مذابح بحلب: رسالة الى “رفيق” يصر على تبرير ما لا يقبل تبريرا

سياسة21 ديسمبر، 2016

أيها “الرفيق”
منذ أسابيع خلت تراودني فكرة الكتابة إليك، إلى أن أقنعتني أخيرا الأحداث المأساوية بحلب ورد فعلك إزاءها، أو غياب رد فعلك أحيانا، بأن أوان مخاطبتك قد حل. وليس القصد حتما إقناعك، لأني أظن إمكان ذلك قد فات، مع الأسف. لكن على هذا النحو تكون الأمور قد قيلت، ولن يسعك قول إنك لم تكن على علم.

باسم مناهضة الامبريالية ؟

مدينة حلب ضحية مذبحة، مجزرة حقيقية تذكر حتما بمدن أخرى شهيدة مثل سربرينيكا و غروزني والفلوجة، وأيضا وارسو و غرينيكا، او كذلك بالمخيمين الفلسطينيين صبرا وشاتيلا. الشهادات المباشرة الوافدة من المدينة، من سوريين “عاديين”، وليس فقط من أعضاء مجموعة مسلحة ما، بليغة، وبالأحرى عندما تكون مرفقة بصور و اشرطة فيديو. كلمات و صور تعبر عن النكبة، والعجز، والرعب.
لكنك أنت، يا “رفيق” اجتهدت في الأيام الاخيرة – إن أمكن اعتبار ما أقدمت عليه متصلا من قريب أو بعيد بفضيلة- في تفسير عدم وجوب الوقوف الى جانب سكان حلب وعدم وجوب التنديد بما يتعرضون له من قصف، ولا بأعمال العنف ضد الاهالي التي ارتكبتها القوات في أثناء “تحرير” المدينة. بعبارة أخرى، جئت تشرح لنا عدم وجوب اتخاذ موقف واضح ومحدد ضد مذبحة مدبرة بخطة وارتكبها نظام بشار الاسد الديكتاتوري و حلفائه، بمقدمتهم روسيا وإيران.
لا أخاطبك أنت، يا “رفيق”، سوى لأننا تقاسمنا في الماضي معارك، لا سيما المعركة من أجل حقوق الشعب الفلسطيني، وليس وحدها. لأني كنت أظن أن لدينا، رغم خلافتنا، مبادئ مشتركة. ليس لي ما أقول لليمين ولأقصى اليمين المؤيد لبوتين و /أو المؤيد للأسد، والذين يتبنون بجلاء موقف مساندة لأنظمة مستبدة باسم “قيم” مشتركة، والذين لم يتظاهروا قط بالسعي الى بناء تضامن حقيقي مع الشعوب المضطهدة.
لكنك أنت ، يا “رفيق” ، تتباهي بفضائل “تقدمية”، و”مناهضة للإمبريالية”، وحتى “اشتراكية”، و”شيوعية”، أو حتى “ثورية”. وباسم هذه القيم، تحاول إقناعنا اليوم أن ليس على المرء أن يشعر أنه الى جانب سكان حلب المحاصرين وضحايا مذبحة، وأنه يجب ألا نقف غدا الى جانب سكان مدن سورية أخرى باتت محاصرة وستكون عرضة لمذابح قريبا.
الامر الذي ليس مفارقة، باعترافك.

” الأشد شرا ليسوا بالضرورة من ُيعتقد أنهم كذلك”

ظننت أن ما كان يشكل المشترك الجيني لدى اليسار المناوئ للإمبريالية هو وقوفه الى جانب الشعوب المسحوقة من طرف الدول الامبريالية وحلفائها. ظننتني فهمت أن لا مخالفة للتضامن العالمي في المشترك الجيني الذي يبدو أننا نتقاسمه, وكنت آمل ان تعيدك مذبحة حلب، رغم مواقفك الملتبسة احيانا من المأساة السورية، الى جادة العقل و الى الأهل.
لكن هيهات. أنت مُصر مُتشبث. أنت مصر على محاولة شرح تعذر الوقوف الى جانب سكان حلب. أنت تعاند في محاولة شرح أن “الامور ليست بالبساطة البادية”. وتصر على محاولة شرح أن ليس في هذه “الحرب” “طيبون من جانب و أشرار من جانب آخر” ومن ثمة وجوب الاتزان وعدم الاستسلام للسهولة.
لأنك أنت يا “رفيق” لا تستسلم طبعا للسهولة. ولا مرة. وتقترح علينا تحليلك المعقد، المفعم بالسمو والتمييز الدقيق، الذي يشبه تقريبا ما يلي:” لا، الأسد ليس ديمقراطيا، و البلدان الداعمة له ليست بصراحة نماذج للديمقراطية. لكن حذار: الانتفاضة السورية المزعومة معظمها مكون من قوى متحدرة من الإسلام الأصولي، وحتى الجهادي، وهي متحكم بها ومسلحة من قبل أنظمة رجعية مثل المملكة السعودية وقطر وتركيا، وحتى العرابين الغربيين لهؤلاء، بخاصة الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا”. الخلاصة:” الحذر، الأشد شرا ليسوا بالضرورة من ُيعتقد أنهم كذلك”.

