 2014 و مارس/ آذار 2015 سحب 30 مليار يورون ويقدر مبلغ ودائع كبار أثرياء اليونان بالخارج بـ400 مليار.

ورغم أن الحكومة لا تتكلم بعد عن تأميم النظام البنكي، فقد عمدت إلى إرساء رقابة على البنوك.

وقد سلمت لجنة افتحاص ديون اليونان، بتفويض من البرلمان، تقريرها يوم 18 يونيو/حزيران، مبرهنة على طابع تلك الديون اللامشروع والكريه، مبرزة أن أقل من 10% من قروض “الإنقاذ” خُصصت لنفقات جارية، فيما جرى استعمال القسط الأعظم من قبل بنوك ألمانيا وفرنسا للتحرر من قروضها المبرمة في السنوات السابقة.  وقد ساند 49 من نواب حزب سيريزا، بعد هذا التقرير، تنظيم نقاش بالبرلمان نحو رفض القسم الأكبر من هذه الديون اللامشروعة و الكريهة.

إن رهان الأيام المقبلة رهان حاسم لسكان اليونان ولكل من يتعرضون للتقشف.

يجب أن نبني في أوربا برمتها جبهة تضامن مع شعب اليونان. يجب تصويب كل ضرباتنا إلى قادة الاتحاد الأوربي وحكوماته، الذين يخشون، بحسهم الحاد بمصالح الرأسماليين، أن يستنكر شعب اليونان يوم 5 يوليو/تموز سياستهم القائمة على الاحتقار والتقشف استنكارا يكون مثالا لباقي سكان الاتحاد الأوربي الكادحين.  كما يخشون أن يتطور هذا السياق إلى تجدد التعبئة الشعبية باليونان، ما قد يصعب أكثر مناورات خنق حكومة تسيبراس أو إطاحتها. وعلى غرار النجاحات الحديثة لحزب بوديموس في الدولة الاسبانية، مع انتخاب رؤساء بلديات مناهضين للتقشف بمدن رئيسة عديدة بالبلد،  يُبرز وضع اليونان أن الاستياء الاجتماعي قد يجد في أوربا مخرجا سياسيا غير حلول اليمين المتطرف الأوربي الدنيئة الكارهة للأجانب وذات النزوع الفاشي.

من أجل رفض كثيف لشروط الثالوث يوم الأحد المقبل

 

كلنا مع شعب اليونان !

تعريب المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا