مقابلة جريدة المناضل-ة مع أحد عمال شركة ديلفي للكابلاج المضربين عن العمل

 

 

 أجرت جريدة المناضل-ة الحوار التالي مع أحد عمال شركة ديلفي للكابلاج المضربين عن العمل منذ يوم الخميس 2018/06/07 ابتداء من الساعة السادسة صباحا، في كل فروع الشركة بمدن القنيطرة ومكناس وطنجة…

تأتي هذه المقابلة والمعركة تشهد منعطفا خطيرا يتمثل في ترهيب العمال بمنازلهم وتخييرهم بين استئناف العمل أو الاعتقال، والتهديد بمنع ممثلي المضربين من ولوج الشركة. تريد الدولة وأد إضراب عمال وعاملات ديلفي باستعجال. إنها تحاول وقف تطور موجة إضرابية برية (عمال/آت غير منظمين نقابيا) توجد كل شروطها في طنجة، وفي عموم القطاعات الجديدة المرتبطة بالتصدير المعروفة بحدة الاستغلال.

ستعود جريدة المناضل-ة بمتابعات لمستجدات يوم الإثنين 11 يونيو الجاري، وخاصة التدخل القمعي في حق عمال دلفي المضربين، والذي خلف إصابات…

 فيما يلي نص الحوار:


–   ما السبب المباشر الذي فجر معركتكم النضالية؟

– السبب المباشر الذي دفعنا للقيام بهذه المعركة هو أننا قانونيا لازلنا نشتغل تحت اسم الشركة الأصلية، أي DELPHI  وليس APTIV لكن عند استلامنا لأجرنا الشهري تفاجأنا أن التحويل البنكي مرّ تحت اسم APTIV ونحن لم نوقع أي عقد أو وثيقة مع الشركة تحت هذا الاسم الجديد. و بما أننا لم نستلم أي مستحقات أو تعويضات من الشركة DELPHI ، أصبح مستقبلنا المهني مظلما في غياب توضيحات، خصوصا بعد التعتيم ولغة الخشب التي مارسها مسؤولو الشركة في الأيام الماضية (قبل الاحتجاج) حيث كان ادعائهم أن الشركة غيرت اسمها التجاري فقط.

–   ما هي أشكال الاحتجاج التي خاضها العمال حتى الأن؟

– جاء احتجاجنا ردا على ادعاءات مسؤولي الشركة أن التغيير يمس الاسم التجاري لا غير. لكن عندما حاول البعض الحصول على قرض بنكي، أو طلب الفيزا، كان طلبه يُرفض بمبرر أن الأجير يعمل في شركة حديثة العهد، أي أن وجودها القانوني لم يمر عليه شهر واحد، وبالتالي عليه أن يتم سنة كاملة ابتداء من 01 يونيو 2018 إلى 01 يونيو 2019، يمكنه بعدها التقدم لطلب قرض بنكي أو طلب فيزا. هذا ما جعلنا نشكك في مصداقية خطابات المسؤولين بالشركة حول مسألة تغيير الاسم فقط أو أن الأمر أكثر من ذلك، وبالتالي ضياع حقوق الأجير المترتبة عن سنوات الأقدمية.
أشكال احتجاجنا العمّالي تتم بوعي كبير من طرف العمال تنظيما وشعارات تطالب بحقوقنا القانونية، حيث لم يكن هناك أي نوع من الشتم والسب بأي شكل من الأشكال، كما أن جميع فرق العمال حافظت على مواقيت دخولها للشركة دون الولوج لأي من المرافق العمومية كنوع من الإشارة إلى جدّية الاحتجاج. كما أن وقفاتنا الاحتجاجية كانت في الأغلب أمام بوابة الإدارة المكلفة بالموارد البشرية واللوجستيك، كما تشكلت لجنة داخلية متسترة لترصد أي عناصر دخيلة تتظاهر بتضامنها مع العمال وذلك حتى نتفادى إشعال فتيل التفرقة وأي شيء من شأنه الإضرار باحتجاجنا السلمي.

