وفاة عاملين تطلق شرارة حراك شعبي في جرادة

غير مصنف25 ديسمبر، 2017

في الوقت الذي ينشر فيه الإعلام الموالي للاستبداد الهلع من حرب قادمة من الصحراء، لا زالت حرب حقيقية طاحنة، حرب الجبهة الداخلية، تحصد زهرة وشباب طبقتنا العاملة في البحر والبر.
لقي عاملين شابين شقيقين، هما الدعيوي حسين وجدوان يبلغان من العمر 30 و23 سنة، مصرعهما بعد انهيار بئر استخراج الفحم (الساندريات) إثر غمره بالمياه، فيما نجا عاملين آخرين من نفس المصير.
وقع الحادث يوم 22 ديسمبر 2017، أي أياما قليلة من خروج ساكنة جرادة للاحتجاج ضد غلاء أسعار فواتير الماء والكهرباء، وشهدت تدخلا قمعيا واعتقالا لأربعة محتجين.
تقع مدينة جرادة في الجهة الشرقية جنوب عمالة وجدة – أنكاد، تمتاز بتضاريس يغلب عليها الطابع الجبلي، وبمناخ قار بارد وقارس شتاء، وحار وجاف صيفا. وتعتبر جزءا من الشريط الشرقي للمغرب المتاخم للحدود الجزائرية، المتميزة بالفقر المدقع وغياب بنية تحتية واقتصاد حقيقي، ما يضطر سكان المنطقة للجوء إلى أنشطة التهريب، أو العمل في أوراش بدائية لاستخراج الفحم.
كانت جرادة فيما مضى مدينة عمالية حقيقية (تضم أكثر من 6000 عامل)، عندما كان منجم الفحم مشتغلا. فقد ارتبط اسم جرادة بالمنجم الذي افتتح استغلاله سنة 1927. لكن نضوب الفحم والسعي للتخلص من قلعة عمالية ذات تقاليد نقابية راسخة سيدفع الدولة إلى إصدار قرار إغلاق المنجم بتاريخ 17 فبراير 1998 بعد اتفاق بين الدولة وبيروقراطيات النقابات، وجرى تطبيق القرار سنة 2001 وسرح آلاف العمال.
كان قرار الإغلاق إبادة اقتصادية واجتماعية حقيقية للمنطقة، لم يخلف قرن من استغلال ثروات المنطقة إلا البطالة والفقر المدقع ومرض السيليكوز الذي يختطف العمال تباعا.
أدى إغلاق المنجم إلى انتشار البطالة وتقلص حظوظ العثور على عمل، ما اضطر جزء من ساكنة المنطقة إلى الاعتماد على أنفسهم لاستغلال ثروة الفحم المتبقية في أرض جرادة، فشرعوا في حفر أبار استخراجه (الساندريات).
هذه الآبار عبارة عن ورشات لاستخراج الفحم بطرق جد بدائية، وتقنيات تنتمي إلى “ما قبل التاريخ”؛ أي الجهد العضلي بالدرجة الأولى وتقنيات بدائية: فؤوس ومطارق يدوية وإزميل لنبش التراب في الأنفاق الأفقية التي قد تمتد أكثر من 50 مترا وفي أرض صلبة جدا. أما وسائل إخراج التراب من الآبار ونقل الفحم فعبارة عن حاويات تقليدية جرى ارتجال صنعها من بقايا عجلات الشاحنات، ويرفع التراب والفحم من أعماق الآبار بواسطة الحبال.
تقوم الدولة بدعم الرأسمال الكبير بكل الإمكانيات وتحفز المالية العمومية لتوفير مناخ الاستثمار الملائم: مشاريع عملاقة (المخطط الأخضر، أليوتيس…) وتوفير بنيات تحتية كبيرة (منطقة طنجة المتوسط، طرق سيارة.. الخ) ودعم عمومي وتحفيزات ضريبية، بينما تترك الكادحين ينبشون الأرض بأظافرهم وتقنياتهم البدائية.
رغم قساوة ظروف العمل، إلا أنه لا يوفر دخلا يؤمن عيشا كريما لهؤلاء العمال، فهم ليسوا مأجورين لدى مقاولات، بل مستغلين ذاتيين لآبار استخراج الفحم. وما داموا غير قادرين على تسويقه بعيدا عن مناطق الاستخراج، فهم يقعون ضحية تلاعبات السماسرة الذين يحددون ثمن المنتوج حسب هواهم.
يبقى العمال في أنفاق الآبار مدة تتراوح بين 10 إلى 12 ساعة حسب قدرة التحمل، وتتميز هذه الآبار بارتفاع نسبة الغبار وقلة الأكسجين الذي يجري إيصاله بواسطة أنابيب مخافة الاختناق. ويتعرض أغلب المشتغلين للإصابة بالسيليكوز الذي ينخر الرئة ويؤدي إلى موت بطيء.
يتميز العمل المنجمي في المغرب عموما، برفض أرباب العمل، توفير شروط السلامة والوقاية، حتى النزر اليسير المنصوص عليه في مدونة الشغل يمتنع أرباب العمل عن تطبيقه، بل يسعون إلى مراجعته. إذا كان هذا حال المناجم الكبرى، فما بالك بآبار تقليدية يستغلها العمال بوسائلهم الذاتية.
صرح العمال (في أشرطة بثت على الفايسبوك) أن الاحتياط الأمني الوحيد الذي يملكونه أمام انعدام شروط السلامة والوقاية هو: شجاعتهم في اقتحام أنفاق الموت.
تؤدي هذه الشروط القاسية للعمل، إلى تواتر حالات حوادث الشغل وهي حوادث قاتلة، بسبب غياب شروط السلامة وصعوبة عمليات الإنقاذ في آبار على تلك الشاكلة. هذا ما أدى إلى موت العاملين الشابين في مدينة جرادة، ولن تكون هذه هي الحادثة الأخيرة، ما دامت شروط العمل على حالها.
تطلب انتشال الجثتين داخل البئر أكثر من 36 ساعة، بسبب افتقار رجال الوقاية المدنية إلى وسائل قادرة على انتشالهما. وتم الأمر بفضل الجهود الذاتية لعمال وساكنة المنطقة. إنهم عمال متروكون لحالهم يواجهون الفقر والموت بوسائلهم المحدودة، ولا تتذكرهم الدولة إلى حين ترسل لهم فصائلها المسلحة لقمع احتجاجاتهم.
وبالفعل فبدل إرسال سيارات الإسعاف والوقاية المدنية، عززت الدولة وجودها القمعي بجرادة بإرسال أحدث ما لديها من ترسانة قمع المظاهرات من سيارات حشد البوليس وقاذفات المياه، للقيام باستعراض العضلات القمعية قصد درء توسع الاحتجاج.
رغم هذا الاستعراض القمعي، خرج السكان بالآلاف للتعبير عن غضبهم من واقع المدينة المزري وكذلك ضد شروط العمل في آبار الفحم وتجاهل الدولة لمطالب السكان ووضع المنطقة.


