من أجل استيلاء الشعب على السلطة: عشر مقترحات من أجل تفادي إعادة انتاج الاستسلام الذي شهدناه في اليونان

بلا حدود16 يناير، 2017

 

 

بقصد تفادي إعادة انتاج الاستسلام الذي شهدناه في اليونان في العام 2015، اتقدم بعشر مقترحات حول استيلاء الشعب على السلطة [1]

اول اقتراح هو وجوب تمرد حكومة يسارية، بشكل واضح ومعلن مسبقا، على اللجنة الأوربية. إن الحزب، أو تحالف الأحزاب، الذي يعلن العزم على ممارسة الحكم، وأنا افكر طبعا في اسبانيا، عليه الاْ يطيع، منذ البدء، متطلبات التقشف، وعليه أن يلتزم برفض توازن الميزانية. يجب قول: “لن نحترم الواجب الذي تمليه الاتفاقات الاوربية باحترام توازن الميزانية” لأننا نريد زيادة النفقات العامة لمحاربة التدابير المدمرة للمكاسب الاجتماعية والاجراءات التقشفية، ومن أجل الشروع في الانتقال البيئي. لذا فإن أول نقطة هي الالتزام على نحو واضح ومصمم على اعلان شق عصا الطاعة. بنظري، بعد الاستسلام اليوناني، من الجوهري التخلي عن وهم الحصول من اللجنة الاوربية وباقي الحكومات الأوربية على احترام الإرادة الشعبية. استمرار هذا الوهم سيقودنا الى الكارثة. يجب ان نعلن العصيان.

 النقطة الثانية: الالتزام بالدعوة الى التعبئة الشعبية. سواء على صعيد كل بلد أو على صعيد أوربي. هذا أيضا فشل السنة الماضية في اليونان. جلي أن الحركات الاجتماعية الأوربية لم تكن في المستوى فيما يخص المظاهرات، التي جرت طبعا، لكنها لم تبلغ مستوى التضامن الكافي مع شعب اليونان. لكن صحيح أيضا أن التوجه الاستراتيجي لحزب سيريزا لم يكن معولا على الدعوة الى التعبئة الشعبية على صعيد أوربي، ولا حتى على الدعوة إلى التعبئة الشعبية في اليونان. وعندما دعوا الى التعبئة باستفتاء 5 يوليو 2015، فكي لا يحترموا لاحقا الارادة الشعبية لنسبة 61% من اليونانيين الذين رفضوا إطاعة متطلبات الدائنين.

النقطة الثالثة: الالتزام بتنظيم افتحاص للديون مع مشاركة المواطنين. يجب ان يكون هذا الافتحاص متزامنا مع تعليق سداد الديون. الأوضاع متباينة في البلدان الثمانية والعشرين المشكلة للاتحاد الأوربي. ثمة بلدان أوربية يمثل فيها وقف سداد الديون ضرورة مطلقة وذات اسبقية، مثل حالة اليونان، وكذا البرتغال وقبرص. في اسبانيا سيتوجب النظر في الأمر. وفي بلدان اخرى يمكن القيام اولا بالافتحاص ثم اتخاذ قرار وقف السداد.  يجب تطبيق هذه التدابير باعتبار الوضع الخاص بكل بلد.

الاجراء الرابع: ارساء عمليات مراقبة لحركات الرساميل. واعتبار ما يعينه الأمر.  أي السير ضد الفكرة التي مؤداها انه يمنع على المواطنين نقل بضع مئات من اليورو الى الخارج.  جلي ان المعاملات المالية الدولية  سيكون مسموحا بها في حدود معينة. وعلى العكس، المقصود ارساء رقابة صارمة على حركات الرساميل التي تفوق مبلغا معينا.

الاجراء الخامس: تشريك القطاع المالي وقطاع الطاقة. بنظري لا يقتصر تشريك القطاع المالي على تطوير قطب بنكي عام. المقصود إعلان احتكار عمومي للقطاع المالي، أي البنوك وشركات التأمين. المقصود تشريك للقطاع المالي تحت رقابة المواطنين. أي تحويل القطاع المالي الى خدمة عمومية.[2]. في إطار الانتقال البيئي، طبعا، يمثل كذلك تشريك قطاع الطاقة اجراء ذي اولوية. يستحيل أي انتقال بيئي دون احتكار عمومي لقطاع الطاقة، على صعيد الانتاج كما التوزيع.

 المقترح السادس: إحداث عملة تكميلية، غير قابلة للتحويل. سواء عند مغادرة منطقة اليورو او البقاء فيها، لابد من إحداث عملة تكميلية غير قابلة للتحويل. أي بعبارة أخرى، عملة تفيد، في دارة قصيرة، في المبادلات داخل البلد. مثلا، من أجل أداء الزيادة في معاشات التقاعد، وزيادة أجور الموظفين، وأداء الضرائب، واداء الخدمات العامة… إن استعمال عملة تكميلية يتيح الفكاك والخروج جزئيا من ديكتاتورية اليورو والبنك المركزي الاوربي. طبعا، لا يمكن تفادي النقاش حول منطقة اليورو. اعتقد ان الخروج من منطقة اليورو هو أيضا خيار يجب الدفاع عنه في بلدان عديدة بصفتنا نقابات وأحزاب طبقية. لا يمكن لبلدان عديدة بمنطقة اليورو أن تقطع فعلا مع التقشف وتطلق انتقالا اشتراكيا بيئيا دون مغادرة منطقة اليورو.  بنظري يجب، في حالة مغادرة منطقة اليورو، القيام بإصلاح نقدي قائم على إعادة التوزيع.

ماذا يعني هذا؟ معناه أي يقرر، مثلا، أن سعر الصرف في حدود 200 الف يورو سيكون 1 يورو لكل 100 بسيطة. لكن فوق 200 الف يورو (أو ربما فوق 100 الف) سيكون سعر الصرف 1,5 يورو للحصول على 100 بسيطة. وفي مستوى أعلى سيكون 2 يورو. وفوق 500 الف  يجب اعطاء 10  يورو للحصول على 100 بسيطة. هذا يعني اصلاحا نقديا قائما على إعادة توزيع. هذا يخفض السيولة المتداولة ويعيد توزيع الثروة السائلة للأسر. وطبعا يلغي هذا قسما من الاصول  السائلة لـ 1% الاكثر غنى. هذا علما أنني لا أعرف بدقة معطيات بلاد الباسك واسبانيا، لكن زهاء نصف السكان لا ادخار لديهم، و30% من السكان الاقل غنى عليهم ديون ولا أصول سائلة لديهم. وقد يكون لديهم ملكية سكن (برهن أو بدونه)، لكن هذه النسبة من السكان لا رأسمال لديها.

 الاجراء السابع: انه طبعا الاصلاح الجذري لنظام الضريبة. الغاء ضريبة القيمة المضافة على المواد والخدمات الاستهلاكية الاساسية، مثل الأغذية والماء والكهرباء ومواد اساسية أخرى. وعلى العكس الزيادة في ضريبة القيمة المضافة على مواد ومنتجات البذخ، الخ. كما أننا بحاجة الى زيادة الضرائب على أرباح المقاولات الخاصة والدخول التي تتجاوز حدا معينا. أي بعبارة أخرى ارساء نظام ضريبة  تصاعدي على الدخول وعلى الأملاك.

الاجراء الثامن: إعادة تأميم ما طالته الخصخصة. “إعادة شراء” المقاولات المخصخصة  مقابل درهم رمزي.  وعلى هذا النحو سيكون استعمال اليورو مستحبا بأداء درهم رمزي لمن استفادوا من الخصخصة. وتعزيز الخدمات العامة وتوسيعها تحت رقابة المواطنين.

 الاجراء التاسع: خفض مدة العمل مع الحفاظ على الاجور. والغاء القوانين المدمرة للمكاسب الاجتماعية وتبني قوانين لمعالجة وضع الاستدانة برهن. يمكن تماما حل المشكل بالقانون، بتفادي محاكمات، (لأن ثمة محاكمات عديدة حول ديون برهون حيث يواجه مواطنون بنوكا). يمكن لبرلمان أن يسن قانونا يلغي الديون الرهنية الاقل من 150 ألف يورو، مثلا. سيتيح هذا الغاء اللجوء الى العدالة.

 الاجراء العاشر: الشروع في سيرورة تأسيسية حقيقية. ليس المقصود تعديلات دستورية في إطار المؤسسات البرلمانية القائمة، بل حل البرلمان ودعوة الى انتخاب جمعية تأسيسية بالاقتراع العام. طبعا يجب اعتبار المسائل القومية، الخ، لكن المقصود بدء سيرورة تأسيسية حقيقية، سواء على صعيد القوميات أو على صعيد الدولة ككل. والسعي الى ادراج هذه السيرورة في سيرورات أخرى على الصعيد الأوربي.

انها بنظري مقترحات اساسية يجب إخضاعها للنقاش، لكني أضع هذه الاجراءات في مستوى عال على سلم الاولويات. لأنى أرى انه لن تكون ثمة قطيعة مع  سياسات التقشف بدون  اجراءات جذرية معلنة منذ البداية. ليس ثمة هامش مناورة  للقطع مع  سياسات التقشف دون اتخاد اجراءات جذرية ضد الرأسمال الكبير. إن من يعتقدون إمكان تفادي هذا هم “مضللون” لن يستطيعوا الحصول على أي مكسب حقيقي ملموس. إن الصعيد الاوربي، والهندسة الاوربية، ومدى اتساع ازمة الرأسمالية، كلها تلغي أي مساحة فعلية لسياسات إنتاجوية كينزية جديدة.  بنظري يجب الا تكون الاشتراكية البيئية على هامش النقاش بل في صلبه، ومنها يجب أن تأتي المقترحات الآنية والملموسة. يجب انجاح النضال ضد التقشف والانطلاق على الطريق والانتقال الاشتراكي البيئي ضرورة مطلقة وآنية.

 ايريك توسان

ترجمة : المناضل-ة

1-هذا النص مداخلة لايرك توسان في بيلباو يوم 25 سيبتمبر 2016 في الاجتماع الاشتراكي البيئي العالمي الثالث http://alterecosoc.org/?lang=fr

2-من اجل تفسير حول تشريك البنوك انظر النص:

http://www.cadtm.org/Que-faire-des-banques-Version-2-0

شارك المقالة

اقرأ أيضا