– كيف ينظم العمال أنفسهم وكيف يتخذون قراراتهم؟

– وقفاتنا الاحتجاجية عبارة عن وقفة تحمل شعارات ضد الاضطهاد والممارسات غير المشروعة في حق العامل، إضافة إلى أن المحتجين التزموا بالمشروعية والحق القانوني في الاحتجاج من خلال وقفات سلمية دون أعمال فوضوية أو تحريض على الشغب داخل المصنع، الشيء الذي رفع من قيمة الاحتجاج لدى السلطات المحلية.
اتخاذ القرارات كان عبر حلقة نقاش تتيح لكلٌ عامل حق الكلام وإبداء الرأي، وكنا نأخذ النقاط الأساسية والمهمة لنجعلها أساسا لوقفتنا الاحتجاجية. وكما أسلفت الذكر يقوم عشرة أشخاص مكلفين منا بتبيلغ أفكارنا للمسؤولين بالشركة والسلطات المحلية وذلك ما يظهر عبر العديد من الفيديوهات المباشرة عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

– هل هناك لجنة إضراب؟

– في بادئ الأمر لم يكن هناك لجنة إضراب، يعني فقط عمال أحسوا بخطر ضياع حقوقهم فقرروا التوقف عن العمل معلنين احتجاجهم، لكن بعد ذلك تم تحديد أشخاص نثق بهم من أجل أن يكونوا في الواجهة، بمعنى آخر ليتكلموا نيابة عن 6000 عامل بمصنع DELPHI route de Rabat TANGER وبما أن أوقات العمل اليومي مقسمة على ثلاثة فرق (صباحية، مسائية، ليلية) تم تحديد لجنة من 10 أشخاص لكل فريق عمل.

– هل هناك تنسيق بين عمال المصانع الخمسة للشركة بكل من طنجة ومكناس والقنيطرة؟

– نعم هناك تنسيق بين جميع فروع الشركة بالمملكة عبر اتصالات ونقاشات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 –  ما هي مطالب الحركة الاضرابية الجارية؟

–  مطالبنا أو بالأحرى مطلبنا الوحيد هو تسوية حقوقنا المادّية والقانونية، حتى نضمن حقّنا وعدم ضياعه تحت ظلّ التعتيم الذي مرّ فيه تغيير الاسم التجاري للشركة.

–   كيف تعاملت الشركة مع الإضراب وما موقف السلطة؟

– كالعادة تعاملت الشركة في بادئ الأمر باستهتار، وقامت بخطوة استباقية عبر ادعائها بأنها ستضيف ملحقا لعقد عملنا، تضمن به عدم ضياع مستحقاتنا وعدم المس بأقدميتنا. لكن ذلك الملحق لم يكن يحتوي على ختم ولم يكن يحمل صبغة قانونية، الشيء الذي دفعنا لرفضه رفضا باتا لأننا نعمل مع شركة اسمها “ديلفي” وليس “أبتيف”. ما دفع الشركة إلى الدخول في نقاشات مع العمال المضربين عن العمل مباشرة ولكن كالعادة كان في نقاشهم نوع من لغة الخشب والضحك على الذقون، وبالتالي نحن لا نزال مضربين. هذا ما جعل الشركة تتخذ قرارها الأخير القانوني بإعلام السلطات المحلية المختصة في هذه الحالات، وحضرت السلطات بدورها للاستفسار عن أسباب الاحتجاج. وكالعادة تم استحمارنا من طرفهم والتعامل معنا بتعال واستهتار، فما كان لنا سوى استقبال حججهم دون الرد عليها في انتظار توصل محامينا بمعلومات حول الشركة وحول وضعيتها القانونية.

– هل هناك عمال غير مضربين وما نوع تعاقدهم مع الشركة؟

– نعم، كان هناك عمّال غير مضربين، يعمل بعضهم في الشركة بعقود عمل مفتوحة الآجال، ولكن أغلب العمال غير المضربين هم ذوو عقود محدودة الآجال لم يتمموا السنة داخل الشركة لكن عددهم ضئيل لا يتجاوز الألف عامل وعاملة.