سكان سوريا، هل تعرفهم؟

أول مشكل مع تحليلك، يا “رفيق” أنه “ينسى” فاعلا أساسيا: سكان سوريا. يبدو فعلا أنك “تنسى” أن نقطة انطلاق “الأحداث” في سوريا لم تكن تدخلا سعوديا، ولا أمريكيا، و لا قطريا أو تركيا. نقطة انطلاق كل ذلك، في مارس 2011،كان انتفاضة مئات آلاف السوريين ضد نظام دكتاتوري ومفترس، مثلما حدث في تونس، ومصر، و ليبيا. ولو لم يقدم الأسد و جلاوزته على خيار قمع تلك الانتفاضة في الدم، بأكثر من 5000 قتيل وعشرات آلاف الاعتقالات على امتداد العام 2011، لكانوا هم أيضا قد سقطوا تحت الضغط الشعبي.
ونحن نتحدث عن سنة 2011، تلك السنة حيث كنت، تذكر يا “رفيق”، تتحمس للانتفاضات الأخرى بالمنطقة . “الشعب يريد اسقاط النظام”. هل تتذكر؟ ربما كنت غنيت ذلك في شوارع مدينة فرنسية، أنت المأخوذ بالحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية. وفي سوريا أيضا كان ذلك الشعار يرفع مع المطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ذاتها المرفوعة في بلدان المنطقة التي شملتها الانتفاضة، ولم يكن للرياض و لا للدوحة و لا لباريس و لا لواشنطن صلة بذلك. إن كنت تهتم عن كتب بالأمر السوري لهذه الدرجة فستعلم أنه كلما كانت هناك هدنة في السنوات الأخيرة عادت المظاهرات. وأنه لولا تدخل إيران، ثم روسيا، لسقط النظام بضغط السوريين، و ليس ببضع آلاف من “المحاربين الأجانب” الذين قدموا بعد أن قتل النظام آلاف السوريين العزل، وأفرج من السجون على عشرات، وحتى مئات، “الجهاديين”، هل سبق لك ان تساءلت عن الدافع إلى ذلك؟ نعم، جذور “الأزمة” السورية هي فعلا الاحتجاج الشعبي على طغمة ورد هذه : تدمير كل شيء بدلا عن فقد سلطتها ومصادر انتفاعها.
ما عدا إن كنت تعني أن السوريين “متلاعب بهم” منذ البداية من قبل البلدان الغربية، وأن هذا كله ليس في الجوهر غير قصة محروقات، وأن الانتفاضة السورية تتحكم بها عن بعد من خارج قوى ليس عليها سوى الضغط على زر كي ينتفض السكان. لكن لا أجرؤ حتى على ظن ذلك: لستَ من الذين يعتبرون العرب أغبياء لدرجة العجز عن التفكير بأنفسهم وأنهم عندما يتحركون في تعبئات و يطالبون وبذهنهم “العدالة الاجتماعية”، مع احتمال المخاطرة بحياتهم، فلأنهم بالضرورة ضحية تلاعب من غربيين بذهنهم “محروقات”.
أليس الامر كذلك، يا “رفيق”؟

قاذفة صواريخ ضد طيران

ثاني مشكل مع تحليلك، يا “رفيق”، أنك تضع في المنزلة ذاتها “مساندة” روسيا و ايران للأسد من جهة، و”مساندة” الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا و ممالك الخليج لقوى المعارضة السورية. تحاول الدفع الى اعتقاد أن ليس ثمة تفوق عسكري ساحق لدى نظام الأسد وحلفائه، وأنه في آخر المطاف “يحق للأسد الدفاع عنه” إذا استعرنا، مع تعديل طفيف، صيغة ذائعة الصيت في بلد متاخم لسوريا.
لكن هل تجرؤ فعلا على مقارنة آلاف “المستشارين العسكريين” والتسليح الايراني، وآلاف مقاتلي حزب الله، وبخاصة الطيران الروسي (وكذا العربات والسلاح الثقيل الممنوح من روسيا، ثاني قوة عسكرية عالمية) الداعمين لدولة وجيش نظامي، مع الأسلحة الخفيفة, وقاذفات الصواريخ البالية التي تمنحها أو تمولها ممالك الخليج او تركيا والاسلحة الخفيفة و قاذفات الصواريخ، وبعض الاسلحة المضادة للدبابات وأنظمة الاتصال والرؤية الليلية التي تمنحها قطرة قطرة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا؟
هل تعلم أن ما تطلب المعارضة السورية مند البدء هو صواريخ مضادة للطائرات للتمكن من الدفاع ضد طائرات الموت التي يقصف بها بوتين ونظام الأسد، وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي اعترضت منهجيا على تسليم المعارضة هكذا أسلحة؟ هل تعلم أنه في مطلع العام 2014، بعد اخفاق مؤتمر “جنيف 2″، اقترح السعوديون لأول مرة مد قوات المعارضة السورية بقاذفات صواريخ ، وأن الولايات المتحدة اعترضت ولم تغير منذئذ موقفها؟ الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تكن تريد، ولازالت، وقوع تلك الأسلحة بين” أياد سيئة”، و التي لا تريد بوجه خاص أن يدمر جهاز الدولة السورية لأنها استخلصت، بخلاف آخرين، حصيلة تدخلها اللامع في العراق.
تساءل: أين هي أسلحة قوى المعارضة المرعبة؟ هل تظن بجدية أن بوسع الأسد قصف أحياء بكاملها من طائرات هليكوبتر من علو منخفض لو توافر للمعارضة السورية سلاح حقيقي؟
وهل تتذكر كيف أن سفارة روسيا في انجلترا، واسعة الإطلاع مع ذلك، والتي لو كانت لديها حجج عن السلاح الفائق لمعارضي الأسد لأشهرتها، اقتصرت على صور مقتطفة من لعبة فيديو (!) لتبرهن على توصل قوات المعارضة السورية باسلحة كيماوية؟
فلنكن جديين إن أردت.

من يدمر سوريا ؟

ثالث مشكلة مع تحليلك، يا “رفيق”، هو أنك ببساطة تنسى معطى أساسيا: الوقائع.
إذ بوسعك دوما قول إن ما أوردتُ توا يتعذر أثباته، رغم أن الشاهد عليه، من قبل وحاليا، هم الفاعلون الرئيسيون “لانعدام الدعم” هذا و”اللاداعمون” ، إذ ربما هم ، في آخر المطاف، كذابون بامتياز.
لكن إن كنت قطعا تريد حججا، فما عليك إلا أن تفتح عينيك و اطرح على نفسك السؤال التالي: كيف أمكن تدمير سوريا؟ عندما تعلق على صور المدن المدكوكة بقول إن ثمة “عنف من كلا الجانبين”، تطمس تفصيلا: من يملك الأسلحة اللازمة لأعمال تدمير بذلك الحجم؟ أو بصيغة أخرى: من يستطيع القيام بأعمال قصف؟ أين هي طائرات قوات المعارضة السورية؟ أين طائرات هليكوبتر قوات المعارضة السورية؟ أين هي دباباتها؟ هل هي مخفية تحت الأرض مثل جيش صدام حسين فائق القوة الذي كان يهدد العالم أجمع؟ كم طائرة حطمت قوات المعارضة السورية؟ أتعلم أنه في 2013، لما أسقطت قوات المعارضة طائرتي هليكوبتر، كان ذلك حدثا نادرا لدرجة احتفلت به بأبهة، ونشرت صور “انجازها” بكل مكان؟ طائرتا هليكوبتر اثنتان ! لم أفلح آنذاك في عدم تذكر أهالي غزة المحتفلين بسقوط طائرة اسرائيلية بدون طيار سقوطا خطأ.
أنت معترض بقول إن “التحالف” الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية يتدخل عسكريا. لكن هل يسعك أن تضع قائمة بعمليات القصف التي قام بها هذا “التحالف” ضد القوات المسلحة لنظام الأسد، أو ضد القوات المسلحة التي تدعمه؟ لا، لا تهدر وقتك في البحث، لأني أبحث عن المعلومات بنفسي لدى مصادر موثوقة: حسب نظام دمشق وسائل الاعلام التي تنشر معلوماته، وهي مصادر قلما يمكن الارتياب في سعيها الى اخفاء هذا النوع من القصف، حصل الامر… مرتين. الاولى في ديسمبر العام 2015 (4 قتلى) في منطقة دير الزور، وكذب “التحالف” استهدافه الجيش السوري مؤكدا انه قصف داعش. و المرة الثانية كانت في سبتمبر العام 2016 ( بين 50 و 80 قتيل حسب المصادر)، قرب مطار دير الزور ، واعترف التحالف” هذه المرة انه قصف مواقع النظام و قدم اعتذارا رسميا لبشار الأسد وفلاديمير بوتين.
الملخص ، ما عدا خطأ من قبلي ( فلا عصمة لحد)، التحالف الذي تبنى 5000 ضربة في سوريا، استهدف مريتن ، منذ بدء حملة القصف في 2014 ، نظام الأسد و اعتذر في احداهما. سجل إذن في دفتر جيبك:”العمليات العسكرية الحقيقية التي يقوم بها “التحالف” استهدفت داعش و مجموعات “جهادية” أخرى و ليس الأسد وحلفائه”.
ختاما، بعض الملاحظات “الاستباقية”

ثمة مشاكل أخرى مع تحليلك، أيها “الرفيق”، لكني لا أريد الاكثار من استعمال وقتك. هذا وقد ادركت من فرص النقاش المباشر العديدة معك حول “مشاكل التحليل” هذه، عبر مواجهة “الجيوسياسة” الخاصة بك و”مناهضة الامبريالية” الخاصة بك مع الوقائع والتسلسل الفعلي للأحداث، أنك لا تحب كثيرا الوقائع. إذ انها عنيدة جدا.
هذا لأن إحداث البلبلة بتعليقات في فايسبوك، او منتديات النقاش، أسهل كثيرا من أخذ وقت لأجل تبادل أدق وقائم على حجج.
اذن، إن حصل ان استسلمت لإغراء هذه اللعبة الصغيرة، أمدك ببعض الملاحظات “الاستباقية”:

– قبل أن تقول لي إني أدافع عن نفس مواقف الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، والمملكة السعودية، وقطر، وغيرهم من “الأصحاب المزعجين”، تذكر أن الاستدلال على هذا النحو يجعلك من جانبك تدافع عن نفس مواقف روسيا و ايران و المارشال السيسي و فرانسوا فيون أو مارين لوبين ، وتساءل هل هذا حجة؟
– قبل ان تقول لي إن اسرائيل قصفت ، منذ 2011، زهاء 15 مرة مواقع لنظام الأسد، وأن من يعارض الأسد هو مع اسرائيل، تذكر انه في شهر يونيو الأخير صرح بوتين ، بعد لقاء مع ناتانياهو بعد توقيعهما معاهدات تجارية بما يلي:” أثرنا ضرورة جهود مشتركة في محاربة الارهاب الدولي. وعلى هذا الصعيد نحن حلفاء. ولدى بلدينا تجربة هامة في مضمار محاربة التطرف. سنقوم اذن بتوطيد اتصالاتنا مع شركائنا الاسرائيليين في هذا المجال.” و تساءل هل هذا حجة؟
– قبل أن تقول لي ان المتمردين السوريين طالبوا البلدان الغربية مدهم بالسلاح وبدعم عسكري وافر، لا سيما الجوي، وان هذا يخفي حتما شيئا ما، تذكر أن القوات الكردية، التي تمحضها الكثير من اعجابك – عن حق- منذ ان ردت قوات داعش في كوباني، قامت بالضبط بالشيء نفسه، وانها حصلت عن ذلك الدعم، لدرجة انها شكرت رسميا الولايات المتحدة عن دعمها، وتساءل هل هذه حجة؟
– قبل أن تقول إن الانتفاضة السورية، مع ما كان ممكنا من تعاطف معها في البداية، هي اليوم مصادرة من قبل قوات رجعية متحدرة من الاسلام السياسي، وأن بعضا من قواتها لا تتردد في الهجوم على المدنيين، أو بصيغة اخرى للموضوع ذاته، أنه مأساوي فعلا ان يقصف مدنيون لكن ذلك ناتج عن اختفاء الارهابيين بينهم، إن لم يكونوا يستعملونهم دروعا بشرية، تذكر أن هذا كلام من يريدون تبرير حملات القصف القاتلة في غزة، وتساءل هل هذا حجة؟
