ما السّبيل لتطوير المعركة الجارية ضد محاكمات الأساتذة-ات: مقترحات عملية

—————————————————————————————————–

“لا يجب أن يكون احتجاجنا اليوم مجرد ردة فعل، بل يجب أن يكون اليوم بداية النضال الوحدوي. إذا كنا نقول جميعا بأن القيادات النقابية في صف واحد في الحوار، فيجب أن نكون نحن كقواعد في صف واحد. نحن في المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم- FNE نقول لجميع الإطارات النقابية والتنسيقية، كفى من التشتت كفى من النضالات الفئوية، مستعدين لأن نجلس في الجهة، لتأسيس مجلس جهوي موسع يضم جميع الإطارات المناضلة ونبدأ المعركة من سوس ماسة وتنطلق [لتمتد] وطنيا”. (كلمة حسن الحيموتي الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي في المسيرة الاحتجاجية التي نظمتها النقابات وتنسيقية المفروض عليهم التعاقد ضد مجاكمة الأساتذة-ات المنظمة بأكادير في 11 مارس 2022)

 ———————————————————————————————————

أصدرت الدولة أحكاما على مجموعتي الأساتذة المتابَعين منذ أبريل 2021، تضمن حكما بثلاث أشهر سجن نافذة على الأستاذة نزهة مجدي، انتقاما من تصريحها بتعرضها للتحرش الجنسي من طرف عناصر جهاز القمع.

يندرج التنكيل بالمحتجين في الشارع، والاعتقال والأحكام بالسجن النافذ وغير النافذ والغرامات المالية، وقبلها مسلسل الاقتطاعات الذي قصم ظهر قدرة الأساتذة الشرائية، ضمن خطة عامة للدولة هدفها تركيع التنسيقية والقضاء على المقاومة التي يشكلها نضالها في وجه إصدار “النظام الأساسي لمهن التربية والتكوين”.

لم تصب الضربة القمعية وأحكامها القضائية الأساتذة المفروض عليهم- هن التعاقد لوحدهم- هن، بل هي ضربة في صميم شغيلة الدولة كلها (الوظيفة والإدارات العمومية). فهزمُ التنسيقية يعني تمرير هجوم سيحول علاقات الشغل القارة الموروثة عن عقود نضال خلت، إلى ما جرى تعميمه في القطاع الخاص زمن بعيد: فرط الاستغلال عبر المرونة القصوى، التحكم في الأجور والترقيات وربطها بمعايير الاستحقاق والأداء والمردودية، ربط الاحتفاظ بالمنصب بكفاءة الأجير/ الموظف… إلخ.

يقتضي هذا ربط النضال من أجل الحق في الاحتجاج والإضراب والحريات النقابية بالحق في الوظيفة القارة والخدمة العمومية المجانية. وهذا ملف مطلبي يتجاوز قدرة فئة وتنظيم لوحده.

أثارت الأحكام القضائية استياء عارما وأججت الغضب في الصدور. لكن الاستياء والغضب وحدهما لا يكفيان لهزم الدولة. إنهما طاقة أولية يجدر إتقان تفعيلها في خطة نضال تأخذ بعين الاعتبار السياق وما تراكم من تجارب وخبرات فضلا عن الوضع النقابي بقطاع التعليم ومجمل الوظيفة العمومية المستهدَفة بالهجوم.

أصدرت الجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي تعميما يوم 11 مارس 2022، ثمنت فيه “قرارات فروع الجامعة الوطنية للتعليم  FNE بخوض احتجاجات” ودعت إلى “عقد مجلس دورة طارئة للمجلس الوطني”.

سبقت فروع الجامعة الوطنية للتعليم والنقابة الوطنية للتعليم- كدش وبقية النقابات القطاعية مكاتبها الوطنية للمبادرة إلى اتخاذ إجراءات نضالية ضد الأحكام القضائية، تضمنت إصدار بيانات مشتركة وخوض إضرابات واحتجاجات ميدانية ضد الأحكام القضائية الأخيرة.

ويؤكد هذا أن الهيئات السفلى للنقابات أكثر تأثرا بما يعتمل في صفوف القواعد. ولكي لا تتبدد هذه الجهود النضالية المحلية وتقف في حدود ردود فعل آنية، علينا الحرص على اندراجها في خطة نضال ممتدة ينخرط فيها جميع المعنيين بقضية حرية وبراءة الأساتذة- ات وفي الآن نفسه رد الهجوم القائم حاليا: تمرير “النظام الأساسي لمهن التربية والتكوين”.

يجب ألا نقتصر على خطوات تضامن رمزية تكون نتيجتها النهائية هي تقديم أضعف الإيمان في ملف حرج (متابعات وسجن الأساتذة): أي التضامن، وينتهي بترك التنسيقية بعد ذلك وحيدة معزولة في مواجهة دولة مستقوية بالتزام القيادات النقابية بسلم اجتماعي داخل القطاع خصوصا بعد توقيع اتفاق 18 يناير 2022، وقاعدة شغيلة مكبوحة بسلبية واتكالية موروثة عن عمل نقابي جوهره تقديم خدمة مقابل الانخراط.

إن انجرار التنسيقية والمفروض عليهم- هن التعاقد إلى معركة معزولة مرة أخرى، كما حدث سنة 2019، مدفوعين- ات بالغضب الشديد من الأحكام القضائية، من شأنه أن يرد هذه المعركة على أعقابها ما سيسهل إصدار النظام الأساسي الجديد، كما سهَّل رد إضراب مارس- أبريل المديد على أعقابه المصادقة على القانون- الإطار 51.17 في غشت 2019.

مقترحات عملية

– تراجع القيادات النقابية عن الاتفاق المرحلي الذي وقعته مع الوزارة في 18 يناير 2022 ورفض أي شكل من المشاركة في صياغة النظام الأساسي الجديد، إذ هو جوهر ما تريد الدولة تمريره بقمع التنسيقية الوطنية ومحاكمة الأساتذة- ات، والإعداد لضغط نضالي يكون هو سند القوة التفاوضية مع الوزارة.

– رفض الانخراط في تفاوض قطاعي والإصرار على أن يكون البدء بتفاوض مركزي مع المركزيات النقابية يشمل كل قضايا الشغيلة والشعب الكادح، ينتج عنه فيما بعد تفاوض قطاعي.

– عقد لقاء عاجل يضم ممثلي- ات المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية وباقي التنسيقيات والنقابات من أجل تقرير برنامج نضالي وطني عاجل من أجل التضامن مع المتابَعين والذي صدرت في حقهم- هن أحكام قضائية.

– وضع ملف مطلبي قادر على تجميع نضال شغيلة التعليم المتفرقين بدل التعامل بنفس المنطق الفئوي: التفاوض حول ملف كل فئة على حدة.

– عقد لقاءات تنسيق محلية بين فروع النقابات وتنسيقية التعاقد المفروض وباقي تنسيقيات شغيلة التعليم، لاقتراح برامج نضالية وتنفيذها مع العمل على دفع المكاتب الوطني للتدخل ببرنامج وطني للنضال، بدل تشتيت المجهودات محليا وجهويا. وهو ما اقترحه حسن الحيموتي الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي عن هذا الواجب النضالي في اختتام المسيرة المنظمة بإنزكان يوم 11 مارس 2022: “مستعدين لتأسيس مجلس جهوي موسع يضم جميع الإطارات المناضلة ونبدأ المعركة من سوس ماسة وتنطلق [لتمتد] وطنيا”.

– عقد جموع عامة في المؤسسات المدرسية يُشرَك فيها جميع العاملين- ات فيها: هيئة تدريس وإدارة وشغيلة النظافة والحراسة والإيواء والإطعام المدرسي، من أجل نقاش الملف المطلبي الموحَّد وتنفيذ البرامج النضالية الموحدة التي يجري تسطيرها محليا ووطنيا.

– إحياء لجنة التضامن ومساندة المتابعين التي أسستها في أبريل الماضي إطارات نقابية وجمعوية وهيئة المحامين مع العمل على توسيعها لتشمل كل ضحايا القمع والمحاكمات في كل ربوع البلد.

– على جميع هذه المبادرات أن تصب في خطة نضالية ممتدة في الزمن والمكان: إضرابات غير ممتدة بدايةً، وأشكال احتجاج ميدانية تعبوية بالأساس، تنتهي بإنزال جماهيري في مركز البلد. إنزال ممركز يضم كل النقابات والتنسيقيات يُعبأ له أكبر قسم ممكن من الشغيلة والداعمين، مع الحرص على توفير إمكانات تنفيذه: اليوم الملائم للجميع، جمع المساهمات المالية لتغطية مصاريف التنقل، إعداد بنيات الاستقبال في مراكز البلد (مقرات النقابات والأحزاب والجمعيات الحقوقية).

– فتح النقاش مع شغيلة ونقابات بقية قطاعات الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية المستهدَفة بتعميم أشكال التوظيف الهشة الجديدة (التوظيف الجهوي، التعاقد) وعلى رأسها موظفي الصحة والجماعات المحلية ومؤسسة البريد… إلخ، من أجل توحيد الجهود التعبوية والنضالية من أجل فرض التراجع على تفكيك أنظمة الشغل القارة.

نضال شامل في وجه هجوم شامل

لا تقتصر إعادة هيكلة علاقات الشغيل بما يضفي عليها مرونة قصوى على الوظيفة العمومية، فقد سبق الأمر أن نُفِّذ في القطاع الخاص. ولا زال الهجوم مستمرا مع المطالبة بإعادة مراجعة مدونة الشغل بما يجعلها أكثر مرونة وأكثر استجابة لمطالب أرباب العمل.

سبق للدولة أن أصدرت “مرسوم عقود العمل محددة المدة” بتاريخ 23 يوليوز 2020، ويتضمن “النموذج التنموي الجديد” و”البرنامج الحكومي” هجمات أقسى.

إنها حرب شاملة ضد أوضاع الشغل في جميع القطاعات، ويستدعي الأمر توحيدا للجهود النضالية بما يجمع قوة الرد من طرف شغيلة القطاع الخاص وشغيلة الدولة والمؤسسات العمومية وشبه العمومية.

يقع واجب نضالي كبير على نقابات قطاع التعليم بأن تقود حملة تعبوية كبيرة لإقناع بقية نقابات القطاعات الأخرى سواء داخل نفس المركزيات النقابية أو غيرها، من أجل منظور وحدوي للنضال، ينتهي بإعلان إضراب عمالي وشعبي، هو وحده القادر على رد تعديات أرباب العمل ودولتهم.

بقلم: وائل المراكشي

 

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا