مظاهرات 11 ديسمبر 1960 الجزائرية، ودورها الحاسم في ولادة جزائر حرة

بقلم؛ كميل داغر
كنا لا نزال في سن المراهقة، حين تنامت الثورة الجزائرية لتتحول بالنسبة لجيلنا، آنذاك، الى ما يشبه الآن نضال الشعب الفلسطيني الاسطوري لأجل تحرره. لا بل إن ذلك كان يتخذ مدى أبعد بكثير من حدود بلدنا الصغير، ليشمل الشبيبة في معظم انحاء العالم، ولا سيما في المنطقة العربية.
ولا زلت أذكر، وانا لم أكن تجاوزت الرابعة عشرة من العمر، تلك المظاهرات العملاقة التي عرفت ” زخمها بالعاصمة في حي بلكور (شارع بلوزداد حاليا) لتتوسّع إلى أحــــياء كـــل مـــن “كلوصالمبي” Clos Salembier، و”القصبة”، و”باب الوادي”، و”الحراش” وغيرها . وسرعان ما امتدت إلى كل مـــن: “وهران”، و”قســـنطينة”، و”تبيازة”، و”الأصـــنام” ( الشلف حاليا)، و”البليدة”، و”بجاية”، و”سيدي بلعباس” و”عنابــــة”، وغيـــرها من المدن عــــبر كامل التراب الوطني، ولم تتـــوقف إلا يوم 16 ديسمبر 1960.” وهو أمر كان يثير عميق الحماس وأقصى مشاعر التضامن لدينا.
ومن هذا المنطلق، وجدتُني جاهزاً كلياً، بعد عشرات السنين، لاستجابة طلب أحد المشاركين في تلك الثورة، الأستاذ محمد حربي، حين طلب مني، عبر اصدقاء مشتركين، ترجمة كتابه Le FLN, mirage et réalité des origines à la prise du pouvoir (1945-1962)
وقد نشرته دار الكلمة، في بيروت، قبل أكثر من ثلاثة عقود، بعنوان “جبهة التحرير الوطني، الاسطورة والواقع ” ، وذلك برغبة منه، بحيث احللتُ محل كلمة “السراب mirage” كلمة “الاسطورة”.
             الصورة من ويكيبيديا
• وانا اشارك اليوم المؤلف، الاستاذ حربي، تقييمه لتلك المظاهرات، في كتابه المنوه به، حيث يعتبر انها أثبتت أن الثورة لم تعد محصورة في الجبال، بل امتدت لتشمل المدن، مع مشاركة واسعة من مختلف فئات المجتمع (عمال، طلاب، نساء، إلخ). كما كشفت زيف الادعاءات الفرنسية بوجود “جزائر فرنسية” ، وأظهرت الإجماع الوطني الجزائري المطالب بالاستقلال. وأصبحت تعبيراً عن السند الشعبي المطلق لجبهة التحرير، ما عزز موقفها السياسي داخلياً وخارجياً.
أكثر من ذلك، جعلت السلطات الفرنسية تتفاجأ بهذه الانتفاضة الشعبية الضخمة، بحيث أدركت استحالة الاستمرار في حكم الجزائر بالقوة، ومهد ذلك للمفاوضات.
هذا وقد رأى حربي أن تلك المظاهرات كانت الضربة القاضية لأسطورة الهوية الفرنسية، وأكدت أن مصير الجزائر يقرره الشعب الجزائري لا فرنسا.
لكن ذلك لم يحل دون ان تستمر الشركات الفرنسية الى الآن، في الحفاظ على موقع مهيمن، في الاقتصاد الجزائري، وهو ما يعزوه حربي للموقع المسيطر الذي بقي يحتله ، ضمن سلطة الاستقلال، لاحقاً، ضباط من الجيش القديم، فشلت السلطة الجديدة في الاستغناء عنهم، وبناء جيش وطني حقيقي يعبر كلياً عن الأهداف الاساسية للثورة، وبالتالي عن المصالح الأصيلة لشعب الجزائر.
ولعل هذا كان أحد الاسباب الاساسية لإخفاق الثورة الشعبية المتجددة، والتي اندلعت في العقد الاخير، في إحراز النصر”.
انظر النص وملخصا له على الرابط التالي: Facebook
شارك المقالة

اقرأ أيضا