حراك الشباب وضرورة التنظيم

الشباب و الطلبة28 سبتمبر، 2025

من 20 فبراير 2011 إلى 27 شتنبر 2025: مسار متجدد للنضال

أثبت الحراك الشبابي جدارته في مواجهة أنظمة تبدو أقوى من أن تُهزم. في المغرب، ومنذ حركة 20 فبراير 2011، يشكل الشباب والنساء القوة المحركة الرئيسية للحراكات الشعبية كان أبرزها في الريف وجرادة، والنضالات الاجتماعية كتلك التي خاضها رجال ونساء قطاعات التعليم والصحة والجماعات الترابية، وطلبة الطب والصيدلة والجامعات، وعاملات وعمال النسيج والزراعة والمناجم وغيرها.

وسائل التواصل الاجتماعي: منبر لتنسيق النضال وكسر الخوف وتوسيع صدى الاحتجاجات عبر الحدود

أبان الحراك الشبابي يومي 27 و28 شتنبر 2025 عن إمكانات نضالية جديدة وهائلة. فوسائل التواصل الاجتماعي، التي ظن النظام أنه يتحكم فيها ويقمع عبرها الآراء المعارضة الناشئة، اقتحمها جيل الشباب الجديد، وأبدع في جعلها منبراً للتشهير، أولاً، بسياسات الأقلية التي تنهب خيرات البلد، وبالخصاص المهول في الخدمات العمومية، وبالبطالة الجماهيرية. وثانياً، لفضح القمع وهمجية مختلف أجهزته التي أظهرت عملياً عداء الطبقات الحاكمة لأي تحرك شعبي مهما كانت بساطة مطالبه. بذلك كُسِر حاجز الخوف وتعزز الإيمان بضرورة توسيع النضال من أجل الحرية والكرامة.

نجح الشباب في تحويل وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات للنضال الفعلي، وتنسيق التعبئة الميدانية، وتعميق التضامن بين “من هم في الأسفل” ضد “من هم في الأعلى”، ونسج تحالفات بين مختلف الفئات الشعبية. كما وسّعوا عبرها صدى الاحتجاجات ليصل إلى شباب المنطقة والعالم، ويتقاسموا تجارب النضال مع شعوب بلدان أخرى تعيث فيها الطبقات الحاكمة فساداً واستبداداً. لقد جددوا الأمل في انتصار قضيتهم، التي هي قضية شعبنا بأكمله.

آلة الإنتاج: مفتاح التغيير الجذري

أبان الشباب عن عزمه على تقديم المزيد من التضحيات والاحتجاجات حتى تحقيق التطلعات نحو ديمقراطية حقيقية تضمن إعادة توزيع الثروات، وسنّ سياسات شعبية ترتكز على تلبية الحاجات الضرورية من سكن وتعليم وصحة، واحترام الموارد والبيئة. وحتى يتمكن الجميع من ذلك، لابد من التفكير في كيفية توقيف آلة الإنتاج. فطالما استمرت عجلة الاقتصاد في الدوران، لن تحقق الاحتجاجات سوى مكاسب طفيفة سرعان ما ستلتف عليها الدولة.

التحالف بين الشباب والطبقة العاملة: القوة الحقيقية للتغيير

إن التغيير الحقيقي يحدث عندما نستطيع الإمساك بمفاتيح هذه الآلة. كيف ذلك؟ عبر التحالف بين طاقة الشباب وابتكارهم وقوة الطبقة العاملة في مواقع الإنتاج بالقطاعين العمومي والخاص. عندما يتحد الشاب/ة الغاضب/ة مع العامل/ة الذي يحرك عجلة الإنتاج في القطاع المالي والفلاحة والصيد البحري والخدمات والتعليم والصحة وغيرها، حينها تُصنع القوة الحقيقية للتغيير.

الطبقات الحاكمة واعية بذلك: فهي تعمل دائماً على فصل التعبئات الشبابية عن الطبقة العاملة، كما فعلت مع حركة 20 فبراير وحراك الريف وغيرها من الحراكات الشعبية. ويتم ذلك أساساً عبر قيادات المنظمات النقابية التي تسعى إلى إبقاء نضالات الطبقة العاملة محصورة في حدود المطالب المهنية، ومقيدة في نطاق وحدات الإنتاج.

يكمن رهان نجاح النضالات العمالية في توسيعها إلى تضامن واسع يدفع الأجراء والأجيرات إلى الوعي بذواتهم كطبقة قادرة على خوض إضراب عام يشل آلة الإنتاج، وينتزع المطالب من الطبقات الحاكمة. هكذا ستحوز الطبقة العاملة ميزان قوى يمكّنها من صدّ قمع الدولة الذي سيدفع بسقف نضالها نحو المطالبة بالديمقراطية الفعلية، بل وحتى القدرة على تسيير آلة الإنتاج لصالح حاجيات الشعب عوضاً عن الرأسماليين الذين ينمون بها ثرواتهم الخاصة.

علينا إذن أن نعمل على ربط الجسور ميدانياً بين تعبئات الشباب ونضالات العاملات والعمال في القواعد، سواء كانوا منخرطين/ات في نقابات أو في أماكن العمل أو في فضاءات أخرى، وتعزيز سبل النضال الموحد.

يسعى الشباب اليوم إلى تجربة تنظيمية جديدة، ويتوجس، عن حق، من التجارب السابقة التي كانت هرمية وغير ديمقراطية. ويبدو أنه قادر على استلهام الدروس، عبر أدوات مرنة على شكل شبكات أو تنسيقيات واسعة، وضمان آليات تنسيق فعّالة تحرص على مبادئ ديمقراطية حقيقية يُحترم فيها كل رأي.

سنغضب ونتمرد ونحتج. وسنضع أمام أعيننا ضرورة بناء قوة تنظيمية تحوّل غضبنا إلى تأثير حقيقي. سنربط بين مختلف أشكال المقاومة في وحدات الإنتاج، في المدن والقرى، في الجامعات والشوارع، ونسعى إلى إيقاف آلة الاستغلال وفتح الطريق نحو مستقبل أفضل.

بقلم: مروان

شارك المقالة

اقرأ أيضا