إما الاشتراكية الإيكولوجية أو الانقراض: الدفاع عن الحياة، وبناء أقاليم حرة واشتراكية إيكولوجية من الشعوب وللشعوب
بيان قوي من أجل تغيير جذري صودق عليه في الملتقى الاشتراكي الإيكولوجي الثاني، في بيليم، البرازيل، نوفمبر 2025.
”نحن لا نبيع أرضنا لأنها مثل أمنا. أراضينا هي أجسادنا. ونحن لا نبيع أجسادنا. نحن لا نبيع أمنا. لن نبيعها، لأنها مقدسة.
“وبدأنا نعاني من ضغوط الغزو، وضغوط استغلال المناجم، وضغوط الصناعات الزراعية التي تطورت كثيرًا، وضغوط شركات الحراجة التي تزيل الغابات من أراضينا. ونحن نقاوم”.
أوريسيليا أرابيون، منسقة منظمات السكان الأصليين في الأمازون البرازيلي (COIAB).
نجتمع في لحظة تتعرض فيها الحياة لهجمات رأسمالية شديدة، في إطار التحركات التي نظمتها الشعوب رداً على قمة المناخ كوب30. وقد أتاح لنا هذا الاجتماع، مرة أخرى، إعادة التأكيد على أن صعود اليمين المتطرف، والحلول الزائفة التي تقترحها الحكومات المدعية أنها تقدمية (ولكنها لا تتردد في خصخصة المشاعات أو تسهيل الهجمات ضد الشعوب والقادة الذين يواجهون يومياً عواقب منطق النمو الرأسمالي اللامتناهي في أراضيهم)، تدفعنا إلى النضال من أجل عالم تكون فيه النظم الحية في صميم جميع بنياننا السياسي، وإلى رفض قوي لأي محاولة ترهيب.
لقد رأينا مثالاً على ما يحدث عندما يضع المدافعون عن النيوليبرالية التقدمية أنفسهم في خدمة رأس المال والاستخراجية الجشعة، عوض تعزيز نضالات الشعوب التي تدافع عن أراضيها مُخاطرةً بحياتها. إن التهديدات السياسية التي تعرضت لها رفيقتنا المنتمية للسكان الأصليين، أوريسيليا أرابيون، في اثناء مداخلتها في مائدتنا المستديرة حول الوضع الراهن تكشف بوضوح عن وجود قطاع يعمل داخل المجتمعات المحلية لزرع الخوف والتشتيت. ومع ذلك، فإننا – تمامًا كما عبرت أوريسيليا في ردها على التهديد – لا نبقى صامتين ولا نتورط.
تتجلى هجمة اليمين المتطرف أيضًا على أراضينا في محاولات انتهاك سيادتنا، معيدة إنتاج نفس منطق الاستعباد والسيطرة الذي كان موجودًا في الماضي ولا يزال قائمًا حتى اليوم. في مواجهة هذه الهجمة الإمبريالية، ندافع نحن، الاشتراكيون الايكولوجيون، عن جبهة موحدة للمقاومة ولحماية أنفسنا.
أصبحت الاشتراكية الايكولوجية، كأداة لبناء عالم آخر، ضرورية وملحة. إن التدمير المتسارع لمقدرة النظم البيئية على إعادة انتاج نفسها، والطابع الاستعماري الجديد والإمبريالي للبدائل المزعومة التي يقترحها النظام نفسه الذي تسبب في أزمة المناخ الحالية، يمثلان تهديدًا لاستمراريتنا كجنس بشري، ويقوداننا إلى نقطة اللاعودة.
إن السبيل الوحيد الممكن، في مواجهة هذا التحدي، هو التنظيم المنسق لنضالاتنا من أجل تجاوز النظام الرأسمالي. إن نضال الشعوب المنظم، ومقاومتها لأنظمة السيطرة، وتقدمها في بناء عوالم مغايرة قائمة على التضامن والتكامل والمعاملة بالمثل – مع احترام معارف مختلف الشعوب ورؤاها، وكذلك حقوقها المشروعة في الدفاع عن النفس وتقرير المصير – تشكل الأساس الجوهري لاستراتيجيتنا.
