وضع الكادحين /ت الاجتماعي المتردي في تيسة و الدينامية الكفاحية الجارية في حوار مع الرفيق عبد الرحيم عاوة ، كاتب فرع فيدرالية اليسار الديمقراطي

شهدت مدينة تيسة، إقليم تاونات، تنظيم وقفة احتجاجية حاشدة بساحة الفرس العمومية، يوم الجمعة 15 غشت 2025، للمطالبة بالحق في الماء الصالح للشرب، وبتحسين الوضع الاجتماعي العرضة للإهمال المقصود…
لتنوير المناضلين والمناضلات، وكافة الكادحين/ت المهتمين بالكفاحات الشعبية، حاورت جريدة المناضل-ة الرفيق عبد الرحيم عاوة، كاتب الفرع المحلي لفدرالية اليسار الديمقراطي بتيسة، في سعي لالقاء مزيد من الضوء على كفاحات كادحي/ت تيسة، تعميما للفائدة، وتشاركا لدروس النضال. هذا كله بمنظور يروم توطيد أواصر التعاون بين مناضلي/ت اليسار من أجل انخراط عميق في النضالات العمالية و الشعبية بما يعزز هوية اليسار، واستقلاله، بوجه القوى المناصرة لنظام الاستغلال والقهر الطبقي التي باتت تتبنى خطابا نقديا زائفا، لا يقدم بديلا، سواء منها “المخزنية” او الرجعية المدعية المعارضة.
وإذ تشكر جريدة المناضل-ة الرفيق عبد الرحيم، تعيد تأكيد انها منبر كل المناضلين/ات المنتسبين لقضية تحرر المقهورين/ت من نظام الاستبداد و لاستغلال و الاضطهاد القائم ببلدنا.
******

* للوقفة الاحتجاجية الأخيرة، يوم الجمعة 15 غشت 2025، ما هي أهم الأسباب التي دفعت السكان للاحتجاج؟ وكيف جرى الاعداد لها (الدعوة للوقفة، التعبئة لها، تأطيرها لغاية تنفيذها…)؟ وما أهم المطالب التي رفعها السكان خلال الوقفة؟

الرفيق عبد الرحيم : جاءت الوقفة الاحتجاجية ليوم 15 غشت 2025 كاستمرارية لمسلسل طويل من النضالات الشعبية بمدينة تيسة، بدأت منذ أكثر من عقد الزمن، الا ان حدة هذه الاحتجاجات تضاعفت بشكل كبير مع استفحال مشكل الانقطاع المتكرر للماء الصالح للشرب، اذ عاشت الساكنة خلال السنوات الأخيرة أوضاع كارثية مما ساهم في هجرة عدد كبير منهم نحو مدن أخرى كفاس او مكناس..، هذا من جهة ومن جهة أخرى فان المدينة تعيش التهميش في أقصى تجلياته سواء من حيث البنية التحتية المهترئة جدا، او من حيث باقي القطاعات كالتعليم والصحة، و البطالة، فالخدمات الاجتماعية بالمدينة شبه منعدمة في ظل سياسة اللامبالاة التي ينهجها المسؤولون عن تدبير الشأن المحلي بالمدينة.
استبشرت الساكنة خيرا مع خروج مشروع تزويد مدينة تيسة بالماء الشروب من حقينه سد ادريس الأول قبل حوالي خمس سنوات، الا أن المشروع وباعتراف المجلس الجماعي شهد اختلالات كبرى حيث تأخر إخراجه للوجود كثيرا، الامر الذي دفع الساكنة للدعوة الى تنظيم مجموعة من الاشكال الاحتجاجية كان أخرها وقفة 15 غشت 2025.
كانت الوقفة نتاج لدعوات عامة من طرف الساكنة التي لم تعد قادرة على تحمل الوضع، وتمت التعبئة للوقفة من خلال منصات التواصل الاجتماعي و التواصل المباشر بين شباب المنطقة و ساكنتها في المقاهي و الازقة، الا ان قرار المنع الصادر من باشا مدينة تيسة ساهم بدوره في نجاح هذه الوقفة، حيث أحست الساكنة بالظلم والحكرة، فمصادرة الحق في الاحتجاج في ظل الواقع المزري الذي يعيشونه كان بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس، فالمقاربة القمعية التي نهجتها السلطات لمواجهة الدعوة للوقفة السلمية كانت من بين الأسباب المهمة في التعبئة لنجاح هذه الوقفة.
كانت الساكنة دوما واضحة في مطالبها و التي يأتي على رأسها مطلب الماء الصالح للشرب ، وتحسين الخدمات الاجتماعية من قبيل الخدمات الصحية التي عرفت تراجعا خطيرا بعد هدم المستوصف الوحيد في المدينة والاكتفاء بإعداد خيمة الى جانب بناية الجماعة التي تم استغلال بعض مرافقها التي لا تستجيب لشروط الكرامة الإنسانية و لا تقدم الحق الدستوري في الحصول على العلاج، بالإضافة الى استفحال البطالة و تراكم الازبال في الشوارع، مع تنامي ظاهرة خطيرة تتعلق بالمرضى النفسيين الذين أصبحوا يحتلون شوارع المدينة و يهددون سلامة المواطنين باستمرار.
عموما الإطارات المناضلة بالمدينة كان لها دور أساسي في التأطير، لكن الحافز الأكبر هو معاناة الناس المباشرة المطالب انصبت أساسا على: الحق في الماء، تحسين أوضاع المرافق العمومية، والتنديد بالإقصاء الاجتماعي الممنهج.

• خلال الاعداد للوقفة لغاية تنفيذها، أو بعدها، هل من مساعٍ من طرف السلطات بالمدينة أو الإقليم لفتح حوار مع السكان والانصات لمطالبهم والاستجابة لها؟

الرفيق عبد الرحيم: بعد الدعوة للوقفة الاحتجاجية، لم تبادر سلطات المدينة بأي مساعٍ لفتح حوار جاد مع السكان، ورغم وجود حوار سابق بتاريخ 20 يونيو 2025، فإنه لم يسفر عن أي نتائج ملموسة، بل اقتصر على وعود لم تتحقق، مع اعتماد سياسة التسويف والتهدئة.
وفي هذا السياق، قدمت الساكنة عريضة استنكارية حول الأوضاع، حيث تم وضع نسخة منها لدى باشوية تيسة، وأخرى لدى عامل إقليم تاونات. كما حاول المواطنون إيصال نسخة إلى المجلس البلدي، إلا أن غياب الرئيس المستمر عن مقر الجماعة، حسب إفادات السكان، حال دون ذلك.
إن هذا الموقف من السلطات، الذي يتسم بعقلية المنع والوصاية، يؤكد أنها لم تكن مستعدة لأي حوار حقيقي مع السكان، سواء قبل الوقفة أو بعدها، ما يعكس عجزها عن التعامل مع المطالب الاجتماعية المشروعة إلا من خلال القمع أو التجاهل.

• أقدمت سلطات المدينة، في شخص الباشا، على منع هذه الوقفة الاحتجاجية، ما مبررات هذا المنع؟ وكيف كان تأثيره على التعبئة للوقفة وعلى حضور السكان فيها؟ وما كان رد الإطارات الحقوقية والنقابية والسياسية والجمعيات بالمدينة والإقليم على هذه الهجمة على الحق في التظاهر والاحتجاج؟

الرفيق عبد الرحيم : باشا المدينة برر المنع بحجج “النظام العام” المعتادة، لكن الحقيقة أن الدولة لا تريد أن يتحول النضال الاجتماعي إلى قوة منظمة، المنع لم يضعف التعبئة بل زادها قوة، حيث التحق السكان بالوقفة رغم الترهيب، أما الإطارات الحقوقية والنقابية فقد أصدرت بيانات منددة، وأكدت أن الحق في التظاهر حق مكفول، وأن ما وقع اعتداء صارخ على الحريات..

• الواقع الاجتماعي المزري بمدينة تيسة ليس مجرد معاناة شعبية في صمت، بل هو أيضا نضالات شعبية عبر تعبئات للسكان للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية.
ما هي أهم سمات الوضع الاجتماعي بالمدينة، لا سيما خلال العقود الأخيرة، حيث تسارع وتيرة خصخصة الخدمات العمومية والاجتماعية المتساوق وتردي مستوى عيش وحياة كريمين؟
وما هي أهم التحركات الشعبية في الآونة الاخيرة، وحتى في السنوات الأخيرة؟

الرفيق عبد الرحيم :الوضع الاجتماعي في تيسة يتسم بالفقر، البطالة، ضعف البنيات التحتية، وتردي الخدمات الاجتماعية. الخوصصة تزحف على ما تبقى من خدمات عمومية، خصوصا في قطاع الصحة.. التحركات الشعبية خلال السنوات الأخيرة شملت وقفات حول الصحة، احتجاجات المعطلين، ونضالات الساكنة ضد العطش. السمة الأساسية هي الاستمرارية رغم القمع والتجاهل.