يوم 22 ديسمبر انطلق العمال والسكان في مسيرة عفوية بعد استخراج الجثتين، وطافوا بها أحياء المدينة التي شلت حركتها التجارية بإغلاق المحلات. والتحق الجميع في ليل اليوم الموالي بمستودع الأموات لمنع عملية الدفن التي أرادت السلطة تنفيذها بشكل سري.
حوادث الشغل، حرب حقيقية جبهتها مشتعلة بشكل دائم. حرب طبقية يشنها أرباب العمل ودولتهم ضد الطبقة العاملة. حرب تؤدي إلى ضحايا: قتلى وأشلاء بشرية غير قادرة على الحياة، تجر وراءها عاهات مستديمة.
تعمل الدولة على جعل القوانين في مصلحة البرجوازية، وتفرغ قانون التأمين عن حوادث الشغل من أي مضمون وأي إلزام لتطبيقه.
كادحو هذه المنطقة المفقرة والمقفرة إن لم تقتلهم حوادث الشغل يقتلهم رصاص الدولة، كما حدث في نوفمبر الماضي، حين أطلق الرصاص على الشاب عمار الصاحلي، من بلدة بني درار على الحدود بين المغرب والجزائر (شمال شرق وجدة)، وأثار ذلك احتجاجات شعبية عنيفة.
انفجر الغضب الجماهيري بمدينة جرادة، بشكل مشابه لما جرى بعد مشهد طحن محسن فكري في 28 أكتوبر 2016. انطلق العمال وسكان المدينة في مسيرات احتجاجية مصرين على الاستمرار حتى تحقيق مطالبهم. يجري كل هذا والقوى المناضلة (خاصة اليسارا لجذري) في وضع بالغ من الضعف والهزال، فيما البيروقراطيات النقابية مستمرة في التواطؤ مع الدولة والبرجوازية.
قد يتكرر سيناريو الريف بمدينة جرادة، وسيتكرر في مناطق أخرى مستقبلا: حراك في مناطق مهملة وفقيرة يشعل فتيله سبب مباشر، تتدفق الجماهير إلى النضال وتبقى معزولة دون تضامن وطني فعال، وتتمكن الدولة من إخماده بمناورات مخادعة يليه قمع شرس.
بداية سيدفع النظام أبواقه الإعلامية للحديث عن سلمية نضال جماهير جرداة وعدالة مطالبهم ثم يجري تحميل المسؤولية لمسؤولين محليين، وتنتقل النبرة بعد ذلك للحديث عن تنفيذ البرامج التنموية المؤجلة، لتنتهي دائرة التطويق باجتثاث بنيات النضال واعتقال طلائعه… وهذا ما يستشف حاليا من أبواق النظام الإعلامية.
إن اليسار الجذري والنقابيين الكفاحيين مفروض عليهم اليوم تجميع قواهم ليكونوا في مستوى الرد على تحديات ردود الفعل الجماهيرية والشعبية ضد واقع البؤس والظلم الاجتماعي والعسف السياسي، وفي نفس الوقت ليكونوا في مستوى الرد على مناورات الدولة وقمعها… هذا أو نكرر مأساة الريف.
بقلم، فحام

