بيان أطاك المغرب: مشروع القطار الفائق السرعة؛ رمز للاستبداد السياسي والاستعمار الفرنسي

الحركة الاجتماعية16 نوفمبر، 2018

بعد تأخر لأكثر من ثلاث سنوات وكلفة تجاوزت بكثير الميزانية الأولية، تستعد الدولة لإعطاء الانطلاقة للقطار الفائق السرعة (”التجيفي”). انطلاقة رسمية لن تخلوا من مظاهر البهرجة والتباهي الخادع حول مشروع مرفوض شعبيا. منذ الإعلان عن هذا المشروع في 2010 في إطار صفقة سياسية-اقتصادية بين الدولة المغربية والجمهورية الفرنسية، كنا قد أبدينا في حينه رفضنا لهذا المشروع لما يرمز له من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. حيث يشكل تكريسا للاستبداد السياسي والفساد الاقتصادي. أسباب ما زالت قائمة وتعززت في فترة انجاز المشروع التي دامت ثماني سنوات.
من الناحية السياسية: رمز للاستبداد السياسي واستمرار الاستعمار الفرنسي
“التيجيفي” هو رمز للاستبداد السياسي بالقرار، حيث لم يصدر قرار انجاز هذا المشروع عن أية مؤسسة منتخبة، ولم يحظ بأي نقاش عمومي شأنه في ذلك شأن معظم المشاريع الكبرى والمخططات الهيكلية، ولم يستدع نقاشا جديا بين “ممثلي الشعب” داخل البرلمان، باستثناء جلسة اجتماع نظم بحضور مدير المكتب الوطني للسكك الحديدية في أبريل من سنة 2008.
هذا المشروع مثال حي عن الاستعمار الجديد الذي يمارس على المغرب والشعب المغربي من طرف الدولة الفرنسية.  فقد تم تفويت كل مراحل انجازه ( الدراسات الأولية والتفصيلية، والبناء، والاستغلال والصيانة والتكوين) لشركات فرنسية وبدون أي طلب عروض. ” الكرم المغربي” يفسر بطبيعة التمويل المشروط الذي فرضته فرنسا. المشروع ممول بنسبة 51 في مائة من طرف فرنسا، و21 في المائة من طرف دول الخليج و28 في المائة من طرف الميزانية العمومية المغربية. التمويل الفرنسي للمشروع من خلال القروض فرض على المغرب هذه الشروط مما يضرب مرة أخرى مبدأ السيادة الوطنية. فالمشروع فرض على المغرب لا من ناحية اختيار التكنولوجيا أو حتى مسار القطار الذي كان يهم في البداية الجزء الرابط ما بين أكادير ومراكش. كما أن الشركات الفرنسية وعلى رأسها شركة ألستومALSTOM   والشركة الفرنسية للسكك الحديدية SNCF  حصلتا على حصة الأسد من الصفقات المتعلقة بالمشروع.
من الناحية الاقتصادية: مديونية خانقة للمكتب الوطني للسكك الحديدية
كما كان متوقعا عرفت الميزانية المخصصة “لتجيفي” تضخما تجاوز التوقعات الأولية. حسب الجدول أسفله يتبن أن كلفة هذا المشروع ارتفعت ب3 مليار و115 مليون درهم، على أقل تقدير. هذا الرقم المهول يعتمد على المديونية الإضافية التي تم اقتراضها من عند الممولين الخمس للمشروع. كلفة المشروع ستكون مرتفعة أكثر إن احتسبنا ما تم إضافته من الميزانية العامة للدولة. وهو معطى تتكثم عليه الدولة في خرق للحق في الولوج للمعلومة. الأكيد وبالاعتماد على الأرقام الرسمية المدرجة في تقارير المكتب الوطني للسكك الحديدية وكذا المجلس الأعلى للحسابات، يتضح بجلاء أن ميزانية الاستثمار عرف تطورا مهما ابتداءا من 2012 حيث ارتفعت ب150 في المائة مع إطلاق انجاز “التيجفي”. من 2012 إلى 2015، وصلت الاستثمارات إلى 23 مليار درهم. 60 في المائة من استثمارات المكتب في فترة 2010-2015 تخص التيجفي لوحده. نسبة توضح عدم تكافئ الاستثمارات حيث يخصص أكثر من نصف استثمارات المكتب لفائدة 6 في المائة من مجموع الشبكة. أمام هذه الاستثمارات في هذا “الفيل الأبيض”، وصلت مديونية الى مستويات قياسية. حيث تقدر ب 24 مليار درهم الى حدود 2015 (خامس أكبر مديونية لشركة عمومية بالمغرب). والخطر الأكبر أن 56 في المائة من المديونية هي بالعملة الصعبة. ومن المنتظر أن يتفاقم هذا الوضع المالي الذي لن يتحسن مع إطلاق التيجفي.
