التوقيف عن العمل بسبب الإضراب والعرض على المجلس التأديبي: أي موقف نقابي؟

بقلم: نقابي بقطاع التعليم

بعد مرور زهاء أربعة أشهر على استسلام القيادات النقابية لشروط الوزارة وانهيار حراك شغيلة التعليم المديد الذي انتهى بتوقيفات انتقامية عن العمل لأكثر من 500 مضرب ومضربة، لم يصدر عن القيادات النقابية أي رد فعل نضالي، باستثناء إصدار بيانات جوهرها المناشدة والتوسل للوزارة. فلم تهدد تلك القيادات بالانسحاب من الحوار ولم تدع لخطوات نضالية وسايرت الوزارة في إصدار نظام أساسي يُرسم التوظيف الجهوي ويُدخل معايير المقاولات الرأسمالية إلى قطاع التعليم.

اطمئنان الوزارة لسلبية “شركائها الاجتماعيين” في الحوار، جعلها تقوم بتوجيه عقوبات عبارة عن  إنذار وتوبيخ لأكثر من 300 موقوف وموقوفة عن العمل من أصل حوالي 540، والبقية منهم- هن تستعد الوزارة عرضها على المجالس التأديبية، التي تتكون من أعضاء اللجان الثنائية المتساوية الأعضاء المنتمين للنقابات وممثلي الإدارة، وهي مجالس ذات بعد استشاري وتحوز فيها الإدارة الرئاسة ولها فيها الأغلبية، مما يعني أنه إذا كانت الإدارة عازمة على إصدار أي عقوبة فسيكون لها ذلك وسيكون حضور ممثلي الشغيلة مشاركة في محاكمة الحراك التعليمي وإضراباته التاريخية، ومعه محاكمة الحق في الإضراب والحريات النقابية.

المكاتب الوطنية للنقابات التعليمية المتشبثة بصفة الأكثر تمثيلية الناتجة عن انتخابات اللجان الثنائية المتساوية الأعضاء، التي انتزعت التفويض من مجالسها الوطنية للحوار مع الوزارة دون أي رقابة للقواعد، لم تقم باستدعاء مجالسها الإقليمية والجهوية والوطنية للنظر في مسألة الموقوفين والموقوفات عن العمل. رغم أن هذا التوقيف يعد أكبر هجوم من نوعه على الحريات النقابية والحق في الإضراب منذ سنوات. وبدل ذلك ابتدعت بعض هذه القيادات المركزية مسألة التفويض للمكاتب الجهوية لاتخاذ الأشكال النضالية التي تراها مناسبة، هذا أمر في غاية “الديمقراطية” حيث تتحول الأجهزة التنفيذية لأجهزة تقريرية. بينما من المكاتب الوطنية من اكتفى بالصمت.

يقتضي الموقف النقابي السليم الرفض المطلق لكل العقوبات في حق المضربين والمضربات عن العمل، والرفض المطلق للمجالس التأديبية التي تنوي الوزارة نصبها للموقوفين والموقوفات وذلك من خلال التشهير والاحتجاج والإضراب. على النقابات أن تتعبأ بشكل جماعي أو متعدد الأطراف أو بشكل فردي، من أجل جعل يوم بدء عرض الموقوفين على المجالس التأديبية، على الأقل، يوم إضراب ووقفات احتجاجية في المؤسسات التعليمية. كما يجب على النقابات أن تحضر لتلك المجالس وتقدم مرافعة مكتوبة، معدة سلفا تبرز فيها بأن هذه المجالس التأديبية هي محاكمة للحريات النقابية ومحاكمة للإضراب ومحاكمة للحراك التعليمي ومحاكمة لمكاسبه المادية والمعنوية. ومن تم تنسحب من تلك المجالس ومقاطعتها بعد ذلك كلها والالتحاق بالوقفات أمام أماكن انعقاد تلك المجالس، وجعلها منصة لمحاكمة مضادة لمنظور الوزارة والدولة لمسألة الحرية النقابية وحق الإضراب.

إن أي تقاعس في مجابهة عدوان الوزارة وأي مسايرة لها في مسعاها لتلطيخ الحراك التعليمي وترهيب المضربين يعتبر شراكة في الجريمة لا تغتفر. وأي تهرب من مسؤولية التعبئة من طرف المكاتب الوطنية وإلقائها على الأجهزة الجهوية والإقليمية يعتبر بمثابة تهرب من مسؤولية سياسية ومشاركة في عدوان على حقوق عمالية لا تخفى خطورته ومراميه من وجهة نظر نقابية طبقية.

على النقابات التعليمية قمة وقواعد الانخراط في كل أشكال النضال التضامنية مع الموقوفين والموقوفات عن العمل إلى جانب التنسيقيات المناضلة. المطلب واضح وضوح الشمس: إلغاء كافة العقوبات في حق المضربين والمضربات، والطريق أكثر وضوحا: الاستناد إلى كفاحية الشغيلة والثقة في مقدرتها.

النصر لنضال الشغيلة

 

شارك المقالة

اقرأ أيضا