هل يؤثر عمل غير المضربين على سير الإضراب أم أن المضربين يوجدون في قطاعات العمل الرئيسية التي بإمكانها شل حركة العمل مع وجود غير المضربين؟

– من خلال أعداد المضربين فتأثير “غير المضربين” على الاحتجاج لن يؤثر ولو قليلا بل على العكس تم تفهم وضعيتهم بالنظر لعقودهم المحدودة المدة. وكذلك في ظل أساليب الترهيب التي مورست عليهم، أما المضربون فكانوا من جميع القطاعات سواء الرئيسية أو الفرعية وأظن أن هذا واحد من بين الأسباب التي تركت احتجاجنا يأخذ منحى إيجابيا بالنسبة لنا.

ماهي أخر مستجدات المعركة؟

– أخيرا تم هذا المساء على الساعة 16:00 لقاء بين المدير العام للشركة وعدة أشخاص لهم مناصب مهمة بالشركة إضافة إلى السلطات المحلية الممثلة في شخص الوالي، ونائب مفتشية الشغل بالإضافة إلى شخصيات أخرى وازنة.
تم خلال هذا اللقاء التوصل إلى حل نهائي شفوي لحل المشكل، وهو أن الشركة ستتنازل عن اسمها الجديد “أبتيف” والعودة للاسم السابق “ديلفي” حتى لا يتم المس بأي شيء، وبالتالي العودة القانونية لما كانت عليه الشركة قبل التغيير.  ويتم ذلك خلال 48 ساعة المقبلة، ما  لقي استحساننا، لكننا أعلنا عن استمرارنا في الوقفة الاحتجاجية حتى نرى الحل المقترح ساري المفعول، وذلك بعد الاجتماع المقرر يوم الاثنين على الساعة العاشرة صباحا بين اللجان المنظمة للاحتجاج ومسؤولي الشركة، كذلك بمصادقة السلطات المحلية التي التزمت بدورها الحيادية والشفافية حول مقترحهم وأنهم سيظلون معنا حتى نطمئن قانونيا لالتزام الشركة بعودتها للاسم السابق “ديلفي” و ذلك عبر أوراق قانونية مثبتة وأنهم يلتزمون بعدم المسّ بأي عامل من المضربين.
بالتالي نستطيع القول إن الإضراب حقق نجاحا ساحقا حاليا على الممارسات اللاأخلاقية للشركة في انتظار ما سيحمله اجتماع يوم الاثنين، وحتى ذاك الحين فالعمال لازالوا مضربين عن العمل حتى أخر لحظة بعد الاجتماع.

ومن المستجدات أيضا، لوحظ أن مجموعة من العمال قد اشتكوا من زيارات أعوان السلطة “المقدمية ” اليوم الأحد 2018/10/06 لمحلات سكنهم حيث توجّهوا لهم بلغة خشنة فيها نوع من التهديد، أي يجب أن يلتحقوا بعملهم غدا الاثنين 2018/06/11، وقد عبر هؤلاء العمّال عن قلقهم من هذا الفعل الذي لا يمس فقط الحريات الشخصية في قرار الإضراب عن العمل، بل يمس مدى مصداقية السلطات في تدخلها لفك النزاع بين العمال والشركة، مما يضعنا أمام أسئلة كبيرة من بينها ما مدى تواطئ السلطات في السبب الذي أدى بنا للاحتجاج؟

كما أنه تم إبلاغنا أنّه قد تقرر توقيف نحو 60 عامل من المضربين وأغلبهم ممن كانوا من اللجان التي تتحدث باسم العمال والعاملات وذلك ضمن محاولات ترهيب المضربين الأخرين من أجل وقف إضرابهم.

إضافة إلى ترويج فكرة أنّه سيكون هناك تدخل عنيف من طرف السلطات في حالة استئنافنا للإضراب غذا، وهذا ما يتنافى بتاتا ووعود والي طنجة الذي قال بلسانه وعلى مرأى ومسمع من الجميع في فيديو مباشر على الفايسبوك أنه لن يمسنا أي ضرر لأن وقفتنا هي قانونية وسلمية.

أجرى الحوار مراسل جريدة المناضل-ة، صباح يوم 10 يونيو 2018 .

شارك المقالة

اقرأ أيضا