مقترحات لبدء وحدة نضالية من أسفل في قطاع التعليم

لا شك أن هناك وعيا متزايدا بخطورة العزلة الفئوية، وما تضعه من عوائق ذاتية أمام تقدم نضال شغيلة التعليم ضد هجمات، لا تتوقف عن الاحتدام.

لكن لا زالت هناك اعتراضات شكلية، تؤكد على أن الوحدة مطلوبة ولكن شروطها غير متوفرة حاليا. ويرتكز هذا الاعتراض على غياب مقترحات ملموسة للبدء في تحقيق هذه الوحدة ميدانيا، فالكل يعلن مبدئيا استعداده للوحدة ويدعو إلى ذلك في بياناته، لكنه لا يتقدم بأي مبادرة ملموسة لتجسيدها على أرض الواقع.

يركز اعتراض آخر على صعوبة توحيد نضالات فئات متخلفة المطالب، ولكن هذا الاعتراض غير صائب في الأصل، فلو كانت هناك مطالب موحدة، لما سال كل هذا المداد حول الفئوية وضرورة النضال الوحدوي.

ما دمنا متفقين على المبدأ فهذا أمر جيد. ویبقی الأمر رهين إبداع سبل التنزيل، أي الصيغ الملموسة، وهذه لا یمکن أن تأتي إلا بالنقاش الجماعي الديمقراطي. ولکن، بداية، علی کل أستاذ- ة أن يتشربا فکرة ضرورة الوحدة النضالية، ويعيا مآزق النضال الفئوية.

المطالب المُجَمِّعَة بدل المطالب المُفَرِّقَة

لا يمکن الحديث عن الوحدة بناءً علی المطالب الفئویة وحدها، وإلا لما أسميناها مطالبا فئوية. إن المدخل الرئيسي لبناء الوحدة هو المطالب المشترکة بين جميع الفئات، وهي التي تملك دينامية مُوَحِّدَة، وتُوجه ضد جوهر هجمات الدولة. عكس المطالب الفئوية التي تسعى إلى تحسين وضع فئة دون غيرها وفي إطار نفس الهجوم، لذلك نتقدم بمقترحات مطلبية ليست من اختراعنا بل تتخلل كل بيانات النقابات والتنسيقيات وملفاتها المطلبية:

– الدفاع عن حق ممارسة الإضراب والنضال ضد الاقتطاع واسترجاع المبالغ المقتطعة

– النضال ضد مخطط “إصلاح أنظمة التقاعد” التي تمس جمیع الفئات.

– النضال ضد الإجهاز علی الوظيفة العمومية، وعلی رأسها مخطط التعاقد ومشروع “النظام الأساسي لمهن التربية والتكوين” الذي تعده الوزارة.

– النضال من أجل خفض ساعات العمل دون تخفيض الراتب..

وهناک العشرات من المطالب المشترکه التي تتجاوز ما يفرقنا… وإن توحدنا علی ما هو مشترک، فسيتحقق ما هو خاص- فئوي بکل سهولة.

هل من صيغ ملموسة للبدء؟

طبعا لا تكفي المطالب المشتركة لتحقيق نضال مشترك ووحدوي، فهذا يحتاج بدوره إلى مقترحات ملموسة لتجسيد تلك الوحدة في مبادرات للنضال من أجل تلك المطالب على أرض الواقع. يفترض منا هذا استغلال أي فرصة يتيحها لنا واقع النضال، بما فيها تلك الصادرة عن البيروقراطيات النقابية:

– التواجد في أي مبادرة وحدوية والمبادرة بتجسيد دعوة تنسيقية المفروض عليهن- هم التعاقد لتشكيل “جبهة ديمقراطية” للدفاع عن المدرسة العمومية، والتواجد بجدية في “الجبهة الاجتماعية” التي دعت لها أطراف نقابية وجمعوية وحزبية وأي مبادرة نضالية وحدوية أخرى قد تدعو لها أطراف أخرى جمعوية وحزبية…

على تنسيقية المفروض عليهن- هم التعاقد، بالدرجة الأولى، التواجد في هذه الجبهة وتصر علی أن يكون ملف التعاقد علی رأس أولوياتها، وتدفع تلک الأطراف إلی إقران القول بالفعل والخروج بمبادرات نضالية.

– حفز النضال الميداني بدل اقتصارها على مبادرات رمزية ستفرغ شعار الجبهة الاجتماعية من مضمونها الكفاحي.

– إرسال رسائل مفتوحة إلى قيادات التنسيقيات التعليمية لعقد مجالس جهوية وطنية مشتركة لنقاش عوائق إنجاح التنسيق، وتدقيق المطالب التي يمكن أن توحدنا.

– الدعوة إلى ندوات مشترکة لتعميق النقاش حول سبل الوحدة: ملف مطلبي مشترک والتعبئة حول مطالبه في صفوف کل شغيلة التعليم.

– الحرص علی أن تکون خطوات النضال متزامنة، لتسهيل التنسیق الميداني.

– عقد مبادرات تجميع محلیة وجهوية تضم التنسيقيات والفروع النقابية المناضلة، وهذه أيسر بكثير من انتظار البيروقراطیات للمبادرة بخطوات نضالیة موحدة.

– الحرص علی الاستجابة لدعوات الإضراب التي تصدرها أطراف نقابية خصوصا إن صدرت عن فروع إقليمية كفاحية أو عن التنسيق النقابي الخماسي.

– الانخراط في الحملات التي تطلقها النقابات للدفاع عن الحقوق النقابية، وآخرها مبادرة الاتحاد المغربي للشغل دیسمبر 2019، على أن تشارك التنسيقيات بمطالبها الخاصة: إسقاط الاقتطاع واسترجاع المبالغ المقتطعة وإلغاء الإجراءات العقابية ضد المفروض عليهن- هم التعاقد. وأيضا المطالب العامة مثل رفض مشروع قانون الإضراب وتأسيس النقابات.

– توزيع مناشير توجه إلى شغيلة التعليم (العمومي والخصوصي) وكل شغيلة الوظيفة العمومية: لإبراز ما يوحد هذا الجسم (الهجوم على التقاعد، مشروعي قانون إضراب ونقابات، مشاريع قوانين تفكيك الوظيفة العمومية).

هل من دور لمناضلي-ات تنسيقية المفروض عليهن-هم التعاقد المنخرطين في النقابات والمتحملين-ات مسؤوليات في هياكل النقابات؟

هناك مكاتب نقابية محلية وجهوية لنقابات يتواجد فيها بل ويتحمل فيها مناضلون- ات من تنسيقية المفروض عليهن- هم التعاقد مسؤولية في أجهزتها.

يعد هذا بحد ذاته تقدما مقارنة بالخطابات الرافضة للنقابات وتلك التي تتحدث عن التمثيلية الشرعية والوحيدة. ولكن على من يتحمل مسؤولية تنظيمية في هياكل النقابات وعلى القواعد ألا يعيدوا إنتاج نفس الممارسة النقابية السائدة، بل واجبنا أن ننقل النفس الكفاحي وتقاليد النضال الميداني التي كرستها التنسيقية إلى داخل النقابات.

ليس على مناضلي-ات التنسيقية أن يخشوا شيئا من الدفاع عن خط نضالي كفاحي داخل النقابات، بل أن يكونوا أشد المندفعين إلى ذلك النضال. وإن رفضت البيروقراطيات ذلك أو زرعت عراقيل أمام ذلك النضال، فستتعرى طبيعتها أمام قواعدها، وستظهر حقيقة نواياها غير النضالية، وسيكون لذلك تأثير أكبر من البقاء خارج النقابة والتذرع ببيروقراطيتها وفساد وانتهازية قيادتها.

علينا أن نخاطب القواعد، ونبرز في وجهها تلك المطالب التي توحدنا، بدل أن ننتظر منها أن تتضامن معنا حول مطالبنا الفئوية، وسيشكل هذا ضغطا حقيقيا من أسفل على القيادات التي تتهرب من التنسيق أو تعلنه قولا دون الالتزام به فعلا.

يقع واجب عظيم على عاتق المكاتب والفروع والاتحادات التي يتواجد بها مفروض عليهن- هم التعاقد. إنه واجب التقدم بمبادرات ملموسة لبناء نماذج تنسيق يحتذى بها.

طبعا، لا يعني هذا أن التنسيقية لن تقوم بخطواتها الخاصة، فهذا ضروري في انتظار نضوج شروط تنسیق حقيقي. علينا الاستمرار في خطواتنا النضالية، لكن مع مراعاة السياق الذي لا يسمح بالمغامرة في تصعيد غير محسوب تكون الدولة قادرة على كبحه باستغلال عزلته.

الوعي بحجم المعركة وضخامة الجهود التي تنتظرنا ضروري، فبدون ميزان قوى عمالي وشعبي لن تضطر الدولة إلى التنازل عن أي مطلب فئوي، فما بالك بالتراجع عن المطالب الجوهرية مثل إسقاط مخطط التعاقد والتراجع عن “مشروع النظام الأساسي لمهن التربية والتكوين” ومشاريع مكبلة للحق النقابي.

بقلم، شادية الشريف

شارك المقالة

اقرأ أيضا