وفاة عبد الرحيم برادة: معسكر المضطهدين يفقدُ مكافحا من عيار نادر

سياسة24 فبراير، 2022

يوم 20 فبراير ومناهضو الاستبداد بالمغرب  ينزلون إلى الشوارع في ذكرى  انطلاق حراك 20 فبراير قبل 11 عشر سنة، نزلت عليهم صاعقة  نبأ وفاة عبد الرحيم برادة المناهض الشرس للديكتاتورية الجاثمة على صدر الأكثرية المضطهدة بالمغرب منذ 66سنة.

خسارة جسيمة لا يدرك حجمها غير من يميز عبد الرحيم برادة عن جمهرة ادعياء الديمقراطية، والانصار الزائفين لحقوق الانسان. ما أكثر الديمقراطيين الزائفين، يلوكون شتى صنوف الكلام عن الحرية و العدالة ولا يتورعون في سياسة “التوافق” مع ألد أعداء الحرية والعدالة. لم يكن عبد الرحيم برادة مجرد محام مدافع عن السجناء السياسيين، بل كان حامل اقتناعات ثورية، ديمقراطية فعلا، ضد الاستبداد حتى النهاية، وأخرى اشتراكية لم تنل منها خيبة أمله  المبكرة من المسخ الستاليني الذي نعثه بــ”زيف النظام السوفياتي”.

ايام هيمنة اليسار ناقص النزعة الديمقراطية، المتأهب في كل لحظة للتوافق مع الطغيان السياسي والظلم الاجتماعي، لدرجة التحول إلى اداة  مباشرة لهما، فيما سمي بحكومة التناوب التوافقي، كان عبد الرحيم برادة، بصراحته المعهودة ، ضد الخيانات المقنعة بضرورات “السياسة الواقعية” المزعومة. ولم يقتصر بهذا الصدد عن تعبير عن خيبة أمل من المسخ المسمى حكومة اليوسفي بل أدانها.

كان لعبد الرحيم برادة مجال اشتغال تكرس له بكل تفان، محاميا صارما في عدائه للاستبداد،  وكان  منسجما مع اقتناعاته الديمقراطية، فلم يكن  كطينة أخرى من المحامين يقايض معتقلين بالسكوت عن مواقفهم  مقابل الدفاع عنهم. تلك كانت حالة  من لم يشاطر سجناء سياسيين موقفهم من المسألة الصحراوية.  لم يكن  عبد الرحيم برادة مجرد  محام يذود عن الحق في محاكمة عادلة في إطار نظام  غير ديمقراطي، بل مناضلا من أجل تغيير النظام، ليس السياسي وحسب نحو نظام ديمقراطي، بل أيضا  النظام الاقتصادي الاجتماعي، اي الرأسمالية التابعة. كان عبد الرحيم مناضلا باقتناعات اشتراكية، والارجح أن أزمة اليسار الجذري التاريخية بالمغرب لم تساعد على انخراطه في كفاح سياسي وتنظيمي على جبهات أخرى. وليس كتابه المرافعة من أجل مغرب علماني غير ثمرة هذه الاقتناعات الاجمالية.

سيظل عبد الرحيم برادة رمزا للمثقف المنضم  بصدق وتفان الى المضطهدين بالطريقة التي استطاع في سياقات تاريخية صعبة. انه رمز ساطع وسط جمهرة أدعياء الديمقراطية و نصرة مصلحة الاغلبية الشعبية الذين يجري تنصيبهم رموزا للنضال الديمقراطي ويحاطون بهالات التبجيل بعد كل ما أسدوا من خدمات للاستبداد ولنظامه الرأسمالي قاهر الأغلبية الشعبية.

واليوم، وكل الأصوات الديمقراطية عرضة للإخراس بكل الأساليب، ووسائل التواصل الاجتماعي تحت مجهر الكتروني بوليسي لردع كل رأي مزعج وكل مناداة بضرورة التصدي للظلم، ومناضلو التعبئات الشعبية وراء القضبان، والدولة تتفن في افراغ جمل الحقوق الواردة في القوانين من كل محتوى، تزداد الحاجة الى أمثال الفقيد عبد الرحيم برادة، وقد باتوا أقلية ضئيلة جدا، معظمهم من الرعيل الأول، ضمن مهنة حيث يتعاظم الساعون إلى الكسب بعدم اكتراث تام بما تتعرض له الحريات. عسى أن ينهض من الجيل الشاب من يرفع عاليا لواء عبد الرحيم برادة.

المجد والخلود لعبد الرحيم برادة.

بقلم: رفيق الرامي

 

 

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا