الغضب الشعبي ينفجر في مدينة تيسة، إقليم تاونات

* الجماهير الشعبية بمدينة تيسة تنتفض، متخطية حاجز التخويف، رافضة سياسة الإهمال، وتطالب بحقها في الماء الصالح للشرب، والخدمات الاجتماعية و الشغل
* والسلطات تصدر قراراً يمنع تنظيم وقفة الاحتجاج عوض الإنصات والعمل على تحقيق مطالب السكان
* كفاحات الجماهير الشعبية بحاجة الى توحيد، وبنيات تنظيم، وتنوير سياسي

بقلم: م.أ. الجباري و ج. داوود

في ظل وضع اجتماعي إجمالي يتفاقم منذ سنوات، وسياسة قمع وتخويف دأبت عليها الدولة لتفادي انتشار نار الاحتجاج في هشيم التردي الاجتماعي المتزايد، أقدمت الجماهير الشعبية في مدينة تيسة (بين فاس وتاونات) يوم الجمعة 15 غشت 2025، مساءً، على تنظيم وقفة احتجاجية حاشدة بساحة الفرس العمومية، للمطالبة بالحق في الماء الصالح للشرب، وبتحسين الوضع الاجتماعي العرضة للإهمال المقصود.
المحتجون/ات، من مختلف الفئات العمرية، رفعوا شعارات تندد بأزمة العطش وانقطاعات الماء المتكررة ، ما يدفع الأسر لشرائها من المتاجر، كما يطالبون بـما يلي:
– فك العزلة عن المنطقة؛
– توفير البنيات التحتية الأساسية وتحسينها؛
– تسريع إنجاز مستشفى بالمدينة في مستوى تطلعات السكان…؛
– خلق فرص الشغل لاسيما للشباب، والعدالة المجالية؛
مُعبِّرين عن استيائهم وغضبهم من “غياب أي مشروع تنموي ملموس، رغم كثرة الوعود الرسمية التي تبقى حبيسة الخطب والتصريحات”، حيث “ضعف التجهيزات العمومية، وتفاقم البطالة، وهجرة الشباب”…
المنع عوض الحوار والعمل على تحقيق مطالب السكان:
الوقفة الاحتجاجية دعا إليها العشرات من المواطنين/ات بالمدينة لرفع صوتهم من أجل حقهم في بنيات تحتية أساسية وخدمات اجتماعية عمومية جيدة، بدونها لا يمكن ضمان حياة وعيش كريمين لسكان المدينة وشبابها…. ولأن الجماهير الشعبية لمدينة تيسة ليست سوى جزء من كادحي المغرب وكادحاته المقهورين الذين تضعهم السياسات البرجوازية في أسفل درجة في سلم مشاغلها، وغالبا بهاجس الضبط القمعي و اجراءات الترقيع المنكرة لمواطنة البشر المقهور، خرجت السلطات المحلية في شخص باشا المدينة بقرار يمنع هذه الوقفة!
القمع هو رد الفعل الاول قبل أن تتطور التعبئة الشعبية، وبعدها قد تأتي تنازلات طفيفة والكثير من الوعود.
تتكاثر بؤر الاحتجاج الشعبي، مؤخرا من ايت بوكاز وقرى اخرى في اقليم أزيلال، وفي اقليم السراغنة، مثالا لا حصرا، والنار تحت الرماد في كل ربوع المغرب. وبذلك تواجه الدولة خطر تفجر الوضع من حيث لا تدري. قد يباغثها الغضب الشعبي المتراكم، وينفجر في وجهها، ولها تجربة في ذلك ابرزها حراك الريف، لذلك تسارع إلى الإكثار من الوعود المبهمة بتفريخ شعارات جديدة ذات طبيعة اجتماعية بقصد احتواء الاستياء.
ضمن هذه السياسة تندرج دورية وزير الداخلية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، من أجل “الإسراع بإعداد جيل جديد من برامج التنمية المجالية المندمجة القائمة على تعزيز الخصوصيات المحلية”.
حسب ما يقولون تتمثل المحاور الرئيسية للبرامج في : “تعزيز التشغيل من خلال تحديد المشاريع والأنشطة التي تستفيد من الإمكانيات الاقتصادية المحلية وخصوصيات كل منطقة، لخلق مناخ ملائم لريادة الأعمال والاستثمار المحلي، وخاصة في القطاعات الإنتاجية، وتحسين الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل التعليم والصحة، لضمان الكرامة والعدالة المجالية وتقليل التفاوتات المجالية، بالإضافة إلى الإدارة المستدامة للموارد المائية في ظل التغيرات المناخية وندرة المياه، وكذلك التأهيل المجالي المندمج، بما يتماشى مع المشاريع الكبرى الجارية على المستوى الوطني.”
هذا كلام خاوي لأن السياسة العامة للبلد لا تغيير فيها، مقررة بتعاون مع المؤسسات المالية للاستعمار الجديد (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي) التي تُخضِع البلدان المُغرَقة في الديون من أجل استمرار نهبها، وفرض سياسات تعطي الأسبقية لرأسمال الكبير المحلي و الشركات متعددة الجنسية. ولهذا تتدهور الخدمات الاجتماعية وتستشري بطالة الشباب والبطالة المقنعة وهشاشة التشغيل، وينسحق الشعب الكادح تحت وطأة الغلاء، بينما يغزو الرأسمال قطاع الصحة، سعيا إلى الأرباح، بعد ما فعل في التعليم، وتتواصل سياسة “زيادة الشحم في ظهر المعلوف”.
وهذا كلام ليس بالجديد، تتغير الألفاظ بابتكار مفاهيم مضللة جديدة، رنانة، لكنها جعجعة بلا طحين. يتضخم قاموس الكذب وما دام الكادحون/ت لم يوحدوا ارادتهم ويستجمعوا قوتهم من أجل النضال، سيستمر الفقر و المرض وسوء التغذية و السكن غير اللائق والبطالة والقاء أعباء اعادة الانتاج الاجتماعية على النساء، وكل شرور النظام الرأسمالي، مع وجهه الآخر، أي مزيد من اغتناء الأقلية المالكة للثروة والحكم غير الديمقراطي الذي يتيح لها تأبيد نعيمها.
خطا كادحو المغرب وكادحاته خطوة عظيمة بالانتقال من ردود الفعل المنفعلة الى الردود الفاعلة، من فوات الغضب بلا أفق، الى نضال منظم من أجل مطالب واضحة. ما لا يقل عن ثلاثة عقود من التعبئات الشعبية، من ايت بلال و ايملشيل وبوعرفة وطاطا و ايفني وصفرو ، والحراك الاجتماعي الواسع الموازي لحراك 20 فبراير السياسي، والريف وجرادة… والمسيرة مستمرة نحو الأرقى.
دور مناضلي اليسار ومناضلاته
في التفاتة تضامنية مع كفاح كادحي/ ت تيسة بعثت النائبة البرلمانية عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، سؤالا الى رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة عن التدابير الاستعجالية التي تعتزم الحكومة اتخاذها للتخفيف من معاناة ساكنة دائرة تيسة والدواوير القروية التابعة لإقليم تاونات. النائبة اليسارية تعبر بذلك عن وقوفها إلى جانب الكادحين في مواجهة برلمان وحكومة لهما قسط من المسؤولية فيما حل بكادحي/ت تيسة من ظلم اجتماعي سافر.
كالمعتاد سيكون الجواب بالمعتاد من الكلام المنمق عن “الدولة الاجتماعية” ومجمل قاموس التضليل. وستستمر السياسة ذاتها التي اخرجت سكان تيسة الى الشارع طالما لم يتطور التنظيم الشعبي بالتشبيك والتنسيق من أسفل. وهذه إحدى مهام قوى اليسار المناضل.
ستظل التفاتة النائبة اليسارية التضامنية ناقصة ما لم يبادر مناضلو اليسار ومناضلاته إلى تجسيد التضامن باحداث لجنة تضامن، والاقدام على خطوة تضامنية بتنظيم قافلة، ونسج صلات بين مختلف المناطق من اجل تشبيك المبادرات وتوحيدها، بمنظور سياسي يروم تغيير ميزان القوى الطبقي بما يتيح تحقيق المطالب الاجتماعية و الفكاك من الاستبداد السياسي الذي يجعل كل مكسب تحقق مهددا بالاجهاز عليه.
قوى النضال من أجل تحقيق اهداف التحرر وتلبية الحاجات الاساسية للجماهير الشعبية موجودة بالفعل وبالقوة، لا تنقصها سوى المبادرة الى التنظيم والتوحيد وخطة نضال.
النصر لكادحي/ت تيسة
مزيدا من الوحدة و الكفاح
عاش الشعب

شارك المقالة

اقرأ أيضا