بيان تضامن مع الانتفاضة المغربية: لا خلاص بدون قيادة ثورية
تشتعل اليوم في شوارع المغرب موجة غضب شعبي جديدة، تؤكد مرة أخرى أن بركان الجماهير لم يخمد قط، وأن تحت رماد القهر والغلاء والاستبداد، تتقد نار الثورة الاجتماعية. هذه الانتفاضة ليست حدثًا معزولًا، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من مقاومة الشعوب العربية ضد أنظمة التبعية والاستبداد التي رسختها الرأسمالية الإمبريالية عبر وكلائها المحليين.
الانتفاضة المغربية الحالية انطلقت من رحم المعاناة اليومية، من ارتفاع الأسعار، البطالة، انسداد الأفق أمام الشباب، وتدهور الخدمات العامة في الصحة والتعليم، لتتحول بسرعة إلى انفجار اجتماعي ضد منظومة الحكم بأكملها.
لم تكن الدعوات محصورة في مطلب معيشي محدود، بل سرعان ما تجاوزت ذلك إلى رفض شامل للنظام الملكي القائم، الذي يحتكر السلطة والثروة ويخنق كل تعبير مستقل عن إرادة الجماهير.
من الأحياء الشعبية في الدار البيضاء وطنجة وسلا ومراكش، خرجت جموع الشباب والعمال والعاطلين عن العمل لتعلن أن “الاستقرار المزعوم” الذي يتغنى به النظام ليس إلا استقرارًا في ظل القهر والجوع.
النظام المغربي هو واحد من أكثر الأنظمة رجعية واستبدادًا في العالم العربي، يقوم على ملكية مطلقة تتخفّى وراء واجهة ديمقراطية شكلية، الملك هو الحاكم الفعلي، يملك الدستور بيده، ويترأس الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية والمؤسسات الدينية.
أما البرلمان والأحزاب الرسمية مجرد أدوات تزويق، تُستخدم لإيهام الشعب بأن هناك “حياة سياسية” وتداول سلطة”، بينما القرار الحقيقي يظل في يد القصر منفردا.
لقد بنى النظام شرعيته على مزيج من القمع البوليسي والفساد الاقتصادي وشبكات الزبونية التي تمتص ثروات البلاد لصالح النخبة المرتبطة بالقصر، تاركًا الغالبية العظمى من الشعب في الفقر والتهميش.
منذ “الانفتاح المراقَب” بعد انتفاضة 2011، حرصت السلطة السياسية في المغرب على احتواء كل تعبير سياسي شعبي ضمن حدود النظام، عبر أحزاب “مروّضة” ونقابات بيروقراطية، ومنظمات مجتمع مدني تموّلها الدولة أو الخارج لضبط الغضب الشعبي لا لتنظيمه.
حتى القوى التي رفعت شعارات التغيير – من الإسلاميين إلى الليبراليين – انتهت إلى الاصطفاف وراء النظام أو الاستسلام أمامه.
وهكذا، تُركت الجماهير بلا أداة سياسية تعبّر عن مصالحها الحقيقية، بلا حزب للطبقة العاملة، بلا قيادة ثورية قادرة على تحويل الطاقة الجماهيرية إلى مشروع ثوري منظم.
إن هذا الفراغ السياسي هو ما يفسر الطابع العفوي والمفتت للحراك رغم جسارته، وهو ما يجعل انتصاره مهددًا إن لم يُسدّ ببديل ثوري واضح.
نتذكر كلمات الرفيق ليون تروتسكي، عن أن أزمة الإنسانية في عصرنا الراهن هي أزمة القيادة الثورية.
ففي كل مرة تنهض الجماهير – من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن في 2011 إلى السودان والجزائر وإيران في 2019 والآن الدار البيضاء – تبرهن على استعدادها للتضحية والنضال، لكنها تُترك بلا تنظيم ثوري قادر على توجيه نضالها نحو إسقاط النظام بأكمله، لا مجرد إصلاحه أو استبدال بعض رموزه.
إن التجارب المريرة من الربيع العربي إلى الثورة السودانية تؤكد أن غياب التنظيم الثوري المستقل يترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الثورة المضادة والأنظمة الفاشية والرجعية لتعيد إنتاج النظام القديم بوجه جديد أبشع وأشد قسوة.
إن انتفاضة المغرب تضع أمام الثوريين مهمة عاجلة: بناء حزب اشتراكي ثوري يرتكز إلى الطبقة العاملة، يوحّد نضالات العمال والعاطلين والطلاب والنساء الفقيرات في جبهة واحدة ضد الملكية الرأسمالية والإمبريالية.
لا سبيل إلى التحرر سوى بانتزاع السلطة من أيدي الطغمة الحاكمة وإقامة سلطة العمال والجماهير التي تدير المجتمع على أساس المساواة والعدالة الاجتماعية والتخطيط الديمقراطي للاقتصاد.
نحن تيار الثورة الاشتراكية، نعلن دعمنا الكامل للانتفاضة المغربية، ونعتبرها جزءًا من معركة الطبقة العاملة العربية ضد أنظمة التبعية للإمبريالية العالمية.
وندعو كل الثوريين إلى التضامن الأممي مع الجماهير المنتفضة، وإلى العمل معًا لبناء القيادة الثورية التي وحدها يمكن أن تفتح الطريق أمام الثورة الدائمة، من الرباط إلى غزة، ومن الخرطوم إلى القاهرة.
عاشت الانتفاضة المغربية
عاشت الثورة العربية والأممية
لا حلّ سوى الاشتراكية الثورية
تيار الثورة الاشتراكية – مصر
اقرأ أيضا


