صدور العدد 60 من جريدة المناضل-ة، مايو 2015

تحميل العدد: العدد 60 pdf

إفتتاحية العدد:

هدفنا ارتقاء طبقة الشغيلة إلى مصاف ذات سياسية مستقلة

يستمر على مختلف الجبهات ويحتد استهداف الطبقة العاملة، وعامة المضطهدين. إذ يجري ضرب مكاسب وقمع حريات لتمهيد طريق هجمات اشد شراسة يقتضيها سعي حكام البلد وبرجوازيوه لفك أزمة اقتصادهم المأزوم، كما الخضوع التام لمؤسسات الامبريالية، من اتحاد أوربي ومؤسسات مالية دولية.  لقد استعادت الطبقة السائدة  التحكم بشدة بالوضع بعد هزة العام 2011، فاستأنفت سياستها السابقة بعد تباطؤ وتردد فرضهما الضغط الشعبي.

 إلغاء ما تبقى من صندوق دعم مواد الاستهلاك الأساسية، وتسريع إضفاء الليبرالية على الاقتصاد، وتجميد الأجور، وسعي إلى إلغاء مكاسب أنظمة التقاعد، واستفحال البطالة وهشاشة الشغل وتردي ظروفه، وتشديد الاستغلال، وقهر النساء، وتمادي في تفكيك الخدمات الاجتماعية لصالح الرأسمال الخاص، وتكريس نظام ضريبة قاهر للأغلبية، وإلغاء فعلي للحريات الديمقراطية،… تلكم عناوين رئيسة لسياسة تدبير أزمة الاقتصاد التابع على ظهر الطبقات الشعبية.

 لا يجري هذا العدوان دون مقاومة عمالية وشعبية: فشغيلة الدولة، وعمال القطاع الخاص بدرجة أقل، يتصدون نقابيا، دفاعا عما تبقى من حريات ومكاسب، لكن في شروط إضعاف للحركة النقابية، بقمع قاعدتها، وبدمج قممها في آلية أرباب العمل ودولتهم لتدبير الاحتقان الاجتماعي. فقد تمادت القيادات النقابية في تعطيل القوة العمالية المنظمة، وفي إهمال الكامن منها، واضعة مصالحها، بما هي فئة ذات امتيازات، فوق مصالح الطبقة العاملة برمتها. وإن كان وضعها الوسيط بين طبقتي العمل والرأسمال يفرض عليها تحريكا مضبوطا بين فينة وأخرى، فإنها لا تتردد في خنق كفاحات عمالية واعدة بامتناعها عن تنظيم التضامن، وبرفض توحيد فعلي للنضالات، وبقمع المعارضين لخطها الاستسلامي. كما تضعف حركة العمال بعزلها عن حركة النضال الشعبي، من معطلين وطلاب وكادحي القرى والأحياء الشعبية.

 وإن كانت قوى الطبقة العاملة المغربية وازنة موضوعيا، بفعل دورها في تحريك آلتي الإنتاج والإدارة، فإنها قاصرة ذاتيا. ولا شك أن أعظم أوجه هذا القصور متمثل في تخلف سياسي قل نظيره. تخلف تعبر عنه هامشية اليسار المنتسب إلى القضية العمالية، واقتصار النضال العمالي على جبهته النقابية تحت لواء قيادات متعاونة مع المستغلين ودولتهم.

 لا يستقر تحسين وضع طبقة الأجراء في ظل الرأسمالية، فكلما تأزمت استدارت لتدمير المكاسب العمالية والشعبية. وإن ما يضفي أهمية بالغة على النضال النقابي إنما هو ما يمثل من مدرسة حرب، يرقى فيها وعي العمال الجمعي في خضم تجارب الكفاح. بيد أن النضال النقابي وحده غير كاف لارتقاء الشغيلة سياسيا. يجب أن يتدخل العمال في الحياة السياسية بكل أبعادها، بمنظور طبقي مستقل، وساع إلى اقتياد باقي الكادحين نحو بديل مجتمعي جذري شامل.

بعبارة أخرى، العمال بحاجة إلى حزب سياسي لقيادة نضالهم على كل الجبهات، مستعملا كل فرص التربية السياسية للكادحين، باستخدام مؤسسات ديمقراطية الحاكمين الزائفة، وبالنضال خارجها أساسا. بناء هذا الحزب مهمة المناضلين والمناضلات حاملي الفكر البروليتاري بارتباط مع طلائع النضال، عماليا وشعبيا، وشبيبيا ونسائيا.

وتمثل اخفاقات اليسار العمالي على طريق بناء حزب العمال، بدءا بالحزب الشيوعي المغربي، ومرورا بيسار 1960-70 الراديكالي، رصيد دروس لجيل اليوم المناضل في شروط تاريخية مغايرة، ميزتها العظمى فقد الاشتراكية مصداقيتها بعد تجارب تدبير الاشتراكية-الديمقراطية للرأسمالية ومصيبة الستالينية، وتفكك حركات التحرر الوطني. هذا فضلا عن تحولات عميقة ناتجة عن الهجمة الليبرالية الجديدة مست بنية الطبقة العاملة ومقدرتها على النضال كالخوصصة، والمناولة، واتساع الهشاشة وفرط الاستغلال .

ان تحرر الشغيلة من الهيمنة السياسية لقوى غير عمالية، الناتجة عن ظروف خوض النضال ضد الاستعمارين القديم والجديد، وتشكلهم في ذات سياسية مستقلة كامن في تجدد النضال الطبقي وفي قدرة اليسار الثوري على توجيه أنظار الطبقة العاملة نحو حقيقة دولة أرباب العمل، بتنظيم  تشهير سياسي فعلي لما يطال حقوقها وحقوق باقي الفئات الكادحة من تعديات،  بدل الاكتفاء بمطالب محض نقابية أو المطالبة بتشريعات قانونية، وتخصيب كفاحات اليوم  بأفضل تقاليد الحركة العمالية والشعبية محليا وعبر العالم.

أن تستقل طبقة  العمال سياسيا هي امتلاكها المقدرة على التعبئة من أجل مصالحها الخاصة، أي تحقيق وجود في الساحة السياسية والاجتماعية بنضالات جماعية ومنظمات، على قاعدة تجارب ومرجعيات ومنظورات مشتركة. وهذا ليس  معطى متحققا بمجرد امتلاك نفس الموقع في بنية المجتمع. إنه مشروع يتطلب التحقيق وهدف للنضال. وهو الهدف الذي يجمع تيارا من المناضلين والمناضلات حول جريدة المناضل-ة ويجعلهم منفتحين على التعاون مع كل من يتوق إلى هذا الهدف.

 المناضل-ة

================

شارك المقالة

اقرأ أيضا