لماذا يجب أن يكون للعمال حزبهم الخاص؟

سياسة4 يوليو، 2015

نشر هذا النص ضمن مواد عدد 60 من جريدة المناضل-ة

بقلم: العاصي

إرتبط ظهور الشغيلة عبر التاريخ بظهور وتسارع وثيرة إنتاج الآلات( آلات النسيج والغزل…) خلال القرن الثامن عشر، وبفعل المنافسة والتطور الذي شهده إنتاج الآلة تزايد عدد الذين يعملون لقاء أجر، في حين انخفض عدد الذين يملكون وسائل الإنتاج.
هكذا ساهمت التطورات التي شهدتها كل من: التجارة وتقسيم العمل والصناعة الكبرى… في زيادة عدد المضطرين/آت لبيع قوة عملهم لضمان عيشهم ورزقهم بل كل ما يتعلق بحياتهم. إنها الطبقة العاملة.
لم يكن أمام الشغيلة(الحلقة الأضعف) منذ ذاك الزمان، أن تقف ساكنة أمام تعديات المالكين الباحثين عن زيادة أرباحهم، سوى تنظيم رد فعل عفوي كان بداية بتكسير الآلات فتطور بعدها إلى أخر منظم بتنظيم الإضرابات في المعامل واحتلال للشوارع نظمته نقاباتهم المتنوعة. لم تقتصر مطالب العمال والعاملات منذ ذاك التاريخ بمطالب تحسين المعيشة وزيادة الأجور أو الدفاع عن حقوقهم الديمقراطية في التعبير والرأي، بل تطورت مطالبهم ووضعت نصب عينيها الحصول على السلطة والقضاء على نظام العمل المأجور(الرأسمالية) وتسيير شؤونها بنفسها، كان ذلك من خلال تكوين العمال والعاملات لأحزابهم الخاصة منذ نهاية القرن التاسع عشر. وكان أن تحقق للعمال انتزاع السلطة من البورجوازية (الثورة الروسية لعام 1917 خير مثال).

لا بديل للعمال غير حزب ثوري مستقل خاص بهم
يُمكَن تتبع التجارب التاريخية لكفاحات العمال استخلاص درس استحالة انتزاع الطبقة العاملة لكامل حريتها الكاملة بواسطة شن النضال الاقتصادي من خلال أداتها النقابية فقط. فالنضال الاقتصادي لوحده غير كاف لتطوير حس ووعي العمال من أجل فهم علاقات الإنتاج السائدة وفهم موقعهم في الإنتاج الرأسمالي. لهذا باشر العمال مسترشدين بنظرية تضع الملكية الخاصة موضع تساؤل، بناء أحزاب مستقلة خاصة بهم من خلال ما استنتجوه من دراسة للتاريخ البشري.
أن يكون للشغيلة حزب ثوري خاص بهم، معناه أن بإمكان العمال والعاملات فهم طبيعة المجتمع البورجوازي، معناه فهم كيف يستلب النظام الرأسمالي العقول بواسطة أكاذيب وسائل الإعلام المتنوعة التي تبرر بقاء هرمية المجتمع ودوام العمل المأجور. أن يكون للعمال حزب خاص بهم، يعني أن العمال سيعون أن الدولة(قوانين، درك…) في خدمة البورجوازية. سيتمكنون من فهم طبيعة أن الدولة الرأسمالية التي تقمع كل مطالبهم(نزول البوليس لقمع إضراب ما بدل سجن الباطرون الذي خرق حقوقهم) هي خادم أمين للبورجوازية.
حزب المأجورين والمأجورات هو الذي بإمكانه الحفاظ على رصيد نضالات الطبقة العاملة من خلال استخلاص دروس نضالاتهم وكفاحتهم. لن تستطيع الطبقة العاملة مراوحة مكانها وتجاوز وضعية عبوديتها من خلال تحررها بواسطة النضال النقابي وحده. إن حزب الطبقة العاملة الثوري هو الذي لا يريد وضع حدود لمطامحها التي توجهها البورجوازية نحو البرلمانات ونحو صناديق الاقتراع البورجوازية، إن حزب الشغيلة هو الذي يضع بين يدي مجمل الطبقة العاملة حلا لوضعية البؤس الاجتماعي التي تفرضه البورجوازية، إنه حل النضال الطبقي الشرس من أجل القضاء البورجوازية نهائيا.
يجب أن يستوعب كل العمال والعاملات من خلال تجاربهم النضالية أن حزبا خاصا بهم هو الحزب الوحيد الذي يمثل كل فئات الشغيلة (المختلفة) وكل المتضررين من ويلات العمل المأجور(فقراء الفلاحين، عاطلين…).
حزب العمال والعاملات هو الوحيد الذي بإمكانه إقناع باقي المتضررين من نير الرأسمالية أن مصلحتهم تكمن في مساندة حزب الشغيلة وأن الخروج من التعاسة التي يفرضها النظام الرأسمالي تقع على عاتق الطبقة العاملة لوحدها ودعم نضالاتها.
حزب الطبقة العاملة هو الذي يدعو ويعمل من أجل توجيه نتائج الظلم الرأسمالي نحو هدف وحيد هو الإطاحة برأس نظام العمل المأجور: البورجوازية، من أجل إقامة مجتمع المساواة، والعدالة، والحرية والكرامة. المجتمع الاشتراكي.
الحزب العمالي الحقيقي هو الحزب الذي ينهض بوعي العمال من مطالبهم الآنية الضرورية(زيادة الأجور، و ضمان اجتماعي، وصحة وسكن اجتماعيين…) بوجه الاستغلال الرأسمالي إلى ضرورة القضاء نهائيا على الرأسمالية من خلال انتزاع سلطة البورجوازية والإمساك بدفة قيادة المجتمع، تلك هي مهام الحزب الاشتراكي الثوري.

شارك المقالة

اقرأ أيضا