ملحاحية النّضال من أجل بناء حركة نسائية عُمالية-شعبية

النساء, سياسة7 مارس، 2022

بيان 8 مارس 2022 pdf

تيار المناضل-ة

إنّ الصورة التي تُجْمِل القهر بكل صنوفه في مغرب اليوم هي المرأة الكادحة: العاملة من جهة والقروية من جهة أخرى.  فواقعها اليومي فرط استغلال من أجل أقصى ربح، في ظروف محفوفة بالأخطار، مهددة للصحة، قاتلة أحيانا. يتخذ هذا كل أشكال هشاشة التشغيل، وبوتائر جهنمية، يمتد يوم العمل فيها فوق الحد القانوني بكثير، في أجواء تحرش  جنسي خانقة، وكل ذلك مقابل أجور بؤس، وضعف الحماية الاجتماعية، وحتى انعدامها لدى قسم عريض. مع فرض هذا الجحيم بحرب ضروس على التنظيم النقابي. وفي العالم القروي المهمل، تنزل أثقل أعباء العمل على النساء. وفي الحواضر والقرى، ينيخ العمل المنزلي، من تغذية وتنظيف، وأيضا  رعاية الصغار والشيوخ وذوي الحاجات الخاصة، أي مجمل إعادة الانتاج الاجتماعية، على المرأة، في ظل غياب خدمات اجتماعية جديرة بالاسم، وتسارع خصخصة خدمات الصحة.  ويفرض إفقار النساء المتنامي قيام نظام تجارة جنس باتت فرعا اقتصاديا كامل الأركان، ونظام استنزاف مالي بما يسمى القروض الصغرى. وتتعرض النساء في ظل نظام رأسمالي تابع وبطريركي لشتى صنوف العنف، من ضرب وتزويج قسري، وحتى قتل. ومع إغراق سواد النساء الأعظم في ظلمات الأمية و الجهل، ضمن واقع اجتماعي مرير، تزوق الدولة، بضغط من المنظمات النسائية القائمة، ومسايرة لروح العصر المجندرة، الكثير من سياساتها بمقاربة النوع دون أن تلتزم بالإنفاق الضروري لتجسيد حد أدنى منها، فتزداد اتساعا تلك الهوة  المهولة بين النصوص والواقع.

هذا كله منتظر من النظام الرأسمالي البطريركي، فذلك جوهره غير القابل للإصلاح.  الأمر غير السوي، غير المتناسب مع ما يقتضيه الحال، هو الوضع الذي توجد عليه أدوات النضال المفترض أن تنهض بمهام مقاومة استغلال النساء وقهرهن، من نقابات عمالية وجمعيات قاعدة المجتمع، وأحزاب منتسبة لقضية تحرر النساء. فطاقة النساء الكفاحية الكامنة لا تجد سبل تبلور داخل النقابات العمالية، البعيدة كليا عن إيلاء المسألة النسائية الاعتبار اللازم، فضلا عن سياسة قياداتها المضحية بمصلحة الأجراء عامة على مذبح “الشراكة الاجتماعية”. وبالعالم القروي المهمل، يجري امتصاص قسم من كفاحية النساء بجمعيات “المجتمع المدني” المكملة لدور الدولة والحاظية برعايتها. هذا فيما تظل ملايين الشابات الطالبات والمعطلات  بدون أداة نضال في ظل هجوم برجوازي كاسح يحكم على اجيال متتالية بالبؤس والموت البطيء. ومع ذلك تظل النساء، ضمن الوضع النضالي القائم، في مقدمة النضالات، نقابيا وشعبيا في العديد من الحراكات التي شهدها المغرب، مع انه والحق يقال لا زلن دون المكانة القيادية المتناسبة مع وزنهن في الكفاحات.

لقد اتضحت طيلة عقود حدود الحركة النسائية غير العمالية-الشعبية، وبات معظمها اليوم مبتلعا في آلية تدبير الدولة للمسألة النسائية. ما يفرض النضال من أجل قيام حركة نسائية منغرسة عماليا وشعبيا، مسلحة بمنظور اشتراكي لاضطهاد النساء ولسبل تحررهن.  وتلك مهمة مناضلات الطبقة العاملة ومكافحات الحراكات الشعبية وشابات الجامعة والمعطلات.

ويُمثل الانطلاق من النضالات الجارية مهمة ملحة لبلوغ هذا الهدف. يجب علينا حفز كافة اشكال الاحتجاج والتنظيم، في أماكن الدراسة والعمل والسكن، وتخصيب النضالات المنبثقة يوميا بدروس الكفاح النسائي وخبرتها، في مجال ديمقراطية تسيير النضال وأدواته، وتثقيف الطلائع بالمنُظور النسائي العمالي-الشعبي الثوري المستهدف لجذور الاستغلال والاضطهاد الضاربة في النظام الرأسمالي البطريركي، واعتماد العمل المشترك مع كل القوى المناضلة ضد أي وجه من أوجه قهر النساء، مع اللازم طبعا من فصل الرايات.

هذا سبيل تحرر النساء من الاستغلال والاضطهاد والإذلال، سبيل مجتمع  الحرية والمساواة والكرامة، المجتمع الاشتراكي المسير ديمقراطيا.

شارك المقالة

اقرأ أيضا