صدور العدد 83 من جريدة المناضل-ة/الافتتاحية: ناقوس الخطر … طريقان لا ثالث لهما
بعد مصادقة نهائية على مشروع قانون الإضراب يوم 7 فبراير 2025، هنأ رئيس كنفدرالية أرباب العمل مكوناتها على النتيجة المحققة، ذلك في رسالة يؤكد فيها أن قانون الإضراب «يسهم في تحسين بيئة الأعمال في بلدنا، ويعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين ويوطد تنافسية كل المقاولات…»، ما يعني عند ترجمته إلى لغة الواقع العمالي مزيدا من تشديد استغلال الشغيلة وهضم حقوقهم وقمعهم.
ومستقويا بهذا المكسب الذي فازت به طبقته، يضيف القائد البرجوازي: «وإن كان سن هذا القانون يمثل خطوة تاريخية إلى الأمام، فسيظل التزامنا وعزمنا لمواصلة تحسين البيئة الاقتصادية قويين وثابتين»…. مشيرا إلى ما تضمنه اتفاقيات الحوار الاجتماعي للعامين 2022 و2024 من «إصلاحات مهيكلة بنفس قدر قانون الإضراب». ليؤكد أنهم (أرباب العمل) سيواصلون دينامية الإصلاحات هذه بنفس العزم وروح التشاور… إنه منطق من كسب معركة ويتهيأ للتالية بعزيمة لا تلين.
وبالنظر إلى التزاماتها الموقعة في 2022 و2024 ستواصل قيادات المنظمات العمالية تعاونها مع أرباب العمل ودولتهم بمنطق «الشراكة الاجتماعية»، هذا الذي جر علينا فقدان حق الإضراب، بقصد جر طبقتنا نحو خسارات إضافية في أمور أساسية مثل التقاعد ومدونة الشغل والتنظيم النقابي.
ومن الأمارات الأولى لتلاقي الإرادات في هذا الشراكة المشؤومة أن بلاغ مركزية نقابية بصدد جلسة حوار 22 ابريل الجاري أوضح أنها اقترحت «إحياء اللجنة الوطنية لأنظمة التقاعد»، أي تلك ذاتها التي أشرفت على إخراج ما سمي إصلاحا ذهب بمكاسب عمالية، بأن رفع سن التقاعد وأنقص المعاش وزاد في الاقتطاع لفئة من الشغيلة. وفي نفس الآن أفاد رئيس اللجنة الاجتماعية لمنظمة أرباب العمل، الذي جالس ممثلي الحكومة في نفس اليوم، بان“الحكومة وعدت بإعادة الحياة للجنتي إصلاح التقاعد (الوطنية والتقنية) في الأسابيع القليلة القادمة”..
ما تطلبه قيادة عمالية من «الحكومة» تبشر به هذه منظمة أرباب العمل. ما يعني ان التفاهم قائم، والويل قادم.
برغم كل التصريحات المؤكدة رفض قانون الإضراب، أدى نهج القيادات إلى نتيجة 7 فبراير حيث بات حق الإضراب محاطا بقيود أضعاف الفصل 288 من القانون الجنائي. وقد بدأنا منذ الآن نسمع التصريحات المؤكدة رفض المساس بمكاسب التقاعد، فهل نثق فيها؟
التطمينات من فوق إنما غايتها شل مقدرة الفعل في الأسفل، وقد ذقنا ثمارها المرة مرارا. وإن أول دروس تمرير قانون الإضراب هو أن قوى طبقتنا الكامنة تستدعي الاستنهاض، فقسمها الذي تعبأ ميدانيا ضد قانون الإضراب ضئيل جدا. وهي المهمة الملحة التي يتعين على كافة مناضلي/ت طبقتنا أن ينكبوا عليها. أولا بالعمل الوحدوي بين مختلف مكونات ساحة النضال العمالي، من نقابات وتنسيقيات وهيئات مهنية، بصيغ يبدعها الشغيلة رغم أنف القيادات، كما جرى إبان حراك التعليم المجيد. وثانيا بالسعي إلى التفاعل مع ما يعتمل في الأعماق العمالية والشعبية المكتوية بنار الغلاء والبطالة والهشاشة، والذي يعبر عن نفسه في نضالات عمالية عفوية خارج أي تأطير نقابي وبلا تنظيم، كان أعظمها قبل خمسة أشهر حراك شغيلة الزراعة في سهل سوس (25 نوفمبر2024).
أمامنا طريقان:
طريق مألوف اسمه «الشراكة الاجتماعية» جر علينا مصائب تلو الأخرى، ويهدد السير فيه بتخريب جوانب إضافية من أنظمة التقاعد، وضرب مكاسب بمدونة الشغل، لا سيما في مضمار هشاشة علاقة الشغل، فضلا عن مزيد من احتواء الحركة النقابية من قبل دولة رأس المال (ما يسمى قانون النقابات)، وهلم جرا ضمن الهجوم البرجوازي الكاسح المتصاعد.
طريق التنظيم والتعبئة والكفاح، ذودا عن حق طبقتنا وعامة الشعب المقهور في العمل والحياة اللائقين. إننا نتوفر على مقومات التصدي للعدوان البرجوازي، بالقائم من تنظيمات، تضم كلها قوى مناضلة غير راضية على نهج القيادات، وبالكامن من طاقة النضال في الأعماق العمالية والشعبية.
طريقان لا ثالث لهما، الأول يفضي إلى إنزال الهزائم بطبقتنا، والثاني طريق استعادة المقدرة علىى الدفاع عن المكاسب والسير نحو انتزاع أخرى، طريق النصر . فلتأخذ قوى النضال بالقاعدة العمالية هذه الوجهة، بالعمل فردا فردا، وجماعات، كل من موقعه.
اقرأ أيضا