رسالة من تروتسكي إلى جيمس كانون حول الجريدة [*]

المكتبة4 أكتوبر، 2019

 الصديق العزيز،  

 إني استغرب غياب كل خبر عن الولايات المتحدة الأمريكية وعنكم شخصيا. 

 رأيت من المحاضر أن لديكم مصاعب مع جريدة Socialist Appeal (النداء الاشتراكي). الجريدة مُتقنة من وجهة نظر صحفية، لكنها جريدة موجهة إلى العمال وليست جريدة عمال. آمل أن  يكون التغيير الإداري في هيئة التحرير صحيا، لا من وجهة النظر المالية وحسب، بل حتى من الوجهة السياسية. 

 الجريدة  في حالتها الراهنة موزعة بين كتاب مقالات، كل منهم ممتاز، لكنهم جماعيا لا يتيحون للعمال دخول صفحات الجريدة. كل منهم يتكلم لأجل العمال (ويتكلم جيدا جدا)، لكن أحدا لن يسمع العمال. إن الجريدة، بالرغم من تألقها الأدبي، ضحية للروتين الصحفي إلى حد ما. لا نعرف كيف يعيش العمال، وكيف يناضلون، وكيف يواجهون الشرطة، وكيف يشربون الويسكي. إنه لأمر خطير جدا على الجريدة بما هي أداة ثورية للحزب. ليست المهمة هي إعداد جريدة بقوى موحدة في هيئة تحرير مؤهلة، بل تشجيع العمال على الكلام باسمهم الخاص. 

أنا على اتفاق تام مع اللجنة السياسية بأن جريدة تصدر مرتين في الأسبوع يمكن إعدادها جيدا من قبل كاتبَيْ مقالات اثنين، وحتى كاتب واحد، بشرط أن يكون الحزب بكامله مشاركا في إعداد الجريدة، ليس ماليا فقط، بل حتى سياسيا وصحفيا.  يجب أن يكون للجريدة مراسلون، ومتقصون ومحققون صحفيون بكل مكان. إن ثلاثة أسطر من معمل أو من اجتماع يمكن أن تعطي أكثر مما يعطي مقال مكتوب جيدا من قبل هيئة التحرير. وحدها جريدة من هذا القبيل يمكن أن تتغلغل بين الجماهير وتلقى دعما كبيرا. 

إن تغييرا جذريا وجريئا ضروري كشرط للنجاح. الجريدة فطنة أكثر من اللازم، وعالمة أكثر من اللازم، وارستقراطية أكثر من اللازم بالنسبة للعمال الأمريكيين، وتسعى أكثر إلى التعبير عن الحزب كما هو وليس أن تعده للمستقبل. 

 طبعا، لا يتعلق الأمر بالجريدة وحدها، بل بمجرى سياستنا كله. ما زلتُ اعتقد أن لديكم  أكثر مما يلزم من الشبان والشابات البرجوازيين/ات الصغار، الممتازين والمتفانين إخلاصا للحزب لكنهم لا يدركون تمام الإدراك أن مهمتهم ليست النقاش فيما بينهم بل التغلغل في وسط العمال الجدد[**] أكرر اقتراحي: كل عضو برجوازي صغير بالحزب لم يكسب، في ظرف ثلاثة أشهر أو ستة، عاملا إلى الحزب؛ يجب إرجاعه إلى مرتبة مرشح للعضوية، وبعد ثلاثة أشهر يجب طرده من الحزب. قد يكون هذا، في بعض الحالات، ظلما؛ لكن الحزب بمجمله سيتقلى صدمة صحية هو بأمسّ الحاجة إليها. لا غنى عن  تغيير جذري تماما. 

بعثْتُ رسالة إلى الرفيق غولدمان، لكن لم يصلني منه إشعار بالتوصل. آمل أن يكون الآن في فرنسا. 

 27  مايو 1939

ترجمة: جريدة  المناضل-ة 

المصدر:  M Trotsky ; Œuvres Tome 21 –Avril 1939-Septembre 1939 / page 187-188

Institut Léon Trotsky-1986

=======

[*] جيمس كانون James Cannon  (1885-1973)، انضم إلى الحزب الاشتراكي وعمره 18 سنة، أصبح منظما بنقابة عمال العالم الصناعيين IWW . نصير الجناح اليساري البروليتاري بالحزب الاشتراكي، ومن مؤسسي الحركة الشيوعية بالولايات المتحدة الأمريكية، وعضو اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية في 1922. ظل أمينا وطنيا لحزب العمال الاشتراكي[أممية رابعة] حتى 1953 ورئيس وطنيا له حتى 1972.  

[**] لم يكف تروتسكي في تلك الحقبة عن إبداء تخوفه  بصدد حزب العمال الاشتراكي. هو على علم بالوجه الأكمل بالأزمة الكامنة في القيادة التي أحاطه  فرانك بها علما من خارج. وكان من جهة أخرى بالغ الانشغال بالتركيب الاجتماعي للحزب الأمريكي، لاسيما فرعه بنيويورك، إذ يعتبره غير بروليتاري كفايةً ويبدو له منذرا بأزمات حادة.    

شارك المقالة

اقرأ أيضا