صدور العدد 86 من جريدة المناضل-ة: قاعدة المجتمع مهيأة للتوجه يسارا، ونحن في اليسار لا نواكبها
يجد القارىء-ة للتحميل أسفله العدد 86 من جريدة المناضل-ة للتحميل، بقصد الاطلاع والطبع للتداول بين طلائع النضال العمالي والشعبي، وعامة المهتمين-ات. المناضل-ة أداة لإيصال وجهة النظر العمالية الاشتراكية البيئية النسوية…
نهيب بالقراء-ات لمراسلة المناضل-ة تعريفا بالكفاحات الجارية وبآراء المشاركين-ات فيها تعزيزا للإعلام العمالي والشعبي أداةً لبناء ادوات النضال ضد الرأسمالية وكل صنوف الاضطهاد الملازمة له
للتحميل: جريدة المناضل-ة العدد 86 دجنبر 2025
******************************
أفتتاحية العدد: قاعدة المجتمع مهيأة للتوجه يسارا، ونحن في اليسار لا نواكبها
بقلم؛ جريدة المناضل-ة
انبثقت ديناميتان نضاليتان، متوازيتان ومتفاعلتان، لتعيدا طرح سؤال حال اليسار ومآله. انطلقت موجةٌ من أعماق جبال الأطلس الكبير، من أيت بوكماز بإقليم أزيلال منذ مطلع شهر يوليو 2025. وامتدت في ربوع ذلك الإقليم، لتنتقلَ إلى إقليم خنيفرة حيث ما زالت ارتداداتها مستمرة. ولا شك أن هذه الموجة، والحفَّازَ الآخر الذي مثله احتجاج أكادير ضد تردي خدمة الصحة العمومية، منتصف سبتمبر 2025، هيأت لانبجاس حراك جيل زد المغربي.
الديناميتان تعبير عن درجة تفاقم المسألة الاجتماعية بعد عقود من الغارات النيوليبرالية على طفيف المكاسب الشعبية، في قطاعي التعليم والصحة، وسائر ما ينتفع منه الكادحون/ات، وتشديد الاستغلال وقهر النساء، واستفحال هشاشة التشغيل والبطالة، وخنق الحريات.
تندرج هاتان الديناميتان النضاليتان في سيرورة مقاومة عمالية وشعبية تتصدى للهجوم الرأسمالي، في دورات تقدم وتراجع، بلغت ذُرى إبان حراك 20 فبراير وما وازاه في 2011/2012 ثم في حراك الريف المجيد (2016- 2017). بيد أن الخاصية الداعية الى إعمال العقل الناقد تتمثل في مكانة اليسار ودوره في هذه السيرورة.
فبفضل مكاسب تاريخية، ناجمة على فترات تحسن ميزان القوى لصالح الطبقات الشعبية، يتميز المغرب بوجود حركة نقابية قائمة الذات، برغم تقدم احتواء أقسام منها من قبل دولة البرجوازية، وبوجود تقاليد نضال شبيبي (إرث اتحاد الطلبة، وجمعية المعطلين…) وأخرى تطورت منذ منصف سنوات 1990 في المناطق المهملة.
أتاحت هذه المكاسب استمرار المقاومة العمالية والشعبية، وحتى تحقيقها تقدما نوعيا. تجلى بالساحة العمالية مؤخرا في حراك شغيلة التعليم (2023- 2024)، وشعبيا قبله في حراك الريف، برغم ما شابهما من نقص تنظيمي وسياسي. بيد أن انخراط اليسار (المنتسب كله إلى الاشتراكية) ونهوضه بدوره المفترض، لم يساير الكفاحات العمالية والشعبية. وهذا ما أكدته ديناميتا كفاح القرويين/ات وحراك جيل زد الأخيرتان.
قسم من اليسار مقيد بخط قياداته غير المستعدة لحفز النضال العمالي، و لا لتضافره مع نضال كادحي/ات القرى، يحكمه منطق “السلم الاجتماعي” و”الحرص على الاستقرار”. منطق تعزز بمفعول مآلات السيرورة الثورية بالمنطقة منذ 2011، حيث أُغرِقت آمال التغيير في بلدان عديدة في حروب أهلية مدمرة و/ أو اشتداد الاستبداد. والحال أن منطق “الحرص على الاستقرار” هذا إنما جلب هزائم تلو أخرى، ليس أقلها تمرير قانون إجهاز على حرية الإضراب. هذه الهزائم هي التي تدمر مقدرات الطبقات الشعبية الكفاحية ومعها آمالها في التغيير، فاتحة بذلك المجال لتنامي القوى الرجعية، المستعملة للدين، ومشاريعها التي لن تنتج غير استمرار الرأسمالية بلبوس ديني على غرار الواقع المفروض في ايران منذ ما يقارب نصف قرن.
هذا الخط الرسمي لقسم من اليسار، متجسدا في قياداته، يتعايش مع انخراط أقسام من قواعد اليسار في النضالات العمالية والشعبية، في إطار أحزابها طالما لم يُقْنعها بديل آخر خارجها. ويدل مصير “الجبهة الاجتماعية المغربية” عن حجم ما يعترض إسهام هذا القسم من اليسار في توحيد الفعل النضالي من عقبات ذاتية. وثمة، جهة اليسار الراديكالي والثوري، نوايا أشد كفاحية لكن بعضا تشله نزوعات عصبوية عن الفعل الوحدوي، متقوقعا حول إدعائاته امتلاك “الخط الصائب”، فضلا عن أخطاء منهجيات العمل السياسي، وفي منظمات النضال العمالي وتجارب التعبئات الشعبية، الملازمة تاريخيا لهذا يسار. يكفي التذكير في هذا الصدد بتعامله المدمر إبان نضال تنسيقيات الغلاء واستمرار هدا السلوك ابان الحركات الكبرى المشار إليها. إذ بدل السعي لبناء الحركات النضالية من أسفل، وحفز تنظيمها وارتقاء وعيها وكفاحيتها، سعى دوما إلى ابتداع أشكال فوقية للتحكم او للمسايرة التي لا تقدم شيئا سوى رفع الحرج.
كل هبة نضالية، عمالية أو شعبية، إنما هي فرصة يمنحها التاريخ لقوى اليسار كي تتجاوز تشتت فعلها، ومن ثمة ضعفها. لن ينهض اليسار من تراجعه التاريخي، الممتد عقودا مفضية إلى الشتات الحالي، سوى بانخراط أوسع وأعمق في النضالات العمالية والشعبية، انخراطا يقطع مع خط “السلم الاجتماعي” وتفادي تضافر النضالات العمالية و الشعبية، ويستخلص دروس عقود “النضال الديمقراطي”، ويعتمد على قوى التغيير الرئيسة المتمثلة في الطبقة العاملة. افتقار هذه الطبقة إلى حزبها الخاص أكبر مكامن قصور حركة النضال العمالي والشعبي. لكن هذا الحزب لن يسقط جاهزا من السماء، بل من خضم تنامي هذا النضال بالذات. وجلي أن أولى شروط هذا التنامي إنما هو وحدة فعل اليسار. توحيد النضالات العمالية والشعبية بلا اشتراطات أيديولوجية ولا سياسية، وبلا حسابات ذاتية قصيرة النظر، هذا هو واجب مناضلي اليسار ومناضلاته التواقين فعلا إلى تجاوز تأخرنا عن مواكبة الديناميات النضالية، العمالية والشعبية، التي ما فتأت تتدفق، بين مد وجزر، لكن بعنفوان لا يكل. وضمن هذا المنظور الوحدوي، الرامي إلى إنماء النضال العمالي والشعبي، وبنائه ديمقراطيا، يضم أنصار/ت جريدة المناضل-ة جهودهم/ن إلى مناضلي/ت اليسار بشتى روافده.
اقرأ أيضا