====================== 

مقالات سبق نشرها على موقع جريدة المناضل-ة سنة 2006

جرادة شرارة لا تنطفئ 

الاربعاء 26 نيسان (أبريل) 2006

إذا كان مخطط التصفية الذي شهدته المدينة سنة 1998 يهدف إلى مسح الحركة العمالية بها ، والتي طالما قضت مضجع القائمين على نهبها واستغلالها بعد أكثر من 70 سنة من النهب والسرقة وامتصاص دماء العمال ، فان واقع الحال بعد الإغلاق أكد حقائق أخرى ?كسرت كل رهانات وأوهام النقيض. هذا حيث تشهد المدينة احتجاجات صارخة قوية مستمرة ومتواصلة من قبل كل الشرائح الشعبية : عمال مطرودون بكل فئاتهم، معطلون وعائلتهم، طلبة و تلاميذ وعموم المهمشين , وقفات جماهيرية واعتصامات ومسيرات شعبية في كل مواقع الكدح: في الأحياء الشعبية والعمالية , في قلب المدينة وشوارعها.

ومن اسطع المحطات النضالية في هذه المرحلة ذلك التحالف النضالي الميداني الذي جسده مناضلو الفرع المحلي للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب مع العمال المطرودين من شركة مفاحم المغرب بمشاركة ومؤازرة عموم الشرائح الشعبية الأخرى من تلاميذ وعموم الكادحين. حيث شهد الشطر الأول اعتصاما طويلا وبطوليا لعمال مطرودين من الشركة، وبمشاركة نضالية ميدانية يومية لمناضلي الفرع المحلي للمعطلين، تخللته أشكال احتجاجية راقية تحقق من خلالها مطلب العمال في تعويضهم عن السكن بعد فشل المحاولات اليائسة لسلطات القمع محليا في محاصرة وعزل الحركة.
وبعد هذا الانتصار البطولي انطلق اعتصام آخر للعمال المسرحين من الشركة أمام مقر إدارتها من اجل حقهم في التعويض. وقد حاولت في البداية بعض الأطراف السياسية، انسجاما مع طبيعتها الانتهازية، عزل الاعتصام عن محيطه النضالي بالعمل على توجيهه إلى ردهات القضاء والمحاكم وبحملات الافتراء في حق مناضلي المدينة، وذلك طبعا بالنظر لعجزها عن قيادة النضال الجماهيري. ?إلا أن يقظة العمال كسرت كل الرهانات، حيث تجسد موقف القطع والفضح مع كل الإطراف الانتهازية، واتجهت معركة العمال عبر مسار النضال الجماهيري الحقيقي بدعم كامل ومبدئي لمناضلي الجمعية الوطنية . ومع تطور الفعل وتجذره، وتوسيع رقعة التضامن الشعبي، وبعد فشل خيارات الاحتواء والحصار والتهديد الذي باشرته السلطات المحلية على العمال المعتصمين، انطلقت هجمة وقحة وجبانة من قبل رجال السلطة وعلى رأسهم باشا المدينة وأعوانه وعناصر جهاز القمع على مناضلي الجمعية الوطنية وعائلاتهم، وكذا عائلات مناضلي الحركة التلاميذية، حيث مورست كل إشكال الرعب والترهيب على أباء وأمهات المناضلين بهدف ثنيهم عن دعم نضالات العمال. ولم تقف الهجمة في هذا الحدود حيث تم طبخ محضر مزيف بتهم ملفقة من قبل الباشا ضد رئيس فرع الجمعية الوطنية الرفيق سعيد مرزوكي، محضر اعتمد كذريعة وقحة لممارسة الترهيب اليومي على عائلته. وقد توج ذلك بهجوم قمعي مكثف على اعتصام نظمه الفرع المحلي للمعطلين أمام العمالة يوم الجمعة 14 ابريل بحضور العمال المعتصمين، أسفر عن إصابات خطيرة في صفوف العمال والمعطلين وكدا عن اعتقال أربعة معطلين: سعيد مرزوكي,العيد لطرش,محمد عباسي,حسان عباسي و ابن احد العمال.
وبعد ان كانت أجهزة القمع تتوهم بهدا الهجوم تفكيك الاعتصام وإفشاله انطلقت شرارة الفعل النضالي بشكل أقوى واشد كفاحية بالتفاف مناضلي الجمعية الوطنية و العمال المطرودين وعائلات المعتقلين وعموم الجماهير الشعبية، لينتقل الاعتصام إلى أمام مقر مخفر الشرطة حيث تم توقيف حركة السير بالشارع الرئيسي ورفعت شعارات منددة بالاعتقال والترهيب. وخلال عملية نقل المعتقلين إلى مدينة وجدة انطلقت مسيرة شعبية عارمة في اتجاه العمالة عجزت آلة القمع بمختلف تلاوينها عن إيقافها وتوجت باعتصام مفتوح, مما اضطر سلطات القمع إلى إعلان الإفراج عن المعتقلين و لم تغادر الجماهير مقر الاعتصام إلا بعد الثامنة ليلا ،حيث استقبلت بحرارة معتقليها وجدد الكل في صبيحة يوم السبت بمقر الفرع العزم على مواصلة النضال حتى تحقيق المطالب المشروعة لكل الشرائح الكادحة بالمدينة.
عاصي من جرادة

============ 

جرادة: ممنوع السير إلى الرباط 

الاثنين 1 أيار (مايو) 2006
المناضل-ة عدد: 12

تشهد مدينة جرادة، المنكوبة منذ إغلاق مناجم الفحم قبل 4 سنوات، احتجاجا منذ زهاء شهرين. اعتصمت جماعة من العمال، وبعد اتضاح أن لا مستجيب على الصعيد المحلي قرروا السير إلى العاصمة مرفقين بأسرهم. سدت السلطة المحلية أذانها عن تظلماتهم، وسدت السلطة المركزية طريق سيرهم إلى الرباط. وحدهم كادحو المدينة تجاوبوا بالتضامن في هذه المدينة العمالية ذات التقاليد النضالية العريقة.

الاعتصام المفتوح
شارك في الاعتصام أمام مقر شركة مفاحم المغرب حوالي 36 عاملا من المطرودين منها قبل الاتفاقية الاجتماعية بين النقابات وإلا دارة (17 فبراير 1998 ). بدأ الاعتصام يوم 28 فبراير 2006 للمطالبة بالتعويض عن سنوات العمل بمناجم الفحم بالمدينة ودلك بتسوية وضعهم على غرار المستفيدين من الاتفاقية و8 عمال تلقوا تعويضات مؤخرا. ففي الوقت الذي تتم فيه تصفية ممتلكات الشركة وتفويتها لا زال ملف العديد من العمال الذين اشتغلوا سنوات طويلة عرضة للتجاهل ، حيث لم يتلقوا تعويضات عن الإغلاق، كما أن العديد من العمال المعتصمين ضحايا طرد تعسفي نتيجة نشاطهم النقابي سابقا بالشركة بعد إن قضوا مدد طويلة من العمل (احدهم اشتغل مدة 17 سنة). وسبق أن رفع العديد منهم دعاوي قضائية ضد الشركة من اجل المطالبة بالحق في التعويض، أو احتساب المعاش، أو الضمان الاجتماعي، أو من اجل الإرجاع إلى العمل . وحكمت المحاكم لصالحهم غير إن الحكم لم ينفذ. كما أنهم يعانون نتيجة المرض المهني السيليكوز. وقد توفي أحدهم بهذا المرض الفتاك في بداية الاعتصام.
خاضت المجموعة المحتجة أمام إدارة الشركة (معتصم عبارة عن خيمة) منذ بدء اعتصامها وقفات احتجاجية أمام عمالة جرادة (بمعدل وقفة احتجاجية خلال كل يومين). تم استدعاؤهم للحوار مع مسؤولي العمالة مرتين، أكد هؤلاء أن العمالة غير مسؤولة عن ملفهم، وان المسؤولية تتحملها إدارة الشركة. كما تعرض العديد منهم للاستفزاز من اجل ثنيهم عن مواصلة اعتصامهم.
التضامن مع العمال المعتصمين
15 مارس 2006 : وقفة احتجاجية أمام مقر بلدية جرادة دعت لها الاتحاد المحلي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، حيث رفع أزيد من 150 مواطنا شعارات تندد بالنهب الذي يطال ممتلكات الشركة في الوقت الذي لا زال فيه ملف العديد من العمال عالقا.
اعتزم التلاميذ تنظيم مسيرة تضامنية مع العمال المعتصمين يوم 27 مارس غير أنهم تعرضوا للحصار والمنع من طرف السلطات المحلية فنظموا وقفة احتجاجية بالثانوية عبروا من خلالها عن تضامنهم ونددوا بالتهميش الذي يطال المدينة وبتدمير البيئة الذي رافق استغلال المناجم.
نظم المعطلون وقفات تضامنية مع العمال المعتصمين( راجع مقال جرادة شرارة لا تنطفئ).
السير إلى الرباط …
خرج 64 فردا من ضحايا شركة مفاحم جرادة يوم الجمعة 21 أبريل في مسيرة إلى القصر الملكي بالرباط،. كانوا 31 رجلا، 23 امرأة ، اغلبهم مصاب بالسيلكوز، و10 أطفال من بينهم طفلان في الثانية من العمر. ضم الموكب نساء مريضات، أشخاص تعدوا الخمسين من العمر ، منهم شخص معطوب (في 53 من العمر أب لأربعة أطفال، تعرض لحادث شغل في شركة المفاحم سنة 1994 وطرد دون تعويض). كانوا عازمين على الانطلاق صباح يوم الجمعة على الساعة 8 صباحا،إلا أن السلطات المحلية حالت دون ذلك. وفي ظروف قاسية وبرد قارس انطلقت المسيرة بعد الزوال. واستأنفوا السير يوم السبت 22 أبريل انطلاقا من منطقة “مطروح” في الساعة 7 صباحا ، وبلغوا في الخامسة والنصف مدخل مدينة العيون الشرقية وقضوا الليل بدار الطالب.
صباح يوم الأحد 23 ابريل جاءتهم السلطة بحافلة لإرجاعهم إلى جرادة. وتمت محاصرتهم من طرف رجال الأمن وعناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، ومنعوا من مواصلة الطريق . باشا المدينة قال إن أوامر من الرباط تقضي بردهم على إعقابهم الى جرادة في انتظار فتح حوار معهم. رفضوا، وبعد ساعات من التفاوض مع عامل إقليم تاوريرت الذي حضر إلى عين المكان حوالي 11 صباحا، عادوا في حافلة مساء يوم الأحد حوالي الساعة الخامسة. تلك حدود حرية التنقل التي ينص عليها الفصل 9 من دستور المملكة المغربية.
عامل اقليم تاوريرت قال إنه تقرر إرجاعهم إلى جرادة كي ينتدبوا 5 منهم يوم الثلاثاء 25 أبريل إلى العاصمة لمقابلة ممثلي الشركة، و وزير التشغيل يوم 02/05/2006 بعد عودته من سفر خارج المغرب.
لنستعد للمسيرة الكبرى
هذا وقد يكون للوضع المحتقن محليا بالعيون الشرقية من دوافع السلطة الى وقف مسيرة متضرري المفاحم، فقد سبق ان خرج سكان هذه المدينة في مسيرة احتجاجا على الحكم الصادر لصالح موظف سام من أجل إفراغ سكان عدة قبائل من أراضيهم وذلك يوم 7 مارس 2006.
ولا شك أيضا ان السلطات العليا خائفة من اتساع صفوف المحتجين، وربما المنظمين الى المسيرة، على طول الطريق من شرق المغرب الى عاصمته، وانضمام الجميع الى جماعات المعطلين التي أعلنت الاحتجاج الدائم بشوارع الرباط . فالبلد يفيض بصنوف من المشاكل الاجتماعية المستعصية الناتجة كلها عن طبيعة نظامه الاقتصادي- الاجتماعي الذي يخدم مصلحة زمرة من المالكين، المستظلين بنظام سياسي مستبد.
كان من واجب النقابات العمالية، وغيرها من منظمات النضال، ان تعبئ قواها لاستقبال مسيرة كادحي جرادة بكل نقط مرورها، وتمدها بمقومات الاستمرار، المادية والبشرية، بضم وفود عن كل مدينة وقرية، وتنظيم تجمعات شعبية لشرح مأساة سكان جرادة، واذكاء روح الاخوة العمالية، وحفز ارادة الكفاح. لكن تأكد من جديد ان عقودا من سياسة التعاون مع البرجوازية ودولتها، باسم “الحوار الاجتماعي” وأضاليل “المصلحة المشتركة”، قد شلت تلك النقابات عن القيام بأبسط مبررات وجودها.
إن لكل فرد من 95% من المغاربة مبرر للسير الى الرباط، لكن الحالة المزرية لمنظمات النضال العمالي والشعبي، وغياب حزب مكافح من اجل مصالح العمال وعموم الكادحين، يحولان دون تضافر الاستياء ودون تشكل وعي مكتمل، ودون ثقة ضحايا نظام الاستغلال والاضطهاد في قواهم الذاتية. لذا ففي بناء منظمات النضال العمالي والشعبي، وبناء حزب التغيير العميق والشامل، يتمثل دور الأقلية الواعية، أي طلائع المقاومة العمالية والشعبية على كافة جبهات النضال.
دؤوب و علي

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا