ما خلفيات”الحوار الاجتماعي” بين الحكومة والقيادات النقابية في ظل تنامي الهجوم النيوليبرالي على المكاسب والحقوق العمالية؟

سياسة20 مارس، 2015

 

 

 

 

إعداد: محمد بوطيب مناضل في التوجه النقابي الديمقراطي.
الرباط، في 20 مارس 2015.

ظلت القيادات النقابية، منذ سنة 2012، تستجدي حوارا اجتماعيا. غير أن دعواتها المتكررة قوبلت برفض شديد من قبل الحكومة الحالية، التي ظلت متمسكة “بالتفاوض” حول ملف التقاعد دون سواه من القضايا والملفات المدرجة في الملف المطلبي للنقابات. وحتى بعد تنظيم إضراب عام في 29 أكتوبر 2014، لم تعر الحكومة مطلب القيادات النقابية بعقد حوار اجتماعي مركزي أي اهتمام، وبعد طول انتظار دعا رئيس الحكومة في 10 فبراير 2015 إلى جولة من الحوار الاجتماعي طال انتظارها من قبل القيادات النقابية التي أصبح مطلبها الرئيس هو الجلوس على مائدة مشتركة مع الحكومة والباطرونا.
الحوار الاجتماعي: تعاون الحكومة والنقابات لتمرير مخطط التقاعد؟
لم تسع القيادات النقابية لجعل هذا الحوار فرصة للاستجابة لبعض الشروط الأولية قبل مناقشة أي موضوع، من قبيل إرجاع العمال المطرودين بسبب مشاركتهم في الإضراب العام ليوم 29 أكتوبر من السنة الفارطة، وإرجاع المبالغ المقتطعة من أجور موظفي القطاع العام التي بلغت خلال سنة 2012 و4 أشهر الأولى من سنة 2013 أزيد من 60 مليون درهم، هذا ناهيك عن وقف الزيادات المتتالية والصاروخية في الأسعار الناتجة عن مواصلة الحكومة الحالية تفكيك منظومة الدعم كما سنبين أسفله. وحتى بدون التمكن من برمجة المطالب الملحة في جدول أعمال اللجان، من قبيل الزيادات في الأجور واحترام الحرية النقابية، قبل ممثلو التحالف النقابي الذي يقوده الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، المشاركة في الحوار الذي أسفر عن تشكيل 4 لجان وطنية مركزية، هي:
1- لجنة الانتخابات المهنية برئاسة وزيري الداخلية والعدل؛
2- لجنة التقاعد برئاسة وزير المالية؛
3- لجنة القطاع العام برئاسة وزير الوظيفة العمومية؛
4- لجنة القطاع الخاص برئاسة وزير التشغيل.
ولحدود الآن يتضح بأن قيادات الحركة النقابية متورطة في جولات ماراطونية فارغة من أي محتوى باعتراف هذه القيادات نفسها التي أدانت بشدة “إصرار الحكومة على إفشال الحوار والتفاوض الجماعي برفضها التام لمقترحات النقابات التي تهدف إلى إنقاذ الحوار خاصة مقترحها الرامي إلى عدم فصل ملف التقاعد عن بقية القضايا المطروحة في الملف المطلبي الشامل”، وكذا “تنقية الأجواء المتوترة خاصة ونحن جميعا في سنة الاستحقاقات والحكومة” .
للأسف وفي الوقت الذي يتطلب فيه الأمر بالنسبة للقواعد النقابية، اتخاذ إجراءات حازمة والرد بقوة على مسخرة الحوار الاجتماعي الذي تسعى الحكومة من ورائه إلى تمرير تعدياتها الجديدة على الحقوق الشغلية، سيما في مجال التقاعد والحرية النقابية وتكريس العمل الهش بالوظيفة العمومية( )، يطالب المجلس الوطني “بإنقاذ الحوار الاجتماعي وتنقية الأجواء”. وهذا إنما يسمح للحاكمين الفعلين بتمرير انتخابات تجديد نظام الواجهة الديمقراطية في أحسن الظروف، ويفرغ دعوة المجلس الوطني إلى إضراب عام في أبريل القادم من أي مضمون عمالي، علما أن وضع قرار تنفيذ هذا القرار النضالي بيد المكتب التنفيذي و رهنه بالتنسيق مع الاتحاد المغربي للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل، قد يعصف به، بحكم اختلاف الأهداف والمصالح المرحلية مع اقتراب موعد الانتخابات المهنية بالأساس.
إن ما آل إليه المسخ الانتهازي المتحكم في شؤون نقابة الكنفدرالية، يعكس انتصار خط التعاون الطبقي الذي يختزل العمل النقابي في الحوار الاجتماعي والتشاور مع الباطرونا ودولتها محولا بذلك النقابة إلى هيئة لغوث مصالح الباطرونا، مقابل عجز واضح عن بلورة خط النضال الطبقي الكفاحي الديمقراطي بحكم تشتت جهود قوى اليسار المناضل وضعف التواصل فيما بينها قصد بلورة توجه نقابي كفاحي داخل الكنفدرالية وغيرها من منظمات النضال النقابي.
ولا يفوتنا أن نؤكد بأن مطلب التحالف النقابي “بعدم فصل ملف التقاعد عن بقية القضايا المطروحة في الملف المطلبي”، المقصود به هو استجداء الحكومة قصد تقديم بعض التنازلات الطفيفة في الأجور، مقابل تمريرها لمخطط التقاعد وهو أمر ترفضه الحكومة لحد الآن؟ وهذا ما يعكسه التحول الكبير في موقف النقابات من مخطط التقاعد، بحيث انتقلت من رفض ما أضحى معروفا، بالثالوث الملعون (الزيادة في السن، الزيادة في الاقتطاع: تقليص الأجور، تخفيض المعاشات)، إلى المطالبة بتبني “مقاربة تشاركية” في معالجة ملف التقاعد؟
ما يهم القيادات النقابية هو المقاعد التي ستحصل عليها في الانتخابات المهنية المقبلة، والتي ستمكنها من تعزيز امتيازاتها ومصالحها كشريحة طفيلية متحكمة في مصير المنظمات النقابية، من خلال ما تتيح لها من تمثيل في مؤسسات الدولة: مجلس المستشارين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والمجالس الإدارية لبعض المؤسسات العمومية، إضافة إلى العضوية في مؤسسات دولية( منظمة العمل العربية، ومنظمة العمل الدولية، واتحادات نقابية دولية…).
ويتضح خواء ما يسمى بالحوار الاجتماعي، بل وخطورته الشديدة على مصالح الأجراء، في سعي الحكومة إلى توظيفه كقنطرة عبور نحو تصفية مكاسب تاريخية للأجراء سيما حرية الإضراب والتقاعد والعمل القار في الوظيفة العمومية، وهذا ما تعكسه نتائج أشغال لجنتي القطاع العام والخاص لحدود الآن.
1- لجنتي القطاع العام والتقاعد: تسير في اتجاه تيسير عملية تمرير مخطط التقاعد الرامي إلى تقليص الأجور والمعاشات والرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة، مقابل بعض الفتات، قد يكون زيادات هزيلة في أجور الموظفين، لضمان السلم الاجتماعي في سنة تشهد تنظيم الانتخابات التشريعية والجماعية والمهنية؟
2-لجنة القطاع الخاص: تسعى الباطرونا من خلال حضورها في هذه اللجنة إلى فرض تمرير القانون التنظيمي للإضراب، الذي سيعقد من شروط تنظيم الإضرابات العمالية ويجعلها شبه مستحيلة من الناحية القانونية، بحكم العراقيل التي يضعها أمام ممارسة هذا الحق العمالي تحت ذريعة حماية حرية العمل: أي حرية استنزاف الطاقات العمالية مقابل أجور زهيدة وفي ظروف عمل قاسية ولا إنسانية؟
مظاهر الهجوم النيوليبرالي على الطبقة العاملة
أصبح من المعروف بأن الحوار الاجتماعي، لا يعدو أن يكون مجرد آلية لترجمة سياسة التعاون الطبقي الذي تخوضها القيادات النقابية وتدافع عنها بشراسة داخل الحركة النقابية بدواعي عديدة أهمها: “تعزيز تنافسية المقاولة المغربية” و”الحفاظ على استقرار الأوضاع العامة بالبلاد” أي توطيد أركان نظام الرأسمالية التابعة وإضفاء الشرعية على نظامه السياسي المستبد.
ولعل التجربة التاريخية للحوار الاجتماعي منذ انطلاقه في غشت 1996 كفيلة بتأكيد هذه الحقائق، حيث تم توظيف تعاون النقابات و”غيرتها الوطنية” على “المصالح العليا للوطن” لتمرير مخططات نيوليبرالية ساهمت في تأزيم وضعية الأجراء وعمقت شروط استغلالهم، من قبيل خوصصة شركتي الدولة الفلاحيتين صوديا وصوجيطا، وإصدار مدونة الشغل، وإلغاء ظهير أكتوبر 1959 المتعلق بربط الأجور بارتفاع الأسعار، وإلغاء السلاليم الدنيا في الوظيفة العمومية وفتح المجال أمام شركات المناولة للسمسرة في اليد العاملة المكلفة بوظائف التنفيذ من صيانة وحراسة ونظافة وأمن. وكان لهذه المخططات النيوليبرالية تبعات اجتماعية حادة تجلت مثلا، وحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط ، في:
 ارتفاع عدد المعطلين، مليون و114 ألف خلال الفصل الثاني من سنة 2014، من ضمنهم 65 ألف عاطل خلال 6 أشهر الأخيرة فقط من نفس السنة؛
 ارتفاع عدد الفقراء الذي يبلغ أزيد من 5 مليون شخص؛
 ارتفاع نسبة العاملين في وضعية هشاشة، كنتيجة مباشرة لتطبيق مدونة الشغل، بحيث يبلغ عدد العمال الذين يعيشون وضعية هشاشة مطلقة (أي عمل مؤقت)، أزيد من مليون و137 ألف في قطاع الفلاحة لوحده من مجموع حوالي 4 مليون شخص يشتغلون في هذا القطاع؛
 تنامي وتيرة التسريحات الجماعية للعمال، بحيث شهدت سنة 2012 طرد أزيد من 126 ألف عامل، في حين فقد قطاع النسيج لوحده أزيد من 119.000 منصب شغل خلال الفترة ما بين العام 2008 و2014؛
 يبلغ عدد العمال المشتغلين بدون عقود عمل أزيد من 62 % من مجوع القوى العاملة؛
 80% من العمال بدون تغطية صحية؛
 75% من العمال بدون ضمان اجتماعي.
 خوصصة القطاعات الاجتماعية الحيوية من سكن وتعليم وصحة ونقل وتحميل كلفة الحصول على هذه الخدمات المكلفة جدا للأجراء وعموم الجماهير الشعبية.
وللحد من أي مواجهة عمالية لهذه السياسات المدمرة لأبسط الحقوق العمالية، تنهج أجهزة الدولة سياسة قمعية شرسة (الطرد من العمل لأسباب نقابية، محاكمة المضربين بموجب الفصل 288 من القانون الجنائي، وقمع المظاهرات العمالية ومنع المكاتب النقابية من الحصول على وصولات الإيداع، واعتقال مناضلي الحركات الاجتماعية المناضلة، والتحضير لتمرير قوانين تكبيلية للحرية النقابية: قانون النقابات، والقانون التنظيمي للإضراب…).
ومن هذا المنطلق فإنه من الوهم الرهان على جولات الحوار الاجتماعي من أجل انتزاع إصلاحات حقيقية لصالح العمال والكادحين، والتي تحتاج إلى تعبئات نضالية حقيقية في مقرات العمل، وربط أواصر التضامن بين جميع ضحايا الاستغلال والاضطهاد الرأسماليين، لبناء ميزان قوى نضالي في الميدان كفيل بوقف الهجوم النيوليبرالي على الحقوق العمالية.
إلا أن مواجهة هذا الهجوم يصطدم بعوائق ذاتية حقيقية، من ضمنها وضع تفكك الحركة النقابية (أزيد من 30 نقابة بالمغرب)، وضعف نسبة التنقيب (حوالي 3 % من الأجراء)، وضعف تقاليد التضامن العمالي، وإعدام الديمقراطية داخل المنظمات النقابية واستمرار هيمنة التيارات والقوى البرجوازية داخل الحركة النقابية.
وما يزيد من تعقيد مواجهة هذا الهجوم الطبقي السافر على مكتسبات العمال وحقوقهم الأولية في العمل القار والتغطية الصحية والضمان الاجتماعي وغيرها، هو عجز مناضلي اليسار المعادي للرأسمالية على بلورة توجهات نقابية مكافحة وديمقراطية، من شأنها زرع الأمل في نفوس العمال وتعزيز ثقتهم في منظماتهم النقابية لمواجهة هذا الهجوم، وحرص قسم من هذا اليسار على ربط وجوده النضالي باقتسام المقاعد في الأجهزة التنفيذية والتقريرية لمنظمات النضال النقابي، بدعوى اختلال موازين القوى لصالح البيروقراطيات النقابية.
وقد ساهمت هذه العوامل متظافرة، في عجز الحركة العمالية المغربية، في نهاية المطاف، على القيام برد وحدوي، مما جعل نضالاتها حبيسة ردود فعل محلية أو قطاعية محدودة في غالب الأحيان ( غالب الاحتجاجات النقابية تندلع على إثر الطرد من العمل أو التسريحات الجماعية)، أو عرضة لتوظيفات انتهازية من قبل الأحزاب الرجعية والليبرالية المهيمنة داخل الحركة النقابية، وفسحت الباب على مصراعيه أمام الدولة لمواصلة تدمير المكتسبات العمالية والشعبية.
إغراق البلاد في الديون
في ظل تعنت الدولة المستمر في الاستجابة لأبسط المطالب العمالية، تستمر سياسة رهن مصير البلد إلى المؤسسات المالية الدولية بحيث “بلغ حجم الديون العمومية الإجمالي (الداخلية والخارجية) للمغرب مع نهاية 2013 حوالي 679 مليار درهم، أي ما يعادل حوالي 78% من الناتج الداخلي الخام، منها 235 مليار درهم كديون عمومية خارجية، و 444 مليار درهم كديون عمومية داخلية. وبلغت خدمة الدين مبلغ 163 مليار درهم، وهو ما يعادل أكثر من ثلاث أضعاف ميزانية التعليم لسنة 2013، وحوالي 13 مرات ميزانية الصحة، وحوالي ثلاث أضعاف ميزانية الاستثمارات العمومية.
تمتص خدمة الدين (فوائد + حصة الدين الأصلي) سنويا 103 مليار درهم كمعدل لست سنوات الأخيرة (ما بين 2007 و 2012)، منها 18 مليار درهم مخصصة للدين الخارجي، و 85 مليار درهم للدين الداخلي. وسدد المغرب بين 1983 و 2011 إلى الخارج ما يفوق 115 مليار دولار، أي ما يعادل 8 مرات دينه الأصلي، ومازال بذمته حوالي 23 مليار دولار حاليا.
وفي إطار استراتيجية جديدة لتمويل الخزينة تعتمد على الرجوع إلى التمويل الخارجي، لجأت الدولة الى بيع سندات بالسوق المالي الدولي في سنة 2010 بقيمة 1 مليار يورو، و1,5 مليار دولار في دجنبر 2012، و 750 مليون دولار في ماي 2013، و 1 مليار يورو في يونيو 2014. وفي غشت 2014، حصل المغرب على قرض ائتماني احترازي جديد قيمته 5 مليار دولار (حوالي 43 مليار درهم) على مدى عامين قد يستعمل لتغطية عجز حساب المعاملات الجارية لميزان الآداءات بشكل استعجالي” .
امتيازات جديدة للباطرونا
ظلت طبقة أرباب الشركات والأبناك تستفيد من تحفيزات وإعفاءات ضريبية هامة، فعلى سبيل المثال ظلت فئة الفلاحين الكبار معفية بشكل شامل من أي ضريبة إلى غاية سنة 2014 حيث تم فرض ضريبة على الشركات الفلاحية ستطبق بالتدريج بحيث يستمر الإعفاء الضريبي لفائدة الشركات التي تحقق أرباح تقل عن 5 مليون درهم سنويا.
ومازالت الباطرونا الزراعية تستفيدمن عديد من الإجراءات التحفيزية والتفضيلية” فقد مثلت الاستثناءات الضريبية للقطاع الفلاحي نسبة 12.3% من مجموع النفاقت سنة 2012، ويمكن ان تصل إلى 2.800 مليون درهم سنة 2013″ .
وفي إطار سياسة إغناء البرجوازيين وتفقير العمال والكادحين التي تواصلها الحكومة الحالية، صادق مجلس الحكومة، في اجتماعه يوم الخميس 05 مارس 2015، على مرسوم سيمكن 87 مقاولة من استرجاع 7 ملايير درهم كفارق الضريبة على القيمة المضافة من 2004 إلى 2013، وهو مطلب لم تتمكن الباطرونا من تحقيقه منذ 10 سنوات، وتأتي هذه الهدية الجديدة لأرباب الشركات والأبناك، في ظل تشديد الضغط الضريبي على الأجراء والفئات الشعبية، ومواصلة سحق مكتسباتهم الطفيفة في جميع المجالات الاجتماعية الحيوية من سكن وتعليم وصحة وحماية اجتماعية.
نظام دعم المواد الأولية في خبر كان
تقود الحكومة الحالية على قدم وساق مسلسل تفكيك منظومة الدعم التي يدبرها صندوق الموازنة، حيث يتوقع قانون المالية 2015 أن تنخفض إلى 23 مليار درهم بعد أن ناهزت 56 مليار سنة 2012 (أي بانخفاض إجمالي يقارب 59 % )، مما سيزيد من ارتفاع أثمان المواد والخدمات.
وقد تم تقليص نفقات الدعم في إطار اعتماد نظام مقايسة أسعار المواد النفطية السائلة الذي تم تدبيره على مرحلتين. حيث تم الشروع في تطبيق المقايسة الجزئية ابتداء من 16 شتنبر 2013 إلى 31 دجنبر 2013 من خلال اخضاع “البنزين الممتاز” و “الغازوال” و”الفيول وايل” الموجه للصناعة الى المقايسة الجزئية مع تحديد سقف الدعم الموجه لهذه المواد في حدود الإعتمادات المرصودة في قانون المالية لسنة 2013.
أما المرحلة الثانية والتي تعتبر مكملة للمرحلة الأولى فقد دخلت حيز التنفيد ابتداء من شهر فبراير 2014 باعتماد نظام مقايسة كلي بحذف الدعم المطبق على كل من “البنزين الممتاز” و”الفيول” وبالتقليص التدريجي للدعم الموجه “للغازوال” مع حذفه مع نهاية سنة 2014. كما قامت الحكومة برفع الدعم نهائيا عن أثمنة “الفيول” الموجه لإنتاج الكهرباء.
و من أجل التخفيف من تداعيات هذا النظام تم مصاحبته بتخصيص تعويض لسائقي سيارات الأجرة، لتفادي غضب مهنيي وشغيلة قطاع النقل.
صمت “المعارضة الديمقراطية” يعبد الطريق نحو مواصلة تدمير المكتسبات الشعبية
أمام عجز أقسام عريضة من “المعارضة الديمقراطية” بالمغرب من نقابات وأحزاب وجمعيات وعدم نبسها ببنت شفة على إغراق البلاد في الديون ، وعلى تفكيك نظام دعم ما تبقى من مواد أساسية، تواصل الحكومة الحالية، تحت إشراف الدوائر المالية الدولية، تفكيك منظومة الدعم بحيث شهدت بداية 2015 رفع الدعم نهائيا عن كل المحروقات السائلة (الغازوال والبنزين) وكل أنواع الفيول، و تم اخضاع أثمنة هذه المواد للمصادقة كل فاتح و 16 من الشهر وذلك استنادا لإتفاق المصادقة على أسعار المواد النفطية بين الحكومة و القطاع النفطي الذي تم التوقيع عليه يوم 26 دجنبر 2014، والذي يشتمل على مجموعة من الإلتزامات ترمي إلى تهييئ قطاع المواد النفطية الى التحرير الشامل الذي سيتم الشروع فيه ابتداء من فاتح دجنبر 2015.
أضف إلى ذلك تلويح وزير المالية بالتراجع عن ضريبة التضامن الاجتماعي، التي تم إقرارها في سنة 2013، والتي كانت تقتطع من أجور كبار الموظفين وذوي الأجور العليا، والتي مكنت إلى حد الآن من ضخ أزيد من 6 ملايير درهم في “صندوق دعم التماسك الاجتماعي” الموجه لدعم المعاقين وتحسين شروط تمدرس الأطفال القرويين وتمويل نفقات المساعدة الصحية في إطار “نظام راميد”، علما أن هذا الصندوق تم إحداثه في إطار قانون المالية لسنة 2011 التي اتسمت بتصاعد المعارضة الشعبية لسياسات القمع والتفقير بقيادة حركة 20 فبراير المجيدة.

مهامنا المباشرة
إن وقف هذا الهجوم النيوليبرالي على قوت الكادحين والتصدي لتمادي الدولة في قمع نضالات الحركات الاجتماعية واعتقال مناضليها ومنعها من حقها في التنظيم والتظاهر واستعمال القاعات العمومية لتنظيم أنشطتها، يستلزم بناء ميزان قوى عمالي وشعبي، يمكن أن يتخذ شكل جبهة نضالية عريضة تضم السياسيين والنقابيين والحقوقيين ومناهضي العولمة ومناضلي حركة الطلاب والمعطلين، وذلك على أرضية برنامج عمل يستجيب للتطلعات المشروعة لأوسع الفئات الشعبية، غير أن بناء هذه القوة النضالية الضرورية لصد الهجوم الطبقي عل حقوق الكادحين وحرياتهم رهين بشرط التخلص من وهم المراهنة على القوى النقابية والسياسية والجمعوية المصطفة، من حيث الجوهر، مع سياسات النظام وتوجهاته الاستراتيجية، رغم ما تبديه من خطابات معارضة، والتي أصبحت في حقيقة الأمر طابورا خامسا لنظام في تنفيذ مخططاته.
دورنا، أن نتجه نحو بناء عمل مباشر مع ضحايا نظام الاستغلال الطبقي يستهدف تقوية منظمات النضال وتخصيبها، بالدفاع على ديمقراطية داخلية كاملة تضع اتخاذ القرارات النضالية ومراقبة تنفيذها وتقييمها بيد القواعد، وذلك في إطار [جموع عامة، لجان منتخبة،…]، من أجل تحرير طاقاتها النضالية وحفزها على مقاومة العدوان على مكتسباتها التاريخية، مع ربط كل تدخل من جانبنا، كأنصار للقضية العمالية، بمهمة بناء خط سياسي معارض لسياسة القيادات البيروقراطية المتعاونة مع البرجوازية ودولتها، أي ما نسميه يسارا نقابيا، وذلك من خلال التقدم بإجابات طبقية على قضايا الساحة النقابية، و تطوير التضامن مع النضالات الجارية.
===========
إحالات:
1- بيان المجلس الوطني للكنفدرالية الديمقراطية للشغل الصادر في 07 مارس 2015.
2- عبر فرض عقود عمل محددة المدة تطبيقا للفصل 6 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
3- بيان جمعية أطاك المغرب في 9 نونبر 2014.
4- بيان الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في 23 أكتوبر 2013.
5- أحدث نظام المقاصة في أربعينات القرن الماضي حيث تم اعتماده من أجل ضمان تموين الأسواق بالمواد الأساسية و حماية القدرة الشرائية للمواطنين عبر التحكم في مستويات الأسعار وفي عمليات الاستيراد والتصدير، في ظروف الحرب العالمية الثانية وقد سعى الاستعمار الفرنسي عبر اعتماد هذا النظام إلى الحد من تداعيات الحرب الاقتصادية والاجتماعية على كادحي المغرب.
6- تقوم جمعية أطاك لمناهضة العولمة الليبرالية (عضو لجنة إلغاء ديون العالم الثالث) بحملة تشهير واسعة ضد الديون والمؤسسات المالية الدولية، وتطالب بتدقيقيها في أفق توفير شروط إلغاءها بالكامل. معظم النقابات والجمعيات والأحزاب اليسارية لا تعير هذا الموضوع الأهمية اللازمة.

شارك المقالة

اقرأ أيضا