استفتاء تركيا: الثغرة مفتوحة، لنعزز جبهة التصويت بــلا!

بلا حدود22 أبريل، 2017

 

 

بيان فرع الأممية الرابعة في تركيا

 

بعد الاستفتاء المتعلق بالتعديلات الدستورية المتيحة لاردوغان الحصول على كامل السلطات، أعلن هذا الأخير انتصاره. طبعا لم تكن نسبة 51.3% لصالح “نعم” مقابل 48.7% لصالح “لا” النتيجة التي كان النظام يتوقعها.  كان هذا الأخير قام، في الأشهر الأخيرة –المطبوعة فضلا عن ذلك بحالة الطوارئ-بتعبئة كل وسائل الدولة للقيام بدعاية هائلة لصالح التصويت بـ”نعم” من جهة، ومن أجل تجريم وقمع أنصار التصويت ب”لا” من جهة أخرى.  الخطابات الدينية، والخطابة القومية، والشعبوية المناهضة للغرب المشبعة كلها بنظريات المؤامرة اللامعة بغباوتها… جرى استعمال كل شيء بقصد للتنديد بالمدافعين عن التصويت بـ”لا”. ورغم ذلك لا يمثل الفرق، حتى حسب ما أعلن النظام من نتائج، سوى مليونا وثلاث مائة ألف شخص من ثمانين مليونا.

هذه هزيمة لا جدال فيها للكتلة الإسلامية القومية التي يقودها أردوغان. ثم إنها نتيجة هزيلة لتحالف حزب العدالة والتنمية وحزب العمل القومي اليميني المتطرف، الذي فقد تقريبا 10% من الأصوات قياسا بانتخابات نوفمبر العام 2015.

لكن ما يشدد هذه الهزيمة هو انتصار التصويت بـ”لا” في المدن الكبرى الثلاث، اسطنبول وأنقرة و إيزمير، خاصة أن المدينتين الأولى والثانية يقود تسيير بلديتيهما حزب العدالة والتنمية. كما أن دوائر محافظة إسلامية تقليديا في اسطنبول اختارت بجلاء التصويت بـ”لا”.  يمثل ذلك خسارة نسبة 10% من أصوات حزب العدالة والتنمية و73% من أصوات حزب العمل القومي لصالح “لا”.  لذا لم يلق زعيم حزب العمل القومي دولت بهجلي –الذي يواجه معارضة قوية – الذي خضع كليا لاردوغان بقصد انقاذ مقعده قبولا من قاعدة حزبه. هكذا كانت هذه الأخيرة عنصرا في النتيجة التي حققها التصويت بـ”لا”.  ستقود هذه الأزمة حتما الحزب التاريخي لأقصى اليمين إلى سيرورة تفكك وإعادة هيكلة عميقة.

بعد قول هذا، إلى جانب غياب الإنصاف في حقبة الحملة، تمثل المحاولة الرسمية للغش التي قامت بها الدولة التركية في أثناء الاستفتاء العامل الأساسي الذي يجعل النتائج قابلة جدا للاعتراض، وحتى غير شرعية. فضلا عن مختلف الخروقات التي غالبا ما لجأ إليها حزب العدالة والتنمية، أقدم مباشرة مجلس الانتخابات الأعلى على قرار اعتبار أوراق التصويت والأظرفة التي لا تحمل الخاتم الرسمي صالحة مادام لم يثبت انها مستقدمة من خارج، وهذا في عز الاستفتاء وبطلب من نائب يمثل حزب العدالة والتنمية. وكان قرار ثان مكمل هو قبول أوراق التصويت مطبوعة بأختام انتخابات سابقة، لا مبرر لوجودها طبعا بين أيدي مسؤولي مكاتب التصويت. هذا ما يجعل صالحة كل أوراق التصويت بـ”نعم” المعدة سلفا – حتى بغياب الخاتم الجديد-والمعوضة في أخر لحظة لتلك الخارجة من صناديق الاقتراع…

بيد ان معظم أوراق التصويت بلا خاتم رسمي جرى استعمالها في كردستان حيث أعلنت حالات كثيفة من التصويت جملة لصالح “نعم”، وصناديق اقتراع بلا أي تصويت لصالح “لا” وتوقيعات ممثلة لآلاف المصوتين.

وحسب حزب الشعوب الديمقراطي، حزب يساري إصلاحي، مرتبط بالحركة الكوردية، تبلغ هذه الحالات، حسب الملاحظات الأولى، 500 ألف صوت.

اعتقال ألفين من مستشاري حزب العمل القومي في الأيام السابقة للاستفتاء، وإبعادهم عن مكاتب التصويت من قبل عسكريين في أثناء فرز الأصوات يبرزان بجلاء أن التزوير ُنفذ بخطة.  كان ثمة تراجع بنسبة 10% في التصويت لصالح “لا” في كردستان، قياسا بنتائج العام 2005، لكن قبل التسرع باستنتاج أن قسما هاما من الأكراد انضم إلى اردوغان مبتعدا عن الحركة الكوردية، يجب أولا اعتبار حجم التزوير، وكذا عدم نسيان ان كردستان تعرض في الأشهر العشرين الأخيرة لمذابح حقيقية، وتدمير مدن، وترحيل 500 ألف شخص، منهم 300 ألف ناخب.  وكانت مشاركتهم في التصويت تتطلب تخطي مصاعب مالية ونفسية للعودة إلى أحيائهم المخربة. فضلا عن كون الحملة جرت في غياب 13 من نواب حزب الشعوب الديمقراطي (منهم رؤساؤه)، وأكثر من 80 عمدة وآلاف المناضلين وراء القضبان.

 هل كان ممكنا لولا الغش الانتخابي للنظام أن يتجاوز التصويت بـ”لا” نسبة التصويت بـ”نعم” بالنظر إلى ضآلة الفرق؟ الاحتمال كبير. حسب حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمل القومي، ثمة تلاعب بنسبة 3-4 % من الأصوات.

لكن مهما يكن من أمر، هذه الخروقات الجسيمة للقانون الانتخابي تجعل الاستفتاء، فضلا عما تُلقي من شك على النتائج، لا شرعيا وتستدعي إلغاءه.

لكن يبدو أن لا استعداد لدى للنظام للتراجع. فاردوغان أعلن منذ أول ليلية:” لا تتعبوا البلد بنقاشات لا طائل منها (…) لا تضيعوا وقتكم في سعي إلى الاعتراض”.  ووفاء للدوتشي التركي رفض مجلس الانتخابات الأعلى الطعون التي وضعتها أحزاب المعارضة المطالبة بإلغاء الاقتراع.

موازاة لذلك، جرى اعتقال أربعين من ناشطي التصويت بـ”لا”، بعد تفتيش بيوتهم او مكاتبهم بمبرر اعتبارهم تصويت “نعم” غير شرعي.

 بوجه التزوير الانتخابي والقمع نزلت القوى الديمقراطية لجبهة “لا”، المتماثلة مع روح تمرد جيزي (المنطلقة في 2013)، وخاصة الشباب، إلى الشارع.

الانتصار المعلن للانتقال إلى الاتوقراطية، وبالتالي تشديد الطابع القمعي للنظام، لم يسبب أي إحباط معنويات أو فك تعبئة لدى أنصار “لا”.  بل بالعكس تعززت وتطورت كفاحية قطاعات مجتمعية كبيرة بفعل وعي أن التعبئة هي التي أسهمت في إضعاف هيمنة اردوغان، وبفعل التجربة التي دلت على أن لنصف المجتمع حيث يضرب معا القدرة، رغم التناقضات المخترقة لمكوناته، على فتح ثغرة في الكتلة الحاكمة.  وطبعا ثمة خطر خفوت التعبئة بفعل غياب توجه واضح وأهداف تكتيكية مناسبة.

يجب على الحركة أن تتنظم ذاتيا، ويمكن للتجمعات لصالح التصويت بـ”لا” المكونة إبان الحملة بعناية من اليسار الجذري أن تكون قاعدة لهكذا إعادة هيكلة.

ستكون المعركة شاقة، لكن مهما يكن من أمر الثغرة باتت مفتوحة. اذن لنصرخ بكل قوانا: “لا، المعركة لم تنته، انما بدأت!”

Sosyalist Demokrasi için Yeniyol  فرع الاممية الرابعة بتركيا

 تعريب المناضل-ة

شارك المقالة

اقرأ أيضا