• ما هي خصائص هذه التحركات الشعبية: ما مدى جماهيريتها (مشاركة واسعة للسكان أم محدودة…)، فئة الجماهير المشاركة (شباب، نساء، سكان أحياء فقيرة وشعبية، أم سكان أحياء فئات متوسطة…) وما الأشكال التي تتخذها (وقفات، اعتصامات، مسيرات، توقيع عرائض…) وما هي الجهات التي تتوجه إليها؟
الرفيق عبد الرحيم: تتميز التحركات الشعبية بتيسة بجماهيرية كبيرة حيث عرفت مشاركة واسعة لكل الشرائح الاجتماعية، لان التهميش عام بالمدينة لا يستثني أحدا، كما ان هذه التحركات شهدت مشاركة النساء و الشباب بكثافة، فغياب الماء الصالح للشرب لسنوات متوالية، نتج عنه شعور جماعي بالظلم و الحيفو التهميش، خصوصا ان تدخلات المجلس البلدي كانت محدودة جدا و انتقائية عبر مد المعارف و المقربين فقط بصهاريج المياه، بينما عامة الناس يضطرون للتنقل الى مناطق بعيدة لجلب الماء الصالح للشرب.
التحركات الشعبية بتيسة كانت متنوعة ومتدرجة في حدتها، فقد انطلقت بحمالات عبر هاشتاك تيسة-تموت-عطشا، ثم تم صياغة العرائض الاستنكارية وتوجيهها للسلطات منذ سنة 2022، بعد ذلك كانت هناك وقفات بساحة الفرس خلال ليالي رمضان المبارك، وصولا الى وقفة 15 غشت 2025، دائما ماكانت الجهات المخاطبة في هذه المعركة هي المجلس البلدي والسلطات المحلية والإقليمية.

• ما هي المشكلات الاجتماعية الأكثر إثارة للاحتجاج؟ وهل ثمة قضايا ليست بعد موضوع احتجاج (حقوق المعاقين- ات، بطالة الشباب، مسائل خاصة بالنساء… )؟
الرفيق عبد الرحيم :تتعدد القضايا التي تؤجج الاحتجاجات في المدينة، وتتداخل أزماتها لتشمل قطاعات حيوية أبرزها: أزمة الماء، وغلاء المعيشة، والبطالة، وضعف الخدمات الصحية، وهناك أيضاً قضايا أخرى لم تُطرح بقوة بعد، مثل حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، ومشاكل النساء، والهشاشة الاجتماعية في الوسط القروي، لكنها مرشحة لأن تتحول لاحقًا إلى جبهات احتجاجية.
أزمة الماء
يُعدّ مشكل الماء من بين القضايا الاجتماعية الأكثر إلحاحاً، فهو أزمة مزمنة تسببت في ظروف معيشية صعبة للساكنة، وتلامس بشكل مباشر كرامة المواطنين، حيث يعاني الكثير منهم من شح المياه حتى للاستخدامات الأساسية، مما يثير شعوراً عميقاً باليأس والخوف من تدهور الأوضاع.
تدهور قطاعي الصحة والتعليم
• قطاع الصحة:تفاقمت مشاكل هذا القطاع بشكل خطير، فالمستشفى متعدد التخصصات الذي أُعطيت انطلاقته منذ أكثر من عقد من الزمن لا يزال متعثراً بسبب إشكاليات تتحمل مسؤوليتها الجهات المشرفة على بنائه،ويضاف إلى ذلك هدم المستوصف الوحيد في المدينة من أجل إعادة بنائه، وهو ما دفع المسؤولين إلى اعتماد حلول ترقيعية لا تلبي أدنى تطلعات الساكنة.
• قطاع التعليم:يعاني هذا القطاع من مشاكل لا تُحصى؛ ففي كل سنة، يتأخر الدخول المدرسي لأكثر من شهر ونصف بسبب تأخر فتح الداخليات ودار الطالبة، كما أن النقل المدرسي لا يُشغَّل إلا في بداية شهر أكتوبر، وهو ما يحد من التحاق المتعلمين بالمدارس في بداية الموسم، حيث تقتصر الدراسة على أبناء الأحياء القريبة من المؤسسات التعليمية، بينما يتخلف أبناء القرى المجاورة عن الالتحاق بسبب ارتفاع تكاليف النقل الخاص وانعدام شروط السلامة.
هشاشة البنية التحتية
تُعاني البنية التحتية في المدينة من تدهور حاد، زادت حدته خلال السنوات الأخيرة بسبب مرور الشاحنات الكبيرة العاملة في مشروع تثنية الطريق الوطنية رقم 8، والتي تعبر شوارع المدينة بشكل يومي وصولاً إلى مقالع الرمال الموجودة في وادي اللبن المجاور.

