بيان تضامني مع الاساتذة/آت المتدربين للرفاق في حزب العمال الاشتراكي الجزائري

التحديات والآفاق العمالية للأساتذة المتدربين في المغرب ورهانات المرحلة

تشهد الساحة العمالية المغربية منذ بداية هذا الموسم احتجاجات غير مسبوقة، فبعد مظاهرات الأطباء المتدربين، قام الآلاف من الأساتذة المتدربين بالخروج في مظاهرت محلية سلمية في أغلب المدن المغربية تلبية لنداء التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين.

لقد انطلقت هذه الاحتجاجات من المراكز الجهوية لمهن التعليم و التربية التابعة لوزارة التربية المغربية و هذا بعد مصادقة الحكومة بتاريخ 23 جويلية 2015 للمرسوم رقم 558-15-2 حول القانون الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية و الذي يسن فصل التكوين عن التوظيف، و هذا ما سيحيل خريجي هذا التكوين إلى البطالة، و في نفس السياق صادقت الحكومة المغربية على المرسوم رقم 589-15-2 الذي يقلص المنحة الشهرية من 2450 إلى 1200 درهم مغربي خلال فترة التدريب.
لقد جاء هذين القرارين في وقت حساس أي مباشرة قبل الدخول الموسمي، في محاولة انتهازية لتمرير هذا التوجه الإستغلالي، إلا أن الحكومة لم تنجح في مناورتها و اصطدمت بصلابة الأساتذة المتدربين الذين اختاروا جمع قواهم متحدين و مواجهة الأوليغارشية المافيوية فاندلعت الإحتجاجات الرافضة لهذه المرسومات التصفوية.

لقد ناقض المرسومين كل ظروف الوضع التربوي الذي يشهد نقصا فادحا في المناصب التربوية، و سيعرف الموسم إحالة عدد كبير من المناصب على التقاعد، و ازدحاما في المؤسسات التربوية بكافة مستوياتها، مما يؤثر سلبا على التحصيل العلمي للطالب.

و تأتي هذه الهجمات و السياسات اللاشعبية على القطاع العمومي في إطار خطة نيوليبرالية ممنهجة لتقديم تنازلات كبيرة للقطاع الخاص، كما تقوم الحكومة بالضغط على أضعف حلقة في المنظومة التربوية و هم الأساتذة و تقوم بقمع حقوقهم النقابية، و هكذا تحاول حرمان أبناء الطبقات الشعبية من التعليم المجاني، و كذلك حرمان أبناء الشعب من مناصب عمل مستحقة.

انطلقت معركة الأساتذة المتدربين من أجل إسقاط المرسومين منذ 28 أوكتوبر 2015 أي منذ بداية دخول المعركة شكلها الوطني إذ بدأت المعركة بالمراكز الجهوية قبل ذلك. و في الـ 31 أكتوبر تم تأسيس تنسيقية

الأساتذة المتدربين الوطنية، ليخوضوا بعدها مسيرتين احتجاجيتين؛ مسيرة يوم 12 نوفمبر وشارك فيها أزيد من 10000 شخص، و مسيرة 17 دیسمبر حيث تتراوح تقديرات المشاركين فيها بين 15000 و 20000 و بعض المصادر ذهبت لأكثر من ذلك أي 25000 مشارك، و كذلك يوم 25 ديسمبر بإحصائيات مشابهة.
بالإضافة إلى المظاهرات التي نزلت إلى الشارع يوم 7 جانفي و التي تم التنكيل بها في سابقة خطيرة و خلفت عدة جرحى و إصابات خطيرة لا يزال ضحاياها في المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة. لقد أكد يوم 07 يناير 2015 حقيقة ناصعة مفادها أن جواب الدولة على تطلعات الشباب لحفظ حقوقه وصيانة مكاسب تاريخية لن يكون إلا قمعا، وأنها منصاعة لإملاءات المؤسسات المالية الدولية الآمرة بتطبيق سياسة خفض الميزانيات الاجتماعية ومنها تفكيك الوظيفة العمومية وتجميد التوظيف. و قد جاء في بيان الكونفيدوالية الديمقراطية للشغل أن الدولة قد أثبتت مجددا أنها ضد الفئات الواسعة من الشعب، و أن مصلحة الوطن لا تهمها في شيء، بقدر ما تهمها مصلحة الأثرياء و رضى المؤسسات الخارجية. إن ما قامت به الداخلية ،يوم 07 يناير 2016 ، ليس فقط تكسيرا و تهشيما لأجساد المناضلين-ات فقط، بل هي أيضا رغبة لم تعد تخفى على أحد ،في تحطيم كل مقاومة معادية لسياسة خدمة الخواص و المُقرضين، إنها رغبة هستيرية في إقبار الوظيفة العمومية و حق الشغل و التعلم.

لقد قاطع الأساتذة المتدربون كل الدروس في مراكز التكوين و تجندوا في النضال مطالبين بإلغاء هذين المرسومين ورحيل وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار، و قد وصلت نسبة هذه المقاطعة إلى 100% في أغلب مراكز التكوين الجهوية عبر كافة الوطن و التي تشهد نضالا يوميا وبين الفينة والأخرى أشكال نضال موحدة وطنيًا و متفرقة مكانًا حسب ما تقرره التنسيقية الوطنية. و قد أكدوا ضرورة الانخراط في معركة وطنية لمواجهة هذين المرسومين.

لقد صرح وزير التربية رشيد بلمختار أن وزارته غير معنية بهذه الإحتجاجات، و أن الأساتذة المتدربين ليسوا سوى طلبة في المراكز الجهوية للتكوين و التي لا علاقة لها بالتوظيف حسب رأيه، مؤكدا أن الوزارة لن تتراجع عن المرسومين الذين خرجا حيز التنفيذ هذا الموسم، فلا توجد أي مفاوضات لحد الساعة، و في كل مرة تُقمع بعض المراكز من بين المراكز المحتجة التي تشهد حصارا دائما و ملاحقة للنشطاء لتعقب تحركاتهم، كما أن القمع خلف إصابات متفاوتة الخطورة، و جرى في بعض المرات اعتقال محتجين

ليتم تسريحهم فيما بعد، إضافة لحظر التجول في المدن التي تشهد الإحتجاجات، وسط تعتيم إعلامي كبير.

إن هذا النضال للأساتذة المتدربين يتجاوز إسقاط المرسومين المشؤومين و يتطلع للدفاع المستميت عن المدرسة و الوظيفة العموميتين و لهذا يجب توسيع جبهة الصراع، إن هذه المعركة الاحتجاجية هي منعطف حاسم للدفاع عن حقوق العمال النقابية و الدفاع عن القطاع العمومي و حقوق أبناء الطبقات الحساسة من الشعب. لقد التحمت الجماهير الشعبية بالحركة الأساتذية الإحتجاجية فساندتها و التفت حولها في انتفاضات عفوية متفرقة لمواجهة التوجه النيوليبرالي المتوحش و الذي يتعذر مواجهته إلا من خلال الأداة السياسية للبروليتاريا و عامة الكادحين.

إن البيروقراطيات النقابية ذات منطق الإصلاح و المساومة و التنازلات بالإضافة إلى الأحزاب قد لعبوا خلال هذه الأحداث دورا رجعيا سواء كان حياديا أو مباركا للقرارات الحكومية. و قامت غالبية الأحزاب بالإكتفاء بدور المتفرج المتواطئ. فلا توجد منهم وقفة مع مطالب الجماهير الشعبية و حتى حقوقها الديمقراطية البورجوازية المزعومة من تعليم و شغل و كرامة و حق التعبير و الإضراب.

يعلن حزب العمال الإشتراكي تضامنه الکامل و اللامشروط مع نضال الأساتذة المتدربين المغاربة لأجل حقوقهم الأساسية المشروعة، و نستنكر كل الأشكال القمعية الممارسة ضدهم من طرف الدولة.
ندعو كل الأحزاب الشيوعية الأممية في العالم إلى التضامن البروليتاري مع هذه الوقفة، كما ندعو كل النقابات والأحزاب السياسية المغربية للإنضمام إلى هذه المعركة العادلة حتى النصر.

شارك المقالة

اقرأ أيضا