تبدير المال العام يستمر أيضا من خلال إنشاء محطات ضخمة خاصة بالقطار الفائق السرعة بكلفة عالية جدا، حيث اضطر المكتب للاستدانة من أجل تمويل ما سيمثل “فيلة بيضاء”. محطات طنجة، والقنيطرة، والرباط المدينة والرباط أكدال والبيضاء المسافرين يتم حاليا إعادة تهيئتها، وخلق محطات “فرعونية” علما أن أغلب هذه المحطات شهدت أشغال إصلاح وصيانة من قبل ودامت أشغالها لمدة سنوات. اليوم يتم تدمير عدد من المحطات التاريخية من أجل إنشاء محطات هدفها تحويل الخدمة السككية لأسواق تجارية. أشغال ملكفة تتم في ظروف عمل صعبة للشغيلة وتحت ضغط الوقت. خلف هذا حادثا مأساويا، حيث يوجد أحد العمال كان يشتغل بورش محطة الرباط المدينة بين الحياة والموت.
كما رافق أشغال تحويل هذه المحطات الى موركومولات تأخيرات بالجملة عانى منها بشكل يومي مستعملوا السكك الحديدية مما دفعهم الى الاحتجاج سواء بشكل مباشر أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
من الناحية الاجتماعية: ثمان سنوات من تدمير الخدمة العمومية السككية
تميزت فترة انجاز “التيجيفي” بتدني مستويات الخدمات المقدمة من طرف المكتب الوطني. خلال الثلاث السنوات الأخيرة، الرحلة عبر قطارات المكتب أصبحت رحلة من المعانات النفسية والجسدية. صعوبات تأمين الخدمة العمومية تتجلى أيضا في وضع الشغيلة السككية التي أصبحت أمام فوهة بركان من الغضب الشعبي خلال فترات العطلة والذروة. عمال القطاع أصبحوا عرضة للهشاشة من خلال تكثيف العمل مع شركات المناولة في عدد كبير من المهن السككية. الأخطر من ذلك، تدني الجودة أثر أيضا على سلامة النقل السككي، حيث لوحظ تكرار حوادث للقطارات في عدد من المرات خلال السنوات الأخيرة. وفي الآن نفسه، يقوم المكتب بتمويل مشروع مكلف سيستنزف مالية المؤسسة العمومية وجيوب المواطنين مستقبلا.
أمام هذه المعطيات والأرقام والحقائق نعلن مايلي:
– رفضنا الكلي لمشروع القطار الفائق السرعة لما يكرس من فساد اقتصادي واستبداد سياسي و تبعية لمراكز القرار الامبريالية، مع ما سينتج عنه من استعباد مرتبط بالديون الضخمة التي يستدعيها.
– مطالبتنا بفتح نقاش عمومي حقيقي حول مصير قطاع السكك الحديدية بالمغرب واستراتيجية الدولة في السكك الحديدية عموما.
– تضامننا المطلق مع جميع مستعملي هذه الخدمة العمومية الأساسية من جراء ما يعانون منه يوميا من صعوبات جراء تردي جودة الخدمات المقدمة من طرف “المكتب”.
– مساندتنا لكل السككيين والسككيات في نضالاتهم من داخل “المكتب” وإدانتنا للهجوم على مكاسبهم والحملات التي يتعرضون لها بسبب عملهم النقابي.
– رفضنا لمشروع الخوصصة الذي يتم إعداده. فتحويل المكتب إلى شركة “مجهولة الاسم” وتغيير العلاقة بينه و بين الدولة من موفر لخدمة عمومية إلى مفوض لتدبير القطاع لمدة ال50 سنة المقبلة هو فتح لباب الخوصصة على مصراعيه.
– تشبثنا بمبدأ الخدمة العمومية التي يجب على “المكتب” أن يستمر في تأديتها مع توفير مواصفات الجودة والسلامة.
السكرتارية الوطنية

شارك المقالة

اقرأ أيضا