– قبل أن تقول لي إن المتمردين السوريين “حلفاء موضوعيين” لداعش، تذكر أن داعش جرى طردها من حلب مطلع العام 2014 من قبل الذين يتعرضون اليوم للذبح من طرف الأسد، ثم فكر في مفهوم “الحليف الموضوعي”، وتساءل هل هو حجة؟ يمكن أيضا ان تعيد التفكير ، إن لم تقتنع، فيما جرى تذكيرك به أعلاه بصدد الاهداف الحقيقية لعمليات القصف التي يقوم بها التحالف، وتساءل ثانية هل يمثل “الحليف الموضوعي” حجة؟
– أخيرا، قبل ان تقول لي ان من ينددون بالأسد و بوتين “ينسون” التنديد بالمجازر المرتكبة من قبل القوى الغربية الكبرى و حلفائها، اعلم اننا، ضمن الذين يتحركون لصالح حلب، كثيرون تحركنا لصالح غزة وضد التدخلات العسكرية في افغانستان و في العراق او ليبيا و غيرهما، واننا، عكس ما تقوم به انت الذي اخترت الا تكون في الشارع مساء أمس للتنديد بالمذابح الجارية، لسنا نتخلى عن تماسكنا السياسي، وعن مثلنا المناهضة للإمبريالية. و تساءل هل هذا حجة.
– * * *

هذا إذن ما أريد قوله لك ، يا “رفيق”. فعلا، النبرة ليست طيبة جدا، لكن ذلك لا يهم قياسا بلامبالاتك، وازدرائك أحيانا، بعذابات حلب.
افعل ما تشاء بهذه الرسالة، ومن حقك طبعا الاستمرار في مضمضة فهمك “الجيوسياسي” قصير النظر و نزعة “مناهضة الامبريالية” البافلوفية لديك، فيما يموت السوريون تحت قنابل بوتين والأسد و تحت انظارك. ليس الحديث هنا عن تمرين بلاغة على فايسبوك بواسطة تعليقات، بل عن آلاف، وعشرات آلاف، الحيوات. ليس الحديث عن خلاف بينننا بصدد تقيم هذا الحدث او ذاك، بل عن صمتك المتواطئ أو التواءاتك البائسة بوجه إحدى أكبر مآسي زمننا. ليس الحديث عن خلاف سياسي بسيط بل عن قطيعة حقيقية.
لا ادري متى سنتحدث عن الأمر مرة مقبلة، يا “رفيق”. ما ادري هو انك اذا بقيت مصرا، وهذا ما ستفعل مع الأسف، لن تبقى ثمة مزدوجتان إذ لن يبقى ثمة رفيق.
اتركك مع تشي غيفارا، فلديه ما يقول لك:
” كونوا، بوجه خاص، قادرين دوما على الشعور في صميم القلب باي ظلم ضد أي كان، بأي مكان كان في العالم. انها اجمل خصال مناضل ثوري”.

جوليان سالانغ: 15 ديسمبر 2016

حاشية :
لم أضع إحالات مرجعية. ليس من عاداتي عدم الاشارة الى مراجع، لكنك على الارجح فهمت أن الامر مقصود. لأن مهارتك في البحث بانترنت ( وبسواه)، تجعلك واياي ندرك انك تستطيع ايجاد كل المصادر المستعملة هنا

تعريب: المناضل-ة

===
جوليان سالانغ، له بحث دكتوراه بالعلوم السياسية بجامعة باريس 8.
تتناول أبحاثه ( المنشورة بمدونة www.juliensalingue.fr) المسألة الفلسطينية. وهو عضو بالمرصد النقدي لوسائل الاعلام Acrimed (www.acrimed.org),

شارك المقالة

اقرأ أيضا