جمعت أيام النقاش هذه ممثلين للشعوب المناضلة من مختلف مناطق أبيا يالا [اسم أهلي للأمريكيتين، يعني ”قارة الحياة“ — المحرر] وقارات أخرى، الذين رفعوا أصواتهم على صعيد عالمي للتنديد بالاستخراجية الرأسمالية والإمبريالية التي تتسبب تدمير البيئة والسكان في العديد من المناطق. إنه من الضروري تعزيز التحالفات بين الشعوب المقاومة من أجل مكافحة هذا الدمار، مع توطيد أشكال إنتاج الحياة التي طورتها الشعوب عبر التاريخ والتي يهددها اليوم التلوث واستيلاء الشركات العابرة للأوطان والحكومات على المياه والأراضي والهواء.
كانت أصوات الشعوب الأصلية في صلب هذا التجمع، حيث شخصت سياقًا مشتركًا من الاستعمار والغزو والسلب والاستخراجية والحلول الزائفة — مصحوبة بسياسات الإفناء والإبادة الجماعية، التي لا تقتل هذه الشعوب فحسب، بل تجعلها غير مرئية بالتجريم والاضطهاد. في هذا الطور، نعتبر العلاقة بين الجسد والأرض نسيجا يكمن فيه العنف الهيكلي، ولكن أيضًا النضال من أجل الحياة. يتجلى هذا النضال في أشكال بديلة من المقاومة، عبر تثمين وتمفصل معارف ورؤى للكون لا فصل فيها بين النسب والطبيعة؛ وعبر الدفاع عن النفس، وتقرير المصير، والحياة الجماعية، وأهمية الأمل والوحدة عبر الأراضي.
تتجلى هذه النضالات من أجل الحياة أيضًا في النسوية الايكولوجية، التي تبرز نضالات النساء والأجساد المؤنثة عبر أراضي أبيا يالا المختلفة، مواجِهةً العلاقة الوثيقة والتاريخية بين الرأسمالية والعنف الذي المسلط على الأرض والأقاليم والنساء.
ينبثق من مختلف أشكال للاستخراجية عنفٌ يتجلى في تلويث الأراضي وتدميرها؛ ونهب مشاعاتنا؛ وتفتيت المنظورات الثقافية والأجساد المؤنثة والمفقرة والعرضة للعنصرية لآلاف النساء في الجنوب العالمي.
يقترح هذا التحليل أيضا، بالإضافة إلى اعتباره للرأسمالية أصلا هيكليا لكل العنف الممارس على الأراضي، حلولًا قادرة على تجاوز هذه التناقضات — مثل التدبير الجماعي للمياه، والاستقلال الغذائي، والحكامة الذاتية، والعدالة المجتمعية، وتصور متمرد للرعاية. تنبع هذه الرؤية للرعاية من نقد هيكلي لإضفاء النيوليبرالية على خطاب الرعاية، الذي يستمر في دعم منطق رأس المال. في المقابل، نحن نؤيد الرعاية الجماعية والمجتمعية من أجل تغيير جذري.
يمثل العمل النقابي الايكولوجي مكونا أساسيا للنضال الاشتراكي الايكولوجي. إن النضال من أجل ظروف عمل أفضل وأكثر، مقترناً بالوعي بأن استغلال الطبقة العاملة ونزع ملكية مشاعاتنا يخدمان مصالح رأس المال ويعززان بعضهما البعض، يخلق الظروف اللازمة لتعبئة ودفع الأسباب الهيكلية للاضطهاد الذي نعاني منه في ظل الرأسمالية. في هذا السياق، يمثل رفض التكسير الهيدروليكي في كولومبيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي والعالم بأسره مهمة نتحملها بمسؤولية للمساهمة في بناء أراضٍ حرة. نحن ندرك أن هذا غير ممكن إلا بتضافر النقابات مع الحركات الاجتماعية والشعبية والأصلية والفلاحية في كل بلد، مع الحفاظ على استقلاليتها في الدفاع عن الأراضي والحياة وإعادة انتاجها. ونلتزم، بفضل التضامن الأممي، بتعزيز المساحات التي تدين انتهاكات حقوق الشغيلة وحقوق الإنسان والحقوق الطبيعية.