*هل تهتم الحركة النقابية بمدينتكم والإقليم (في مطالبها وأشكال نضالها…) بالقضايا الاجتماعية، أم تقتصر على الشؤون المهنية (أجور، ظروف العمل…)؟وهل تتضامن مع النضالات الشعبية والاجتماعيةبالمدينة والإقليم؟

الرفيق عبد الرحيم : نعم، تلعب النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل دورا محوريا في الاحتجاجات، باعتبار أن اغلب الساكنة هي من رجال ونساء التعليم، وهم في الأصل من أبناء المنطقة الامر الذي يجعلهم في قلب المتضررين من المشاكل التي تتخبط فيها المدينة.
سطرت نقابة cdt مجموعة من الاشكال الاحتجاجية رفضا للأوضاع المزرية التي تعيشها الساكنة خصوصا التلاميذ في الداخليات ودور الطالبة في غياب الماء يعيشون معاناة لا إنسانية بعيدا عن ذويهم.

• هل توجد جمعيات حقوقية و/أو ثقافية بالمدينة، تهتم بالنضالات الشعبية؟ وما أشكال مساندتها لها؟

الرفيق عبد الرحيم: نعم، هناك جمعيات كثيرة بالمدينة تهتم بالدفاع عن حقوق الساكنة الا ان تأثيرها ضعيف جدا، ولا يرقى لمستوى التطلعات بشكل عام، فهي تدعم الاحتجاجات عبر بيانات مساندة للساكنة.

• هل من دور للطلبة، للمعطلين، للشباب المتعلم، من أبناء المنطقة في حفز النضالات الشعبية وأداء دور في تنظيمها؟
الرفيق عبد الرحيم:يلعب الشباب المشكل من الطلبة والمعطلين دورا رياديا في النضالات الشعبية، وما قرار المنع الذي صدرعن الباشا الا دليل قاطع حيث تم توجيهه الى الشباب المناضل بالأسماء في سابقة من نوعها.
هناك تنامي كبير لمستوى الوعي خصوصا أن اغلب الشباب في المنطقة متعلم وله تجارب نضالية داخل الجامعة.

• هل تولي القوى اليسارية المحلية اهتماما خاصا بالنضالات الاجتماعية، وهل تتعاون في ما بينها في هذا المجال؟

الرفيق عبد الرحيم : تلعب فيدرالية اليسار الديمقراطي دورا رياديا في تأطير الاحتجاجات والانخراط فيها، كما انها تساهم بشكل مباشر في الرفع من منسوب الوعي من خلال أنشطتها العديدة بالمدينة، بالإضافة الى قوى يسارية محلية تقليدية كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيث يلعب مناضلوه دورا مهما في رصد الاختلالات ومساندة المعارك بتيسة.

ا* هل هناك اهتمام للسكان بالحياة السياسية المحلية (المجلس البلدي)؟ أم أن الأمر يقتصر على وقت الانتخابات فقط؟ وهل يقوم اليسار بدوره في تتبع هذه الحياة السياسية المحلية، لا سيما من زاوية الحقوق الاجتماعية؟ ويتواصل حولها مع السكان بقنوات تواصل دائمة؟

الرفيق عبد الرحيم :السكان عموما لا يهتمون بالحياة السياسية المحلية إلا وقت الانتخابات، وذلك بفعل خيبة الأمل المتكررة. المجلس البلدي يُنظر إليه كأداة للريع لا لخدمة السكان، دور اليسار هو فضح هذه الممارسات وربط العمل السياسي بالمطالب الاجتماعية، لكن القنوات التواصلية لا تزال ضعيفة ويجب تطويرها.
* ما هي الأحزاب المهيمِنة، والتي تدير شؤون المدينة الإدارية والاجتماعية؟ وكيف تتعامل مع الاحتجاجات (تقف إلى جانبها، أم ضدها)؟ وما هي آليات اشتغالها (عمل حزبي، عمل نقابي، جمعيات…)؟
– ما هو وزن الأحزاب والجماعات السياسية التي لا تشارك إلى الآن في الانتخابات؟ وكيف تتعامل مع الاحتجاجات؟ وما هي آليات اشتغالها(عمل حزبي، عمل نقابي، جمعيات…)؟
– ما موقع ووزن أحزاب اليسار في الحياة الحزبية والسياسية بالمدينة؟

الرفيق عبد الرحيم: الأحزاب المهيمنة هي أحزاب الإدارة التقليدية (اليمين المحافظ، الأعيان…)، وهي تنظر للاحتجاج كتهديد لمصالحها، فإما تصطف ضده أو تلتزم الصمت، آلياتها هي المال الانتخابي، الجمعيات الوظيفية، والزبونية.
الأحزاب التي لا تشارك في الانتخابات، خاصة بعض المكونات الجذرية، تجد نفسها أقرب للاحتجاجات، لكنها تظل ضعيفة القاعدة.
أما اليسار فله حضور سياسي معتبر، لكنه مشتت، وضعفه التنظيمي يحد من وزنه في المعادلة.

• كان إقليم تاونات إحدى الأقاليم التي عرفت نضالات مهمة للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، ما مآلهذه النضالات؟ وهل كان لها تأثير في حفز نضال باقي الشرائح الشعبية بالمدينة والاقليم؟ إن كان الجواب لا، ما تفسير ذلك؟

الرفيق عبد الرحيم :نعم، إقليم تاونات كان مدرسة للنضال بالنسبة للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، وقدم تضحيات جسام. لكن تراجع نضال الجمعية وتشتتها وطنيا انعكس محليا. لم تنجح هذه الدينامية في التحول إلى قوة جماهيرية شاملة، لأن الدولة واجهتها بالقمع الشديد، ولأن باقي الشرائح لم تلتحق بها بالقدر الكافي. الدرس هو أن النضالات الفئوية لا تكفي وحدها، بل يجب ربطها بالنضال الشعبي العام.

• ما هي في نظركم واجبات اليسار إزاء الواقع الاجتماعي المزري وما يولده من نضالات بالمدينة والإقليم؟

الرفيق عبد الرحيم: واجب اليسار هو أن يكون في قلب المعارك الاجتماعية، لا متفرجا، أن يربط بين النضال المطلبي اليومي وبين مشروع مجتمعي تحرري يضع حدا لسياسات التفقير والخصخصة، أن يوحد صفوفه محليا، ويقوي تنظيماته، وينغرس في الأحياء الشعبية. فالمعركة ليست موسمية، بل هي معركة طويلة الأمد ضد التهميش والاستغلال.

• كلمة اختتام.
الرفيق عبد الرحيم:
“إن ما يجري في مدينة تيسة ليس مجرد أحداث عابرة، بل هو تعبير عن أزمة وطنية عميقة تعاني منها العديد من المناطق في المغرب، إن الوقفة الأخيرة ضد العطش تمثل جزءًا من نضال شعبي مستمر يسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. ككاتب محلي لفرع فيدرالية اليسار الديمقراطي بتيسة، أؤمن بأن دورنا هو تسليط الضوء على هذه القضايا، وتعزيز الوعي الجماهيري بأهمية النضال من أجل حقوقنا. إن النضال الشعبي هو الأمل، واليسار المنغرس فيه هو شرط انتصاره. علينا أن نكون في الصفوف الأمامية، نؤطر، نوحد، ونفتح آفاقًا سياسية بديلة، لأن التغيير يبدأ من هنا، من صوت الشعب.”

شارك المقالة

اقرأ أيضا