النادي العمالي للتوعية والتضامن: ظروف العمل في المغرب في ترد مستمر؛ وحده النضال سيوقف جرائم أرباب العمل ودولتهم

تُسقِط حوادث الشغل يوميا أفرادا كثيرين من الشغيلة، فالبعض يموت غرقا أو حرقا أو سقوطاً من مكان مرتفع، أو صعقاً بالكهرباء أو موتاً في الطرق، والبعض الآخر يموت تدريجيا نتيجة أمراض مهنية، هذا علاوة على الإصابات التي تخلف عاهات مستديمة.

حوادث الشغل و الأمراض المهنية حرب عالمية تشنها البرجوازية على الطبقة العاملة، بقتلاها ومعطوبيها. ما يقرب من ثلاثة ملايين عامل وعاملة يموتون فيها سنويا ومعظمهم، أي 2.6 مليون مقتول بسبب أمراض مهنية، بينما يقتل بحوادث الشغل 330 ألف عامل وعاملة سنويا. وفقًا لتقرير عام 2023 صادر عن منظمة العمل الدولية، لم يقتصر الأمر على وفاة ما يقرب من 3 ملايين عامل، بل تعرض 395 مليون عامل في جميع أنحاء العالم لإصابات مهنية غير مميتة.

وفي المغرب يجري قهر العاملات والعمال بأجور البؤس وظروف الاستغلال الشديد وغياب خطير لمعدات السلامة والوقاية في أماكن العمل. كما تُهان كرامتهم هم أو ذوي الحقوق بهزالة التعويض وطول مسطرة الحصول عليه. ورغم كل خطابات الدولة، تقع حوادث شغل كبيرة وفظيعة وتمر السنون دون أن يتغير شيء.

تشير الأرقام الرسمية إلى وقوع 50.000 حادث شغل سنويا، تخلف 2000 قتيلا حسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لا تحصي منهم وزارة الشغل سوى حوالي 800 حالة. بينما يتراوح عدد القتلى سنويا بين 3000 و5000 حسب تقديرات متطابقة غير رسمية. مما حدا بالمكتب الدولي للشغل إلى تقدير كلفة حوادث الشغل بالمغرب ب 4.25% من الناتج الداخلي الخام بسبب وقوع 47.8 حادثة شغل مميتة لكل 100.000 عامل ومعدل مخاطر في مجال حوادث الشغل أكبر 2.5 مرة من معدل المخاطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. – فقد أثبتت تحقيقات وزارة التشغيل، بعد محرقة روزامور بالدار البيضاء، أن 14% فقط من المقاولات تحترم مقتضيات السلامة التي ينص عليها قانون الشغل.وأظهرت الدراسات أن حوالي :

-80 ألف حادثة شغل تحصل في سنويا، 20% منها خطيرة و80% منها تحدث بسبب تجاهل معايير السلامة والوقاية. و25% فقط من المقاولات التي تشغل أكثر من 50 أجيرا تتوفر على مصلحة مستقلة لطب الشغل. و %17 فقط من المقاولات فيها لجنة للصحة والسلامة.

لقد انفضح هذا الواقع الفظيع أمام العالم  عندما قتل 28 عاملا وعاملة على إثر غرق في معمل نسيج بسرداب غمرته مياه المطر في طنجة في العام 2021.وقبل ذلك لما احترق 56 عامل وعاملة في العام 2008 في معمل روزاموار في البيضاء بفعل إغلاق رب المصنع على العمال والعاملات.

كل ما يرتكب في حق العمال والعاملات من حوادث وأمراض شغل يؤكد بالملموس زيف شعار ” حيادية الدولة” بل يؤكد أداة جماعية لأرباب العمل. تقوم استراتيجية الدولة في مجال الصحة و السلامة في أماكن العمل على  ركيزتين:

الأولى: التغاضي والتجاهل، لدرجة أنها لا تحصي الضحايا، ولا تقوي جهاز تفتيش الشغل. الثانية: سن قوانين دون تطبيقها وخلق هيئات تعنى بإصابات الشغل دون تفعيل أدوارها

فمقتضيات مدونة الشغل غير مطبقة (لجنة السلامة وحفظ وطب الشغل) رغم محدودية أدوارها في حين عقوباتها غير زجرية، أما جهاز تفتيش الشغل فقد جعلت منه الدولة عن قصد مجرد جهاز شكلي، لا دور له وطاقمه قليل وصلاحياته محدودة. أما المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية INCVT-منذ العام 2010 لا دور له كهيئة استشارية إلى جانب أخيه مجلس طب الشغل.

أمام هذا الوضع يُفاقم أرباب العمل من أوضاع الخطر بأماكن العمل. فبدل توفير معدات الوقاية والسلامة يصرون على رفع وثيرة العمل من أجل مردودية أكبر، وهو ضغط يزيد خطر الإصابات المهنية. ويطالبون بمراجعة مادة المدونة الخاصة بضرورة إحداث مصلحة طبية مستقلة بالمقاولات التي تشغل 50 أجير فأكثر، والرفع من ساعات العمل الإضافية من 80 ساعة إلى 200 دون استشارة الشركاء. ويواصل أرباب العمل استعمال مواد خطيرة على صحة العمال والعاملات (بمن فيهن الحوامل) بالعديد من المعامل وورشات الصناعة التقليدية والضيعات الفلاحية… خارج أية مراقبة فعلية تقنية أو قانونية. كما أن تفعيل القانون يصطدم بتحايل المقاولات التي تتكتم حول طبيعة تلك المواد، مع غياب الكفاءات العلمية المتخصصة في أغلب هذه المقاولات وبمصالح مراقبة الشغل بالمغرب.وكذلك استمرار النقص الفظيع في الأطر الكفيلة بالسهر على توفير شروط الصحة والسلامة بالمقاولات، من أطباء الشغل والمهندسين والتقنيين المتخصصين في السلامة المهنية، وكذا النقص المزمن في مفتشي الشغل. وسيكون من نتائج المنع العملي للإضراب إضعاف قدرة الشغيلة على الدفاع عن ظروف عمل تراعي الصحة والسلامة.

لن يوقف الموت بسبب ظروف العمل السيئة غير نضال العاملات والعمال

لن يقوم أرباب العمل ولا الدولة بتوفير شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل، ما لم تتوحد صفوف العاملات والعمال للمطالبة بإعادة نظر شاملة وجذرية في قوانين الشغل، خاصة شروط الصحة والسلامة المهنية، وجعلها في مقدمة مطالبهم، واعتبارها مطلبا لا يقل أهمية عن المطالب الأخرى.إن الأقوال غير المقرونة بالأفعال لا تفيد في القضاء على حوادث الشغل والأمراض المهنية التي تفتك بالعمال والعاملات. إنها كذب. ماذا نسمي استمرار حوادث الشغل على الطرق ومواصلة استعمال مبيدات مضرة بالصحة؟ أين نتائج التحقيقات التي يدعون القيام بها؟ ماذا عن زيادة عدد وصلاحيات طاقم تفتيش الشغل؟ ماذا عن عدم تطبيق قانون الشغل؟ لم نسمع يوما عن عقوبات وغرامات بحق أرباب العمل.

الدولة بكذبها هذا تتيح وتديم تهرب أرباب العمل من تنفيذ أبسط مقتضيات مدونة الشغل في مجال السلامة والوقاية في أماكن العمل. جروح حوادث الشغل وأمراضه لا تندمل من تلقاء نفسها ولن تتوقف طالما بقي العمال/ات منزوين كل في منطقته، كل في نقابته، كل في قطاعه، بل بتضافر كل فئات جيش الشغيلة عبر التضامن والتشهير والفضح والشجاعة في الدفاع عن مطالب السلامة والوقاية في أماكن العمل أو في الطريق إليها أو منها.

إننا في النادي العمالي للتوعية والتضامن، إذ لا ننسى من ذهبوا إلى العمل ولم يعودوا منه بسبب حوادث الشغل، ومن خلفوا من أرامل وأيتام، ومن عادوا  منه معطوبين يحملون في أجسادهم آثار جرائم أرباب العمل،  نواصل مد أيادينا للتعاون مع كل الذين يصطفون ويدافعون عن العمال والعاملات. من أجل كل هذا، فإننا نعلن أسفله ما نراه جامعا لكل مناصري القضية العمالية وسبيلا لوقف جرائم أرباب العمل في حق العمال والعاملات:

* جهاز تفتيش شغل بصلاحيات حقيقية وزيادات امكانياته المادية والبشرية

* أدوار حقيقية للنقابات ومؤسسة مندوبي الاجراء في اتقاء الأخطار المهنية بأماكن العمل.

* تفعيل دور المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية، وتمكينه من وسائل النهوض بمهمته.

* جعل مجلس طب الشغل مؤسسة مستقلة، تتجاوز الطابع الاستشاري إلى هيئة ذات صلاحيات فعالة.

* تطوير صلاحيات المصلحة الطبية للشغل، وضمان استقلال طبيب الشغل عن رب العمل. وتخريج العدد المناسب من أطباء الشغل وتعيين العدد الكافي من الأطباء مفتشي الشغل.

* توسيع جداول الأمراض المهنية لتواكب التطورات الحاصلة في أماكن العمل.

* المنع الفوري والنهائي لمادة الأميانت المسرطنة

* اصدار القانون الإطار للصحة والسلامة في العمل بالقطاعين العام والخاص.

* إلغاء قانون التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية وإسناد المهمة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

* مصادقة المغرب على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 161(خدمات الصحة المهنية) والاتفاقية 155(السلامة والصحة المهنيتين وبيئة العمل)

بالوحدة والتضامن سنفرض شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل

صحتنا أولى من أرباحهم

شارك المقالة

اقرأ أيضا