كفاح الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد، وملتقاها الوطني الأول، وآفاق النضال في حوار مع الرفيق أغميمط عبد الله
1- – نظمت الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب و التقاعد ملتقى وطنيا أولا يوم الأحد 20 أبريل 2025، ما تقييمكم الإجمالي له، وقد أشرفت الجبهة على إتمام سنة من وجودها ؟
تحية للرفاق والرفيقات في جريدة المناضل (ة) على تفاعلهم مع الجبهة المغربية ضد قانوني الاضراب والتقاعد .
بالفعل عقدت الجبهة ملتقى وطني أول يوم الأحد 20 أبريل 2025 بالرباط تحت شعار “لنواصل معركة التصدي للقانون التكبيلي للإضراب حتى إسقاطه ،ولقوانين تدمير مكتسبات منظومة الحماية الاجتماعية عامة وصناديق التقاعد خاصة” في أجواء نضالية رائعة، وتم خلاله عرض تقرير عام تقييمي لسيرورة عمل الجبهة، مع الوقوف على نقط القوة والضعف في عملها التنظيمي والنضالي والتواصلي، وسجل مختلف الحاضرين والحاضرات والمتدخلين/ات في الملتقى اعتزازهم بالعمل التنسيقي بين مكونات نقابية وجمعوية في إطار جبهوي، على قاعدة المواجهة والتصدي لكل المخططات التراجعية باعتماد سياسة التواصل المباشر مع الأجراء في القطاعين العام والخاص ونشر تقافة الفعل النضالي المقاوم، ونجاح الملقى الوطني الأول الذي أكد على أهمية هذا العمل وضرورة مواصلة تقعيده وتوسيعه وتصليبه، مع دعوته لكل القوى النقابية والذوات المناضلة للالتحاق بالجبهة وتعزيز عملها التنظيمي في الجهات والأقاليم، وخوض كل أشكال الفعل الجماهيري الكفاحي الممكنة سعيا لإحراز تراكم تنظيمي ونضالي يمكن أن يشكل قوة نضالية في مواجهة سياسة الهجوم الطبقي على المكتسبات والحقوق .
2- نجحت الدولة من تمرير قانون الإضراب برغم جهود الجبهة، وكذا الأطراف الأخرى الرافضة لهذا القانون، واعتراض مجمل الحركة النقابية، فإلى ماذا يعزى هذا النجاح؟
منذ عقود خلت، شكل الهجوم على الحق في الإضراب خاصة والحريات النقابية عامة نقطة مهمة في جدول أعمال الدولة وحكوماتها تحت مبررات تنظيم الإضراب، واخرجت المشروع في 2016، لكنها استعملت منطق التدرج والبحث عن الشروط الملائمة لتمريره، وفي المقابل لم تتعامل الحركة النقابية مع الموضوع بالجدية المنتظرة لتحصين الحق في الإضراب، وهو ما استغلته الحكومة الحالية عبر أغلبيتها البرلمانية، وقامت بتنزيله في إطار “حوار اجتماعي” غابت قبله وبعده التعبئة العمالية والنقابية والسياسية الحقيقية لفرض مصالح ومطالب الطبقة العاملة والتصدي لهذا المشروع التراجعي. ورغم مبادرة الجبهة في ماي 2024 مباشرة بعد انطلاق النقاش حوله سريا، ودعوتها جميع الفاعلين النقابيين لمد جسور التواصل والنقاش والمبادرة النضالية الوحدوية ضد هذا المشروع التجريمي للحق في الإضراب، فإن المعارك النقابية التي جاءت متأخرة لم تكن تترجم فعليا موقفا نضاليا رافضا للقانون، بل عموما هي مواقف سعت إلى تسجيل الموقف. ويبقى غياب النقاش النقابي والسياسي التعبوي حول الإضراب من طرف قوى المعارضة النقابية والسياسية، وتشتت جهود القوى الرافضة وعدم قدرتها على بناء فعل نضالي موحد ووحدي، الرهان على مؤسسات الدولة لفرض تراجع الحكومة عن المشروع.
3- لم تنزل الشغيلة بكامل قواها للتصدي لمشروع قانون الإضراب رغم خطورته، يتجلى هذا ضمن أمثلة أخرى في قطاع التعليم الذي اهتز طيلة حراك الأشهر الثلاثة (2023-2024)من أجل مطالب تهم هذا القسم من الطبقة العاملة، بينما لم يتحرك بنفس القوة لصد قانون الإضراب، فما السبب في نظركم؟
خوض المعركة النضالية ضد تكبيل وتجريم الحق في ممارسة الإضراب بنفس كفاحي ووحدوي تشارك فيه القواعد النقابية أولا وعموم الأجراء والأجيرات ثانيا، كان يقتضي من الحركة النقابية بمختلف مكوناتها أن تتبنى برنامج تعبوي قاعدي يتم فيه التحسيس بخطورة القانون وتداعياته على حقوق ومكتسبات العمال والموظفين والمستخدمين مستقبلا، وتعقد تجمعات نقالية عمالية بمختلف المدن والقرى بتأطير وحدوي تختفي فيه الحسابات الصغيرة، ويرتفع صوت وضمير العمال والكادحين، لكن للأسف الشديد غابت التعبئة الحقيقية في المعامل الصناعية والمقاولات الخدماتية والضيعات الزراعية والمؤسسات والإدارات العمومية، وضعف اهتمام اليسار المناضل بالموضوع وأهميته، بالإضافة لتمركز القطاعات النقابية حول ملفاتها الفئوية واعتبارها ذات أولوية متناسية أن سلاح الإضراب إذا انتزع ستفقد القدرة على انتزاع أبسط المكتسبات.
4- – إلى اي حد بلغ التعاون مع الأطراف الأخرى المتصدية لقانون الإضراب، وماذا كانت عوائق تكوين جبهة واحدة موحدة؟
قبل تأسيس الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد يوم 05 ماي 2024، بادرت fne النقابة المبادرة إلى توجيه الدعوة لجميع النقابات المركزية والقطاعية والجمعيات المعنية الفاعلة في الساحة الاجتماعية من أجل الحضور والمشاركة في أشغال الجمع العام التأسيسي للجبهة، لكن للأسف الشديد سجلنا عدم التفاعل من طرف العديد من الأطراف، وبالموازاة تفاعلت الأطراف الحالية المكونة للجبهة ونجح الجمع العام التأسيسي وتم إصدار البيان التأسيسي، وخلال جميع المحطات النضالية والتنظيمية أصرت الجبهة على تجديد دعواتها للوحدة النضالية، نظرا لما ينتظر الطبقة العاملة من هزائم، اذا لم تقرر المقاومة بشكل وحدوي وكفاحي عبر التعاون والتنسيق النضاليين مع كل المبادرات النضالية في الساحة على أمل تيسير إيجاد مساحة فعل نضالي مشترك في إطار جبهة واحدة برؤية نضالية كفاحية قادرة على تنظيم تجمعات نضالية وإضرابات قطاعية وعامة ومسيرات احتجاجية تتصدى بقوة لهذا المشروع التكبيلي لممارسة الحق في الإضراب.
5- – يتضح ان الدولة ستُعيد الهجوم على مكاسب أنظمة التقاعد بنفس المنهجية المفضية إلى ما حصل من إضرار بالشغيلة (خفض المعاش، زيادة الاقتطاع، رفع سن التقاعد) وذلك بإحياء اللجنتين الوطنية و التقنية الخاصتين بالموضوع، هل تتوقعون ردا من الشغيلة اقوى مما كان ضد قانون الإضراب؟
في سياق المعطيات الاجتماعية والاقتصادية القائمة، وضعف المبادرة النضالية من طرف الحركة النقابية تستمر الحكومة في الهجوم على المكتسبات الاجتماعية للطبقة العاملة، وارتكازها على مايسمى بالحوار الاجتماعي كمنصة لقصف كل ما تحقق سابقا بتضحيات الطبقة العاملة وتعبيراتها المناضلة. وأخذا بعين الاعتبار لخط الشراكة القائم حالا في الساحة النقابية، فإن معركة تخريب صناديق التقاعد لن تكون أحسن من سابقتها، لا على مستوى التعبئة والعمل الوحدوي والكفاحية وتغليب مصلحة الطبقة العاملة، لذلك فالرأسمال وأدواته السياسية والاجتماعية أعد الخطة باستعمال نفس الميكانيزمات السابقة وفي مقدمتها الإعلام البورجوازي والمؤسسات المخزنية، ويعمل على تنزيلها، مقابل غياب خطة عمالية تستفيد من أخطاء الماضي وتشحد همم الأجراء وتنظيماتهم وتعزز مكانة الكفاح الطبقي في وعي العمال وعملهم النقابي.
6- تقاعد الضمان الاجتماعي بات هو ايضا مهددا بنفس العدوان على المكاسب،وبالنظر إلى أن المعنيين به (شغيلة القطاع الخاص) مهددون أيضا بتعديل مدونة الشغل، هل ستدخل الجبهة موضوع المدونة ضمن مجالات نضالها؟
الواقع النقابي المغربي أثبت بالملموس وبالتجربة أن عمال وعاملات القطاع الخاص يعانون أضعاف معاناة أجراء القطاع العام، ويعيشون تحت رحمة الفقر والهشاشة والحظر العملي للعمل النقابي في الوحدات الإنتاجية تارة والتضييق والطرد والاعتقال تارة أخرى، وهو ما يجعل شهية الرأسمال تزداد شراهة وتطالب بالمزيد من المرونة في التشريعات الشغلية وفي مقدمتها مدونة الشغل. وانطلاقا من أن الجبهة معنية بالنضال الاجتماعي العام حول مطالب الحريات النقابية والتقاعد والاستقرار المهني والأجور والتعويضات والتغطية الصحية في القطاعين العام والخاص، فهي كذلك معنية بتوسيع مساحة عملها في اتجاه مدونة الشغل.
7- ماهي افاق عمل الجبهة في ضوء مخططات الدولة الناجمة عن اتفاق أبريل 2022؟
من خلاصات الملتقى الوطني الأول للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد هو صياغة آفاق عملها اتجاه القضايا المهمة التي وجدت من أجلها. فالجبهة مطالبة بإرساء هياكلها التنظيمية قاعديا للتواصل أكثر وأحسن وإدماج قواعد الجبهة في الأقاليم والجهات في عمل تنظيمي ونضالي منتظم وموحد، وتنظيم أنشطة تحسيسة وتعبوية مركزية وجهوية للأجراء والأجيرات والموظفين/ات والمستخدمين /ات وخلق جسور التواصل مع كل القوى المناضلة الاجتماعية والسياسية والحقوقية لتقوية عملها التنظيمي والنضالي وجعلها قادرة على خلق ميزان قوة لصالح مطالبها.
للتحميل هنا: Interview Ghmimat 1 Mai 2025
شارك المقالة
اقرأ أيضا