من داخل هذا النسيج المشترك، نصرخ بالإجماع: فلسطين حرة، من النهر إلى البحر؛ ووقف إطلاق النار في غزة؛ وإدانة دولة إسرائيل مرتكبة الإبادة الجماعية على تذبيحها الشعب الفلسطيني. شعب يقاوم، ويبذُر، ويحافظ على اقتناعه بالوقوف شامخاً – ونحن نحتضنه عبر التضامن الأممي، ومضاعفة التحركات العالمية للمساندة مثل المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات والأسطول، وهي أمثلة على المقاومة الشعبية التي تعتبرها دولة إسرائيل تهديدات.
نطالب أيضاً الحكومات في المنطقة بقطع علاقاتها مع إسرائيل، كما في حالة الاتفاقات مع شركة ميكوروت، شركة المياه الوطنية الإسرائيلية، التي أصبحت أداة للسيطرة الاستعمارية. الماء مورد مشترك، وفي فلسطين، يجري استخدامه سلاحا سياسيا واقتصاديا، إذ تسيطر إسرائيل على مصادر المياه، وتمنع الفلسطينيين من حفر الآبار، وجمع مياه الأمطار، أو صيانة الصهاريج، ما يخلق تبعية كاملة ونظام فصل عنصري في المياه. فلسطين مختبر للسيطرة تنتشر تقنياته إلى أراضٍ أخرى، ويجب أن تكون المقاومة والتضامن مع الشعب الفلسطيني عالميين. نحن، الاشتراكيون الايكولوجيون في العالم، نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني ونبني تضامناً نشطاً معه ومع حقه في الوجود.
قبل أيام من بدء مؤتمر الأطراف كوب 30، نلاحظ مرة أخرى أن هذا الفضاء عاجز على الاستجابة لاحتياجات الأراضي؛ بل على العكس، يقدم نفسه كآلية لأمولة الطبيعة. لهذا السبب، نؤكد مجددًا إدانتنا ورفضنا لسداد الديون البغيضة وغير المشروعة، وندعو إلى تفكيك الآليات الدولية التي تغذيها وتضفي عليها المشروعية. هذه الآليات ترهن مستقبلنا مقابل تسليم المواد الاستراتيجية التي يحتاجها رأس المال لإعادة انتاجه غير المحدودة. من الضروري تفكيك نظام الديون، الذي يُخضع ويحد من المقدرة على الخروج من النظام وفق خطة.
لا نتوقع شيئًا من هذه المساحات التي تقترح مشاريع مثل ائتمانات الكربون، التي تتبنى – تمامًا مثل صندوق الغابات الاستوائية للأبد (TFFF)- خطاب عزو المشكلة إلى نقص تسليع المشاعات وإلى ”قصور في السوق“ يجب تجاوزه. كما ندين الحكومات المتواطئة في مشاريع تدمير البيئة، مثل حكومة البرازيل التي وافقت، قبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر كوب30 في بيليم – إقليم في الأمازون – على استغلال النفط البحري عند مصب نهر الأمازون، ووافقت إبان مؤتمر كوب 30 على تسجيل 30 مبيدًا جديدًا.
نؤكد مجددًا على أن الزراعة الإيكولوجية تمثل أحد السبل التي تبني استراتيجيتنا الاشتراكية الإيكولوجية. إن إنتاج الأغذية الزراعية الإيكولوجية، الراسخ في تقاليد الفلاحين والسكان الأصليين، ليس فقط بديلاً للنظام الغذائي الزراعي السائد — الذي يتمثل الفاعلون الرئيسيون فيه في الصناعة الزراعية وإنتاج المواد الأولية — ولكنه أيضًا وسيلة لاستعادة النظم الإيكولوجية وإعادة بنائها، وكسر انفصال الريف والمدينة، ما يجعله أساسيًا في مكافحة تغير المناخ. من الأهمية بمكان أن نفهم أن الزراعة الايكولوجية لا يمكن أن توجد في إطار الرأسمالية الخضراء، لأنها تنطوي، بما هي ممارسة سياسية، على تحول بنيوي في علاقات الإنتاج والحياة الحالية.
وإدراكاً منا أن الاشتراكية الايكولوجية عملت لسنوات على بناء بيانات وبرامج تحدد هذه الاستراتيجية، ناقشنا الخطوات التالية وخلصنا إلى أنه لا يمكن أن تكون هناك اشتراكية ايكولوجية بدون أقاليم حرة. نحن مقتنعون أن النضالات الايكولوجية الإقليمية وبناء عالم صالح للعيش هما الطريق الذي يجب أن نسلكه، بتعزيز مبادراتنا التضامنية، وخلق مساحات تتيح المضي قدماً في بناء الاشتراكية الايكولوجية انطلاقا من الشعوب ومن أجلها.
ولتحقيق هذا الهدف، من الضروري تحقيق انتصارات ترشدنا إلى الطريق. إن القيام بحملات وتعبئة بين مختلف الجماعات المشاركة في بناء هذا المشروع الاشتراكي الايكولوجي أمر ضروري لتعزيز عملية متكاملة وأممية للمقاومة المنسقة والاستراتيجية المشتركة.
إن استمرار هذا النضال وبناء البرنامج الاشتراكي الايكولوجي الذي نحتاجه، إلى جانب تدويل الحركة الاشتراكية الايكولوجية، هي مهام بدأناها قبل عشر سنوات في هذه التجمعات، وتم تعزيزها بتشكيل الشبكة الدولية للملتقيات الاشتراكية الايكولوجية في عام 2024، عقب الاجتماع الذي عقد في بوينس آيرس.
من بين المبادرات الجديدة، نعلن عن اللقاء الاشتراكي الإيكولوجي الدولي السابع، الذي سينظَّم في بلجيكا في مايو 2026؛ والندوة الاشتراكية الإيكولوجية الدولية، التي ستعقد في البرازيل كجزء من المؤتمر الدولي الأول لمناهضة الفاشية؛ واللقاء الاشتراكي الإيكولوجي الثالث لأمريكا اللاتينية والكاريبي، في عام 2027، في كولومبيا. نحن مقتنعون بأن هذه اللقاءات يجب أن تتجاوز الحدود وتولد تحركات نضالية مشتركة قادرة على ضرب القوى المركزة للاستخراجية الرأسمالية في كل منطقة نوجد فيها.
بيد أن التجمعات الاشتراكية الايكولوجية وحدها لا تكفي للسير قدما في بناء برنامج راسخ حقًا في النضالات الملموسة. لهذا السبب، نقترح تنظيم تحركات وحملات مشتركة بشأن فلسطين، والوقود الأحفوري، واستغلال المناجم، والديون، واتفاقيات التجارة الحرة؛ والدفاع عن المياه؛ والنضال ضد الصناعات الزراعية؛ واستعادة الغابات. كما نقترح تحديد الشركات التي تتوافق مع المشاريع المدمرة للبيئة في بلدان أمريكا اللاتينية والكاريبي، من أجل إصدار تنديدات وبيانات مشتركة. بالإضافة إلى ذلك، نقترح تنظيم اجتماعات اشتراكية إيكولوجية إقليمية قبل الاجتماع الذي سيعقد في كولومبيا، بحيث تعكس المناقشات الصيغ والمقترحات الإيكولوجية الإقليمية.
أخيرًا، نريد أن يكون مجال بنائنا حيًا ومتنوعًا، وقادرًا على إثارة نقاشات عميقة بين مجموعاته، من أجل التفكير في فهمنا للاشتراكية الإيكولوجية ومساءلته — مع إعادة التأكيد على أن الاشتراكية الإيكولوجية ليست اشتراكية ذات صبغة خضراء، بل هي اقتراح لتحويل عميق لعلاقاتنا، سواء فيما بيننا أو مع الطبيعة. إنها طريقة مغايرة لممارسة السياسة، قادرة على بناء عالم جديد، كريم وجميل للعيش فيه، للبشر وجميع الكائنات الحية الأخرى.
المصدر: https://anticapitalistresistance.org/ecosocialism-or-extinction-defending-life-building-free-territories-and-ecosocialism-from-and-for-the-peoples/
اقرأ أيضا


