من أجل مطالب منظومة مطالب تنسف أسس الفوارق الطبقية والقمع والاستغلال
بقلم ايوب
يتجند كل الإعلام البورجوازي ومثقفو الصالونات للتشهير بكل احتجاج شعبي وكل مطالب لصالح الكادحين، لا يرى هذا الإعلام، ومن ورائه الطبقة البورجوازية المترفة في الشباب وفي كل مطالب بحق سوى متأمر تحركه أيادي اجنبية، لا يرى هذا الإعلام من اغتنوا بالنهب وتضاعفت ثرواتهم أضعافا مضاعفة على امتداد السنوات الماضية. وقاموا بترحيل ثروات طائلة للخارج وفتحوا البلد أمام العدو الصهيوني، لا يرى هذا الإعلام من يحملون جنسيات أجنبية ومن يسعون لحملها من كبار البورجوازيين، ولا يرى من يدرسون ويعالجون ذويهم في الخارج لا يرى أيادي الرأسمال الأجنبي ومؤسساته التي تحركهم.
دعنا، نحن القابعين في أسفل السلم الاجتماعي الطبقي، نحاول أن نرى الصورة كما تظهر لنا. يستحوذ أكثر أغنياء المغرب ثراء، ذوي الرساميل الكبيرة على حصة من الثروة تفوق بكثير تلك العائدة للطبقات الشعبية ويتركون لمعظم أفراد الشعب الشقاء، يتركون لهم الموت في أماكن العمل بسبب الاستغلال المفرط والأمراض المهنية وغياب شروط الصحة والسلامة يشهد على ذلك أشلاءنا. أشلاء العاملات والعمال الزراعيين على الطرقات، جراء حوادث مركبات لا تصلح حتى لنقل الدواب. يشهد على ذلك شباب في عمر الزهور يلقي بنفسه في البحر هربا إلى مملكة السعادة، تعيش قرى ومناطق عدة العطش كل عام، وتنخر البطالة الشباب المعطل، وجزء منا يعيش الشقاء في خريف العمر في أماكن العمل بسبب معاش بئيس أو بسبب انعدامه بالمرة. ولمن حالفه الحظ من أبنائنا وإخوتنا يجد نفسه في مدارس وجامعات جلها أقرب لمعسكرات اعتقال بمنح بئيسة أو بدونها وبلا لوازم للدراسة الجيدة من مختبرات ومكاتب ووسائط تعليمية، بينما ينعم أبناء البورجوازية بحياة تعليمية مرفهة.
ماذا يريد البورجوازيون؟ يريدون أن يضحكوا على الشباب بحفلات موسيقية، في حين لا تدرس الفنون في المدارس. يريدون شبابا محشورا في ملاعب كرة قدم يوم الأحد أو متكدسا في مقاه نتنة أو بجانب أسوار أحياءنا البئيسة مغيبا ومخدرا، وفي أحسن الأحوال يريدون عصر عرقه في المعامل والضيعات والمناجم. تراكم البورجوازية الأرباح وتتهرب من دفع الضرائب، لا تريد الإنفاق على المستشفيات أو المدارس والجامعات، فأرباحهم أولى من حياة أبناء الشعب وبناته….
ينتفض البورجوازيون حين يُطالَبون بدفع ضريبة يسيرة على ثرواتهم المنهوبة من عرق العمال والعاملات بينما يستغربون لمطالبة أبناء الشعب برغيف خبز ومسكن ومستشفى ومدرسة ولترات من ماء الشرب، بينما كل بورجوازي يملك قصرا أو فيلا لها مسبح. وحينما لا يجد الناس ما يشربون، لا يخجلون بمطالبة الشعب بالصبر إلى أجل غير مسمى. ما هذه الوقاحة وما هذه الغطرسة؟
أحزاب لا تمثل معظمها إلا مصالح البورجوازية، ونظام سياسي واقتصادي طبقي مطلوب من ضحاياه أن يبتسموا ويؤتتوا مشهدا تستعرض فيه الطبقة البورجوازية بذخها وترفها. مطلوب من ملايين الشباب أن يبتسموا وهم يرون آباءهم وأمهاتهم يتم إذلالهم كل عام أمام الكاميرات وهم يتلقون قفة رمضان قيمتها لا تتعدى خمسون درهما لتغطية حاجيات أسبوع؟؟ وماذا بخصوص بقية السنة؟ بينما موائد البورجوازية الفاخرة في أفراحها يذهب جلها للمزيلة.
لا تخجل أحزاب البورجوازية ومثقفوها وإعلامها من التحدث عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، في بلد لا يعتبر فيه المواطنون سواسية في التقرير في خيارات البلد وسياساته، ولا سواسية في الاستفادة من موارده الطبيعية المتنوعة. فالبورجوازيون يعتبرون مجلس النواب والبلديات مؤسسات وساطة وليست مؤسسات قرار كاملة السيادة، مؤسسات وساطة بين أصحاب السلطة المطلقة والشعب. والأكثر من ذلك يعتبرون النقابات والمنظمات الحزبية والجمعوية مجرد وسائط لتلقي غضب الشعب العامل، وأدوات لتهدئة الكادحين وإعانتهم على تحمل بؤسهم و إعانة البورجوازية على ترسيخ استبدادها وبطشها الاقتصادي والسياسي.
دون تنظيم المجتمع على قاعدة التعاون بين منتجيه دون تمييز على أي أساس، وعلى قاعدة تجريم الاستغلال، سنظل نجر لقرون نتائج عبودية العمل المأجور، كما جرت البشرية مخلفات نظام العبودية المباشرة حيث امتلك إنسان إنسانا آخر وورثه كما تورث الدواب، وكما جرت مخلفات نظام الفنانة حيث كان جزء كبير من البشر يعمل لصالح أقلية معظم الوقت، دون مقابل.
لا حل جذريا للمشاكل المجتمعية المتنوعة دون سلطة عمالية وشعبية منبثقة عن جمعية تأسيسية كاملة السيادة في تحديد طبيعة مناهضة النظام الاجتماعي والسياسي للرأسمالية والامبريالية.
وقبل ذلك لا مفر من بناء منظمة أو منظمات عمالية سياسية ونقابية حاملة لهذا المشروع. يتمرس أعضائها في النضال وإدارة منظماته. فما دامت الدولة بما هي أداة السيطرة الطبقية للبورجوازية تشتغل كتنظيم دائم ينفذ برنامج هذه الطبقة لا بد للمستغَلين من تنظيم انفسهم والسير نحو الإمساك بزمام السلطة السياسية والاقتصادية لتنفيذ برنامجهم التحرري من الاستقلال والاضطهاد ومن أجل تلبية الحاجيات الأساسية من تغذية صحية وتعليم وصحة وسكن وثقافة.
لكن للوصول لذلك لا بد من تضافر عدة عوامل وجهود، والانطلاق من حقائق الواقع. هذا يقتضي الاستفادة من تجارب شعبنا وبقية الشعوب التي مرت من تجارب التحويل الثوري لمجتمعاتها، الناجح منها كما الفاشل وصياغة مطالب مدققة تجيب على التطلعات الشعبية والعمل على بناء أدوات فرضها وتطبيقها، من قبيل:
- جعل كل الخدمات الجماعية، من تعليم وصحة ونقل وسكن عمومية حصرا، ونزع الطابع التجاري عنها وإنهائه. وهذا يفترض البدء أولا بإلغاء كل القوانين التي تنص على جعل هذه الخدمات سلعة، وفي مقدمتها تلك التي تفرض الأداء بالمستشفيات العمومية، وثانيا فرض احتكار الدولة ومؤسساتها لهذه الخدمات. ويفضي هذا المبدأ إلى وضع حد لاستثمارات الخاصة، لاسيما في مجالي الخدمات الصحية والتعليمية بكل مستوياتها وأصنافها.
- الدولة هي المسؤولة عن رصد الموارد المالية اللازمة والكافية لتمويل كل هذه الخدمات الاجتماعية بالاستناد إلى مداخيل نظام ضريبي عادل فبدل أن تكون الشرائح الاجتماعية ذات المداخيل الدنيا، هي المُمول لمعظم حصة الموارد الضريبية، ينبغي قلب المعادلة بجعل الأثرياء يؤدون معظم تكاليفها. وفي هذا الصدد لا بد أولا من القضاء على التهرب والغش الضريبيان للمقاولات والأثرياء وجعل مداخيل الضرائب تقوم على أساس الضريبة المباشرة. ثم ثالثا تطبيق مبدأ معدلات ضريبة تصاعدية على الثروة.
- وللاستجابة بشكل مستعجل للحاجيات الاجتماعية ينبغي التراجع عن سياسة الخوصصة بكل أشكالها، بدءا من التدبير المفوض وانتهاء بأشكال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
- خدمات الصحة والتعليم ليست سلعة، بل هي حكرا على الدولة لا مجال للاستثمارات الخاصة. ولتطبيق هذا المبدأ، ينبغي تأميم كل المؤسسات التعليمية والصحية، لاسيما ذات الرأسمال الكبير التي تعود ملكيتها لمقاولات خاصة، مع تحويل كل مستخدميها وأطرها إلى موظفين قارين في نظام الوظيفة العمومية.
- خفض ساعات العمل اليومية وخفض سن التقاعد بالشكل الذي يمكن شبابنا من فرص عمل ويرفع الشقاء عن شيوخنا، ويضمن حسن سير مجتمعنا.
- رفع الأجور الفعلية بالشكل الذي يمكن من رفع حصة الأجراء من فائض القيمة المنتجة بالبلد وخفض حصة البورجوازيين، ما سيؤدي لخفض الاستهلاك الباذخ والتبذيري.
- حذف الضريبة على المنتجات الضرورية للحياة البشرية الكريمة في شروط تاريخية معينة ورفعها على المواد الكمالية إلى أقصى حد.
- وضع سياسة فلاحية تحافظ على الموارد الطبيعية من ماء وكائنات حية موجهة بالأساس لتأمين حد أدنى من الاكتفاء الذاتي. والقطع مع الزراعات المستنزفة للفرشة المائية والملوثة والموجهة للتصدير.
وسيكون وضع هدف القضاء على كل أشكال الاستغلال والقهر بوصلة تمكن الجماهير من خلال أدوات نضالها العمالية والشعبية من بلورة متطلبات تقدمها النضالي حسب شروط الواقع.
اقرأ أيضا


