رسالة إلى رفاق ورفيقات النضال من جيل212z
نقابي
وأنا أتابع الاحتجاجات التي يخوضها جيلكم/كن، جيل212Z، دفاعاً عن الصحة عمومية مجانية وجيدة، وعن تعليم جيد يليق بالإنسان، وعن شغل يحفظ الكرامة…ودفاعا عن الحريات من خلال فرض ممارستها في الميدان. أجدني مضطراً للتعبير عن سعادتي .
لقد كنتُ، مثل كثيرين من جيلي، ومن أجيال سابقة مفعما بالأمل مسلحا برؤية مناهضة للرأسمالية ولكل أشكال الاضطهاد والقمع، مؤمنا بقدرة الطبقة العاملة على تغيير المجتمع وفي القلب منها شبابها. رغم الدعاية البائسة التي سعت إلى تصويركم- كن جيلاً تافهاً غير مهتم بالنضال والسياسة، واليوم ها أنتم تكسرون الصورة النمطية وتُعلنون ميلاد جيل مقاتل، أكثر جرأة وإصرارا وعنادا، رغم كل متمنيات المستبدين والمستغِلين.
الأجيال التي شاركت في النضالات الطلابية، وكفاحات المعطلين والمعطلات بالمغرب، وتنسيقيات مناهضة الغلاء، ونضالات حركة 20 فبراير وحراك الريف وجرادة وفي الإضرابات العمالية واللائحة طويلة… لم تحقق كل ما طمحت إليه، فحركة النضال لم تبلغ من القوة حيث تتمكن من بلورة برنامج تغيير جذري اقتصادي وسياسي لفائدة الأغلبية الشعبية، بل تمكنت الطبقات السائدة من تسييد خطابها داخل جزء من منظمات النضال وخاصة منها النقابية.
نعم لقد تعرضت الأجيال المناضلة السابقة لكل صنوف القمع والعدوان، استشهد رفاق لنا في النضال وعذب وسجن آخرون لعقود من الزمن، وأصيب العديد منهم إصابات جسدية بليغة، لكن حركة النضال ظلت تنبعث كل مرة أكثر اتقادا. والأمل أكثر توهجا رغم كل الصعاب.
تحاول الطبقات السائدة أن تخلق تعارضا بين الأجيال، وتفصل الشباب المناضل عن التجارب السابقة لكي لا يستفيد من الناجح وخصوصا من الفاشل منها.
وأول الدروس هو لا غنى عن برنامج، وتنظيم يحمله وجماهير شعبية مقتنعة به وتحتضنه، برنامج يقطع مع كل السياسات وأشكال الحكم الطبقية المنتجة للبؤس والاضطهاد. وسيكون لانضمام الشباب والشابات من الطبقة العاملة، في الساحات وأماكن العمل، إلى نضالنا ونضالكم ضمانة أكبر للنجاح. إنهم بحاجة ماسة إلى خفض ساعات العمل الأسبوعية دون خفض القدرة الشرائية وكذا خفض سن التقاعد والحفاظ على الضمان الاجتماعي والحماية في أماكن العمل من الأخطار المهنية.
يا رفاق النضال، لقد حاولوا أن يقنعونا أنكم- كن جيل تافه، لكنكم- كن أثبتم أنكم- كن جيل لا يرضى بالفتات، جيل يعرف أن الصحة ليست امتيازاً بل حقاً، وأن التعليم ليس سلعة بل وسيلة للتحرر، وأن الشغل والحرية والكرامة ليست أحلاماً بل واجبا على الدولة توفيرها.
المطالب التي ترفعونها حالياً جزء كبير منها هو في الأصل مطالب نقابية، والنقابة هي الأداة الطبيعية التي كان يفترض أن ترفعها وتدافع عنها. غير أن قياداتنا النقابية، غارقة في سياسة التعاون الطبقي والشراكة الاجتماعية، فضيّعت العلة الجوهرية لوجود النقابة باعتبارها أداة للدفاع عن مصالح الأجراء لا فقط لتحسين أوضاعهم المهنية، بل أيضاً كأداة للنضال ضد مجمل السياسات الطبقية المدمرة للخدمات العمومية والاجتماعية. إن القيادات النقابية بمنظورها هذا في العمل النقابي والقابل بسياسة الدولة البرجوازية، حوّلت النقابة إلى صمام أمان للنظام، تكتفي بانتزاع الفتات للجزء المنظم من الشغيلة، تاركة الأغلبية الساحقة تحت رحمة البؤس.
لكن في الأجهزة النقابية، محلياً ووطنياً، مناضلون ومعارضون، وشباب يرفضون الخضوع ويصرون على إنقاذ شرف الحركة النقابية، كما فعلوا أيام 20 فبراير. إليهم يجب أن نتوجه اليوم: فإن انتصاركم رهين بتوسيع حركتكم لتضم الشغيلة، وخصوصاً الشبيبة العاملة، والطلاب في الجامعات والثانويات. كما أن نجاح حركتكم يتطلب الانتقال من المطالب العامة إلى مطالب أكثر دقة: رفع ميزانية الصحة وفق توصيات منظمة الصحة العالمية، فرض مجانية الخدمات الصحية مع الرفع من جودتها، تعليم عمومي جيد مع تعميم المنحة على كل الطلبة بما فيهم طلبة الثانوي، التعويض عن البطالة، وضمان الحريات العامة بما فيها حق التظاهر والتعبير والاحتجاج…
كل المناضلين والمناضلات من الأجيال التي ناضلت قبلكم- كن، وخصوصا القابعين منهم في سجون الاستبداد، سيكونون فخورين بنضالكم، وسيتعزز صمودهم/ن بصمودكم/ن وتجربتهم/ن بتجربتكم/ن، على درب تحررنا من الاستبداد الاقتصادي والسياسي.
اقرأ أيضا